|
اختارت إسرائيل مجتمعاً ذا مستويين، والعنف هو النتيجة الحتمية لذلك
عادل حبه
الحوار المتمدن-العدد: 6908 - 2021 / 5 / 24 - 01:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يدوم على مدى بعيد بقلم حجاي أل عاد* المصدر: صحيفة الواشنطن بوست ترجمة عادل حبه يقضي معظم اليهود الإسرائيليين وقتهم مدعين بأن غزة ومليوني فلسطيني قد مسحوا من على وجه الأرض. إن ما يتعرض له السكان المدنيون الفلسطينيون إلى الحصار، وتحيط بهم المياه الملوثة، والحرمان من تصاريح الخروج حتى للرعاية الطبية الأساسية ، علاوة على الأساليب اللامتناهية التي يتعرض فيها الفلسطينيون في قطاع غزة للإذلال من قبل إسرائيل يوماً بعد يوم، كل ذلك مشاهد غير مرئية إلى حد كبير بالنسبة للنصف اليهودي من السكان الذين يعيشون في المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. وظل غير مرئياً بإستثاء مرة كل بضع سنوات ، عندما تطلق صفارات الإنذار وتنهال الصواريخ مما يشكل صحوة رهيبة لهم. وعلى غرار ذلك، تفضل إسرائيل أن يظل غير مرئياً مشهد العائلات الفلسطينية المقرر إخلائها قسرياً في حي الشيخ جراح - وهو حي في القدس الشرقية المحتل في جزء من أجزاء الضفة الغربية حيث تسعى إسرائيل إلى ضمها رسمياً. تنعكس هذه الرغبة الإسرائيلية باللغة الرسمية: حيث وصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن عملية التطهير التدريجي التي أقدمت عليها الدولة ضد الفلسطينيين، لتحل محلها عائلات يهودية، على أنها مجرد "نزاع عقاري بين أفراد". ويستند هذا "النزاع" إلى تشريع عنصري وقانون تم تشريعه في عام 1950 ووفي عام 1970 في ظل الحكومات العمالية "اليسارية"، الذي يسمح لليهود ، ولكن ليس للفلسطينيين، بتقديم مطالبهم بخصوص ملكية العقارات التي تعود إلى ما قبل عام 1948. لقد نجح النشطاء الفلسطينيون هذا الشهر في التأكيد على أن هذه الإنتهاكات لا يمكن تجاهلها.
وهناك حقيقة هي الأخرى تبدو غير مرئية: وهي تهديم منازل الفلسطينيين بدعوى أنها بنيت بدون تراخيص، في ظل نظام مخطط لحرمان الفلسطينيين من القدرة على الحصول على هذه التراخيص. وعلى غرار ذلك يُقتل الفلسطينيون دون عقاب على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية، في نظام مخطط على الإطلاق تقريباً بعدم محاسبة أي شخص على الإطلاق، أو حقيقة أن منظمات المستوطنين الإسرائيليين تنتقل من المدن "المختلطة" داخل إسرائيل - وهي المدن ذاتها التي أصبح معظم الفلسطينيين لاجئين منها منذ 73 عاماً ولم يُسمح لهم بالعودة إليها، في نظام مخطط لمزيد من تهويد هذه الأرض. هذه ليست سوى أجزاء معدودة من واقع ما يجري في إسرائيل وفي الأراضي الفلسطينية. لقد أصبح الفصل العنصري هو مبدأ تنظيمي يربط بين جميع أشكال الاستعمار والتهجير والحرمان والقمع والهيمنة والسيطرة. يمكن أن يكون الفلسطينيون مواطنين من الدرجة الثانية أو "مقيمين دائمين" أو رعايا محتلين أو لاجئين. قد تختلف التفاصيل، لكن النمط هو نفسه: حيث يتم التعامل مع جميع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحكم الإسرائيلي على أنهم أدنى في الحقوق والمكانة من اليهود الذين يعيشون في نفس المنطقة. إن منظمتي ، وهي مجموعة حقوق الإنسان "بتسيلم" ( B’Tselem )، اقتصر تفويضها عند تأسيسها في عام 1989 على الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية وغزة. ولكن مع اتضاح نوايا إسرائيل بعيدة الأمد، وهي قرض السيطرة دون منح ملايين الفلسطينيين حقوقهم أو مواطنتهم، فإننا نعتقد أن انتهاكات الحقوق في تلك الأماكن لا يمكن فصلها عن السياسة الشاملة للتمييز العنصري المطبقة في جميع أنحاء المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية. لقد طرحنا أدلتنا من أجل التغيير في ورقة تحت عنوان "هذا هو الفصل العنصري"، وذلك في كانون الثاني؛ وبالمثل ، توصلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى قرار قانوني واسع النطاق في نيسان مفاده أن المسؤولين الإسرائيليين يرتكبون جريمة الفصل العنصري. على مدى عقود، أقدمت إسرائيل على عزل نفسها عن مشروع احتلالها المفترض أنه منفصل ومؤقت. ولكن طالما نظر الفلسطينيون إلى ذلك، وأطلقوا علىيه نظام الهيمنة العرقية، وهذا الاسم الصحيح. تشخيص الفصل العنصري هذا دقيق ليس فقط لأن الاحتلال لا ينفصل عن إسرائيل، فمن هو الذي يدير النظام العسكري في الأراضي المحتلة؟. وبسبب سياسات الهيمنة والتفوق العرقي لمجموعة (اليهود) على مجموعة أخرى (الفلسطينيين)، غدا ذلك في صميم الواقع القائم بين النهر والبحر. في هذا السياق، فإن اندلاع أعمال العنف، خاصة تلك التي حدثت هذا الشهر، والتي كانت مروعة بدرجة كافية كي تغطي كل شبكات الأخبار العالمية، وهذا ليس أمراً عفوياً، فالعنف سمة من سمات هذا النظام. عنف الدولة أداة دائمة لنزع الملكية والسيطرة وإعادة الهندسة الديموغرافية و"الردع". إن المقدار النوعي من العنف المطبق يتغير دائماً، والخوف الذي يمليه هذا العنف لا يغيب أبداً عن المشهد.
يقوم نتنياهو بقمع معارضة اليهود الإسرائيليين الآن أيضًا. وهكذ ما حدث مراراً وتكراراً، وعندما يتساقط جزء أو أكثر من هذه الشظايا، تبرز المفاجأة عندما ينتاب الذعر الناس، ويتم بذل الجهود لاستعادة ما يسمى بشكل مضلل "الوضع الراهن". لكن هذا لا يعني أبدًا أن العنف قد ينتهى حقًا. فهذا يعني فقط أن عنف إسرائيل ضد الفلسطينيين أصبح مرة أخرى غير مرئي، ومرة أخرى،يتم اختفاء التوتر (بالنسبة للبعض) ، في حين أن الظلم يبقى منتشراً في كل مكان (بالنسبة للبقية). هناك قبول بأكذوبة أن إسرائيل دولة "يهودية وديمقراطية"!!. في الواقع، إنها كيان ثنائي القومية وغير ديمقراطي بطبيعته يحكمه نظام الفصل العنصري. قد يخدم تجزئة الفلسطينيين إلى تشويش الحقيقة، ولكن كيف يمكن اعتبار واقع التكافؤ الديمغرافي، وجود حوالي 7 ملايين يهودي ، وحوالي 7 ملايين فلسطيني، ولكنه يعتبر "يهودياً" نقياً؟ ومادام معظم هؤلاء الفلسطينيين محرومين من حقوقهم ، فكيف يمكن اعتبار ذلك النظام "ديمقراطياً"؟ كانت السياسة الخارجية للولايات المتحدة لعقود من الزمان تمكن هذا النظام وتضمنه وتحميه من عواقب ذات مغزى، ليس فقط من خلال تقديم المساعدة المتعددة الجوانب والمباشرة لإسرائيل، بل أيضاً من خلال الفيتو الأمريكي المتكرر في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لصالح إسرائيل، ونشر وهم "عملية السلام" الأمريكي التي لا نهاية لها على ما يبدو، بدلاً من إعطاء الأولوية لحماية حقوق الإنسان التي تُنتهك كل يوم. ويأتي الإفلات الإسرائيلي من العقاب بعلامة كبيرة "صنع في الولايات المتحدة"، لأن واشنطن هي المكان الذي يتم تصنيعه. ولابد أن يمضي اهتمام وسائل الإعلام قدماً في نهاية المطاف. ففي غياب التغيير الهيكلي ، ستستأنف الجهود المبذولة لجعل هذا الظلم غير مرئي مرة أخرى حتى الدورة التالية. بالطبع ، يرغب الكثير من الإسرائيليين في العودة إلى حالة العمى المتعمد. لكن الأجزاء تتجمع، ويصبح تزوير الصورة أكثر صعوبة من السابق. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *ناشط إسرائيلي في حقوق الإنسان
#عادل_حبه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيرني ساندرز - يجب أن تكف الولايات المتحدة في الدفاع عن حكوم
...
-
حول السلام في أفغانستان
-
العاقات الايرانية الصينية بين الأوهام والواقع
-
عندما تهيمن الخرافات على الايمان الديني
-
النضال العنصري لا يمكن أن يلغي النضال الطبقي
-
رحيل رئيس حزب توده ايران الرفيق علي خاوري
-
سنهد عليكم -أم كوزكينا-
-
سياسة أمريكا في الشرق الأوسط خطيرة وعفا عليها الزمن
-
مبادىء الاصلاح في النظام الاشتراكي في فيتنام
-
-تدريب المدراء في الصين على الطريقة الأمريكية في الإدارة-
-
رحيل رمز من رموز الوطنية والديمقراطية والتنوير والنزاهة في ا
...
-
مدرسة جنيف والعولميون: مساهمة سويسرا في دعم النظام النيوليبر
...
-
هل لا زال لدى الولايات المتحدة اقتصاد؟
-
التعاون بين المخابرات المركزية الأمريكية وقيادة حزب البعث في
...
-
فرصة الصين
-
الذهب الدامي
-
حول الأوضاع الراهنة في العالم
-
الفلسفة السياسية لفيروس كورونا
-
ما هو التفاوت بين الترامبية والعولمة؟
-
هل سيسعد الاندماج النووي البشرية؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|