أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عزيز باكوش - حول بكائيات التلفزيون الرمضانية ، أو دمعة واحدة تكفي ؟














المزيد.....

حول بكائيات التلفزيون الرمضانية ، أو دمعة واحدة تكفي ؟


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 6908 - 2021 / 5 / 24 - 13:46
المحور: الصحافة والاعلام
    


حول بكائيات التلفزيون الرمضانية ، أو دمعة واحدة تكفي ؟
إذا كان البكاء في الواقع المعيش هو استجابة عاطفية طبيعية إزاء عوامل عديدة مختلفة ذات طابع صدامي مؤثر ، فإن البكاء على التلفزيون في رمضان وفي أوقات الذروة ، عبر مسلسلات لا جمال فيها غير جمالية الصورة وزاوية الرؤيا ، شيء آخر مختلف تماما .
في التلفزيون الرمضاني خاصة لايقتنع مخرج المسلسل بتكرار مشاهد البكاء والنحيب كل حلقة بعد أن يعمل كل ما في وسعه كي يمططها ويخضعها لعملية إطناب منفرة ومقززة تجعلها عسيرة الهضم ، لكنه ينجح في تحويل مشهد كان يراد له أن يكون مادة فنية بنكهة الإبداع والخلق إلى مشكلة مرضية مرهقة نفسيا وجسديا تصيب المشاهد في مقتل، ما يؤثر بشكل سلبي على حياته الذاتية وتعمق جراحاته الموضوعاتية .
أتحدث هنا عن عينة من المسلسلات الرمضانية لهذا الموسم ضمن شبكة البرامج على القناتين الأولى والثانية ،ولن أكرر هنا ما كرسته آلية التسطيح والتنميط للشخصيات والشخوص منذ نشأة التلفزيون المغربي منذ نشأته بداية الستينيات إلى اليوم .
فما ذنب المشاهد الذي اكتوى بنار الحجر الصحي وضاق ذرعا بإجراءات الكوفيد 19 الاحترازية ، كي يخضع لتعذيب نفسي بصري من خلال شحنات بكائية مرضية يؤديها ممثلون وممثلات بواقعية مفرطة في قوالب محزنة عقب كل آذان ؟ وأين هو مبدأ الإيحاء في السينما ، وهل من خيار لإشراك المشاهد غير البكاء الرجيم ؟ وهل واقعنا المجتمعي ينقصه البكاء المرضي حتى نغرق المشاهدين في مشاهد بحر من الدموع والشهقات ؟ وكيف أصبح المشهد البكائي على شاشة رمضان مادة يتنافس فيها المخرجون المتمرسون وغير المتمرسين ؟ ولماذا تتمطط مشاهد البكاء لدقائق، بدل بضع ثوان؟ ولم لا يجد المخرج تقنيات أخرى تجسد الألم غير الشهيق المرضي ذكوري وأنثوي ؟
إن المشاهدات القياسية التي تحققها بعض المسلسلات المغربية ضمن شبكة برامج رمضان على القناتين الأولى والثانية ، ليست مؤشرا أيجابيا على الجودة الفنية ، بقدر ماهي تماه جارف مع نوبات البكائيات المطولة انسجاما مع تقليعة (الجمهور عايز كده) ومحاكاة لموجة البدونة والترييف التي تجتاح عالمنا المدني ، عبر طوفان من القفشات الشعبية والموروثات اللفظية ذات الطابع البدوي المليئة بالإحالات والإشارات الشعبوية الملغزة .
في أحيان كثيرة تتحول المشاهد والصور كما لو أن الأمر يتعلق بحادثة سير مروعة على الطريق العام يتم نقل ولولاته وويلاته بتفاصيلها الرعناء . ويبدو والله أعلم أن أهم ما يتقنه الممثلات والممثلون المغاربة غي هذا البروز الموسمي هي تلك النوبات البكائية الممضة وركوب موجات الشتيمة والنكد لحد القرف. إنه شعب التلفزيون الذي أدمن التشكي و البكاء ثقافة وتربية حتى في ضحكه. حتى تكاد تقول أن من يمثل أحسن ، يبكي ويشتم أحسن . لذلك ،ليس غريبا أن نعثر على مسلسلات رمضانية تعكس هذا الوضع الاجتماعي المريب بإسهال ، حيث لا تكتفي الممثلة بالبكاء المعهود اجتماعيا، بل تطوره إلى درجة العويل والنحيب ،وتمططه حتى يصبح مقرفا مشمئزا ، فبكاء أحد الممثلين في إحدى الحلقات كان له وقع شديد ومنفر ،فيما كان يكفي الإشارة إلى دمعة في بضع ثوان . كان المشهد البكائي يطلع من المخارج الصوتية حبالا مزلزلا حتى تهتز شاشة البلازما التي ترسل بدورها ارتدادات وتشنجات فورية في نفوس المشاهدين .
وليس غريبا ، فالبراعة في إتقان الأدوار البكائية مقياسا للنجومية فحسب ،بل وعاملا حاسما للتصنيف ضمن أدوار البطولة وجالبا للمال أيضا ، فهناك الملايين من السنتيمات تؤدى لبعض الممثلات والممثلين مقابل هذه الأدوار البكائية الاستثنائية من أموال دافعي الضرائب. وإذا كان الشعب يبكي بكاء حقيقيا لمائة وألف سبب، فلابد لتلفزيونه الرسمي أن يعكس ذلك بشكل مباشر لا فن فيه ،فيحق الوصف ويصدق التوصيف إنها "شاشة بكائية بامتياز ،في رمضان قبيل وبعيد الإفطار، إنه موسم البكاء بلا منازع.
الغريب العجيب أن مخرج المسلسل المغربي يدرك جيدا أن البكاء طعم لملايين الأسر المغربية لرفع نسب المشاهدة في شبكة برامج رمضان لهذا العام ، وجاء السياق مناسبا ، فالأسر التي تبكي همومها ومآسيها ، وتكابد ضغوط الواقع الكوفيدي الهش، وتجهر بمشاكلها وانتظاراتها المجتمعية بشكل أو بآخر قبل الكوفيد وبعده ستجد في تمطيط مشاهد البكائيات نوعا من التماهي مع واقعها ،وقد لا تدرك أن التمطيط من وجه نظر برغماتية جالب للمال، ونبع الشهرة والنجومية حتى أن خبر موت ممثل مغمور ، شكل خبرا استثنائيا في الصحافة الوطنية ، وفي التلفزيون الرسمي ذاته .
والحقيقة، أن الشخصية الفنية ضمن النسق البكائي، إنما تبكي حال الفن والاشتغال الموسمي ، وتعلن حرقتها بوفاء ، وتشكي حظها التعيس مع واقع الفن ووضعه المجتمعي ، وربما مع مخرج السلسلة ذاته ، الكل يبكي في ظل حكم تدبير تعيس لحكومة تعيسة، ومرحلة أتعس من التعاسة .لذلك يجتهد المخرج في اختيار أحسن ممثل بكاي وأحسن ممثلة تؤدي دور البكاء بإقناع. ويفلح في ذلك بتفوق. ... يتبع



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لم تنجح الدراما العربية في إطالة عمر البث لعقود على غر ...
- القيم وتدريس اللغة بين الخطاب والممارسة
- شبهات مارقة
- المؤشرات الخمس للسحر والجاذبية في الإصدار الأخير للدكتور محم ...
- - الممارسة الإعلامية - الواجب المهني والأداء الفني - دعوة من ...
- انشطارات الذات : أو عندما تثور الذات من أجل حقها في النور لل ...
- يلزمني مائة عام من العزلة الناسكة ، كي أستبئر هذا العمق المه ...
- دراسة للدكتور عبد السلام عشير( فاس المملكة المغربية ) تسعى إ ...
- إحدى عشر دقيقة ، فقط لا غير ،هي المحورالذي يدور حوله العالم.
- رواية إحدى عشرة دقيقة لباولو كويليو تتناول موضوع الجنس بحساس ...
- رواية - طائر الجبل- للدكتور محمد الزوهري دعوة لتأصيل جنس جدي ...
- بفعل الصدمة جرائد الجنرالات -النهار و الشروق و البلاد و الخب ...
- سونتراك SONATRAC الجزائرية ودعم الإعلام الانفصالي المأجور
- القرآن والعلم والإبداع وسؤال التنمية - للدكتور عبد السلام عش ...
- بلال طويل مشوار فني مديد وسفر عشق من المسرح إلى السينما
- الشعر الأمازيغي بالأطلس المتوسط - خصوصيات جمالية – لمؤلفه ال ...
- الإعلامي المغربي عبد الكريم الأمراني يتعافى ويتجاوز مرحلة ال ...
- الرقمنة في خدمة تدريس وتعليم اللغة الفرنسية بالأسلاك التعليم ...
- فيلم - هاشتاج- إنتاج مغربي مصري مشترك
- ثنائية المرأة والوطن في شعر عبد العزيز فتحاوي


المزيد.....




- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عزيز باكوش - حول بكائيات التلفزيون الرمضانية ، أو دمعة واحدة تكفي ؟