عادل عبد الزهرة شبيب
الحوار المتمدن-العدد: 6899 - 2021 / 5 / 15 - 11:04
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تعتبر حقوق الانسان مجموعة من الحقوق الأساسية التي لا يجوز المس بها , وهي مستحقة واصيلة لكل انسان , وهي ملازمة للإنسان بغض النظر عن هويته او دينه او مكان وجوده او لغته او اصله العرقي او أي وضع آخر . ولابد من حماية هذه الحقوق كحقوق قانونية في اطار القوانين المحلية والدولية .
وينبغي تطبيق هذه الحقوق الانسانية في كل مكان وفي كل وقت وهي متساوية لكل الناس , ولا ينبغي ان تنتزع هذه الحقوق الا نتيجة لإجراءات قانونية واجبة تضمن الحقوق . ولا بد من احترام حقوق الانسان وكرامته , وان ازدراء واغفال حقوق الانسان او التغاضي عنها قد يفضي الى كوارث ضد الانسانية واعمالا همجية , ولذلك فإنه من الضروري والواجب ان يتولى القانون والتشريعات الوطنية والدولية حماية حقوق الانسان لكيلا يضطر المرء في آخر الأمر الى التمرد على الاستبداد والظلم . ولكي لا يشهد العالم والانسانية مزيدا من الكوارث ضد حقوق الانسان والضمير الانساني جميعا .
تعريف حقوق الانسان :
فيما يتعلق بتعريف حقوق الانسان , هناك العديد من التعاريف التي قد يختلف مفهومها من مجتمع الى آخر او من ثقافة الى أخرى, فيعرفها ( رينيه كاسان ) وهو احد واضعي الاعلان العالمي لحقوق الانسان بأنها ( فرع خاص من الفروع الاجتماعية يختص بدراسة العلاقات بين الناس استنادا الى كرامة الانسان وتحديد الحقوق والرخص الضرورية لازدهار شخصية كل كائن انساني , ويرى البعض ان حقوق الانسان تمثل رزمة منطقية متضاربة من الحقوق والحقوق المدعاة ).
اما ( كارل فاساك ) فيعرفها بأنها ( علم يهم كل شخص ولا سيما الانسان العامل الذي يعيش في اطار دولة معينة والذي اذا ما كان متهما بخرق القانون او ضحية حالة حرب يجب ان يستفيد من حماية القانون الوطني والدولي , وان تكون حقوقه وخاصة الحق في المساواة مطابقة لضرورات المحافظة على النظام العام ).
اما الفرنسي ( ايف ماديو ) فيراها بأنها ( دراسة الحقوق الشخصية المعرف بها وطنيا ودوليا والتي في ظل حضارة معينة تضمن الجمع بين تأكيد الكرامة الانسانية وحمايتها من جهة والمحافظة على النظام العام من جهة اخرى ).
وفيما يتعلق بالكتاب العرب فقد عرفها ( محمد عبد الملك متوكل ) بأنها ( مجموعة الحقوق والمطالبة الواجبة الوفاء لكل البشر على قدم المساواة دونما تمييز بينهم ) . في حين يعرفها ( رضوان زيادة ) بأن ( حقوق الأنسان هي التي تكفل للكائن البشري والمرتبطة بطبيعته كحقه في الحياة والمساواة وغير ذلك من الحقوق المتعلقة بذات الطبيعة البشرية التي ذكرتها المواثيق والاعلانات العالمية .)
تعريف الأمم المتحدة :
عرفت المنظمة الدولية حقوق الانسان بأنها :( ( ضمانات قانونية عالمية لحماية الأفراد والجماعات من اجراءات الحكومات التي تمس الحريات الأساسية والكرامة الانسانية , ويلزم قانون حقوق الانسان الحكومات ببعض الأشياء ويمنعها من القيام بأشياء اخرى )) . أي ان رؤية المنظمة الدولية لحقوق الانسان تقوم على اساس انها حقوق اصيلة في طبيعة الانسان والتي بدونها لا يستطيع العيش كإنسان .
ماركس وحقوق الانسان :
شخص ماركس في كتابه ( المسألة اليهودية ) بأن (( حقوق الانسان لا يملكها الانسان بالولادة بل انها تنتزع في الكفاح ضد التقاليد التاريخية التي نشأ عليها الانسان حتى الآن , وهكذا فحقوق الانسان ليست منحة من الطبيعة وليست صداق التاريخ المنصرم وانما هي ثمن كفاح ضد صدفة الميلاد وضد الامتيازات التي اورثها التاريخ من جيل الى جيل حتى الآن . وهي نتيجة للتعليم ولا يستطيع ان يملكها الا من اكتسبها واستحقها .)).
الاعلان العالمي لحقوق الانسان :-
اصدرت الأمم المتحدة في العاشر من كانون الأول / ديسمبر عام 1948 ( الاعلان العالمي لحقوق الانسان ) الذي صاغته لجنة حقوق بموجب قرارها المرقم ( 217 ) . واضحى هذا الاعلان احد الوثائق الرئيسية لحقوق الانسان . وقد شمل الاعلان العالمي لحقوق الانسان كافة حقوق الأفراد والجماعات والمتمثلة بـ :-
1) الحق في المساواة .
2) الحق في التعليم .
3) الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي .
4) الحق في الحماية من الاعتقال التعسفي والنفي .
5) الحق في الزواج وتكوين الأسرة .
6) الحق بحرية الحركة داخل وخارج البلاد .
7) الحق في التحرر من العبودية .
8) الحق في حرية المعتقد والدين .
9) الحق في الملكية الخاصة .
10) الحق في حرية الرأي والمعلومات .
11) الحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات .
12) الحق في الراحة والترفيه .
13) الحق في المشاركة في الحياة الثقافية للمجتمع .
14) الحق في مستوى معيشة لائق .
15) الحق في القيام بالعمل المرغوب به والانضمام الى الجمعيات النقابية.
16) الحق في الضمان الاجتماعي .
17) الحق في المشاركة في الانتخابات الحرة .
18) الحق في الحصول على الجنسية وحرية تغييرها .
19) الحق في الاعتراف بالشخص امام القانون .
20) الحق في التحرر من التدخل في خصوصية الأسرة والمنزل .
21) الحق في اللجوء الى البلدان الأخرى في حالة التعرض للاضطهاد .
فحقوق الانسان عالمية وغير قابلة للتصرف , وتعد جميع حقوق الانسان غير قابلة للتجزئة سواء كانت هذه الحقوق مدنية او سياسية او اقتصادية او اجتماعية او ثقافية . والحقوق متساوية وغير تمييزية تنطبق على جميع الأشخاص .
وتصنف حقوق الانسان الى ثلاثة مجموعات : حقوق السلامة الشخصية , والحريات المدنية , والحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
موقف الحزب الشيوعي العراقي من الالتزام بحقوق الانسان :
شخصت وثائق الحزب الشيوعي العراقي الانتهاكات المتواصلة لحقوق الانسان مبينة اسباب ذلك بالصراعات السياسية والتأجيج الطائفي والأعمال الارهابية التي طالت جميع المدن العراقية دون استثناء . ومشيرة الى نقص في التشريعات التي تؤمن الحريات والحقوق للمواطنين , اضافة الى وجود قوانين موروثة من النظام الدكتاتوري السابق وما زالت سارية المفعول تقف بالضد من الدستور ومبادئ الديمقراطية مثل قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 في مواده التي تخص جرائم النشر , وقانون المطبوعات . ولاحظ الحزب وجود ميل لدى القوى المتنفذة في السلطة الى تشريع قوانين تضيق على الحريات وتصادرها كمشروع جرائم المعلوماتية ومشروع قانون التعبير والتظاهر السلمي الذي يعطل حق التظاهر والاعتصام. ( ولاحظنا موقف السلطة واجهزتها القمعية من التظاهرات السلمية في بغداد ومدن الوسط والجنوب التي انطلقت في اكتوبر 2019 وقيامها بقتل العديد من الشباب الأبرياء الذي بلغ عددهم اكثر من 700 شهيد وجرح واصابة نحو 30 ألف من المتظاهرين مستخدمين الغاز القاتل والمياه الساخنة وبنادق الصيد اضافة الى الرصاص الحي . الى جانب الاعتقالات غير القانونية والتغييب والمطاردة وغيرها من الأساليب التي تنتهك حقوق الانسان . والقوا اللوم بذلك على طرف ثالث ينزل من السماء ليقتل ويخطف المتظاهرين من الشابات والشباب دون ان يعرفوا من هو !!!!!) .
كما شخصت وثائق الحزب وجود نكوص عن استكمال اقامة مؤسسات الدولة الديمقراطية وبنائها على وفق ما جاء في الدستور العراقي , بل حتى مفوضية حقوق الانسان التي انشئت عام 2012 لم تحظ بصلاحياتها الدستورية ولم تستطع ان تؤدي دورها المنشود بسبب وجود معرقلات عطلت عملها من ابرزها نهج المحاصصة الطائفية والأثنية .
ان كل الانتهاكات لحقوق الانسان في العراق يؤشر الى فشل الدولة ومؤسساتها في فرض هيبتها والقيام بواجباتها في ظل وجود ميليشيات مسلحة تنشط خارج نطاق سيطرة الدولة صادرت القانون واحتكرته , حيث بلغ بها الأمر ان تهدد رئيس الجمهورية فجباره على اتخاذ موقف معين تريده او قيامها بقصف المنطقة الخضراء واستهداف السفارة الأمريكية خلافا للقانون الدولي وغيرها من الأمور . واصبحت الحياة العامة في العراق مقلقة بسبب عدم الاستقرار الأمني والسلام الدائم والذي اصبح هاجسا يوميا للمواطن ومصدر خوف له وان يتحول مع تردي الأوضاع الاقتصادية الى دافع قوي للهجرة خارج العراق وهو ما يحدث لكثير من الشباب وذوي الكفاءات واصحاب الشهادات العليا الذين لا يجدوا فرصة عمل لهم بل يتم رشهم بالماء الساخن والرصاص الحي والاعتقال لأنهم يطالبون بتوفير فرص العمل التي هي حكرا لأبناء واقارب المسؤولين المتنفذين .
كما اشارت الوثائق ايضا الى مسألة النزوح الكبير الذي شهدته مناطق البلاد بما يزيد على 4 ملايين انسان اضطروا الى ترك مدنهم ومساكنهم بسبب داعش في ظل عجز تام للدولة عن تأمين متطلبات الحياة البسيطة لهم حتى بعد تحرير المدن التي احتلها داعش الارهابي .
كما تطرقت الوثائق ايضا الى وضع المرأة العراقية التي ما زالت تعاني الكثير من العسف والاضطهاد والتمييز بفعل التقاليد والأعراف البالية ووجود قوانين تمييزية ضدها . كذلك الحال بالنسبة الى عدم سيادة القانون وعدم القدرة على تطبيقه اضافة الى التدخل في شؤون القضاء والتأثير عليه وعلى قراراته ومصادرة استقلالية الهيئات المستقلة من خلال بنائها على اسس المحاصصة ام في التدخل في آليات عملها . الى جانب هذه المعطيات وغيرها الكثير خاصة ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والتي تؤشر بإلحاح ضرورة العمل على الغاء كافة القوانين والتعليمات التي تحد من التعبير عن الرأي والمعتقد , وتسعى الى حصر العمل النقابي والمهني في اطر محددة ووجوب العمل من اجل استكمال بناء الدولة ومؤسساتها على اسس صحيحة ويرى الحزب الشيوعي العراقي ايضا ضرورة اقامة دولة القانون والمؤسسات الحقة واشاعة روح المواطنة والعدالة الاجتماعية التي تحمي المواطنين من الفقر والعوز .
ولا بد من الدفاع عن حقوق الانسان في العراق وحمايتها من الانتهاكات واشاعة مبادئها السامية. ولا بد من التغيير والاصلاح الجذري للأوضاع ونبذ نهج المحاصصة والطائفية واقامة دولة المواطنة والقانون , الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية .
#عادل_عبد_الزهرة_شبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟