أن تكون فلسطيني يعني أن تكون قابل للانفجار ليل ونهار
أن تكون إنسان غير عادي ومن كوكب خاص بأرض كنعان
وأن تكون بلا وطنك وبلا بيتك ومشرد ولاجئ و بلا عنوان
وأن تكون من وطن المواجع والمعركة المفتوحة على كل احتمال
يعني أن تكون من طين وحجر وبارود وتراب فلسطين .. وإذا كنت فلسطينيا وتقيم في العراق فليكن الله في عونك،لأن الذين أضاعوا العراق سوف ينتقمون من الذي حكمه بالحديد والنار والقمع والإذلال عبر قهرك وطردك وإخراجك من تلك البلاد كما خلقك ربك لكن بلباس ونعل،لباس كي تستر عورتك ونعل كي تلطم به عوراتهم. وطردك حلال كما استقبال الاحتلال حلال،و لا يوجد حرام في الحالتين،وهذا صحيح لأنه برأيهم لا يمكن أن تكون أنت هناك وبنفس الوقت الأمريكان والصهاينة وصهاينتهم من العراقيين.
فيا أيها القابض على جمر السفر والرحيل والتشرد والخيام المتنقلة من أرض إلى أرض، ومن تحت سقف بيتك في العراق إلى تحت سماء الله المفتوحة لكل إشكال الطيور الطبيعية والمعدنية. لأنك أيها الفلسطيني خلقت كي تكون تجربة الله على الأرض وتجربة الأمم عند ألله،فكن أنت الذي لازلت أنت ولا تكن كما شاء الزمان الأمريكي وكما شاء عبد الغزو بوش بن بوش.
ولأنك أيها الفلسطيني تحمل كل تلك المواصفات التي تريد أمريكا ومعها إسرائيل محوها من الذاكرة والوجود والمستقبل العربي، فسوف تجد من ينتقم من صدام عبر طردك من بيتك وعبر قهرك وإعادة تشريدك والنيل من وفاءك وإخلاصك وشهامتك وكينونتك.. ليفعلوا ما يريدون بالبيت الذي يريدونه دونك،فليجعلوه بيتا للدعارة أو للصلاة،فليقيموا فيه مناسك المؤامرات والاجتماعات التي لا تخلوا من الطابع الجديد للعراق الجديد. لكن ويل لهم من غضب فاطمة وحسين وعلي وأمير وعراق الشهداء..
في العراق الجديد،عراق الأمريكان والمُحَرَرينْ من ظلم صدام وطغيان البعث وبطاقة الانتماء لمنظمات الحزب المختلفة أو للمخابرات بكل أنواعها،عراق العائدين على ظهور الجحوش الغريبة والأخرى الوطنية التي تربت في بيئة أجنبية فاكتست عادات وتقاليد وانتماءات غريبة، في عراق المرتدين والخائبين والمطبلين والمزمرين للاحتلال والاستعمار،عراق الانتحار والاندحار والتتار والجبناء والعملاء وأشباه الرجال من لصوص البنوك والأوطان والأمم والشعوب والأحلام والأماني وحتى الأغاني، لصوص المتاحف والجامعات والآثار والمباني والذكريات والكتابة والقراءة،لصوص المرحلة والماضي والحاضر والمستقبل،لصوص الوطن والانتماء والشعب والاستقلال، أتباع الاحتلال والاستعمار،قادة المصادفة، ومشايخ الدجل والكذب والرياء والمتاجرة بالناس والكلام والمواقف وخطبة الجمعة وراية الجهاد وبيت المال وأهل البيت وجثث الذين قتلهم صدام والذين قتلتهم حرية أمريكا.في هكذا عراق يصبح كل شيء ممكنا, وتصبح الخيانة شهادة انتماء للحضارة الغربية وبالذات للأمريكية منها وكذلك للعالم الحر والمتمدن وللديمقراطية على الطريقة الأمريكية التي تجعل الرجل امرأة والأمرأة رجلا والذكر أنثى والأنثى ذكراً..
في هكذا عراق صار فيه أشباه الإنسان لا يخشون الله بعدما كانوا يخافون صدام ولازالوا يهابون من ذكر اسمه أو سماع لفظة تذكرهم بعالم الدماء والإرهاب والعذاب والظلم والسجون والاعتقال والإعدام والغياهب والظلمات والخرس والطرش والسكوت والصمت والانكسار. في عالم عراقي كان الأجدر به أن يتذكر الأخت الشهيدة فاطمة وطفلها الشهيد أمير وزوجها الشهيد حسين وكل الذين أعدمهم النظام لا لشيء سوى أنهم يخالفونه الرأي ويعارضونه وينتمون لحزب محظور أو جهة سياسية ممنوعة أو مجرد أنهم أقرباء من ينتمي للمغضوب عليهم نظاميا ولا البعثيين. فما ذنب الزوجة والأم والابن والبنت والأخ والأب والأقارب حتى يعذبوا ويهانوا ويسجنوا ومن ثم يعدموا لمجرد أن أحد أفراد العائلة كان شيوعيا أو معارضا لنظام الحكم البعثي بقيادة صدام حسين. لقد كان النظام فاشيا وساديا ودمويا مثله في ذلك مثل كثير من ألأنظمة الفاشية والسادية والديكتاتورية في عالم الحكومات والأنظمة التي أعدت وجهزت أمريكيا وحكمت بفضل وعبر علاقاتها الوطيدة مع المخابرات الأمريكية. ففي العام 1985 مثلا كانت علاقات صدام حسين بأمريكا في أوجها،وكان كلاهما يحارب الإسلام"إيران" والشيوعية"المعسكر الاشتراكي وامتداداته العالمية والعربية" والمد المعادي لأمريكا والأنظمة العربية المتأمركة،ونظام صدام كان واحدا من تلك الأنظمة، وكان بشعا في أساليب حكمه ومتسلطا في طريقة حياته،وكان يتغذى من النفط الذي كانت تشتريه أمريكا وأوروبا،ليقبض ثمنه أو مكانه السلاح والتقنية الحديثة وآلة الموت والفتك،كان النظام حليف أمريكا والغرب، حتى أنه قاتل إيران الإسلامية نيابة عن كل هؤلاء، وكانت أمريكا الممول الأساسي له وحليفه التقليدي،وكان وزير دفاعها اليوم رامسفيلد يحج للقاء صدام حسين في بغداد ويرجوه الرضا والموافقة على الصفقات التي كانت ترجع للحكم العراقي على شكل مواد تستخدم في صناعة السلاح الكيماوي أو البيولوجي.
لقد هزتني من الأعماق حكاية الشهيدة فاطمة عزيز قادر وطفلها الأمير وزوجها الفقيد، لأنها شهيدة العبث والبعث والسوداوية التي كانت تتحكم بشعب العراق،ولأنها ذهبت ضحية لنظام حكم دموي لا يرحم الطفولة أو الأمومة. نظام همجي أعدته وجهزته وعلمته وزودته بآلات القمع والبطش والموت والإرهاب نفس أمريكا التي تحتل العراق هذه الأيام وتجهز له نظام صدامي جديد بدون صدام والبعث لكن بوجه آخر قد يكون أسوء وأعنف من صدام والبعث،وجه كلبي لا يخجل من الكذب والعمالة. لذا أجد أنه من الحرام أن يقوم نفر من الكتاب العراقيين بالترحيب بالاحتلال والاستعمار واعتباره ملاك ألله على أرض العراق. فالاحتلال الذي خلصكم من صدام هو الذي صنعه وعذبكم به طيلة تلك السنوات،فعليكم تدبير أموركم بأنفسكم لا بالاعتماد عليه،وعليكم ترك البلدان العربية بحالها فأمريكا ليست بحاجة لنصائح أحد حتى تهاجم سوريا أو إيران أو لبنان وليبيا وحتى الصومال وجزر القمر..
هذا الاحتلال هو السبب في جريمة موت أمير وفاطمة غير المعلنة وكذلك في جريمة موت وقتل محمد الذرة المعلنة،والقاتل واحد والرصاص مصدره واحد والجبن والنذالة والوحشية التي اتسم بها القتلة هي سادية واحدة وذات رسالة واحدة،رسالة أمريكا ومخابراتها. فما تم قبل الاحتلال وما حصل إثناء الغزو وما يحصل وسيحصل في العراق بعد احتلاله كله جراء السياسة الأمريكية المعادية للعرب.
في العراق اليوم يحيا الناس شبه حياة بلا ماء وكهرباء وغذاء كافٍ لأن أمريكا لا تريد أن تتحمل مسئولية الحرب وحدها وتريد أن تلبسها للأمم المتحدة، مع أنها وحدها المسئولة عن قرار الحرب ونتائج تلك الحرب، بالإضافة لمن تحالف معها من الدول التي لم تكن قياداتها تنام الليل لأجل حرية الشعب العراقي. في هذا البلد المنكوب لازال الناس يأكلون ويشربون من المعونات والحصص التي وزعها عليهم النظام البعثي،ويعيشون في ظروف صعبة ومعقدة،بينما الاحتلال يرفض أن يعيد الحياة لنصابها بعد أن دمر البنية التحتية العراقية. يرفض لأنه لازال يتآمر على الشعب العراقي ومستقبله،ولكي لا يتكلف ثمن أعادة الأعمار الناجمة عن جرائمه وحربه التدميرية. الاحتلال يرفض وكتاب الاحتلال لا ينامون الليالي ويسهرون في غرف الشات والبال تالك والماسينجر وعلى الإنترنت من أجل الحصول على مكان أو زمان في زمان أمريكا وحريتها التي عمت العراق فبدلته تبديلا وغيرته تغييرا..
في ظل حكم الغزاة والاحتلال ومع انعدام أي وجود للقانون وفي زمن شريعة الغاب واللصوص والرعاع من الذين نهبوا البلد وأحرقوا العراق،تبرز ظاهرة التعدي على الفلسطينيين في بلد المنصور والرشيد. وتبرز ظاهرة التسيب الأمني والانحلال الأخلاقي لدى فئة من العراقيين الذين يخشون صدام ولا يخافون الله، هؤلاء الذين يتطاولون على الناس، ويتطاولون على الكرامة العربية والشهامة الإسلامية والأخلاق.
فيأتيك السفيه منهم إلى غرفة نومك ليقول لك هذه البناية بنايتي والعمارة عمارتي وأريد طردك منها خلال أربع وعشرون ساعة فقط لأنني "لا أخاف الله ولا أخشى سوى صدام حسين وهذا الأخير لم يعد هنا"،هكذا وبش ووحش في هيئة إنسان ألا يستحق حاكم مثلما كان صدام، نعم هذا ومن هم على شاكلته من الذين باعوا ضمائرهم ووطنهم ورجولتهم وكرامتهم يستحقون صدام وأمثال صدام،لأن صدام كان يرهبهم ويعرف كيف يعاملهم بطرق تستبدل رجولتهم فتجعلهم أشباه رجال،هؤلاء زمن البعث كانوا بعثيين وصداميين والآن زمن الأمريكان أصبحوا متأمركين.
أما الآن والحال على ما هو عليه والفلسطينيون في العراق أصبحوا لاجئين في الخيام وبلا مأوى وسقف يأوون تحته سوى شادر أو خيمة، لا نجد ما نقوله سوى أن الشعب الفلسطيني ورغم كل ما تعرض ويتعرض له من معاملات سيئة عند الأخوة العرب خلال سنوات الغربة والتشرد واللجوء، بالإضافة لعدوان همجي من قبل الصهاينة والأمريكان لازال مستمرا منذ قديم الزمان، إلا أن هذا الشعب لازال يخاف الله ولا يخشى أي حاكم من العرب و الأجانب،ومن الرجال وأشباه الرجال أي من الحكام وأشباه الحكام.لأنه شعب مؤمن بعدالة قضيته وملتزم بعروبته وانتماءه للشعوب الحية والتي تنشد الحياة.