احمد الحمد المندلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6887 - 2021 / 5 / 3 - 04:28
المحور:
المجتمع المدني
# ماما كم لطيف هذا الرجل (العم سامان) جارنا..إنَّه رجل طيبٌ من الطراز الأول !!
الأم بنوع من اللامبالاة و تهكم لطيف، وهي مشغولة بأعمال منزلية متراكمة عليها منذ ثلاثة أيام:
- وماذا ؟ ...هي الأخبار يا ست زهوّري – هكذا كانت تخاطب ابنتها الوحيدة (زهور) في حالات التعب و الإرهاق-!!
زهور:
- أريد أن أقول إنَّ جارنا العم سامان رجل طيب جداً،حين يراني يسأل عن إسمي، وصفّي ، بل يمسح على رأسي برفق؛ وأحياناً يعطيني النقود لشراء الحلويات أيضاً..و يقول لي ست زهّوري بلطف ؛لا كما تقولينَ أنتِ بنوع من سخرية وتهكم " ست زهّوري..!!".
هكذا كانت زهور الفتاة الصغيرة ذات عشرة ربيعاً تناقش والدتها بلطف وأدب؛بل تسألها ببراءة، بل تكرر هذه الاسطوانة يومياً تقريباً..و حين أحسّت أنَّ والدتها لا تنسجم مع حديثها هذا اليوم..أخذت تهزها من كتفها الأيمن قائلة:
- ماما ، لماذا لم يكن والدي قد تعامل معي هكذا كالعم سامان؟؟ و بعد سنين و مأساة تزوجتِ من هذا العم ! وهو أكثر شدّة من أبي ، ولا يعاملني باللطف أبداً ،و لا أميل اليه قط..رغم أنه كان أبا لثلاثة أولاد!! لماذا يا ماما! الأم صامتة.
زهور:
- ردّي عليّ يا ماما "ماماتي"..
الأم مازالت صامتة، وساكتة وكأنّها في غيبوبة ..و سارحة في آفاق أخرى بعيدة عن هذا المشهد ،فكلام ابنتها الوحيدة من زوجها المطلق أتت لها بفرس الهموم لتحلق على ظهرها الى دنيا المأساة و عذابات الطفولة بسبب الطلاق و لكن ما الدواء؟؟
هنا تألمت زهور من مشهد أمها الحزينة ..فقالت بلطف:
- لا تضجري يا ماما لن أتكلم بعد "قسماً بالله"...الا هذه الفقرة الأخيرة.
الأم حركت عينيها تجاهها فقط دون أي عضو آخر من جسمها النحيل ..
زهور:
- ماما عندما ذهبت اليوم الى بيت العم سامان لجلب قنينة نفط،رأيته ينظف حذاءه من الأطيان المتعلقة به أثر هطول الأمطار الغزيرة و مخلفات المجاري ، رأيته ينظف الحذاء بدقة و لطف بفرىشاة ناعمة مع قطعة من القماش ينظفه بهدوء جهة جهة .. ثم يمسح كلتا الفردتين بالقماش و وضعهما على سياج الحديقة..
سكتت زهور عن الكلام، لما رأت الأم ابنتها ساكتة نظرت اليها برفق و حنان قائلة:
- و ماذا بعد؟
- زهور لا شيء
- الأم قولي ..في عينيك جملة أخرى!!
- حسدتُ الحذاء الذي بين يديه؛ و تمنيتُ أن أكون محله!
هنا إغرورقت عينا الأم بالدموع!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟