أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الحساب والمحاسبة كمفهوم ودلالات في النص القرآني















المزيد.....

الحساب والمحاسبة كمفهوم ودلالات في النص القرآني


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6880 - 2021 / 4 / 26 - 22:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحساب والمحاسبة مفهوم ودلالات النص
من المفردات الكثيرة التي وردت في النصوص القرآنية بمعاني أو لنقل بأستخدامات متعددة في دلالاتها وما تشير لها بالرغم من أن المعنى القصدي فيها واحد، كلمة حساب التي تعني التصفية بين موضوعين يراد منهما أن النتيجة التي تشير إلى القوة الرياضية لكل منهما (وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) 򞑻 يونس﴾، جمع أو طرح أو تكسير أو تضعيف هذه العمليات الحسابية المعروفة في علم الرياضيات هي كل العمليات التي يمكن إجرائها من خلال ورود كلمة حساب في النص الديني (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) ﴿٤٠ الرعد﴾، هنا النص يتحدث عن مجمل العمليات الحسابية من تنقيص أو تضعيف مثلا (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ) ﴿١٠٩ هود﴾، والنص الأخر (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) ﴿٤٠ النساء﴾، فالحساب بالنص الديني تماما هو ما تعنية الكلمة في الأستعمال العلمي واليومي المعروف.
فكل ما يتكلم به النص من موضوع أو قضية حكمية أمره أو ناهية لا بد أن يكون من بعدها حساب، بمعنى أن الأمر التكليفي المقرون بالجزاء هو موضوع الحساب تحديدا، أما الأحكام الإرشادية والتنبيهية والتي تجري مجرى النصيحة لا يترتب عليها حساب محتم، بل يمكن ان ترتب مكافأة على الأتباع، أما الأمور الحثية التي يطلب فيها الله من الإنسان أن يختار الأفضل والأحسن والأخير دون أن تقترن بإلزام حقيقي ظاهر وبين ففي مخالفتها لا وجوب لحساب، بل يمكن أن يكون نوعا من اللوم أو العتب فقط (هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) � ص﴾، والحساب الذي ورد في النص الديني مؤكد وحتمي ولا يمكن لعاقل سواء أكان مؤمنا أو غير مؤمن أن يفترض أن الحساب أحتمالي أو لمجرد أن يكون رادعا للإنسان كي يكون متماهيا مع الطرح الديني (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ) � التوبة﴾، (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) � النساء﴾.
إذا مفردة حساب أتت بمرة بمعنى العد وكل العمليات لحسابية التي يمارسها الناس (لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) � الإسراء﴾، وفي مواقع عدة جاءت بمعنى المحاسبة والموازنة بين الأعمال (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً) � الجاثية﴾، وفي مواضع أخرى كثيرة جاء الحساب والحسان للدلالة على أستخدام المعادلات الحسابية في ضبط أوجه الوجود، كما أن كل شيء عند الله بحسبان لا صدفة ولا عشوائية ولا بدايات سائبة غير معلومة (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) 򞑻 الرحمن﴾، و (فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا) � الأنعام﴾، هذه الأستخدامات للمفردة بذاتها دون لواقح، ولكن قد يضاف أو تضاف لمفردة أخرى توضح معناها أو مرادها مثل يوم الحساب (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) ﴿٤١ ابراهيم﴾، أو شديد أو سريع الحساب (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) ﴿٤١ الرعد﴾، (فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا) 򞑾 الطلاق﴾.
وأستخدمت المفردة أيضا بمعنى جعل الحساب ألية عقلية أو سلوكية من أليات العمل الطبيعي للإنسان (التحسب أو وضع الحساب الأفتراضي عنده، ومنها ما كان توهما على الغالب أو تصورا ليس في محله (فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ) � المجادلة﴾، فالتحسب بدون أدلة أو حجج يقينية يؤدي إلى نتائج خاطئة أو غير حقيقية، لذلك كانت التوصية الدائمة أن يعقل ويتعقل ظنونه أولا كي لا يقع في المحذور والمحظور (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) 򞑸 الحشر﴾، فالمحاسبة الحقيقية هي التي يجب أن يكون عليها الإنسان حينما يتصرف أو يفعل شيئا ما في حياته، وأفضل التحسب هو تحسب المؤمنين الواثقين من إيمانهم وهم يدركون حقيقة ما يؤمنون به (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ) � التوبة﴾.
من كل ما تقدم يتضح لنا أن الحساب والمحاسبة والتحسب الإيجابي هي من قواعد النظام الشمولي الوجودي الواحد وأن لا شيء يمر دون حساب، ولا شيء يعمل بدون محاسبة كنتيجة وكتقدير مسبق أن الله هو أحسب الحاسبين (وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ) � الأنبياء﴾، هذه الحقيقة مطلقة ولا يمكن دحضها بالتوهم والأمل مهما كانت الأعذار والمبررات، السؤال هنا هل صحيح أن القاعدة مطلقة ولا يجري عليها أستثناء محدد وموصوف ومعلوم، بالرغم من كل ما ذكرنا ولكن هناك أستثناء محددة وهي من رحمة الله يختص بها ما يشاء وفقا لقاعدة أولية أنه يمنح الأستثناء لنماذج محددة بناء على ما شاء الإنسان أن يعزم العقد على الأحتساب الإيجابي بالله، ومنها النص التالي (وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) ﴿٢١٢ البقرة﴾، هذا خروج عن قاعدة الكسب والتحصيل ولكن وفقا لكون الله أعلم بنا من أنفسنا (وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ﴿١١٤ المائدة﴾.
كذلك في موضع الحساب والجزاء والثواب هناك فئة لا يحاسبون مطلقا ولا يسئلون عما كسبوا بما فعلت أيديهم لأنهم في علم الله أهلا للثواب المطلق وهم أولا الصابرون أحتسابا (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) ﴿١٠ الزمر﴾، ثانيا المؤمنون العاملون عملا صالحا (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) غافر 40، والشهداء والصديقون ومن هم أعلى منهم من الأنبياء والرسل (وَالسابِقُونَ السابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُون)، أما الصنف الرابع فأولئك المبرؤون وهم أما من لم يرتكب فعلا يحاسب عليه لصغر سن أو لعذر عقلي خاص بالتكليف (أن الحساب يوم القيامة لا يكون جزافاً، وإنما يرتكز على جملة أسس، أهمها: ركيزة العقل، فمن يفتقد إلى نعمة العقل لا يحاسب ولا يعاقب، بل إن مؤاخذته ومعاقبته والحال هذه عمل قبيح لا تصدر من الحكيم، لأنها مؤاخذة إنسان لم تتم إقامة الحجة عليه، لأنه إنما يحتج على العاقل، أما مع فقد العقل فلا مجال للاحتجاج والإدانة).
من الأدلة والمفاهيم والمقاصد المعنوية التي أوردناها في مفردة الحساب، نرى أن النص الديني أولا قد راع العدالة المطلقة في وضع قوانين الحساب على شرطي التكليف والعقل، ثانيا حتمية الحساب وضرورته ليكون الوجود عادلا وهو إنعكاس لوجود الخالق العادل، ثالثا حتمية الحساب وأطلاقه مناط كلي لكنه وكما يبدو للقارئ عليه أستثناء محدد وموصوف، ولكن في الحقيقة هذا ليس أستثناء بل قاعدة أخرى مفادها أن الله بنعمته يدخل برحمته من يشاء بغير حساب لعلمه وتقديره بأسباب وعلات الإدخال، أو لأن الرحمة التي وسعت كل شيء هي القاعدة والأستثناء منها الحساب الذي مر معنا، ولو شاء الله لم يحاسب أحد (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِين) � الأنعام﴾، ولكنه يريد أن يبين للناس أن قانون الوجود المعتمد أن لكل فعل ردة فعل ولكل كسب نتيجة ولكل موقف جواب (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّة) � النساء﴾.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الخمس والمخمس في الفقه الإسلامي بعد الرسول
- وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ
- فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا
- نداء من فوق
- نحن والملح والموت
- رسالة إلى صاحب السعادة (حمار) أفندي
- الله عند سبينوزا والله في الأديان
- راقصة في مأتم
- حكاية القن
- َفأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ
- لماذا نكنب في النقد الديني؟ ولماذا نعيد قراءة الدين؟
- رسالة أحتجاج
- قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّه
- عشق طائر حر
- َتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً
- خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ
- وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ۖ
- قلبي يشتكي الفراغ
- أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا
- أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ح1


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الحساب والمحاسبة كمفهوم ودلالات في النص القرآني