|
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني الفصل السادس القضية الكردية في الشرق الاوسط وسبل الحل المحتملة 1-7
عبدالله اوجلان
الحوار المتمدن-العدد: 1632 - 2006 / 8 / 4 - 10:31
المحور:
القضية الكردية
2 ـ الكرد والعصر العبودي تشرح الوثائق السومرية المدونة بأن الأراضي التي ينتمي إليها الكرد، قد لعبت دوراً ريادياً على مسرح التاريخ في هذا العصر الذي بدأ فيه التاريخ المدوّن، وتكفي دراسة هذه الوثائق بمعرفة تاريخية لأجل فهم أن السومريين الذين أطلقوا تسميات مختلفة على جيرانهم، كانوا يتحدثون عن المجموعات ذات الأصل الكردي، لقد سمّى السومريون هذه المجموعات بالهوريين والكَوتيين والكاسيتيين، كما نرى أنهم كانوا يتحدثون عن أجداد الكرد الحاليين، وعند دراسة ذلك من ناحية علم الأعراق، نرى أن كلمة الهوري" HORRIT" تعني أصحاب البلاد العالية أو الجبليين، أما كلمة كوتي"GUTI" وتعني"الثور" باللغة الكردية" وتعني مجموعة الشعب الذي يمتلك الثيران، ولا زالت هذه الكلمة مستخدمة في اللغة الكردية، أما الكاسيين فتعني المجموعات الكادحة والفقيرة نفسها التي سكنت في مدن سومر، وهو اسم يطلق على الشريحة التي تعمل كيد عاملة رخيصة، وبالمهن اليدوية والموظفين، والمعروف أيضاً أن تاريخ السومريين كان متداخلاً مع هذه المجموعات، وأتخذ السومريون من الهوريين والكوتيين والكاسيين أساساً لهم في تحالفاتهم ضد الأكاديين والبابليين ذوو الجذور السامية، وقاموا بإسقاط سلالة سرغون الأكادي معاً، وحكمت سلالات من الكوتيين والكاسيين المدن السومرية لمدة طويلة. عندما ننظر إلى بنية اللغة والثقافة السومرية، نرى أنها قد أخذت كل تجهيزاتها التقنية من الهوريين الذين خلقوا العصر النيوليتي في الضفاف العلوية لدجلة والفرات والزاب، وأخذ السومريون مصطلحات المعلومات الأساسية والثقافة من تلك الثقافة على الأغلب، وتم اقتباس كثير من الإضافات اللغوية والعناصر المؤنثة الموجودة في البنية اللغوية للسومريين من هذه الثقافة، وتواصل كثير من القصائد الشعرية والملاحم السومرية وجودها في الثقافة العشائرية الكردية في يومنا هذا من حيث المضمون والشكل، وتجد ملحمة "درويش عبدي" مصدرها في اللوحات التي كتبها السومريون في الألف الثاني قبل الميلاد، وتحدث في نفس منطقة سنجار أنشودة باسم بطل شعبي تحت اسم"جيرو CIRO"على لسان فتاة مجهولة، تقدم قصيدة شعر "جيرو" التي تمت كتابتها في الألف الثاني قبل الميلاد تشابهاً مذهلاً مع ملحمة درويش عبدي في يومنا هذا، كما توجد كثير من الوثائق المشابهة لذلك، وحاولنا سابقاً تعريف الروابط الموجودة بين عبادة الربة إنانا وعشتار والربة ستارك، وتحمل ملحمة جلجامش وملحمة نوح تشابهاً كبيراً، عندما ننظر إلى أعماق التاريخ، نرى أن التاريخ السومري قد حقق وجوده من خلال القتال وعدة تحالفات بين الهوريين ذوي الجذور الآرية "الجبليين" والعموريين ذوي الجذور السامية "تعني الذين جاؤوا من الغرب"، كما نستطيع فهم ذلك من موقع العراق الحالي، فحتى لو طوّرت المجموعات السومرية الأولى بنية لغوية خاصة بهم نرى أن مصدر هذه اللغة مليء بالكلمات ذات الجذور الآرية والسامية، كان تصاعد الحضارات ذات الجذور العمورية والهورية حول الحضارة السومرية قد أدى إلى تصفيتها، وبشكل أصح لقد تم فرز السومريين بعد دخول هاتين المجموعتين الثقافيتين ـ والمدينين بوجودها لهما ـ إلى مرحلة الحضارة الطبقية، حيث واصلوا وجودهم من خلال التحول في السلالات الحاكمة لهاتين المجموعتين، ولم تتم إزالتهم، بل اضطروا إلى مواصلة وجودهم تحت حكم سلالات ذات بنى شابة وثقافات مميزة. إن هذا التعريف القصير يظهر أن التاريخ السومري متداخل إلى حد كبير مع جيرانهم الهوريين، الذين تم إثبات وجود روابط قوية بينهم وبين الكرد، ويوجد لهم تاريخ مشترك، وبذلك يكون أهم مصدر لتاريخ الكرد متداخل مع التاريخ السومري الذي بدأ التاريخ المدوّن، إن جميع العناصر الثقافية التي جاءت من الجبل وعلاقاتها وصراعها الملموس وتأثيراتها وتأثرها المتعلقة بهذا التاريخ هو التاريخ ذو الجذور الكردية في الوقت ذاته. حققت التطورات المتعلقة بالتاريخ السومري تقدماً أكثر في عام 2000 ق.م تقريباً، فقد تسارعت مرحلة الانفتاح على الخارج وتطورت المستوطنات السومرية في ذلك التاريخ، وتطلبت الموارد المعدنية والغابات الغنية إنشاء مستوطنات في هذه المناطق وضرورة القيام بحملات، فأنشأ السومريون أهم مستوطناتهم على ضفاف الفرات ودجلة وعلى الطرق التجارية والساحات التي تتوفر فيها المعادن والخشب بكثافة، إن المدن الاستيطانية وفي مقدمتها "أورفا وحران وقرقاميش وسمسات وكانيش وأوركيش ونوزي" التي تم إنشاؤها، أدت إلى انفتاح المنطقة على الحضارة، وأدى التمدن إلى بدء مرحلة جديدة، وبدأ التحول إلى المدن والدول مع بدء الفرز الطبقي في المجتمع الزراعي، وكان من الأولويات انتشار الحضارة في كل ميزوبوتاميا، وبدأ عصر الحضارات الإقليمية بعد عام 2000 ق.م، وتحولت مدن المستوطنات إلى دويلات مدن، لقد استوعب الهوريون كمجموعة معروفة في التاريخ بعد السومريين الحضارة في النمط السومري، ودخلوا إلى مؤسسة الدولة المركزية المستندة إلى مراكز المدن من خلال الكونفدراليات العشائرية الواسعة، وكانت "نوزي وأوركيش" من أولى المراكز وبرزت "أورفا" كمركز هام في التاريخ أيضاً، إن "أوركيش" هي مدينة "عامودا" التي تتواجد حالياً في منطقة الحدود التركية السورية وكانت هذه المدن هي أولى عواصم الهوريين، ونفهم من خلال وثائق جيرانهم السومريين والحثيين أنهم أصبحوا قوة سياسية هامة بين عامي 2000 ـ 1500 ق.م. تمت مقاومة وصد الاعتداءات التي قام بها السومريون والبابليون والحثيون على هذه المناطق، ولذلك فإن تحقيق الاحتلال كان صعباً إلا من خلال قوة عسكرية وسياسية قوية، وتم العثور على كثير من والوثائق المدوّنة باللغة الهورية، كما تقدم الوثائق التي عثر عليها في نوزي وأوركيش والمدن الحثية معلومات واسعة عن الهوريين.
نرى أن الهوريين هم الذين حققوا تمأسس العصر النيوليتي في الألف السادس قبل الميلاد تقريباً، وهم بمثابة استمرار للمجموعات التي أعطت شكلاً لثقافة تل حلف، كنا قد أكدنا سابقاً أنه تم تسمية الهوريين بالهوريت التي تعني"الجبليين"لأول مرة من قبل السومريين في الألف الثالث قبل الميلاد، ويعتقد أن الكوتيين والصاباريين والكاسيين الذين تمت تسميتهم فيما بعد، قد تقاسموا اللغة والثقافة المشتركة في عصور وأماكن مختلفة، حيث يتأكد هذا الأمر مع مرور الزمن، إن التسميات المختلفة للوحدات العشائرية في يومنا هذا لا يعني أنها لا تنتمي إلى نفس المجموعات الشعبية ولا يعني أنها لا تملك طبائع مشتركة. إن بنية اللغة الآرية هي آرية وتم إثبات أن كثيراً من كلماتها تحولت إلى اللغة السومرية لا سيما أسماء الحبوب والحيوانات، أما أسماء الجمل الذي يعتبر سفينة الصحراء فهي ذات جذور سامية، وأقتبس السومريون كثيراً من أسماء تقنية الزراعة من الهوريين، ويمكن الادعاء بكل بساطة بأن الهوريين قد أثروا إيديولوجياً على السومريين، وقد دخلت كثير من المصطلحات المثيولوجية إلى السومريين في هذا النطاق، كما تأخذ المفاهيم المثيولوجية واللاهوتية المستندة إلى السماء مصدرها من الثقافة الهورية، وتعكس تعبير المساواة والحرية لأنها لم تتعرف على الفرز الطبقي، وكانت خاصية الربة الأم هي السائدة، حيث قام الكهنة السومريون بمزج هذه الأدوات المادية والمعنوية وخلقوا تركيباً منها في مدن التلال التي تسمى بـ "أور" ونجحوا في جعلها أساساً لبنية المجتمع الطبقي، ويمكننا القول أن معابد أور للرهبان السومريين، قد قامت بمهمة الرحم التي خلق فيها أول مجتمع طبقي ودولته، إن المعابد هي المصانع الحقيقية التي خلقت فيها الدولة، لذلك لا يمكن أن تكون الدول علمانية تماماً، لأن الدين موجود في مورثاتها وخميرتها، وإذا تركنا الدين جانباً فلن يبقى شيء في الساحة اسمه الدولة، وطبعاً عندما نقول دين، يجب أن نفكر في كل اليوتوبيات الدوغمائية والمثالية، أدى التحول إلى الدولة إلى تفوق كبير للسومريين وبدأت مرحلة الاستيطان في المناطق الهورية. إن الاستيطان الذي يعني الاستغلال الكلاسيكي، يمتلك تاريخاً ملعوناً منذ عام 2000 ق.م وحتى يومنا هذا، لقد حدث القمع والاغتراب والاستغلال بشكل متداخل في المستوطنات، واكتسب الاستيطان سرعة في بلاد الهوريين، لاسيما في منطقة أورفا في عصر السلالات البابلية ذات الجذور العمورية، التي استلمت زمام الأمور بعد السومريين، وتطوّرت معارضة بأسم النبوة في التاريخ كرد فعل على هذا الأمر، تشبه نضال المثقفين ضد الإمبريالية وعملائها في يومنا هذا، لقد لعبت مدينة أورفا بهذا الاتجاه دور المركز ضد الاستيطان بقيادة النبوة لأول مرة في التاريخ، لاسيما في الإرث الذي تمثل بالنبي إبراهيم، حيث تمت تسمية ممثل المستوطنة في هذه المرحلة بنمرود، مما يعني ذلك نضالاً لإبراهيم ضد نمرود، ويمثل في جوهره نضال الحرية والمقاومة لمجموعات الشعب المحلية ضد ممثلي الإمبريالية العبودية لسومر وبابل. كانت القبائل الهورية والعمورية ذات الجذور الآرية والسامية، تقوم بهذا الصراع بشكل منفرداً وبشكل مشترك أحياناً أخرى، حيث نرى تأثير ثقافة كلا المجموعتين متداخلاً في إرث إبراهيم، كانت أورفا وضواحيها ملائمة بأجوائها من أجل نضال الحرية بين أعوام 2000 ـ 1250 ق.م، لأنها كانت تقع على مسافة متساوية من السومريين والبابليين ومن المصريين والحثيين أيضاً، إن النبوة هي انعكاس إيديولوجي على أساس المقاومة لأجل الموقف الاقتصادي والجغرافي الملائم، وتعني أول حركة لتحطيم الأصنام توجيه الضربة الأولى للدين العبودي، ولها دور كبير ومميز في التاريخ، وترجع شهرة إرث النبي إبراهيم الكبير إلى قيامه بالضربة الأولى، حيث سيتابع التاريخ هذا الإرث فيما بعد، وسيحظى بمسار مختلف مع الوصول إلى النبي محمد كسلسلة أنبياء، وتعتبر "أورفا" أول مركز مقدس في التاريخ، وفيما بعد ستقوم مدينة القدس ومن ثم مكة بهذا الدور المقدس. يمكن متابعة تأثير وسيطرة السومريين بهذا الاتجاه بعد أن رسخوا البنية الفوقية والتحتية للمجتمع الطبقي بواسطة بناهم المثيولوجية بشكل جيد، يعتبر الهوريون هم الشعب والثقافة الذين كانوا من أوائل من حوّل المثيولوجيا السومرية إلى ثقافة شعبية محلية، لقد حوّل الهوريون الآلهة السومرية أي ربة السماء "آن" وإله الأرض "أنكي" والربة "إنانا" وأصبحت أسماؤهم "آنو" و"كوماربي" و"تيشوب" و"هبات"، وأخذ الحثيون هذه المجموعة من الهوريين ليتم بعد ذلك تحويلها في الفلسفة الإغريقية إلى "زيوس" و"أبولو" و"أفروديت"، أما الرومانيون، فقد حولوها إلى "جوبيتر" و"فينوس"، وباختصار أن التاريخ يستمر كحلقات سلسلة عن طريق التحول في المجال المثيولوجي.
#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دول الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الرابع
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الرابع
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الرابع
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الرابع
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الرابع
...
المزيد.....
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
-
الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ
...
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟
...
-
أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه
...
-
كولومبيا عن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وج
...
-
تتحجج بها إسرائيل للتهرب من أمر اعتقال نتنياهو.. من هي بيتي
...
-
وزير الدفاع الإيطالي يكشف موقف بلاده من أمر اعتقال نتنياهو
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|