|
ألإخلال بحقوق دفاع المتهم
ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك
(Majid Ahmad Alzamli)
الحوار المتمدن-العدد: 6884 - 2021 / 4 / 30 - 20:37
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
من أجل الاحاطة بضمانات المحاكمة العادلة، يتوجب الاشارة الى الضمانات القانونية التي يتمتع بها المتهم، والتي أشار لها المشرع العراقي ،سواءً في النصوص الدستورية ،أو النصوص التشريعية الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل،وقانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل،وقانون تنظيم السلطة القضائية رقم (160) لسنة 1979. يهدف حق دفاع المتهم لتحقيق التوازن بين المصلحة الخاصة للمتهم باعتباره الطرف الضعيف في الدعوى والمصلحة العامة للمجتمع ليحقق بذالك العدالة الحقيقية، لذا تبنى المشرع َا كان نوع هذا الإخلال سواءً تعلق بطرق ممارس رسالة الإخلال بحق الدفاع أي حق دفاع أوالحقوق الممنوحة له، يحدث هذا كله بوجود الإيمان بجانب من القوانين الإجرائية التي وضعت أصلا لحماية المتهمين والمعاونة على تحقيق العدالة. ويعتبر حق دفاع المتهم من الحقوق اللَصيقة بشخص الإنسان الذي يستمد أصولها بشخصيته لارتباطهما الوثيق بينهما (المتهم و الحقوق)، فلمحاكمة شخص ينبغي أن توفر له مجموعة من الحقوق التي يتمتع بها بناءً على منحه إياها من طر ف القانون، فمسألة حقوق الإنسان لا تعد بالقضية الثانوية البحة تهم رجال القانون وحدهم ، إنما هي قضية مهمة ذاتاً وأبعادً اجتماعية وأخلاقية لتعلقها بكرامة الإنسان المتصلة بذاته ، وكذلك المتصلة بحقوق الآخرين يضمنها لهم النظام العام والقانون. واتجهت أغلب التشريعات بإحاطة المتهم باعتباره طرف ضعيف في إجراءات سير الدعوى بعدة حقوق، هذا كله من خلال تشريع عدة مبادئ في شكل نصوص قانونية ملزمة للسلطات التي تتعامل مع المتهم، هذا بهدف ضمان حقوق الأفراد وحرياتهم وتحقيق التوازن بين المتهم في الدفاع وحق الدولة في العقاب والقصاص لمرتكب الجريمة. و قانون الإجراءات الجزائية المقارن أكد على ضرورة علم المتهم بالأدلة المنسوبة إليه كي لا يبقى جاهلا بما قام ضده من أدلة، وحتى يكفل له حقه في الدفاع عن نفسه، فلابد من إخطار المتهم بالأدلة المنسوبة إليه عند مثوله لأول مرة لدى المحقق لتمكينه إثبات برائته والدفاع عن نفسه ، ولاختصار إجراءات التحقيق وحسمها بسرعة فهذا يحقق مصلحة المتهم ويعد حق أساسي لإجراء التحقيق، فكل القوانين العربية الخاصة بقانون الإجراءات الجزائية تقر بضرورة علم المتهم بأدلة الاتهام الموجهة له(1). إن خلو النصوص الدستورية والقانونية في مختلف التشريعات من وضع تعريف و تحديد ماهية حق الدفاع جعل الفقه يتصدى لهذه المسألة،فالفقهاء لم يتفقوا حول تحديد ماهية الحق في ّ الدفاع، حيث ذهب البعض إلى القول بأنه: " تمكين المتهم من درء ّ الإتهام عن نفسه، إما بإثبات فساد دليله أو بإقامة الدليل على نقيضه وهو البراءة . حق الدفاع هو من المبادئ العالمية المعتمدة كضمان من ضمانات المتهم اتجاه الإجراءات المتخذة ضده على المستوى الجنائي حيث أمسى حق الدفاع مبدأ مسلماً به لا مجال للحيدة عنه ويترتب على إغفاله الإخلال بحق المتهم بالدفاع عن نفسه وبطلان كافة هذه الإجراءات وقد انعكس هذا المبدأ جلياً على التشريعات الدستورية حيث أن غالبية الدساتير الحديثة قد نصت على حق المتهم في الدفاع والحق في محاكمة عادلة وبإجراءات قانونية متخذة بحقه على قدم المساواة مع الآخرين (المساواة في الخصومة) ودون الإخلال بأي ضمان من الضمانات التي يكفلها حق الدفاع ونحن بهذا الصدد لن نحصي عدد الدساتير التي نصت أو أوردت هذا الحق ضمن نصوصها وإنما نورد بعض النصوص على سبيل المثال لا الحصر إذ نستطيع القول بأنه لا يوجد دستور من دساتير العالم خالٍ من النص على هذا المبدأ سواءً ورد النص عليه صراحةً أو ضمناً، إذ أن مبدأ الدفاع يقتضي المساواة بين الخصوم حتى لو كانت الإدارة أحدهم وهذا لايمكن تحقيقه إلاّ من خلال إجراءات محايدة تضمن هذه المساواة وصولاً لتحقيق مفهوم العدالة باعتبارها خدمة عامة تكفل للمواطنين المعاملة على قدم المساواة وخصوصاً إذا ما كانت الإدارة طرفاً في هذه الخصومة لما تتمتع به الإدارة من امتيازات مقررة لها بموجب القانون يجعلها في موقع يعلو على موقع الموظف مما يخل بموازين الخصومة التي تنشأ بين الطرفين. ويتمتع المتهم بجملة من الضمانات التي أقرها الدستور،فنصت المادة(15) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 على مايأتي(لكل فرد الحق في الحياة والامن والحرية ،ولايجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها الاّ وفقاً للقانون،وبناءً على قرار صادر من جهة قضائية مختصة)،كما نصت المادة (37/أ) على أن(حرية الانسان وكرامته مصونة) وأكدها القانون أثناء تنفيذ امر القبض ، القبض هو الأمر الذي تصدره سلطة التحقيق لاحد المحضرين او احد مأموري الضبط بضبط المتهم واحضاره امامها لاستجوابه. قيمة الحق فى الدفاع كضمانة أولية مرتبطة بسير المحاكمات العادلة، وقبل المواثيق والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان قد أولته الشريعة الإسلامية عنايتها، وقد تطرقت إليه فى حديثها عن دور الدفاع كحق من حقوق الإنسانية ككل وذلك عبر قوله سبحانه «ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا»، وقوله تعالى: «وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا»، ثم أولته المواثيق الدولية عنايتها الفائقة بداية من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، مرورا بالاتفاقيات الإقليمية، ولكن من أهم ما يمكن لفت الانتباه إليه هو ما جاء فى العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، فقد جاء نص المادة 14 من هذه الاتفاقية على أنه: «جميع الأشخاص متساوون أمام القضاء، ولكل فرد الحق عند النظر فى أى تهمة جنائية ضده أو فى حقوقه والتزاماته فى إحدى القضايا القانونية، فى محاكمة عادلة وطنية بواسطة محكمة مختصة ومستقلة وحيادية قائمة استنادا إلى القانون»، وكذلك الأمر بخصوص الدساتير على مستوى بلدان العالم بأسره . ويعد حق المتهم بمحامي يُمَثِلهُ من أهم الحقوق الممنوحة له من أجل القيام بإجراءات عادلة تمكن المحامي الدفاع عن المتهم، و المحافظة على حقوقه من أي انتهاك، لذا سعت معظم النظم الإجرائية الحديثة لتكريس هذا الحق بتفعيل دور مؤسسة الدفاع في مسار الدعوى الجزائية، بل قد اعتبر البعض أن مهمة الدفاع هي عنصر من عناصر العدالة(2). تعد حقوق المتهم من الحقوق الأساسية التي يتمتع بها المتهم أثناء مرحلة التحقيق وكذلك مرحلة المحاكمة من خلال تمتع المتهم بها أثناء سير الدعوى الجزائية، وتعمل هذه الحقوق على حماية المتهم من أي تعسف أو انتهاك أو مساس يقوم في حقه المكفول قانوناً. وحق المتهم في التمثيل بمحامي من الأمور البديهية التي يستفيد منها المتهم من أجل مباشرة دفاعه، لكن يبقى هذا الحق كسلطة تقديرية في يد المتهم , إن شاء استعمله أو تركه، عمل المشرع على منح المتهم هذا الحق بسبب الحالة النفسية التي يكون يعاني منها المتهم في تلك المرحلة (التحقيق)، إذ تصيبه العديد من الاضطرابات ويصبح غير قادر عن الدفاع عن نفسه ، الأمر الذي يجعله يرى أن مصلحته تكمن في تمثيل محامي يدافع عنه, ويحتل هذا الحق أي التمثيل بمحامي مكانة مهمة، خاصة في مرحلة التحقيق إذا لا يمكن القيام بأي استجواب معه إلا بحضور محامي، إلا إذا اقتضت الحاجة إلى غير ذلك وهذا لما يحمله له من تحقيق توازن لحماية حقوق دفاعية. من أجل الحفاظ أو ضمان حق المتهم في التعويض عما يصيبه من أضرار والتي قد يكون مردها إلى الانحراف بالسلطة مهما كان نوعها تشريعية أو حتى تنفيذية، أو أن يتسبب فيها أخطاء المحامين أو إخفاء العدالة، وجدنا أن هناك حالات متنوعة يستحق فيها المتهم تعويضا عن الأضرار التي لحقت به وأهدرت حقوقه، هذه الحالات تشكل كاملها حقوقا هامة وتعد من الحقوق التي يكفلها القانون. وقد نصت المادة 64 من قانون المحاماة المصرى لسنة 1983 على أن «على المحامي تقديم المساعدات القضائية للمواطنين غير القادرين وغيرهم فى الحالات التى ينص عليها هذا القانون، وعليه أن يؤدى واجبه عمن ندب للدفاع عنه بنفس العناية التى يبذلها إذا كان موكلاً، ولا يجوز للمحامي المنتدب للدفاع أن يتنحى عن مواصلة الدفاع إلاّ بعد استئذان المحكمة التى يتولى الدفاع أمامها، وعليه أن يستمر فى الحضور حتى تقبل تنحيه وتعيين غيره». ويجب أن يكون المحامي المندوب للمرافعة أمام محكمة الجنايات مقبولاً للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية على الأقل تطبيقاً للمادة 377 إجراءات جنائية مصري ، فإن كان محامياً تحت التمرين أخل ذلك بحق المتهم فى الدفاع. وللمحامي المندوب أن يطلب تقدير أتعاب له على الخزانة العامة لو كان المتهم فقيراً وتقدر المحكمة هذه الأتعاب فى حكمها بالدعوى ولا يجوز الطعن فى هذا التقدير، ويدخل فى تقدير الأتعاب أهمية الدعوى، والجهد الذى بذله المحامي والنتيجة التى حققها وملائمة المتهم، وأقدمية درجة قيد المحامي ولا يجوز بصفة عامة للمحامي أن يمثل مصالح متعارضة ويسري هذا الحَظر على المحامي وشركائه، وكل من يعمل لديه فى نفس المكتب من المحامين بأى صفة كانت. ------------------------------------------ 1-سعاد حماد صالح القبائلي، بيانات المتهم في الدفاع أمام القضاء الجنائي، دراسة مقارنة، بدون طبعة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1998 ،ص 113. 2-محمد محدة، ضمانات المتهم، أثناء التحقيق، الجزء الثالث ،الطبعة الأولى، الجزائر، 1992 ،ص322
#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)
Majid_Ahmad_Alzamli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تجاوز الازمة الإقتصادية التي يعاني منها العراق
-
مقومات التنمية المستدامة
-
آثار الجرائم المالية والحصار على إقتصاد الدولة
-
البطلان جزاءً اجرائياً يرد على العمل الإجرائي
-
مبدأ الإقتناع القضائي بالدليل الإلكتروني
-
دستور المواطنة يحقق المساواة
-
تسعة نيسان 2003 والحدث العراقي
-
ضرورة تطوير التشريعات الجنائية لمواجهة الجرائم الناتجة عن إس
...
-
تنفيذ ألإدارة للقانون لأجل النظام العام وفرض الامن
-
حماية مصالح الشعب من خلال الرقابة البرلمانية
-
العقد الاجتماعي يُشَكِّل أساساً مرجعياً لجميع الحقوق والواجب
...
-
الجرائم التي تترتب عن إساءة إستخدام الحاسوب
-
الشرعية الدستورية
-
محل وأصول ألإثبات
-
إلزام الخصم بتقديم ما تحت يده من مستندات
-
العدالة إحترام حقوق الآخرين
-
تأثير العدالة الجنائية على الامن الاجتماعي
-
حق المجني عليه الذي انتهكته الجريمة
-
حركات الاسلام السياسي
-
التوازن بين واجبات السلطة التنفيذية وحريات الافراد
المزيد.....
-
غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
-
11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
-
كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت
...
-
خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال
...
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|