تربية أطفال يحبون القراءة -الفصل الأول

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 6880 - 2021 / 4 / 26 - 15:15
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

تربية القراء

بقلم بيرنس كولنيان ، سكولاستك كوربوريشن ، الولايات المتحدة

ترجمة محمد عبد الكريم يوسف

تعد تربية الأطفال القراء من أصعب المهام التي تصادفها في حياتك ، فأنت لا تقدم طلبا للحصول على وظيفة ، وبالتالي لن يدفع لك سنت واحد مقابل القيام بهذا العمل. إنه عمل يتألف من 24 ساعة يوميا ، ولن تحصل منه على إجازة وسوف يستمر بشكل متواصل لعدة سنوات . وسوف يكلفك الكثير كوالد(ـة).

وعلى الرغم من أنك لا تعوض بالمال ، إلا أن المكافآت التي ستحصل عليها ستكون عظيمة . تأتي هذه المكافآت عندما ترى أطفالك يكبرون ويتميزون بالحب والمسؤولية والكفاءة العالية . وهذا الإنجاز ليس صغيرا فأطفالنا أمل المستقبل، وعلينا أن نربيهم بعناية . وأنت كوالد، إذا علمت طفلك القراءة ،فإنك تقدم له نوعا خاصا من السحر. إن القراءة هدية تغني حياتهم أكثر من أي شيء آخر.

وأنت عندما تأخذ هذا العمل بشكل جدي ، تتأكد من أن طفلك يتناول طعاما صحيا ، ويحصل على الراحة الكافية . وتختار له الأحذية المناسبة للقدمين بحيث ينمو بشكل مستقيم، ثم تشتري له النوع الصحيح من الملابس التي تؤمن له الدفء. لكن ماذا عن عقل الطفل؟ هل تطعم خياله كما تطعم جسده؟ هل تطعم لديه هذا الفضول الذي لا ينتهي ، والذي يجعل عقل الطفل ينمو بطريقة سليمة ؟

تبدو وكأنك تجيب على مئات الأسئلة لطفلك كل يوم ، وأنت تعرف أنك سوف تستمر في الاجابة على العديد من الأسئلة الكثيرة الأخرى. لكنك تعرف أيضا أن طفلك يحتاج التعلم من مصادر أخرى أيضا. وهذا يشمل الكتب! إن الكتب تحتوي مصادر لا تنتهي من المعارف والمسرات ، فعندما تدخل مكتبة أو مخزنا لبيع الكتب أو ناد للمطالعة ، ترى مئات الكتب ، وعليك أن تحسن الاختيار بينها وهذا هو موضوع كتابنا هذا – كيف تساعد طفلك على اكتشاف هذا العالم المدهش من الكتب؟ وكيف يصبح قارئا متحمسا مدى الحياة؟ ستكتشف بعض المزايا الإضافية غير المتوقعة أيضا في هذا الكتاب ، فطفلك :

1- سيصبح أفضل في المدرسة.
2- سيصبح قارئا جيدا.
3- سيتمتع بحياة أكمل وأغنى .

وهذه الأهداف ليست مستحيلة... وهي جديرة بالدراسة وتستحق البحث عنها. قد تقول في لحظة من اللحظات : " لا أعرف كيف أعلم طفلي كيف يصبح قارئا جيدا. إن هذا واجب المدرسة . ..." تلعب المدرسة بالتأكيد دورا حيويا ، وتبذل الكثير من الجهد وتقضي السنوات في تطوير مهارات القراءة . ودورك هام ودائم وعظيم التأثير على طفلك كقارئ! تحتاجك المدرسة كشريك ، وإذا داومت في تقديم المساعدة على مدى سنوات سترى اختلافا متميزا لدى طفل يستمر للأبد .لا تستطيع المدرسة القيام بهذا العمل لوحدها، بل ليس بإمكانها أداء هذا العمل من دون مساعدتك .

الأشياء الصغيرة التي تقوم بها الأن لها تأثير كبير في السنوات التالية . يمكنك أن تقول لطفلك :"تعال وانظر معي إلى هذا الكتاب الذي أطالعه...إنه يتحدث عن بعض الكتب التي سأقرأها لك . دعنا نبحث لنجد الكتاب المناسب." وعندما يدرك طفلك أنك تهتم بكتبه يدرك أنك تهتم به ويعرف أيضا أهميته في حياتك ، وعندما تطلب منه أن يجد الكتب التي يحبها يفهم أنك تريد أن تمتعه بالقراءة . يجب أن تخبر الطفل أن القراءة ليست هدفا بحد ذاته وإنما وسيلة للمتعة . إنها بداية ساعات سعيدة من القراءة والمشاركة والتفاعل بين الأهل والطفل.

كيف يتعلم الأطفال اللغة ؟

أنت المعلم الأول الأكثر أهمية في حياة طفلك. لقد علمتهم سابقا إحدى أصعب المهارات وأكثرها تعقيدا التي يمكن تخيلها، وهي اللغة . ربما تقول:" آه...لكنهم تعلموا ذلك بشكل طبيعي بالفطرة ." من المدهش أن تدرك أنك إذا اتبعت نفس الخطوات التي قمت بها لتعليم الطفل اللغة ، فإنك ستكتشف أن طفلك تعلم القراءة والكتابة بشكل طبيعي أيضا . ومن المؤكد أن الشروط التي تساعد الطفل على تعلم الكلام تساعده أيضا في تعلم مهارات أخرى .

القراءة والكتابة جزآن من اللغة ، ويتم اتقان هاتين المهارتين تما كما يحدث عند تعلم الكلام. وعندما نتبع نفس الخطوات التي اتبعناها عند تعليم الطفل الكلام نجد أن الطفل تعلم القراءة والكتابة بنفس السهولة. ترى ماذا نعمل حتى يتعلم الطفل الكلام؟

نحن ندعب دائما بأن الطفل يتعلم الكلام بشكل فطري وطبيعي ولكن إذا نظرنا في عمق المسألة نجد أن هناك شروطا تعليمية محددة وحاضرة بدءا من اللحظة الأولى التي يولد بها الطفل حيث نحيطه باللغة. فأنت تتكلم مع طفلك عندما تطعمه وتلبسه وتحممه وأنت تتكلم دائما ولا تكف عن الكلام. نحن ننقع أطفالنا بالكلمات تماما كما نملأ كل لحظة استيقاظ بأصوات لغتنا . وحتى لو قلت :ط حسنا أعرف أن طفلي لن يفهمني." فأنت تستمر في الكلام بلا هوادة وتحيط طفلك بالكلام والحوارات ، ونحن نحتاج نفس الخطوات في تعليمه القراءة والكتابة .

يربط الطفل بالتدريج معاني بعض الكلمات التي سمعها، ثم يبدأ في محاولات نطقها وأنت من حيث تدري أو لا تدري تقدم لطفلك النماذج والمظاهر اللغوية، وتشرح لطفلك مغزى اللغة ومعاني المفردات عن طريق اظهار ما تفعل . يتعلم الطفل أنه بالإمكان استخدام اللغة للحصول على استجابات الآخرين كأن تضمه إلى صدرك أو تقدم له كأسا من الحليب . ويتعلم الطفل أن اللغة تنجز له الكثير مما يريد ، ويدرك أيضا أنه بواسطة اللغة يجعل الأشياء تتحقق ، ونظرا لأن الطفل يرغب أن يكون مسؤولا عن عالمه ، فإنه يحاول تجريب اللغة لوحده أيضا .

يحاول الطفل أن يقلد بعض النماذج الصوتية عن طريق اختراع الأصوات بنفسه ، وعندما يحاول استعمال اللغة لأول مرة ، تجد أن محاولاته تختلف عن نماذجك اللغوية ، ورغم ذلك لا شعوريا تمتدح جهوده، وعندما يقول الطفل :"نن" تفترض أن يريد الطعام وتقدمه له من دون توبيخ ، وأنت لا تصحح له :"قل طعام" ، وعندما يقول الطفل "ماما أو بابا" تمتدح المحاولة حقا وقد تستدعي أمك أو جارك ليستمع إلى الكلمة وهي تخرج من فم طفلك مرات ومرات ، وتحاول أن تجعل كل شخص يسمعها تقريبا. نحن نمتدح أطفالنا عندما يقتربون من الشكل الصحيح أثناء محاولاتهم نطق الكلمات ، وحفيدتي الصغيرة تريشا عمرها الآن أكثر من عام، وقد بدأت تقول :"سك" فتظاهرنا أنها تريد أن تقول "شكرا لكم " وامتدحنا جهودها.

وإذا قمنا بنفس الشيء لتشجيع الأطفال على القراءة والكتابة كما شجعناه على الكلام من قبل ، فإن الطفل سيتعلم القراءة والكتابة بشكل طبيعي بنفس القدر من السهولة التي تعلم بها الكلام. وهذا يحتم بالضرورة إحاطة الطفل بالكتب والقصص ( إن رؤية الكلمة المطبوعة شيء هام جدا) كما يجب تنويع القراءة عن طريق القراءة لهم ، وتشجيع محاولاتهم للقراءة حتى لو ارتكبوا الأخطاء.

إن المسافة الفاصلة بين جهل القراءة وتعلمها بطلاقة يشبه إلى حد بعيد المسافة الفاصلة بين بين الأصوات الغوغائية ( غغ)والصوات الواضحة التي يصدرها الطفل. وفي كل مرة كنت أزور فيها ابنتي كنت أسألها :"ما الكلمات الجديدة التي تعلمتها تريشا؟" إن نظام الكلام المكتسب بالتدريج والممتدح بشكل كبير يعكس ما يحدث في القراءة .

قبل أن نبدأ في الكلام عن تعلم القراءة ، نحتاج إلى ايضاح وشرح ما نعنيه بالقراءة. إن القراءة تعني ببساطة الحصول على الكلمة المطبوعة والتألف معها وقراءتها وفهمها. وهذه المنظومة ليست سهلة لكن يمكننا جعلها أكثر سهولة إذا فهمنا كيف تحدث ومن أين نبدأ. قد تبدو عملية تجزئة القراءة إلى وحدات صغيرة مفيدة كأن ننطق الكلمات ونجئ الحروف. لكنك لم تفعل نفس الشيء مع الكلام . فأنت عندما تدرب طفلك على نطق حرف الباء مثلا تعطيه عددا من الكلمات والجمل بالتدريج ، ثم يبدأ الطفل بإعادة صياغة هذه الكلمات أو الجمل وإرسالها ثانية إليك. وهنا يتم التركيز على المعنى الذي يريد الطفل إيصاله إليك، وهذا الشيء بالتحديد يعطي الطفل المتعة في القراءة والكلام . يجب أن ندرك أيضا أننا نحتاج إلى الأصوات والكلمات معا لتعليم الطفل الكلام ، وتقديم المتعة في آن واحد. بالتأكيد يدرك المعلمون أهمية هذه الخطوات من أجل الحفاظ على المعنى كاملا في القراءة والكتابة والحديث. إن هذه الطريقة تساعد الطفل على التعلم بشكل أفضل.

ماذا نقصد بالقراءة ؟

هذه بعض الأشياء التي يتعلمها الطفل عندما نجعل الكتب جزءا حيويا من حياته.

• يحمل كتابا بشكل صحيح.
• يقلب الكتاب إلى حيث البداية .
• يقلب الصفحات في الوقت المناسب عندما يقرأ القصة .
• يشير إلى الكلمات وليس إلى الصورة عند القراءة .
• يختار الكتاب المفضل من رف الكتب.

تلك هي الخطوات الأولى في نظام تعليم القراءة ، وسوف نناقشها بالتفصيل في الفصل المتعلق بالعمر الذي سيرد لاحقا.

إن جعل الطفل قارئ طليق لا يكتمل عندما يبدأ الطفل بالقراءة لوحده. وليست هذه الخطوة إلا بداية . نحن نستمر في دعم القراءة والكتابة لدى أطفالنا خلال أيام المدرسة الابتدائية بما نفعل ونقول. وستجد مجموعة من الارشادات التي تساعد في القيام بذلك في هذا الكتاب.

وأهم شيء يمكن أن تفعله لجعل طفلك قارئ جيد هو أن تقرأ له القصص والأشعار بصوت عال ( قراءة جهرية ) ، وكلما قرأت أكثر صار الوضع أفضل. إن اقتناء كتب الأطفال في المنزل يعد مصدر متعة للأطفال ، لأن الكتاب يصير صديق الطفل, وتصبح كتب الألعاب والأحاجي المميزة وسائل ترفيه وتسلية للطفل. أما كتب اللوحات والكتب الكلاسيكية فتجعل الطفل يحس بأهمية الكتاب. وبذلك يتعلم الطفل كيف يمسك الكتاب ، وكيف يقلب الصفحات ، وكيف ينظر إليه ببهجة وسرور.

تعد الكتب القصصية هامة لأنها تساعد الطفل في تعلم القراءة وتخاطب خياله بطريقة خاصة . كما تشجع الطفل لاستعمال خياله واللعب بما يدعى الاعتقاد أو التظاهر أو التخيل ورؤية الأشياء بعقولنا حيث لا تكون موجودة فيزيولوجيا جزء هام من القراءة. نحن نستخدم الكلمات لخلق الصور بعقولنا – وهذا جزء هام وضروري لتعلم القراءة .

القصائد مصدر فرح وبهجة وحبور للأطفال لأن ايقاع الكلمات ممتع وتريدها مدعاة فرح وسعادة لأنها تشجع الطفل للوثوب والحركة أثناء ترديدها. يماثل ايقاع الكلمات حركات الطفل ويجاريها في الأداء ، كما يؤكد الايقاع معاني الكلمات . اقرأ نفس القصص والقصائد لأطفالك مرات ومرات وأنت بكل تأكيد ستمع بعد فترة وجيزة وفي حالة فطرية تعابير مشابهة ومألوفة تتساقط من أفواههم بغزارة . إن القصص والقصائد تزود الطفل بمعين لا ينضب من الكلمات لم يسمعوها من قبل في الأحاديث اليومية العادية . يجمع الأطفال الكلمات ويتمسكون بالجديد منها والمضحك ويجعلونها ملكا لهم .

الكتابة مرتبطة بالقراءة :

إن مساعدة الطفل على القراءة تشمل الكتابة أيضا ، لأن القراءة والكتابة وجهان لعملة واحدة. إن قراءة الكلمات وكتابتها يظهران للطفل أن هذين النشاطين مرتبطين ببعضهما. وتظهر الكتابة للطفل أن أي شيء يقوله يمكن أن يتحول إلى كلمة مكتوبة أو مطبوعة . إنه عصر التدوين عند الطفل. هناك الكثير من الأشياء في هذا المجال يمكن بواسطتها جعل الارتباط بين الكلمة المنطوقة والمكتوبة مرئيا وبصريا . إليكم بعضها:

رِ طفلك حرفا من اسم الجدة . ثم أشر إلى اسم الجدة. اكتب الرسالة التي تريد أن تقولها للجدة. ثم دع الطفل يوقع باسمها ، ثم ضع الرسالة في البريد ، فربما يحمل البريد جوابا.

أعط طفلك ورقة وقلما ليرسم بعض الصور أو يكتب الكلمات والحروف ثم ألصق الصور أو الكلمات على البراد حتى يشعر بأنك تفتخر بما صنع.

اكتب قائمة التسوق الخاصة بالبقال بحضور طفلك. انطق الكلمات وأنت تكتبها. ضخم اصوات الحروف م م م عندما تكتب حرف الميم وأطلب من طفلك أن يدل على الكلمة التي تعني موز أو ملح ، واطلب أن ينسخ الكلمات على لوح كرتون، ثم اطلب منه أن يساعدك في تدقيق البنود التي ستطلبها من البقال.

وعندما يشاهدك طفلك وأنت تقرأ أو تكتب ، أنت تشير بطريقة غير مباشرة إلى ما يمكن أن تنجزه لك هذه المهارات. وبالتأكيد سيقلدك الطفل فيما تفعله. وعندما يفعل ذلك امتدح محاولاته في القراءة أو الكتابة بنفس الطريقة التي امتدحت بها محاولاته في الكلام أو المشي. دع الطفل يرى أنك تحصل على المتعة من خلال القراءة وربما كان هذا النموذج أفضل النماذج.

القراءة للجميع...في كل الأوقات ...في كل الأماكن :

مهما كانت خلفيتك الثقافية أو مستوى تعليمك أو وظيفتك المهنية ، هناك دائما كتب تناسب جميع المستويات وتنطبق عليك وعلى أطفالك. فإذا كنت تتحدث الإيطالية أيضا ، اقرأ لهم بالإيطالية وإذا كنت تتحدث الاسبانية أيضا ، اقرأ لهم بالإسبانية . اللغة لا تهم .المهم هو أن نقرأ لأطفالنا.

كانت مانويلا نيتا " الملقبة فيكي" في الرابعة من عمرها عندما قدمت إلى الولايات المتحدة مع والديها واختها الصغيرة انجيلا. كانت فيكي مثل والديها تتحدث الرومانية جيدا . وفي شهر أيلوك من نفس العالم ، دخلت الروضة . كانت فيكي لا تعرف شيئا من الإنكليزية . وفي وسط تشرين الأول ، طلبت المعلمة من والدي فيكي القدوم إلى المدرسة لحضور مؤتمر الأولياء. وكان لابد من حضور مترجم. لقد كانت المعلمة قلقة جدا على فيكي إذ أن فيكي عندما تريد قول شيء ما تبدو وكأنها على وشك النطق به لكنها سرعان ما تبدأ بالبكاء. وتابعت "اتساءل فيما إذا كنا نضغط عليها فوق المعتاد." قلق الوالدان أيضا لكنهما لم يشاهدا فيكي تتصرف بنفس الطريقة في المنزل. فقد كانت تتحدث إليهما كل يوم وتخبرهما عما يحدث في الروضة ، وبما أن العائلة كانت تتحدث اللغة الرومانية فقط داخل المنزل فقد كانت تلك اللغة هي الوحيدة التي تسمعها في البيت .

لقد كانت فيكي ووالديها يشاهدون التلفاز كثيرا. وكانت برامج فيكي المفضلة هي شارع السمسم وجيران السيد روجر. وقد كان والدا فيكي مثلهم مثل جميع المهاجرين الجدد يحاولان تعلم اللغة الانكليزية بنفسيهما. كان والد فيكي يذهب إلى العمل كل يوم رغم أن عمله كان أقل من مستواه والسبب عدم اتقانه للغة الإنكليزية . استوعب والد فيكي اللغة الإنكليزية اسرع لأن زملاء العمل يتحدثون الإنكليزية .

كانت فيكي تتحدث الرومانية في المنزل وتستمع إلى الانكليزية في الروضة وتشاهد التلفاز بالإنكليزية أيضا . لا بد أن شيئا ما بدأ يحدث بخصوص الإنكليزية فقد بدأت فيكي الاستمتاع باللغة الإنكليزية . وبعد ستة أشهر وتحديدا في نيسان، طلبت المعلمة من والدي فيكي الحضور إلى المدرسة لحضور مؤتمر آخر للأولياء . حيث بدأت المعلمة بامتداح تقدم فيكي في المدرسة لكنها قالت :" تتحدث فيكي كثيرا ولا تصمت لدقيقة واحدة ولا تستطيع أن تغلق فمها . " ابتسم والدا فيكي لأنهما عرفا أن الطفلة بدأ تشعر بالارتياح في بيئة تتحدث الإنكليزية .

للقراءة أهمية خاصة في المجالات غير المتدفقة في حياتنا. يمكن أن نستعمل الكتاب لتأكيد ذات الطفل الذي يشعر بالخوف . فقد كان أحد أصدقائي ولأسباب طبية يضع في أذني طفله تومي أنبوبا بسبب إصابات متكررة في أذنيه. وقد جعل الخوف من المجهول الطفل تومي متوترا بشكل دائم وغي متعاون . لكن ، بعد قراءة قصة الدب كوكو ، الذي كان يضع في أذنيه أنبوبا لعدة مرات فقد تغير تومي بالتدريج وصار أكثر شجاعة في مواجهة الواقع.

أما دورثي بتلر فهي مالكة مستودع كتب في نيوزيلندا وقد أخبرتنا أن حفيدتها كراشلا التي كانت معاقة وقصة مرضها بدأت تاريخيا منذ سنوات الطفولة الباكرة وأن الأطباء أخبروا أهلها أنها ستعاني من مشاكل تعليمية في المدرسة. كان والداها يقرآن لها الكتب بصوت عال ليبددوا ساعات الانتظار الطويل في المشافي وعيادات أطباء الإعاقة . ورغم عدة مشكلات لا يستهان بها ، وفي سن السادسة والنصف ، كانت كراشلا تقرأ لوحدها وفي مستوى يفوق مستواها الحقيقي . لقد جعل والداها الكتب واللغة جزءا هاما من حياتها . لقد كذبت كراشلا نبوءات الأطباء بإرادتها وتعلمت القراءة .

تساعدك الكتب كوالد في عدد من الحالات العائلية . فعندما يأتي الطفل الجديد ، تساعد الكتب التي تعالج الوضع المستجد الطفل الأكبر سنا في التعبير عن مخاوفه لداخلية العميقة حول احتمال استبداله بالمولود الجديد أو التقليل من حبه مع وصول القادم الجديد. تساعد الكتب في تقليل مخاوف الطفل عند فقدانه لأحد أسنانه أو عند إجراء عملية جراحية أو عند تقديم الزهور في عرس أو مواجهة حالة طلاق الوالدين . تعكس الكتب الأمور التي تجري في الحياة الواقعية وتساعد الطفل في فهم ما يجري حوله من أحداث .

إننا كأهل لا نعرف دائما ما يفكر فيه الطفل . لذلك يجب أن لا نتصف بالعناد عند اختيار الكتب كأن نختار نوعا محددا من الكتب أو القصص للطفل .فإذا كان طفلك يحب لعب السيارات حاول أن تجد له الكتب التي تتحدث عن السيارات . وغذا كان لديه اهتمام بالنجوم ، حاول أن تجد له الكتب التي تتحدث عن الفلك أو مراقبة نجوم السماء. وإذا أراد أن يصبح رائد فضاء ، احصل له على بعض الكتب التي تتحدث عن الرحلات الفضائية ورواد الفضاء.

إن رواية القصص شيء هام جدا أيضا لأن القصص الموجودة في الكتب هي التي تخاطب الطفل وعقله . وعند قراءة القصص ، نجد أن الطفل يصغي إليها بكل حواسه ، ويمكن أن تقول له :" دعني أخبرك شيئا.......عندما كنت صغيرا..."

قال لي طفلي ذات مرة :"ماما! أخبريني عن أيام زمان عندما كانوا يغطون العربات عندما كنت فتاة صغيرة...." إن الأحاديث عن الأيام التي خلت تمنح الطفل إحساسا طيبا عن تراث العائلة. هل تذكر بعض القصص التي كانت والدتك أو الأقرباء يروونها لك؟ أليس مضحكا أن تسمع القصة التي تقول أن العمة ايميلي قضمت قطع الثلج الموجودة على قطعة الأناناس مثل الفأرة عندما كانت العائلة خارج البيت تحلب البقرة ؟

هل تتذكر قصصا كنت تحب أن تسمعها عندما كنت طفلا ؟

ارو هذه القصص لأطفالك. يمكنك طبعا أن تحرر النصوص وتعدلها بحيث يفهمها الطفل ويمكن حذف المقاطع التي لا تريد أن يسمعها الطفل. لقد رويت قصصا عديدة حول أختي الصغيرة وسمحت لنفسي بإضافة أشياء إلى سلوكها أحيانا. إن قصص العمة ووتي كانت إحدى القصص التي يريد أطفالي تريدها . ستصبح القصص التي ترويها لطفلك جزءا لا يتجزأ من مخزن تجارب الطفل وسوف تثري فهمهم للحياة ومواجهة التجارب الجديدة .

.....يتبع.....

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات