|
أضاءة حول القرآنيون والسلفية
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6888 - 2021 / 5 / 4 - 20:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تمهيد : ليس الغرض من هذا المقال المختصر عرض هذين المفهومين المختلفين في المعتقد الأسلامي ، لأن الكتب تعج بالكثير من الأدبيات حول هاتين المدرستين المتناقضتين ، ولكن ما وددت هنا ، هو أن أدلو بدلوي المتواضع في هذا الصدد . الموضوع : في بداية هذا المقال ، لا بد لنا أن نعطي لمحة مختصرة عن هذين المفهومين المثيرين للجدل في الفقه الأسلامي . * القرآنيون : ( اسم يطلق على طائفة منتسبة إلى الإسلام يزعمون أنهم أهل القرآن ، ويرون أن القرآن هو مصدرهم الوحيد للإيمان والتشريع في الإسلام ، وأن السنة لا يُحتج بها ؛ لأنها إنما كُتبت بعد النبي بمدة طويلة ، فهم لا يعترفون بالأحاديث ولا الروايات التي تنسب للنبي على أساس أن الله قد وعد بحفظ القرآن فقط ، ولا ذكر للسنة في هذا الحفظ ، وهؤلاء امتداد لقوم آخرين نبأنا عنهم رسول الله" يوشك أن يقعد الرجل متكئاً على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله " - رواه أبو داود والترمذي / نقل من موقع أسلام ويب بأختصار ) . ومن أبرز رجالات القرآنيون هو المصري الأزهري د . أحمد صبحي منصور . * أما السلفية ، فيمكن أن أنقل تعريفا لها مقتطعا من مقال ل محمد عبدالرحمن ، منشور في موقع اليوم السابع في يوم 7.5.2020 – أسرده بشكل مختصر ( .. من بين الطرق والحركات الإسلامية المنتشرة فى وقتنا الحالى هو الحركة السلفية ، والمعروفون لدى البعض بأنهم أحد أكثر الفرق الإسلامية تشددا للتعاليم العقائدية ، ويرفضون المساس بأى مما ذكر فى الكتاب أو السنة النبوية الشريفة ، ويعتقدون أنهم يمثلون صحيح أهل السنة والجماعة . ف " السلفية " : منهج يقصد منه اتباع المنهج الحق ، وهو منهج الصحابة ومن تلاهم من القرون المفضلة ، وهم غير محصورين بأسماء أو أشخاص أو طوائف ، ويدخل فيهم أتباع المذاهب الفقهية ما داموا ملتزمين بمنهج السلف الصالح من العمل بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة .) . القراءة : أولا . أرى أن القرآنيون قد أحسوا ، بل تيقنوا أن باقي الجماعات الأسلامية - ومنهم السلفية بالتحديد ، الذين بدأوا يرقعون في المعتقد الأسلامي ، وأخذوا يضيفون لتفاسير النص القرآني شروحات من السنن القولية والفعلية والأحاديث النبوية ، وهاتين الأضافتين كلاهما من أختلاق الفقها ومنهم ، أبن تيمية 1263 – 1328 م ، وتلميذه أبن الجوزية 1292 – 1350 م ، أن الحركة السلفية انتشرت بقوة فى زمنهما ، وأعلن هذا المذهب فى ( جرأة وقوّة وزاد آراءه انتشاراً اضطهاده بسببها ، فإنّ الاضطهاد يُذيع الآراء وينشرها " لكن هذه الصحوة السلفية لم تنجح فيما نجح فيه ابن حنبل ، فلم تصبح مذهباً للدولة ، وإنّما ظلت حركة ، يلقى اعلامها السجن والعنت والاضطها .. "./ نقل من نفس المصدر السابق ) . لأجله أقتصروا القرآنيون على النص القرآني ، وأعتبروه مصدرهم الوحيد معتقديا .
ثانيا . أن القرآنيون على يقين من أن السنن والأحاديث قد أختلقت بعد وفاة رسول الأسلام ، المتوفي سنة 11 هج ، بحوالي قرنين من الزمان على يد البخاري / صحيح البخاري ، ومسلم بن الحجاج / صحيح مسلم ، وعلى يد أبن أسحق وأبن هشام / كاتبا السيرة النبوية .. وغير ذلك . لذا ركزا القرآنيون على أن القرآن فقط بقولهم " أن القرآن يفسر نفسه بنفسه " .
ثالثا . السؤال هنا ، هل يستطيع " القرآن أن يفسر نفسه بنفسه " ، وهل يستطيع الأنسان المطلع ، بل حتى المثقف معتقديا ، أن يفسر النص القرآني ، فكيف الحال مع العامة ! ، فمثلا أية ( الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ / سورة الحاقة ) ، هل يستطيع القارئ أن يعرف ما المعنى وما المقصود منها ! . لذا لجأ السلفيون الى التفاسير المساعدة من السنن والأحاديث ، والى شروحات الأولين من الصحابة والتابعين في تفسير النص القرآني .
رابعا . من أهم ما أعتمد عليه القرآنيون في نهجهم هو الحديث التالي ، " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : ( لا تَكْتُبُوا عَنِّي وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلا حَرَجَ ... ) رواه مسلم ( الزهد والرقائق/ 5326) " . ومن موقع الأسلام سؤال وجواب ، نلحظ أن الموقع يعرض أتجاهين مختلفين / أنقلهما بأختصار ، أحدهما " يؤيد كتابة الأحاديث عن الرسول " ، والأخر " ينفي ذلك " ، ( قال ابن حجر : أَنَّ النَّبِيّ أَذِنَ فِي كِتَابَة الْحَدِيث عَنْهُ .. وَهُوَ يُعَارِض حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ القائل ، أَنَّ رَسُول اللَّه َ قَالَ " لا تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا غَيْر الْقُرْآن " رَوَاهُ مُسْلِم ) . وهنا أيضا أرى أن الموروث الأسلامي يوقع القارئ في حيرة ، وذلك في أي من الحديثين يؤمن ويعتمد ! .
خامسا . أن السلفيون يؤمنون بأيمان راسخ بأنهم هم الفرقة الناجية من الأسلام ، وهذا يعني أن كل الفرق والمذاهب الأسلامية الباقية في النار / بما فيهم القرآنيون ، وذلك وفق الحديث التالي ( " قال الرسول : افترقت اليهود على إحدى وسبعون فرقة. وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعون فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة . قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي / رواه والترمذي وأحمد وغيرهم ، وصححه الحاكم ووافقه " .. والمقصود من قوله الثنتين والسبعين فرقة " كلها في النار" -عند عامة السلف - أن هذه الفرق قد انعقدت عليها أسباب دخول النار بانحرافها عن هدى النبي وهدى أصحابه ؛ فهم مستحقون لدخول النار لانحرافهم ولا يعني ذلك الحكم عليهم بالكفر المخرج من الملة والخلود في النار ، بل إن الدخول الفعلي من عدمه ومدة البقاء فيها له أحوال متفاوتة نقل من موقع أنا سلفي ) ، وأرى أن هذا الأمر يؤسس لأشكالية عقائدية معقدة عند العامة من جمهور المسلمين ! . الخاتمة : شخصيا أن الفرد المسلم أراه تائها بين المدرستين / السلفية والقرآنيون - ومدارس أخرى يمكن أن نتناولها في مقالات أخرى ، ويمكن أن نلخص بعضا من الملاحظات في الختام بما يلي : 1 - لم تخدم السلفية العقلية الفردية للمسلم ، لأنها وضعته بين تناقضات النصوص وباقي الشروحات والتفاسير في السنن والأحاديث ، فما حرمته النصوص حللته السنن والأحاديث ! ، والعكس بالعكس . وفي أحيان أخرى ، تأتي الشروحات والتفاسير بأحكام لم تأتي بها النصوص ذاتها ، بل في أحيان أخري تناقضها ! .
2 - أما القرآنيون فوضعت الفرد المسلم في العبث ، فجعلته يقرأ و يرتل ، وهو لا يفهم ما يقرأ أو ما يرتل ! ، وفي ذات الوقت .. أرى أن القرآنيون ، بودقوا النص القرآني في جانب ، وأوقعوا في جانب أخر ، من العقلية الفردية للمسلم في متاهة الفهم ! .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسلام والعلم
-
قصة الغرانيق والرسول والشيطان
-
التاريخ الأسلامي .. الحقيقة الضائعة
-
الأسلام من أول الدهر الى زمن القهر !!
-
الأخوان المسلمين .. الوجه الأخر
-
أضاءة في المناطق المحظورة
-
الأخوان المسلمين بعد مرحلة تركيا
-
قراءة حداثوية لمحنة القرآن
-
تنويه .. حول المنظمات الأرهابية
-
الجماعات الأسلامية الأرهابية الوجه الأخر للأسلام
-
الموروث الأسلامي بين الأنهزام والأنسلاخ !!
-
محنة المسلم
-
حول سطوة التأثير الديني على النزاعات
-
ضيعة ضائعة .. يا سيادة الرئيس - بشار الأسد
-
قراءة نقدية للقراءأت القرآنية
-
قراءة في تدويل أن - الأنجيل - محرف !
-
الخلافة الراشدة بين الوهم و الحقيقة
-
أضاءة أستباقية ل - زيارة البابا للعراق -
-
أزمة التراث الأسلامي والتعايش الأنساني
-
قراءة لتقاطع القرآن لظرفي الزمان والمكان الجزء الثاني
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|