ليس جديدا تغاضي الفضائيات العربية عن المشكلة العراقية الحقيقية والامتناع عن دخولها الى صلب مأساتنا لنشرها بامانة، واعتداءاتها المتكررة على الشعب العراقي الجريح، حتى بعد ان انقلب حكم صدام الفاشي على رأسه. فما زالت الملايين من الاموال العراقية المسروقة من البنوك بحوزة صدام وزمرته، وما زالت الصفقات والمساومات بينهم وبين الفضائيات العربية جارية على قدم وساق لتأليب الشارع العراقي على نفسه وعلى التحالف، عسى ان يقرر مسامحة الزمرة البعثية الدموية ودعوتها للعودة الى استلام زمام الامور مرة اخرى.
فمن المعلوم ان هذه الفضائيات لا تستند على الدعايات فقط، بل ان سندها الحقيقي يأتي من الجهات السياسية والحكومات العربية. السبب في سيطرة هذه الجهات والحكومات عليها، لكون الاعلام يشكل القوة الرابعة في العالم، ويأتي لدفع سياسات هذه الدول الى التغلغل في الجماهير في الداخل والخارج، وكذلك يعتبر الوسيلة الاقوى للتأثير على الجماهير والرأي العام العالمي.
التجاوز والاعتداء على بعض الصحفيين العاملين في هذه الفضائيات ( كما حدث في ديترويت وشمال العراق مع مراسلي الجزيرة) لا يقدم او يؤخر من سياسات مسؤوليها، المعادية للشعب العراقي وثورته ضد الطغيان، بل من الضروري جدا البدئ بخلق صحافة وفضائية عراقية حرة، لا تنتمي الى اي جهة سياسية، تجمع شرائح العراق المتنوعة دون اي تحيز ديني او قومي او طائفي او حزبي، لتقدم الصورة الحقيقية للعراق.
ولنبدأ بخلق قيادة اعلامية متكونة من الصحفيين والكتاب الاحرار والمتمدنين، من جميع الاطياف العراقية، ونطالب التحالف والقيادة العراقية المؤقتة وجميع الاحزاب بالدعم المالي لخلق فضائية عراقية وصحف حرة، تغوص في اعماق المأساة العراقية لتقدمها للعرب والعالم بالشكل الذي يقلب موازين فضائيات الدجالين على اعقابهم، كما صدام وزمرته.