هويدا طه
الحوار المتمدن-العدد: 1633 - 2006 / 8 / 5 - 11:13
المحور:
الادارة و الاقتصاد
خبر من (الأخبار الخفيفة) التي تأتي عادة في ذيل نشرات الأخبار: بيل غيتس أغنى رجل في العالم زهد في ثروته.. زهد في الثراء فتفرغ لعمل الخير ومساعدة الآخرين بما يملكه من أموال تقدر بالمليارات، الرجل ليس عجوزا كهلا وليس مريضا وليس هناك ما يحرمه من التمتع بما جنى من أموال طائلة.. عبر ما قدمه للبشرية من خدمات في عالم الكمبيوتر لا تقدر بثمن، وهو نجم يضارع نجوم السينما والتليفزيون والسياسة وأي نجوم وكواكب أخرى.. لكنه اختار اختيارا حرا أن يتخلى عن (التمتع وحده) بما يملك وفضّـل متعة أخرى هي مد اليد لعون الآخرين، أي أنه يبدو (بطلا لا مكرها!)، الغريب أن عددا من أثرياء الغرب يتجهون نفس الاتجاه.. أي يضعون معظم أو كل ثروتهم في خدمة الآخرين أو في خدمة البحث العلمي، والأغرب أنهم عندما يساعدون الآخرين لا يفرقون بينهم.. تجدهم يساعدون الأقليات في العالم الثالث أو البلدان الفقيرة المختلفة عنهم في الدين واللون والعرق.. نقول الغريب والأغرب لأن مقارنة تتولد في الذهن بين ذلك الاتجاه في الحضارة الغربية وبين سلوك (الأثرياء العرب)! من منا لا يعرف ماذا يفعل معظم أثريائنا بثرواتهم؟! من منا لم يسمع عن (نهمهم) اللامحدود للمتع المختلفة.. المشروعة والمحرمة.. شرعا وعرفا؟! من منا لم يقارن ذات يوم بين (ثمن لحظة متعة) لواحد من هؤلاء.. وما يمكن أن يوفره هذا الثمن من عدة مستشفيات ومدارس في بلد فقير؟! لا أعرف ما سيكون عليه وجه أحدهم لو سألته أن يشتري حصانا واحدا بدلا من اثنين هذه المرة.. ليدفع ثمن الحصان الثاني كمنحة للبحث العلمي في جامعة بلده أو يؤسس به مستشفى عاما أو غير ذلك! أحدهم اشترى مؤخرا حصانا (أو مهرة) بمبلغ 28 مليون دولار! وآخر بنى لمحظيته الأوروبية قصرا من الكريستال الخالص في قلب الصحراء.. وثالث أهدى جندية أمريكية شاركت في الحرب على العراق سيارة ثمنها أكثر من عشرة ملايين دولار.. إلى آخر تلك الأمور الغريبة التي تتساءل ما المتعة فيها.. سوى أنها- ربما- رغبة جامحة في تعويض (نقص ما) يشعرون به.. نقص مذل.. يشعرون معه أنهم لابد أن يخفونه بمزيد من الإنفاق السفيه، لن نأتي بأمثلة من غيرنا.. يكفينا ما قيل في تراثنا.. فقد لاحظ علي ابن أبي طالب ذلك النوع من سفه الأثرياء العرب الذي يبدو متوارثا.. فقالها: ما جاع فقيرٌ إلا بما متع به غني..
#هويدا_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟