أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - ماركس لم يُقرأ بعد (9)















المزيد.....

ماركس لم يُقرأ بعد (9)


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 6904 - 2021 / 5 / 20 - 16:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الثلاثي الخؤون من المكتب السياسي للحزب الذي اغتال ستالين أعاد تنظيم القيادة حال توقف قلب ستالين عن النبض فقرروا طرد الأعضاء الإثني عشر الجدد في المكتب السياسي وهو أعلى هيئة قيادية في الحزب، وحل مالنكوف شريك بيريا في اغتيال ستالين محل ستالين كأمين عام للحزب ورئيس لمجلس الوزراء، وتعيين خروشتشوف الشريك الثاني في الإغتيال أمينا عاماً مسؤولاً عن تنظيم الحزب . إذاك وقد بات الجيش هو القوى الأولى في البلاد بعد غياب ستالين وليس الحزب، انتهز خروشتشوف الفرصة وتخلى عن أسس اللينينية من أجل أن يرسمه الجيش أميناً عاماً للحزب ويغدو زعيما مهيباً مهابة ستالين ظناً منه أن المركز هو ما يصنع المهابة وليس الشخص . ما بين مارس وسبتمبر 53 استطاع خروشتشوف وبتدخل مباشر من الجيش أن يؤمن أغلبية أعضاء اللجنة المركزية خلفه . في اجتماع اللجنة المركزية في سبتمبر 53 طلب مالنكوف تخصيص الأموال اللازمة لتنفيذ برنامج ما تقتضيه الخطة الخمسية غير أن الأغلبية بقيادة خروشتشوف رفضت الطلب ومقابل ذلك اقترحت عصابة خروشتشوف استجابة لتوجهات الجيش إلغاء الخطة الخمسية من أجل انصراف البلاد بكل مقدراتها إلى التسلح . وافقت اللجنة المركزية على الإقتراح غير القانوني وغير الشرعي وصدر أوقح بيان في التاريخ يقول .. " تقرر إلغاء الخطة الخمسية لأنها توهن وسائل الدفاع عن الوطن الإشتراكي !! بينما كان القرار في حقيقته ضد الوطن الإشتراكي، وهو ما استدعى استقالة مالنكوف من منصب الأمين العام احتجاجاً ليخلفه خروشتشوف .

وهكذا نجح الجيش بواسطة رجلهم الكراكوز في قيادة الحزب خروشتشوف وعصابته في وضع حد قاطع للثورة الإشتراكية، فانعطاف مجمل قوى الإنتاج إلى صناعة الأسلحة هو مناقض تماماً للتنمية الإشتراكية وهو الإنعطاف الذي استمر منذ العام 53 وحتى اليوم ؛ والأسلحة لا قيمة لها غير القيمة الاستعمالية التي تنحصر في القتل والتدمير . وعليه فالإتحاد السوفياتي ومنذ العام 1953 لم يعد اشتراكيا على الإطلاق بل إن الحزب "الشيوعي" السوفياتي ومنذ وفاة ستالين أخذ يعمل عن وعي وتصميم ضد الشيوعية كما تشير الوقائع المتوالية .

في المؤتمر العشرين للحزب في العام 56 طلب الجيش من خروشتشوف أن يحطم الإيقونة الشيوعية المقدسة التي تتمثل بهالة ستالين الحاضرة أبداً في الحياة السوفياتية . لكن خروشتشوف وهو يعلم أن قيادة الحزب لن توافق على ذلك فما كان منه غير أن يتحايل على إدارة المؤتمر ويلقي خطابه السري الشهير في جلسة خاصة بعد انتهاء المؤتمر ليوهم العامة أن الخطاب كان من أعمال المؤتمر بينما هو في الحقيقة ضد المؤتمر . خروشتشوف قال للحضور في خطابه الشائن أن الدولة السوفياتية بناها ستالين بالقمع وبالحديد والنار وبالدكتاتورية الفردية وممارسة طقوس عبادة الذات . ونقلت جريدة الغارديان البريطانية تقول أن كثيرين من الحضور غابوا عن الوعي لشدة الصدمة والبقية الباقية لم يتحملوا ما يسمعون فأخذوا يشدون شعر الرأس بقبضاتهم . وما سمح لتلك الخيانة أن تأخذ دورها هو أن بولغانين رئيس الجلسة منع كل تعليق على الخطاب ولم يندد أحد من قادة الحزب بذلك الخطاب السمّي . تلك الأكاذيب المفضوحة حيث كان ستالين في غاية الإنكار لنفسه ولعائلته ما زال أعداء الشيوعية يلوكونها كعلكة فاسدة صباح مساء .

في يونيو 57 اجتمع المكتب السياسي لينظر في اقتراح خروشتشوف "إصلاح الأراضي البكر والبور" وفي نهاية المناقشة قرر المكتب السياسي بأغلبية سبعة أصوات سحب الثقة من خروشتشوف باستثناء صوتين فقط هما صوت خروشتشوف نفسه وصوت ميكويان . كان على خروشتشوف أن يتنحى في الحال عن مركز الأمين العام للحزب غير أن وزير الدفاع المارشال جوكوف حاضراً كمرشح للمكتب السياسي بلا صوت، انتفض معارضاً يقول .. "الجيش لن يوافق على هذا !" وهو ما يؤكد أن صولجان السلطة كان بيد الجيش وليس الحزب . قام جوكوف بانقلاب شبه عسكري انتهى إلى طرد الأعضاء السبعة الذين صوتوا ضد خروشتشوف من المكتب السياسي وهو إجراء مخالف لنظام الحزب – المارشال جوكوف كان حتى العام 54 مرذولاً في بيته لإدانته بجرم السرقة، وعندما تولى خروشتشوف الرئاسة في العام 54 أعاده إلى القيادة بناء على أوامر من الجيش وزيراً للدفاع ومرشحا لعضوية المكتب السياسي .

في يناير 59 إفتتح خروشتشوف المؤتمر الإستثنائي الحادي والعشرين للحزب وألقى تقرير الحزب للمؤتمر مخالفاً خطابه السري تلو المؤتمر العشرين وقال .. "نجح حزبنا بقيادة ستالين لفترة طويلة في التغلب على سائر الأعداء وبنى لنا دولة اشتراكية عظمى هي موضع فخارنا " . لكن مقابل ذلك الإعتراف المنافي لتوجهات الجيش كشف خروشتشوف عن قرار يطعن في أسس اللينينية طعنة نجلاء ويفصل الوحدة العضوية بين الثورة الاشتراكية وثورة التحرر الوطني التي كرسها لينين في ندائه.. "قال ماركس ياعمال العالم اتحدوا وأنا أقول يا عمال العالم وشعوبه المضطهدة اتحدوا" . طبعا مثل هذا النداء اللينيني يلقي حملاً في غاية الثقل على كاهل الدولة السوفياتية وهو ما رغب العسكر في إزاحته عن كاهلهم فطالب خروشتشوف المؤتمر بوضع خط فاصل بين الثورة الاشتراكية وثورة التحرر الوطني التي كثيراً ما تأتي بمغامرين يجلبون المتاعب للإتحاد السوفياتي حسب زعمه، وانتقد بشدة الإنذار السوفياتي الرهيب لدول العدوان الثلاثي على مصر في نوفمبر 56 كما الإنذار السوفياتي الحازم لبريطانيا وأميركا يطلب سحب إنزالهما من لبنان والأردن في يوليو 58 ؛ وكان يقصد بالمغامرين جمال عبد الناصر وقد انهزم في حرب 67 فيما الاتحاد السوفيتي يتفرج عليه مهزوما بكلمات عبد الناصر نفسه .

في العام 1961 بلغ الجنوح البورجوازي أوجه في قيادة الجيش والمخابرات السوفياتية فاشترطت على رجلها في قيادة الحزب خروشتشوف إلغاء آخر علامات الإشتراكية في المؤتنر العام الثاني والعشرين للحزب فتقرر إلغاء دولة دكتاتورية البروليتاريا وهي الدمغة الفارقة للإشتراكية كما أكد ماركس ذلك، وقال بالإستقلال المالي لمخنتلف مؤسسات الإنتاج وبشرعية المرابحة في تبادل المنتوجات في الداخل .
فيما بعد العام 1961 لم يبق من ملامح الإشتراكية ملمح واحد على الأقل ورغم ذلك ظلت فلول الأحزاب الشيوعي على ولاء مطلق لطغمة الخونة في الكرملين .
في أكتوبر 1964 لم يعد لدى خروشتشوف ما يفيد العسكر بعد أن بدأ يتفوه بعبارات اشتراكية فاستدعوه على عجل من الجنوب ولدى وصوله مكاتب الحزب في موسكو هدده العسكر بإطلاق الرصاص في رأسه إن لم يوقع على استقالته في الحال ؛ وطبعا لم يعد خروشتشوف شيوعيا ليفتدي مبادئه فوقع الجبان الرعديد استقالته وطواه التاريخ مرذولاً معادياً للشيوعية .

في ختام قراءتنا الماركسية لما لم يُقرأ بعد من ماركس يتوجب الوقوف طويلا أمام بعض الحقائق الصارخة التي لم تُقرأ بعد من ماركس .
المجتمع السوفياتي تشكل منذ العام 1921 من طبقتين وهما تحديداً طبقة البروليتاريا وطبقة البورجوازية الوضيعة (Petty Bourgeoisie) – ونحن نقول طبقة البورجوازية الوضيعة مجازاً فهي بالمعنى العلمي لمفهوم الطبقة ليست طبقة لأنها لا تمتلك وسيلة إنتاج مستقلة إذ تنحصر وظيفتها الإجتماعية في خدمة إنتاج الطبقات الأخرى . في العام 37 كادت البورجوازية الوضيعة بقيادة الجيش أن تسقط دولة البروليتاريا لولا يقظة البلاشفة الذين اعتقلوا كافة المتآمرين وأعدموهم جميعاً .
البورجوازية الوضيعة عادت في العام 53 تقوم بانقلاب ضد دولة البروليتاريا لكنها نجحت هذه المرة بفضل غياب ستالين .
ما يلزم قراءته من ماركس ولم يُقرأ بعد هو أن الإنقلاب على الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي في العام 53 هو انفلاب البورجوازية الوضيعة بقيادة العسكر . والبورجوازية الوضيعة وهي ليست طبقة ذات وسيلة إنتاج مستقلة تناصب بمختلف أشتاتها الرأسماليين والعمال سواء بسواء العداء القاتل الذي لا يقبل المصالحة .
ولما كانت أشتات البورجوازية الوضيعة ليست طبقة اجتماعية ذات وسيلة إنتاج مستقلة فإنها بالقطع لن تستطيع الإحتفاظ بالسلطة وتبني نظام إنتاج ثابت ومستقر . ولولا ارتفاع أسعار النفط والغاز مقابل الدولار الزائف لما عمّرت البورجوازية الوضيعة الروسية لسبعين عاماً ؛ ولولا نجاح البورجوازية الوضيعة في الولايات المتحدة في تزييف الدولار وبيع ترليونات الدولارات للعالم سنوياً كنقود حقيقية لما احتفظت بالسلطة لنصف قرن .
نهاية أشتات البورجوازية الوضيعة التي آلت إليها السلطة في العالم كله عبر انحراف في مسار التاريخ تمثل بالحرب العالمية الثانية تلوح نهايتها في الأفق القريب، وليس من عقدة سياسية اليوم يعجز حتى كبار الماركسيين عن مواجهتها وهي الإنهيار الفجائعي الوشيك لفوضى الهروب من الإشتراكية بإحكام البورجوازية الوضيعة .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركس لم يقرأ بعد (8)
- ماركس لم يُقرأ بعد (7)
- ماركس لم يُقرأ بعد (6)
- ماركس لم يُقرأ بعد (5)
- ماركس لم يُقرأ بعد (4)
- ماركس لم يُقرأ بعد (3)
- ماركس لم يُقرأ بعد (2)
- ماركس لم يُقرأ بعد (1)
- اليسار على حقيقته
- الغائب أبداً كارل ماركس (2/2)
- الغائب أبداً كارل ماركس (2/1)
- اليسار العار
- في الماركسية المعاصرة
- أهم المسائل في الماركسية المعاصرة (3)
- أهم المسائل في الماركسية المعاصرة (2)
- أهم المسائل في الماركسية المعاصرة (1)
- البورجوازية الوضيعة جماعات طفيلية (تابع)
- البورجوازية الوضيعة جماعات طفيلية
- قانون القيمة (Law of Value)
- فوضى الهروب من استحقاق الإشتراكية


المزيد.....




- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - ماركس لم يُقرأ بعد (9)