أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - احمد طلال عبد الحميد - المبادرة التشريعية لرئيس الجمهورية المتمثله بتقديم مشروع قانون (استرداد عوائد الفساد) في الميزان















المزيد.....


المبادرة التشريعية لرئيس الجمهورية المتمثله بتقديم مشروع قانون (استرداد عوائد الفساد) في الميزان


احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)


الحوار المتمدن-العدد: 6909 - 2021 / 5 / 26 - 13:34
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


سبق وان صرح السيد رئيس الجمهورية برهم صالح خلال مقابلة تلفزيونية جرت في اذار /2021 بأن رئاسة الجمهورية بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مدونة قانونية تتناول آليات لاسترداد ومعرفة مصير الأموال المنهوبة من العراق، وقد عرض الرئيس يوم الاحد 23/5/2021 في خطاب متلفز وبشكل مقتضب مبادرة مشروع قانون "استرداد عوائد الفساد" وبين ان هدف هذا القانون هو تعزيز عمل الدولة العراقية واستعادة أموال الفساد ومحاسبة المفسدين وتقديمهم للعدالة ، من خلال سلسله إجراءات استباقية رادعة كما وصفها وتليها خطوات لاحقة لاستعادة أموال الفساد التي "تقدر بالمليارات" فمجموع واردات العراق المتأتية من النفط منذ 2003 تقرب من ألف مليار دولاروهي مبالغ مهولة ، كما اشار الخطاب الى ان هناك معطيات ومؤشرات تُخمن أن ما لا يقل عن 150 مليار دولار من صفقات الفساد تم تهريبها إلى الخارج دون ذكر مصدر هذه التقديرات والجهات المتهمة بتهريبها ، في حين قدر بعض الخبراء ان المبالغ المهربه تفوق هذا المبلغ بكثير ، تحت غطاء وعناوين مختلفه مثل تمويلات الاستثمار الخارجي أو أموال شراء المعدات والأغذية وفروق العملة وغيرها، وغسيل الأموال ومنح العقود الوهمية لجهات خارجية والنشاطات الحكومية التي تقام في الخارج ، ورغم ان الاعلان عن هذه المبادرة التشريعية لم يتضمن الاشارة الى تفاصيل مشروع قانون استرداد عوائد الفساد او آلياته ، الا ان وسائل الاعلام نشرت بعض الخطوط العامة لهذه المبادرة نقلا عن بيان صادر من ديوان الرئاسة ، وكنا نتامل نشر مسودة مشروع للتعليق عليه من المختصين والراي العام ، لذا سنكتفي بالتعلق على ابرز المحاور التي تم الاعلان عنها والتي تشكل العمود الفقري لهذه المبادرة التشريعية فيما يأتي:
1. الاساس الدستوري للمبادرة التشريعية للسلطه التنفيذيه ، بالرجوع الى احكام المادة (73) من دستور جمهورية العراق لسنه 2005 والتي حددت صلاحيات رئيس الجمهورية نجد ان رئيس الجمهورية لايمارس دوراً تشريعياً فعالاً ، فهو وفقاً للفقرة (ثالثاً) من هذه المادة يقتصر دوره على مصادقه واصدار القوانين التي يسنها مجلس النواب ، وحتى هذه الصلاحية هي صلاحية شكليه لان اعتراض رئيس الجمهوريه على القوانين لايوقف اصدار هذه القوانين فهو لايملك حق (الاعتراض التوقيفي) الذي يمتلكه رئيس الجمهورية في بعض الدول الاتحادية كالولايات المتحدة الامريكية ، كما لايملك رئيس الجمهورية حق تقديم خطاب الى البرلمان في اول جلسه افتتاح له يبين رؤيته التشريعية والتشريعات التي يقترح سنها على البرلمان كما هو الحال في بعض الانظمة البرلمانية ففي بريطانيا هنالك مايعرف بخطاب الملك الذي يوجهه اول يوم لافتتاح البرلمان يتضمن رؤيته التشريعية وهي في العادة ذات اثر معنوي ملزم للبرلمان ، وعوداً على الفقرة (ثالثاً) من المادة (73) من الدستور نصت نجد انها نصت على اعتبار القوانين التي سنها مجلس النواب مصادقاً عليها بعد مضي خمسه عشر يوماً من تاريخ تسلمها وهذا يعني صلاحيه رئيس الجمهوريه شكليه في مجال مصادقه واصدار القوانين وبالتالي فان دوره ضعيفاً في العملية التشريعية ، وهذا ماحصل فعلا عند اعتراض رئيس الجمهوريه على قانون معادلة الشهادات والدرجات العلمية العربية والاجنبية رقم (20) لسنة 2020 ، حيث ضمن مجلس النواب القانون نصاً على سريان القانون من تاريخ سنه فضلا عن كون الدستور نص على اعتبار القانون مصادقاً وصادراً بعد مضي خمسه عشر يوماً من تاريخ تسلم الرئيس القانون ، حيث صدر القانون رغم اعتراض رئيس الجمهورية ، الا ان المادة (60/اولاً) من الدستور منحت السلطه التنفيذيه ممثله برئيس الجمهورية ومجلس الوزراء حق المبادرة التشريعية المشتركه عندما نصت على ( مشروعات القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ) وهذا يعني ان تقديم مشاريع القوانين لمجلس النواب لايكون منفرداً بل مشتركاً لرأسي السلطه التنفيذية ( رئيس الجمهوريه ومجلس الوزراء ) حيث نصت المادة (66) من الدستور على ان ( تتكون السلطه التنفيذية الاتحادية من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ، تمارس صلاحياتها وفقاً للدستور والقانون ) ، وبذلك فأن آلية تحريك المبادرة التشريعية من جانب الرئاسة بصورة منفردة عن الحكومه قد خالفت المادة (60/اولاً) من الدستور ، وهنا يجب ملاحظه ان المقصود بالمبادرة التشريعية المشتركه التي اخذ بها المشرع الدستوري العراقي في المادة (60/اولاً) فيها جانبين الاول اشتراك راسي السلطه التنفيذيه (رئيس الجمهوريه ومجلس الوزراء) في تحريك المبادرة التشريعيه ، والجانب الثاني يعني اشتراك السلطه التنفيذيه مع السلطه التشريعيه في العمل التشريعي ، وهو امر ليس بجديد في النظم الدستورية المعاصرة ، حيث اخذ بها دستور الجمهورية الفرنسية الرابعه لسنة 1946 ودستور الجمهوريه الفرنسية الخامسة لسنة 1958 والدستور الالماني لسنة 1949 والدستور الايطالي لسنة 1947 ، ومعظم الدساتير التي تبنت فكرة الفصل المرن بين السلطات تبنت فكرة المبادرة التشريعية المشتركه ، لان هذا الاسلوب يسمح بتحقيق الموازنة بين السلطه التنفيذيه والسلطه التشريعية ويمنع انفراد احد هاتين السلطتين بهذا الحق ولاسيما بعد اتساع دور السلطه التنفيذية في المجال التشريعي واصبح تحريك مشاريع القوانين او مقترحات القوانين امر لامفر منه لتنفيذ السياسة الحكومية العامة ، واذا كان اقتراح مشروع القانون ليس القانون بذاته الا انه يعد المحرك الاول لوجوده ، الا ان ذلك يعد من وجهة نظر بعض الفقهاء عمل من اعمال الادارة لانه لايشتمل على الصفه الامره ، في حين يذهب اتجاه اخر ونحن نؤيده الى ان ان المبادرة التشريعية هو احد الاجراءات التشريعيه اللازمة لوجود القانون وبالتالي فهو عمل تشريعي بامتياز، ومظهر من مظاهر اشتراك السلطه التنفيذيه بالعملية التشريعية .
2. ان مشروع القانون استخدم في عنوان القانون عبارة (الفساد) بشكل مطلق وهذا معناه ان القانون يستهدف كل انواع الفساد وبشتى مظاهره المتسبب في ضياع الاموال العراقية سواء كان ادارياً او مالياً او سياسياً، وهذا الاخير يقصد به فساد الساسة والحكام ورجال الاحزاب السياسية واعضاء المجالس النيابية والمشتغلون بالعمل السياسي اي كانت مواقعهم وانتماءاتهم الحزبية عن طريق التربح من السلطه و تمويل الحملات الانتخابية ، منح التراخيص ، استغلال الحصانه البرلمانية في تهريب الاسلحة والمخدرات والاثار، الاستيلاء على العقارات والقصور والمقتنيات الاثرية والاثار والاتجار بها ، والجاسوسية السياسية ، الحسابات المالية السرية ...الخ ، او كان هذا الفساد اقتصادياً او تجارياً كمخالفة السلع والخدمات للمواصفات القياسية والمعايير الدولية، استيراد سلع منتهية الصلاحية او ضارة او فاسدة ، غش العلامات التجارية ، غش المستهلكين ، تزوير شهادات المنشأ ، التهرب الكمركي والضريبي ، او كان هذا الفساد اجتماعياً واخلاقياً كالدعارة والاتجار بالبشر والجنس والمحسوبية والمنسوبية ...الخ ، هذا من جانب ومن جانب اخر ان عنوان القانون يخص استرداد عوائد الفساد ، والسؤال ماذا عن اصول الاموال التي درت هذه العوائد اليس هي جديره بالاسترداد ايضاً؟ .
3. اشار بيان رئاسة الجمهورية العراقية إن القانون يشمل جميع مسؤولي الدولة العراقية الذين تسنموا المناصب العليا (الأكثر عرضة للفساد) ، ومنذ العام 2004 وحتى الآن، من درجة مدير عام فما فوق، وتقوم الجهات المالية المختصة بإعداد قائمة موثّقة بشاغلي هذه المناصب خلال 17 سنة الماضية ، ويبدو لنا ان مشروع القانون يستهدف بالدرجة الاساس الفساد الكبير من خلال تحديده فئات المسؤولين المستهدفين باحكامه ، كما ان البيان خلط بين معنى الموظفين والمكلفين بخدمة عامه والمسؤولين ، الا ان الاشارة الى منصب مدير عام فما فوق يوحي بأن القانون يستهدف الموظفين والمكلفين بخدمه عامة واعضاء السلطه التنفيذية ، دون الاشارة لاعضاء الهيئه التشريعية من النواب واعضاء المجالس المنتخبه ، واعضاء الهيئة القضائية من القضاة واعضاء الادعاء العام ، حيث كان يفترض ان يحدد القانون بدقه الفئات المستهدفه به لاسيما ان الاتهام بمثل هذه الجرائم سيكون له اثاره المادية والمعنوية الوخيمه ، كما ان تحديد وصف الجريمة وفاعلها ضروري لمنع تعسف السلطات المسؤولة عن تطبيق القانون من استخدام هذا القانون لاغراض التصفية السياسية او الشخصية كما اسيىء استخدام بعض القوانين وتطبيقاً لمبدأ ( لاجريمه ولاعقوبه الا بنص ) ، كما كان على واضع مشروع القانون ان يحدد بدقه معنى مصطلح (المناصب الاكثر عرضه للفساد ) لانه مصطلح غريب عن اللغه القانونية للتشريعات العراقية ، ولكون المشرع منزه عن اللغو لابد ان يحدد بدقه معنى هذا المصطلح لان بقاء المصطلح على اطلاقه معناها توسيع دائرة المشمولين به حسب السلطه الاستنسابية المسؤولة عن تطبيق القانون ، لان التعسف في تطبيق القانون والخطأ في تفسيره احد مظاهر الفساد وانحراف السلطه التي يسعى القانون لمكافحته .
4. اشار البيان الى أن القانون يهدف لاسترداد الأموال داخل العراق وخارجه، وتشمل الأموال والعائدات الاجرامية في أية جريمة فساد، أو ممتلكات تعادل قيمتها، والايرادات والمنافع المتأتية من عائدات جريمة فساد والممتلكات التي حولت إليها أو بدلت بها او التي اختلطت معها ، وهنا يحق لنا ان نتسأل هل هدف القانون محصور باسترداد هذه الاموال ام يجب ان يشمل اهدافه مكافحة تهريبها من خلال تجفيف منابع ومصادر تهريب وضياع الاموال واليات ذلك ، ولربما مشروع القانون قد تضمن الاشاره الى ذلك في نصوصه ، وكنا نتأمل نشر نصوص هذا القانون ليكون النقد والتعليق منتجاً واكثر فاعلية.
5. يطالب مشروع القانون وفق بيان الرئاسة شاغلي المناصب العليا تقديم إقرار خطي خلال 60 يوما بتخويل هيئة النزاهة والمحاكم العراقية بطلب المعلومات من الدول التي يكون لهم فيها حسابات مصرفية، حيث يعد ذلك إقرارا منهم برفع السرية عن أرصدتهم للجهات الرسمية العراقية والدول التي توجد فيها الحسابات المصرفية، وبخلافه بعد مرور 60 يوما يعد مستقيلا من وظيفته ، وتعليقاً على ذكر مصطلح (شاغلي المناصب العليا) ، يمكن القول ان صائغي مشروع القانون وقع بنفس الاشكالية المتعلقه بتوحيد المصطلحات الدالة على معنى واحد، وهذا من اهم مبادىء جودة الصياغة التشريعية ، اذ لايجوز استخدام المترادفات عندما نكون قاصدين نفس المعنى ، ولايجوز استخدام نفس الكلمه ونفس المصطلح لكي نعني اشياء مختلفه وهذه تدعى في ادب الصياغة التشريعية ( بالقاعدة التدوينية الذهبية ) ، فقانون الخدمة المدنية استخدم مصطلح (الوظائف الخاصة ) وقانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم رقم (21) لسنة 2008 المعدل استخدم مصطلح (المناصب العليا) ، وبعض قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) استخدم مصطلح (الوظائف القيادية ) و ( ووظائف ذات درجات خاصه ) ، وقانون الملاك لسنة 1960 المعدل استخدم مصطلح (الوظائف الخاصة ) ، وهذا يقتضي من صائغ النص توخي الدقه في اختيار المصطلح الدال على الوظائف وعدم الخلط بين الوظيفه وشاغلها ، كما ان تعليمات كشف الذمة المالية رقم (2) لسنه 2017 قد عالجت موضوع الكشف والافصاح عن المعلومات للاشخاص شاغلي الوظائف العليا وحددت عقوبات في حالة الاخلال بها وهي عقوبه وقف صرف راتب ومخصصات الموظف المخالف او الممتنع عن تنظيم استمارة كشف الذمه المالية اضافه لتجريم تضارب المصالح ، وقد صدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها المرقم (55/اتحادية/اعلام/2017) في 20/6/2017 بعدم دستورية هاتين الفقرتين من تعليمات كشف الذمة المالية رقم (2) لسنة 2017، مبينة أن وجودهما يتعارض مع المادتين (47 و80/ثالثاً ) من الدستور ، حيث لايجوز ان تتضمن التعليمات فقرات قاعدية لم ترد في صلب قانون الهيئة ، ومنذ الغاء هاتين الفقرتين عام 2017 لم تقم هيئة النزاهة بترويج مشروع تعديل قانونها لغرض ادراج هذه العقوبات في قانونها وتلافي هذا القصور التشريعي .
6. هذا من جانب ومن جانب اخر نتسأل هل تحتاج هيئة النزاهة والمحاكم العراقية لتخويل خطي من المتهم بجرائم فساد اوشبهات فساد لطلب معلومات عن حساباتهم السرية ، واذا كانت حساباتهم سرية كيف سيتم معرفتها مالم يكن هنالك تحري مالي ومتابعه للارصده وحركتها من الجهات الرقابية ؟ ، وهذا يعد من صميم عمل هيئة النزاهة والبنك المركزي العراقي / مكتب مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب ، حيث نصت المادة (10/اولاً) من قانون هيئة النزاهة رقم (30) لسنة 2011 المعدل على وجود دائرة التحقيقات التي تتولى عملية التحري والتحقيق في قضايا الفساد ، فالخلل ليس في القانون وانما الخلل في اليات التعاون والتنسيق ، وهذا يقتضي تدعيم هيئة النزاهة من خلال تعديل قانونها وزيادة جودة اليات التنسيق والتعاون لتتمكن من القيام بمهام التحري والتحقيق ، اما مكتب مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب فقد اسس استناداً للمادة (12) من قانون مكافحة غسيل الاموال رقم (93) لسنة 2004 وهو يمارس مهام خطيره في تلقي المعلومات وفي طلب المعلومات والتحري عنها والزام الجهات بالاستجابه لطلبه وحدد القانون عقوبه في حال الامتناع عن ذلك ، كما يمارس مهام تحليل المعلومات ومقاطعتها فعمله اشبه بالجهاز الاستخباري فيما يتعلق بحركه الاموال اضافة للتبادل التلقائي للمعلومات مع الوحدات النظيرة ، كما له صلاحيه الاحالة الى رئاسة الادعاء لتحريك الاجراءات القانونية ، فهل وضع معد مشروع هذا القانون دور هذا المكتب بالحسبان عند اعداد صيغه هذا المشروع ، هذ ما سنعرفه عند الافصاح عن مشروع القانون ونشره للراي العام والمختصين.
7. كما يشير القانون إلى تشكيل فرق تحقيق وتقصي بين وزارة الخارجية وجهاز المخابرات وهيئة النزاهة والبنك المركزي العراقي وديوان الرقابة المالية وبالتعاون مع الدول للتحرّي عن الأموال المهربة الى الخارج والفاسدين، وجمع المعلومات والوثائق عن أموال العراقيين الموجودين في هذه الدول الذين شغلوا مناصب عليا في العراق ، هنا نود القول ان تشكيل الفرق واللجان لاتحتاج لاصدار قانون وانما هواجراء تنسيقي يعد احد من اهم عناصر العملية الادارية ، ولعل الهدف من تشكيل لجنه التحقيق في قضايا الفساد والجرائم المهمة بموجب الامر الديواني المرقم (29) في 27/8/2020 وجمع الاجهزة المختصه هو لاغراض تحقيقية و تنسيقية بالدرجه الاولى وهي تظم في عضويتها اعضاء من جهاز المخابرات وهيئة النزاهة والامن الوطني ولها صلاحيات لطلب اي اوليات او معلومات ضروريه لمباشره عملها ، كما ان جهاز المخابرات الوطني مخول بموجب المادة (9/اولا/د) من دستور جمهوريه العراق لسنه 2005 بجمع المعلومات وتقويم التهديدات الموجهة للامن الوطني وتقديم المشورة للحكومه العراقية وجرائم الفساد وغسيل الاموال وتمويل الارهاب هي مؤكد تمثل تهديدات للامن الوطني وتدخل في اختصاص الجهاز المذكور لذا ندعو الحكومه ومجلس النواب الى تعزيز عمل الجهاز المذكور وسن قانونه استناداً للمادة (84/اولاً) من الدستور ، فضلا عن ذلك ان قانون هيئة النزاهة رقم (30) لسنة 2011 نص في المادة (10/سابعاً) منه على تشكيل دائرة للاسترداد تتولى عمليه جمع المعلومات ومتابعه المتهمين المطلوبين للهيئة واسترداد اموال الفساد المهربه للخارج بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية وتضم مديريتين احدهما لاسترداد المتهمين والاخرى لاسترداد الاموال ، ومن تفحص هذه النصوص نجد ان الخلل لايكمن فيها وانما في اليات التنسيق .
8. اشار بيان الرئاسة إنه سيتم التعاقد مع شركات تحقيق عالمية رصينة من أجل التحري عن أموال العراق المهربة للخارج وعوائدها على أن تشعر المؤسسات المالية البنك المركزي العراقي بقوائم يتم اعدادها بالمعاملات المالية والتي تزيد قيمتها عن 500 الف دولار أميركي لأجراء التحريات عنها، الحقيقية هذا المقترح فيه تكلفه مالية عالية وقد يكون التعاقد مع هذه الشركات باباً للفساد في ظل غياب التنظيم التشريعي للعقود الحكومية العابرة للحدود (الدولية) وان تعليمات تنفيذ العقود الحكومية النافذه رقم (2) لسنة 2014 لاتستجيب لهذا المقترح ، حيث سبق وان بينا باكثر من مقاله وبحث ضرورة تنظيم العقود الحكومية تنظيماً شاملاً وجعل القضاء الاداري هو الجهة المختصه بنظر منازعات هذه العقود كونه القضاء المتخصص في كل دول العالم التي تأخذ بنظام القضاء المزدوج ، فضلا عن ذلك فأن التعاقد مع هذه الشركات يشكل مساساً بالجهات التحقيقية الوطنية وولايه القضاء العراقي ، ويتطلب تنفيذ هذا المقترح اتفاق دولي بين الحكومات وكلفه مالية عالية وتكييف التشريعات الوطنية لغرض الاستجابه لهذا المقترح الذي يتفرع عنه تفاصيل كثيرة تتعلق بالاختصاص وقواعد الاسناد والقضاء المختص بنظر النزاعات التي تثور مع هذه الشركات العالمية الرصينه والتي تميل الى اجراءات التحكيم في الغالب التي يفتقر نظامنا القانوني للخبرة والتجربه في هذا المجال، وبالتالي فأن اعتماد هذا المقترح يتطلب سلسله اصلاحات تشريعية للقوانين ذات العلاقه بهذا الموضوع ليكون هذا المقترح فعالا وواقعياً ، والا فأن وجود مثل هذا النص دون تدابير تشريعية سابقه سيكون حبراً على ورق .
9. تضمن مشروع القانون ولغرض التشجيع على الابلاغ عن حالات الفساد، منح مكافأة مالية تصل الى (5%) من قيمة جريمة الفساد للمخبر الذي يدلي بمعلومات عن جريمة التي تقود لاستعادة أموال الفساد، مع فرض عقوبات المدانين بجرائم الفساد تشمل المصادرة ونزع الملكية لكل ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة، والمستندات والصكوك القانونية ، وقدر تعلق الامر بمنح مكافأه للمخبر للتشجيع على الاخبار فهو امر محمود ، وان كان الاخبار عن الجرائم عموماً هو التزام قانوني على كل مواطن وواجب على الموظفين العموميين ، وهذا المقترح عالجه المشرع العراقي في قانون مكأفئة المخبرين رقم (33) لسنة 2008 ، حيث نصت المادة (2) منه على سريان احكام هذا القانون على كل من ( موظفي الدولة والقطاع العام وعلى من يخبر عن الاموال المنقولة وغير المنقوله للاشخاص المصادره اموالهم بعد 9/4/2003 او اموال غير العراقيين التي تقضي التشريعات بمصادرتها وكذلك كل من يخبر عن حالات الفساد الاداري والمالي وكل من يدلي بمعلومات لاستعادة الاثار العراقية المسروقه وكل من يخبر عن جرائم الاختلاس والسرقه والتزوير...الخ) ، كما تضمنت المادة (3/اولاً/ثانياً) من هذا القانون منح الوزير المختص او رئيس الجهة غير المرتبطه بوزارة صلاحية منح مكافئة مالية للمخبر مقدارها (5%) من قيمه المال الذي لايزيد مائة مليون ، وبنسبة (3%) من قيمه المال على ما زاد عن مائه مليون ، لذا كان على واضع صيغه المشروع الرجوع للقوانين النافذه والاطلاع على الاحكام الوارده فيها لمنع التكرار والتعارض في النصوص ، وكان من الاوفق لو تبنى المشروع صيغه تعديل نسبه المكافئة الممنوحه للمخبر بدلاً من تكرار النسبة .
10. تضمن مشروع القانون التقصّي والتحقيق عن أموال الفساد، يشملان أيضا أفراد اسر المسؤولين وأصدقاءهم والمقربين الذي يربطهم أي نوع من العلاقة سياسية أو تجارية، الى جانب أصحاب النفوذ وهم الأشخاص الذين لهم تأثير في صنع القرارات داخل مرافق الدولة وأجهزتها والحقيقه ان مصطلح (اصحاب النفوذ) مصطلح جديد على قاموس مفردات التشريع العراقي لانه قابل للتفسير الواسع حسب خلفية القائم بالتحقيق ، في حين كان يفضل صياغه النص بطريقه تسمح للجهات التي تتولى التحري التحقيق مباشرة اختصاصاتها ضد كل من يثبت تورطه اوعلاقته بمرتكبي الجرائم وصولاً للاموال المسروقه او المهربه سواء كان كانوا من اقرباء المتهم او اصدقائه او معارفه ...الخ وهذا لايحتاج لنص لان التحقيق هو الذي يقود الى ذوي العلاقه بالجريمه المرتكبه ، على ان لاتصدر اوامر القبض والتفتيش الاباذن قضائي .
11. تضمن مشروع القانون الاشارة الى ان وفاة المتهم بالفساد أو انقضاء فترة الدعوى القضائية، لا يمنع مساءلته عن الجريمة ، ولا يجوز العفو عنه، وتخضع ممتلكاته وأمواله للعقوبات، والحقيقية ان هذا النص لايمكن تطبيقه من الناحية العملية لانه لايمكن معاقبه المتوفي لانه فقد شخصيته ، ويمكن فرض اجراءات وتدابير على اموال ورثته كالمصادرة والحجز في حال اثبتت التحقيقات ارتكابه هذه الجريمه ، ولذلك نصت المادة (300) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنه 1971 المعدل على انقضاء الدعوى الجزائية في حال وفاة المتهم ، وهذا النص اساسه المادة (34/1) من القانون المدني رقم (40) لسنة 1951 المعدل التي نصت على (تبدأ شخصية الانسان بتمام ولادته حياً وتنتهي بموته ) .
12. عدم عرض مسودة المشروع على الجهة المختصه بالرقابه الفنيه على مشاريع القوانين ولاسيما ذات المصدر الحكومي وهذه الجهة هي مجلس الدولة الذي يختص استناداً للمادة (5) من قانونه رقم (65) لسنه 1979 المعدل باعداد وتدقيق مشاريع القوانين من حيث الشكل والموضوع ومسؤول عن ضمان وحدة التشريع وتوحيد اسسس الصياغه التشريعية وتوحيد المصطلحات والتعابير القانونية ، فطبقاً للمادة (60/اولاً) فأن المبادرة التشريعية للسلطه التنفيذيه يجب ان تكون مشتركه بين رئيس الجمهوريه والحكومه وهذا يقتضي عرض المشروع على مجلس الدوله لتدقيقه كما بينا سابقاً.
13. طبقاً لمبدأ الشفافية في العمل التشريعي وخصوصاً التشريعات ذات الاهتمام الكبير من جانب الراي العام ، كنا نتمى طرح مسودة المشروع في وسائل الاعلام لاطلاع الراي العام والمختصين من الفقهاء واساتذه القانون ومنظمات المجتمع المدني لتناوله بالنقد والتعليق والملاحظات والاستفاده مما يطرح من قبل الصائغين لتلافي الملاحظات الموضوعية والشكلية التي تسهم في جودة التشريع واستجابته للواقع المطلوب معالجته دون ان يشكل ذلك عبئاً على المنظومه التشريعية التي ترزح تحث ثقل التضخم التشريعي .
14. توقيت طرح المبادرة التشريعية لن نخوض به لانه سيخرجنا من الجانب القانوني الى الجانب السياسي وهو ليس باختصاصنا.لما تقدم فأن هذا المشروع رغم اهميته الا انه بوضعه الحالي يحتاج الى تنضيج من النخب القانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للوصول الى تشريع فعال في مكافحه الفساد واسترداد اموال الشعب العراقي المهدوره والله ولي التوفيق ، د.احمد طلال عبد الحميد البدري .



#احمد_طلال_عبد_الحميد (هاشتاغ)       Ahmed_Talal_Albadri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليق على بيان المحكمة الاتحادية العليا حول قرارها المتعلق ب ...
- فاعلية اللجان البرلمانية في ضوء نصوص النظام الداخلي لمجلس ال ...
- الاتمته الاليكترونية لعمل البرلمان ...ضرورة ...ام ترف
- تعليق على الامر النيابي المرقم (73) في 9/5/2021 والمتعلق بتش ...
- تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم (195/اتحادية ...
- اشكالية الآثر المترتب على الحكم الصادر بعدم دستورية القانون ...
- حجية الحكم الصادر برفض الدعوى الدستورية لاسباب شكلية
- ضمانات الموظف الواجب توفرها في مواجهة سلطة التحقيق الاداري
- السلطة التقديرية للمشرع العراقي في ضوء الدستور وقرارات المحك ...
- القصور التشريعي في تنظيم العلاقه التنسيقية بين الحكومة المرك ...
- اشكالية التفويض الاداري للاختصاصات بين الحكومه الاتحادية وال ...
- تعليق على قرار المحكمة الادارية العليا المرقم ( 989/2019 ) ف ...
- تأديب الموظفين في الاسلام
- فاعلية الادوات الرقابية لديوان الرقابة المالية الاتحادي في ا ...
- الاغفال التشريعي في تنظيم اختصاص هيئة النزاهة الخاص بتلقي ال ...
- المحكمه الاتحادية العليا مابين الثيوقرطه والدمقرطه
- التعليق على قرار المحكمة الادارية العليا المرقم (2443/قضاء م ...
- تعليق على قرارات المحكمة الإتحادية العليا المرقمه (89 و91 و9 ...
- مهام لجنة تحليل وتقويم العطاءات وفقاً لتعليمات تنفيذ العقود ...
- إشكالية ممارسة الاختصاص التشريعي من المحافظات غير المنتظمة ف ...


المزيد.....




- شاهد..برازيلية تخوض تجربة قفز مثيرة من جسر شاهق بأمريكا
- فيديو يوثق مواجهة مضيفة طيران لراكبة متسللة بعد رحلة من نيوي ...
- سوريا.. خريطة تحركات وسيطرة فصائل المعارضة ووضع بشار الأسد.. ...
- -رويترز- : أوكرانيا مستعدة لتقديم تنازلات عن أراضيها وفقا لخ ...
- الجيش السوري يشن -هجوماً معاكساً- ويستعيد مناطق من المعارضة ...
- في غزة.. مأساة مستمرة وأثمان باهظة في حرب بلا نهاية وتل أبيب ...
- ألمانيا.. عدة ولايات تطالب الحكومتين الحالية والمقبلة بتشديد ...
- مدفيديف يتوقع نهاية حتمية لزيلينسكي ويوجه رسائل إلى عدد من ق ...
- معركة القسطل.. يوم قال الحسيني للجامعة العربية -أنتم مجرمون- ...
- تشكيل مجلس شراكة سعودي فرنسي خلال زيارة ماكرون للرياض


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - احمد طلال عبد الحميد - المبادرة التشريعية لرئيس الجمهورية المتمثله بتقديم مشروع قانون (استرداد عوائد الفساد) في الميزان