أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد عيسى - لماذا يقبل الناس بالانصياع؟














المزيد.....

لماذا يقبل الناس بالانصياع؟


سعيد عيسى
كاتب - باحث

(Said Issa)


الحوار المتمدن-العدد: 6909 - 2021 / 5 / 26 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كينونة الدّولة الحديثة - الدولة اللبنانية منها على الأقل شكليا - لا يمكن أن توجد إلاّ من خلال وجود تقسيم في المجتمع بين مهيمِنين وخاضعين، وإنّ انعدام تلك الكينونة إنّما هو تعبير عن انعدام حصول أيّ نصاب سلطويّ مستقلّ عن المجتمع.
المعضلة هي كيف يمكن قيام دولة، تمنع فصل السياسي عن الاجتماعي في صلبها، وتستنبط آليات (Mechanisms) تحول دون وجود مهَيمِنين، وخاضعين، وتمنع أية إمكانية يمكن أن تسمح بالهيمنة مستقبلا، وكبح جماح ارتهان أيّ إنسان لإنسان والحفاظ على الوحدة الداخلية للجماعة.
الدولة الحديثة، بشكلها الحالي، المسلّم به، جاءت كردّ فعل على الدولة الدينية وهيمنتها واستبدادها وامتلاكها القوة وسيطرتها في مختلف المجالات. لكنها (أي الدولة) برغم كل الإواليات التي تحكمها، الانتخابات والديمقراطية وتداول السلطة...الخ، لكنها لم تحُل دون وجود مهيمنين وخاضعين. بقيت الإشكالية مستمرة معها، رغم محاولات حلّها في بعض المجتمعات عن طريق تطوير أنظمتها باستمرار أو الثورة عليها وتدميرها ومحاولة إعادة بنائها من جديد. في مجتمعات أخرى - ونحن منها – حاولت حلّ تلك الإشكالية بالعودة إلى الآباء المؤسسين والأجداد الأوائل والغَيب، باعتبارهم المشرّعين والمَدين لهم بكل ما يوجد في المجتمع.
وبما أنّ كينونة الدّولة لا توجد إلاّ من خلال وجود انقسام في المجتمع بين مهيمنين وآخرين خاضعين، وانعدام تلك الكينونة يعني انعدام نشوء نصاب سلطويّ مستقلّ عن المجتمع؛ وبما أنّ "الاغتراب البشريّ الأصليّ" هو اغتراب سياسيّ وليس اقتصاديّ، فالأوّل هو الذي يحدّد الثّاني. وهكذا، فإنّ مفتاح المسألة هو البحث عنه في الجذور العميقة للواقعة الدينية كما يقول الإناسي "بيار كلاستر". ذلك أنّ فهم السّبب الذي أراد به البشر بأجمعهم أن يكونوا مدينين لإرادات اللاّمرئيّ، والسّبب الذي جعل المجتمعات تصرّ على أن تعقل بأنّ علّة وجودها تتعلّق بشيء مغاير لها، معناه فهم السّبب الذي جعل قيام الدّولة أمرا ممكنا في لحظة من لحظات الصّيرورة الإنسانيّة الاجتماعيّة.
وبعبارة أخرى، فإنّ فهم سبب الخضوع السّياسيّ غير ممكن إلاّ بفهم مسألة الخضوع الدّينيّ، ففي الحالتين نحن أمام اقتناع جازم وعميق بأنّ البشر مدينون بنظام عالمهم إلى تدخّل قوى غيبيّة لا مرئية وبرّانية من خارج المجتمع، تحتكر لنفسها عمليّة إضفاء المعنى على الوجود والأشياء وكينونة المجتمع، وذلك رغم اختلاف آليّة الارتهان للقوى المفارقة عن آليّة الخضوع للدّولة من حيث قدرة هذه على الإخضاع القسريّ باستخدام القوّة بأشكالها الماديّة وغير الماديّة أو التّهديد باستخدامها.
إنّ الانفصال الذي تنبثق بموجبه الدّولة، يحدث بين بشر أحياء حاضرين ومتساوين (مبدئيّا في الأصل) تعمل الدّولة على تعميق الفوارق بينهم، وهو ما يجعل بناء التّمايز بين البشر الشّرط الضّروري لانبثاق الدّولة، بل وشرط ديمومتها. أمّا الانفصال بين البشر وعالم الآلهة والأسلاف فيتميّز بأنّ هؤلاء هم “أسياد المعنى” وأسياد البشر الحاضرين، ومن هنا تساوي الجميع أمام عبوديّتهم لللاّمرئيّ. إلاّ أنّ هذا الانفصال والانقسام الأصليّ يغدو جرثومة انبثاق الدّولة نفسها حين يصبح التّمايز بين البشر، وبين بعضهم البعض لا يُعقل إلاّ تبعا لانقسامهم بين آمر ومطيع. ومن هنا يصحّ القول إنّ وجود الدّولة تاريخيّا لم يصبح ممكنا إلاّ لأنّه كان احتمالا قائما في أصل ذاك الأمر الخفيّ الذي أوجب على المجتمع أن يقرأ نفسه في مرآة أمر مغاير ومفارق له، دون أن يعني هذا أنّه كان ينبغي على هذه الخارجيّة أن تتمظهر بالضّرورة في يوم من الأيّام في شكل دولة.
والسؤال الذي يظل مطروحا دائما هو: لماذا يقبل الناس بالانصياع؟



#سعيد_عيسى (هاشتاغ)       Said_Issa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إذا الشرطية.. وخمول العامة وتكاسلهم
- شيزوفرينيا
- لمن يشتكي العمال في عيدهم
- المرأة من منظور الاقتصاد غير الرسمي
- دمج المصارف بين المضمر والمعلن...لعب الطوائف على أطراف الهاو ...
- التصوّرات المجتمعية لفيروس كورونا
- الكورونا: قِسمَة العالم إلى فسطاطين، بريطانيا والولايات المت ...
- الصراخ في الشوارع مفيد لإسماع الصوت، لكنّ للفوز شروطاً
- الّلعب على الوقت
- السّلطة تراجع أوراقها فقط: كلام الانهيار لا يعنيها
- الديمقراطيّة التي لم تغيّر شيئا
- نقاش جديّ في اقتحام المصارف اللبنانيّة
- في الطريق نحو أتون المعركة: أسئلة لا بدّ منها
- الثقة هي من يوقف الاحتجاجات في الشوارع
- بيان -لجنة الدعم الدوليّة للبنان-: إعادة تشكيل للسلطة في لبن ...
- اختلاط المفاهيم: الشّارع اللبنانيّ وأهواء البعض
- صراع ثنائيّات: تفسير لما جرى وما سوف يجري في لبنان
- السّلطة الموقوفة بين تخوين المنتفضين أو محاولة امتطائهم
- المجالات الهوياتية: الشباب يعيد تعريف المُشتَرَكات
- الشباب المنتفض : موقوفون بين الليبيراليّة والراديكاليّة.. وب ...


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد عيسى - لماذا يقبل الناس بالانصياع؟