أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية - آزاد أحمد علي - في حضرة الكناس














المزيد.....

في حضرة الكناس


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6884 - 2021 / 4 / 30 - 23:42
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية
    


من يميز بدقة رائحة هواء الوطن؟ الهواء المشبع بالغبار، الغبار وحده الذي يعطيك لونا وهوية، هل حقا تعرفون درجات لون تراب الوطن؟! طوبى وبشرى لم يميز الألوان والروائح وييجيد استخدام كيمياء عطر الأرض...
ليس الحب والوفاء مجرد عناوين وعبارات جميلة، ولا قصائد رومانسية، الحب ترجمة لأحاسيس، الحب في المحصلة فيزياء الروح، واستشعاراته الدقيقة، فلكل حسب قدرته على الحب، ولكل حسب منهجه في الترجمة... بات واضحا، جليا وفاقعا أن الذين يحبون أوطانهم ومجتمعاتهم يترجمون هذا الحب يوميا، هكذا ببساطة بعيدا عن سفاسف الشعارات وترهات المواقف وبالونات الشعارات المنتفخة... حب الأهل وحب الأرض يتطلبان منا معادلة بسيطة: (كل حسب ذراعه وقدراته)، وبناء على طاقة جسده، وفيض روحه الملتصقة بزوايا المكان...
راودتني تلك الأفكار وانا على حافة نهر دجلة السريع، انتظر حقيبة السفر وأحدق في تراب الرابية الذي احسست أنها تحتضني، ليست مجرد رابية وانما امتداد لجيولوجيا الروح ل (كيلا جلي)، القمة العلامة – الاشارة الموغلة في تاريخ مراقبة جريان دجلة، ومعلم من مثيولوجيا المكان.
رجل آخر ضئيل الجسد، خفيف الحركة، لربما يكون سبعينا لا يهدأ، لا يحدق في الرابية انما يصارع أكياس النايلون ويلتقط أعقاب السجاير. فكل من يعبر دجلة من شرقستانها الى غربستانها سيصادفه، انه الأكثر التصاقا بالأرض، انه من فصيلة أصدق الصادقين... في لحظة ما راودني احساس انه هو فقط صاحب هذه الأرض وعاشقها... وفقط يحق له ادعاء الشرعية شرعية التمثيل، ومشروعية الانتماء... شرعية عاشق المكان... هو فقط الرجل السبعيني الذي يقفز بخفة شاب ثلاثيني، لا يسمح لكرتونة ولا حتى عقب سيجارة أن ترتاح على قارعة الطريق... يعمل بمرح وفرح، دون تذمر... يصدمك سنه ومزاجه الرائق وحبه لهذا العمل وانسجامه مع أدواته: المكنسة، الجاروشة، الكيس والعربة...
محدثك ينتبه لشرودك وحيرتك، لاهتمامك به، "انه على البركة، يعمل طوال الوقت، انظر كم الساحات والأرصفة نظيفة هنا..." لا لا ...انه بكامل وعيه ... انه هو وامثاله من حافظ على هذه الأرض نظيفة وبثوا فيها روح الحياة... هو البركة بعينها."
أسأله: "عمو أليس لديك أولاد؟!". يجيب: " بلي لدي بنات وشباب متفرقون، أعمل لإعالة ما تبقى منهم..." يجذبني حديثه فيتشجع على الاستطرد ويتحدث عن الماض المريح والمديد... لقد ذهبنا في السنة الفلانية عند المروحوم فلان... وقد عمل لنا افطار جيد... ثم عملنا في حصاد العدس يومين كاملين في الحقل بجوار القرية..."
انه هو من يشرف هذه الأرض، انه فعلا بركة هذه الأرض، هو من يكنس قذارة هذه الحثالات التي تزاحمت على صدر المجتمع... يعود من جديد للعمل، يطارد كيس ورقي، يصطاده...
ماذا يعني لرجل سبعيني ان لا يسمح لعقب سيجارة أن تستقر على قارعة الطريق، يحرص على مملكته أن تظل نظيفة... باختصار هو الرجل الذي يكنس قمامة الجشعين والفاسدين والمفسدين على الأرض، يعمل بشغف ليطعم أبناءه، يعمل بعرق زنده وبرحمة مكنسته... مكنسته التي تشرف الكثير من الأسماء البراقة.
إنه ملح هذا الأرض وحامي شرفها النظيف... متى ستعرفون مذاق ونعومة غبار الوطن ومتى ستميزون عطر اجواءها الملوثة؟ ومتى نستطيع أن نعطي للزند والمكنسة حقهما؟!



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل معدنية متبادلة: العراق وكوردستان هما الضحية
- أصل نظام التفاهة
- معركة كوباني: أسست لأممية ناعمة في مواجهة إرهاب متوحش
- استثمار التطرف التركي – الايراني؟
- العلاقات المتشابكة بين الدول النفطية والفساد (2)
- العلاقات المتشابكة بين الدول النفطية والفساد (1)
- ابداعات وعقد ليوناردو دافنشي
- الحاجة للخديعة والحنين للحماقات
- عبثية الحروب في رواية كهرمان
- غرق مدينة أم تدمير حضارة
- الشركات تضع يدها على عمارة الفقراء
- متى تستغني الجبال عن السلاح؟
- نحو رسم ملامح المدرسة المعمارية السورية
- دولة المجاز والجماجم ...من ماردين الى عفرين
- مقاربة جديدة لمسألة الهوية والخصوصية في العمارة السورية
- هل ولد الكتاب المقدس في بابل؟
- لماذا تنعطف أمريكا نحو اليسار؟
- الحرب الأمريكية الإيرانية المؤجلة
- بعد سبعين سنة من تأسيس الناتو: الثوابت والمتغيرات
- المطلوب نقد ومراجعة لدور الحركة الكوردية في سوريا


المزيد.....




- تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
- فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف ...
- الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في ...
- صور جديدة للشمس بدقة عالية
- موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية - آزاد أحمد علي - في حضرة الكناس