أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد مزيد - كيف ينبغي قراءة نجيب محفوظ














المزيد.....

كيف ينبغي قراءة نجيب محفوظ


محمد مزيد

الحوار المتمدن-العدد: 1631 - 2006 / 8 / 3 - 03:22
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


ما بين نجيب محفوظ وبيني وشائج لاتبدأ بألف “النهاية والبداية” ولا تنتهي بنهاية الابجدية اذ انني كلما عدت الى قراءة هذا الكاتب الكبير، اجدني اضيع في حلاوة اسلوبه ومتاهات بلاغته، وشدة تماسك حبكات رواياته، اراه الخبير العارف في مسك زمام القارئ اللبيب ليدله على عوالمه المتدفقة جمالاً وتناقضاً وروعة، يرشدني من غير تعب الى قاهرة الاربعينات، ويفصل من غير املال ولا اطناب بحياة الناس وتعدد مشاربهم واذواقهم واهوائهم ، ليس امامك غير السباحة في بحر اجواء صنعها خياله النشط ذلك الخيال الممتزج بواقع لا يقل عنه جمالاً ، ففي قاهرة الاربعينيات، لاتجد الكاتب الكبير يضعف صنيعه، وتوهن اداته، في وصفها بالدقة المحببة حين نجده وقد وصل به الامر الى قاهرة السبعينات او الثمانينات في روايات تعد سببا لمنحه جائزة نوبل “الثلاثية” وزقاق المدق” والثرثرة واللص والكلاب وغيرها.
في قاهرة الاربعينات، وبخاصة في عمله الروائي الجميل “خان الخليلي” لا يمكنك ان تنكر على الكاتب قدرته في سبر اغوار الناس بالشكل الذي يجعل منه مؤرخاً اجتماعياً من طراز الروائيين الكبار، ذلك لان الروائي مؤرخ وان انكر المؤرخون عليه ذلك، وان ذهب خطابه الى ناصية الابتعاد عن الناس ووقائعهم ، ولكن خيال نجيب محفوظ يمكننا اعتباره “الخيال المنطقي”. . على الرغم من قلق هذا المصطلح وتناقضه. ففي الخيال يجنح الروائي الى وصف الحياة بالمنطق الذي لا يجيز لك ايجاد ضعف الصنيع ووهن الاداة!!
ويتماشى منطق الحياة جنباً الى جنب مع جموحه الشعري المخيالي . في روائع روائية ليس من السهولة حصرها الان.
ما يهمني في ظاهرة نجيب محفوظ، ازاء خياله المنطقي، هو ما تسميه جوليا كريستيفيا بالتداخل النصي!! اذ تجد التبسيط وفرش الوقائع بالادوات السردية التي تبلغ بمستواها السذاجة في احيان، مقابل عمق يؤهلك لان تغور في الابحار الفلسفي والنفسي والتاريخي لحياة الناس في تلك الوقائع التي يفترشها في اعماله. اين تجد نجيب محفوظ ازاء ذلك التدفق العجيب، اقصد ما بين الخيالي والوقائعي ، لا ريب انك واجده في التداخل النصي، اي انه يتعكز في كثير من اعماله الى قراءات فلسفية واجتماعية ونفسية متخصصة يذهب بها الى خدمة وتطوير نصه الروائي المحبوك بعناية قل نظيرها.
وهذا بحد ذاته عملية ليست هينة لا يمكن لكتاب تفجرت مواهبهم اغفالها، فتداخل النص الذي يعمل عليه، مع نصوص اخرى، لا يمكنك باي حال تلمس خطوطها باليسر المتعارف عليه، اذ هو مبحر شديد التمسك بدفة سفينته، يخوض فيها عباب بحر متلاطم مستعرضاً الاذواق والمهارات والصراعات النفسية والاجتماعية، ففي كل عمل، لا تستطيع ان تتوقع تشابها خلال مسيرته ، بل يأخذك الى ما يفتح افق التوقع لديك على مصراعيه، انه يحدث الواقع، ولكنه يقسو عليه بوصف غارق بالتفاصيل وتشعر ثمة بصاحبها يتمثل الجلادة والصبر والاناة، انه يبتعد عن الواقع فيحلق فيه الى اطياف الخيال المنيع الذي لا يسبر غوره الا الضالعون في اللعبة السردية المحترفة، وبذلك يحقق الكاتب الكبير نجيب محفوظ تلك المعادلة الصعبة التي لا يمكن خرقها بالسهولة المتوقعة. معادلة القول ونقيضه في نص جنح الخيال فيه الى ابعد ما في الواقع من تناقضات وصراعات ومرارة وحب. الخ.
لنأخذ على سبيل المثال لا الحصر علاقة “احمد عاكف” في رواية خان الخليلي بالفتاة الغرة الجميلة نوال، وما قام به اخوه رشدي من صنيع ازاء الاثنين معاُ. انظر الى تلك العلاقة الشائبة بين عباس زفته وزوجته. خذ مقهى الزهرة وما يدور فيها من حوارات سياسية في الحرب والتموين وهتلر والانكليز..
بل انظر كيف وضع القارئ بين احمد ورشدي. وما عليه الا ان ينتصر لاحدهما، ذلك لان احمد يمثل قيم الحب العفيف الطاهر النقي، بينما رشدي يمثل قيم المجون والعبث واللهو والبحث عن اللذائذ ، ولكل منهما عالم خاص لا يمكن الا ان تؤمن بوجوده، هنا تبدأ لدى الروائي الكبير القدرة على التلاعب المتقن بالسرديات ، فهو وان مهد لك شروط القبول بحياة رشدي العابثة ، ففي الوقت نفسه، منحك المصداقية العالية بقبول حياة احمد، وهما اخوان من اب وام واحدة، وعاشا ثقافة واحدة، نجد ان الحياة لا يمكنها ان تستقيم لدى احد، ومعلم نونو الذي يلعن الدنيا “ملعون ابو الدنيا” له فلسفة خاصة به لا تاتي مجانية في سياق السرد من غير ان يضع لها الروائي ما يعزز دلالته في وجودها!! وغيرها من شخصيات رواية “ خان الخليلي” الممتعة.
انك اذن امام صانع امهر، كما يقول نقاد ت س اليوت عن قصيدته ذائعة الصيت “الارض اليباب” صانع محترف استقامت لديه الادوات واخذ التلاعب بها بمخيلة تستحق التقدير والاعجاب.



#محمد_مزيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد مزيد - كيف ينبغي قراءة نجيب محفوظ