أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - صباح الجزائري - أعادة بناء الحزب الشيوعي العراقي... مهمة كل الشيوعيين العراقيين و أصدقائهم















المزيد.....


أعادة بناء الحزب الشيوعي العراقي... مهمة كل الشيوعيين العراقيين و أصدقائهم


صباح الجزائري

الحوار المتمدن-العدد: 1630 - 2006 / 8 / 2 - 11:36
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


تقـــد يـم

الحزب هو ظاهرة حياتية ، يتطوّر و يتراجع ارتباطاً بظروفه والبيئة التي يعيش فيها. ولأنه كذلك، فطريقة وآلية بناءه أذن ليسـت إرادوية، ولا تعتمد على التمنيات فقط، بل هي فعل ونشاط يومي، حيث تتفاعل فيه كل أجزاءه ومكوناته مع بعضها من أجل تطور أداءه وقدراته المختلفة من جهة، و مع محيطه من أجل تحقيق الهدف الذي وجد وأسس من أجله ، بنفس الوقت.

كما أن الحزب الشيوعي وبصفته أداة ترتبط جدلياً بالطبقة العاملة ونضالها وأهدافها ـ حتى هذه اللحظةـ ، فيخضع إذن وبالضرورة للمتغيرات التي تفرضها الحياة عموماً وعلى الطبقة العاملة بشكل خاص، بل و أكثر من ذلك ، يجب أن يخضع لشروطها أيضاً رغم أنه أداة التغيير فيها.

و من أهم هذه الشروط وأولها هو قدرته على التفاعل مع ما تطرحه الحياة ذاتها من جديد ، حيث يتمكن من تعديل و تغيير و تطوير كل جوانب عمله و تحركه ، وربما أبعد من ذلك ، تطوير حتى دوره التاريخي . بكلمة أخرى قدرته على الحياة والمواصلة بطريقة متجددة . في ذلك مثله مثل كل شيء حولنا ، فكل أداة تتطور، كما تثبت لنا الحياة يومياً. ولذلك لا غرابة في طرح موضوعة إعادة بناء الحزب بهدف تجديده.

كما ان أعادة البناء لا تعني الهدم أو الإلغاء إطلاقاً ، بل تعني بالدرجة الأولى التحسين والتطوير والتأهيل للمرحلة المعنية. والمقصود هنا، أن يخضع الحزب الشيوعي كله لهذه العملية و بذلك يكون قد تجاوب مع الشروط الموضوعية والذاتية التي تحيط به الآن و تلك المتوقعة مستقبلاً .



اسـتدلالات نظـرية من التـاريـخ


من الرجوع الى بدايات تأسيس حزب الطبقة العاملة ، والتوقف عند بعض المحطات التاريخية المهمة و الدور الذي لعبه المؤسسين و الرواد يمكن الاستدلال على أنه:

ـ من أحداث 1847-1849 " الثورات البرجوازية في أوربا" ، استنتج ماركس أهمية وجود حزب خاص بالطبقة العاملة.

ـ من أحداث كومونة باريس 1871 أدخل ماركس مبدأ دكتاتورية البروليتاريا لكي تتمكن الطبقة العاملة من الحفاظ على سلطتها و حمايتها.

ـ كل حالات التراجع و الجزر التي مرت بها الطبقة العاملة آنذاك ، حيث لم تكن الظروف ناضجة لتأسيس حزب الطبقة العاملة، لم تمنع ماركس من التفكير بالحزب ، رغم عدم إعلانه عن ذلك ، بل كانت حافزاً له لأجل تطوير وصياغة مبادئ و مفاهيم ومتطلبات تأسيسه بشكل أفضل.

ـ تطورت أفكار ماركس ، من بناء حزب في كل بلد على حدة والانفصال التام عن حركة الطبقة العاملة وحسم العلاقة معها بمعنى الفصل بين المطالب المهنية (من خلال النقابات ) و بين المطالب السياسية التي تتطلب أداة أخرى تتحرك من خلالها، الى تشكيل منظمة عالمية للشغيلة. ولم يكن ذلك إلا عبر النضال اليومي ضد الاستغلال من جهة وضد التحريفيّة و الانتهازية من جهة أخرى.

ـ أول مبادئ بناء الحزب التي اعتمدها ماركس كانت: وحدة الهدف والفكر ؛ الانضباط الواعي ؛ خضوع الكل الى مركز واحد والجزء للكل.

ـ تطوير لينين يتركز على تأسيس حزب من طراز جديد وفق الطرف الذي كانت تعيشه روسيا القيصرية آنذاك : مبدأ المركزية الديمقراطية و الضبط الحديدي و الطاعة الواعية.

ـ الحزب عند ماركس هو ليس ذات الحزب عند لينين وهو ليس الحزب نفسه عند أحزاب الحركة الشيوعية قبل الانهيار أو بعده، لكن في جميع هذه الحالات و المراحل بقى " تلك الأداة الطليعية للطبقة العاملة التي تحقق، في طريقة قيادة نضالها و بلورته و السيطرة عليه و توجيهه الوجهة السليمة، كافة أهدافها الآنية و الإستراتيجية " كما يقول فهد، مؤسس و باني الحزب الشيوعي العراقي في كراسه ـ "حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية".


هذه الإستدلالات الموجزة تهدف للوصول الى حقيقة واحدة ناصعة وهي : ان تأسيس حزب الطبقة العاملة او الحزب الشيوعي و بناءه و تطوره و تطويره أرتبط بحركة الواقع والظروف الموضوعية والذاتية لنضال الطبقة العاملة ، فما كان يصلح في ظرف معين ربما لا يصلح في ظرف آخر، و من هنا تنبع ضرورة التغيير والتطوير بكونها عملية ذات طابع ديالكتيكي بجوهرها كما هو معروف .

وقول الرفيق الخالد فهد ــ و هذه ليست صنميّه أو قدسية لشخصه أو تقديس ما قاله، كما تحدث بذلك دكتور كاظم حبيب في رسالته الأخيرة ـ لا زال حيوياً الى حدود كبيرة ، حسب اعتقادي و قراءتي للواقع الذي يعيشه و يمر به الحزب الآن. كما ان الأفكار التي تضمنها تستوجب التمعن والتفكير بها مجدداً. إن "الأداة الطليعية"هي ليست "الطليعة" بذاتها، كما أعتقد ، وهذا ليس تلاعب بالألفاظ بل موضوعة تستحق البحث الجدي والتجديدي ، لأن ذلك سيحدد وظائف الحزب والمهام التي يمكن أن ينهض بها ، هذا أولاً ، و من ناحية أخرى يتطلب التحديد الدقيق لطبيعة العلاقة بين الطبقة وأداتها الطليعية أو/ و طليعتها. فمن يوجه من ؟ و من يقود من ؟ وكيف ؟ ذلك لأن الأداة لا تعني بالضرورة جزءً من جسم الطبقة بينما الطليعة بالضرورة هي الجزء المتقدم منه.

كما إن مقولة فهد من الناحية الثانية قد حددت أربعة وطائف تتمكن بواسطتها الأداة الطليعية ــ أي الحزب هنا ــ من تحقيق أهداف الطبقة العاملة استراتيجياً و تكتيكياً و هي:

ــ طريقة قيادة نضال الطبقة العاملة
ــ بلورة نضال الطبقة العاملة
ــ السيطرة على هذا النضال
ــ توجيه هذا النضال الوجهة السليمة

و مما لا شك فيه إن كل وظيفة من هذه الوظائف تتطلب مراجعتها بشكل جدي ــ عبر تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ــ لاسيما عندما تكون هناك دعوه الى أعادة البناء او التجديد الحقيقي للحزب. و ما يجب الخوض في بحثه و تجديده هو فهم ما إذا كانت هذه الوظائف محصورة بهذه الأربعة و ما يرتبط بها من مهمات او تفرعات تمس جسم الحزب بالكامل أو أن هناك تعديل عليها و تطوير لها وفق متطلبات الحياة ، و ما هو هذا التعديل؟
مع الأخذ بنظر الاعتبار ان الطليعية ليست إدعاء بل اعتراف من الآخرين بهذا الدور الذي ينبغي أن نلعبه في الواقع بجدارة. لذلك يجب التدقيق والبحث المستمرين في أهلية الحزب لتأدية هذا الدور، هذا إن كانت لا تزال هناك قناعة بقول فهد أو أن الطليعية لا زالت واقعية او حيوية كلياً.

ومن هنا علينا و نحن بصدد التقدم نحو عقد المؤتمر الثامن ، التوقف الجدي ، الواسع و الشامل و العميق بنفس الوقت، عند كل ما يتعلق بالحزب بهدف تطوير بنيته و بناءه.



الوضـع العــراقي

يمر العراق بلداُ و شعباً ونحن جزءً فاعلاً منه بمرحلة تاريخية جديدة بكل ما تعني الكلمة من معنى. و من بين ابرز ملامح ومعالم هذه المرحلة ــ لكن دون أن تتحدد و تتميز بدقة ــ يمكن الحديث ، وقد قيل الكثير فعلاً ، عن.

1ــ النظام الاقتصادي ـ اجتماعي مشوه و تتعدد فيه الأنماط و القطاعات الاقتصادية المختلفة. يقترن هذا التنوع بعملية غير مبررة علمياً لتحويل القطاع العام الى قطاع خاص والانتقال من مرحلة " اشتراكية "تتسم بسيادة و قيادة الدولة للعملية الاقتصادية الى مرحلة " رأسمالية "، تتسم بسيادة القطاع الخاص و قيادته للعملية الاقتصادية ، مع وجود تناقض هائل بين الدور السياسي لكل من الدولة والقطاع الخاص وأهلية كل منهما لهذه المهمة. و تنبع عدم علميتها ــ والموضوع بطبيعة الحال يستوجب من الباحثين الاجتماعين و الاقتصاديين المتخصصين البحث المعمق ــ من كونها لم تأت بشكل تطور ذاتي وطبيعي أوهي حالة ارتقائية تلقائية، إذ ذاك ستكون بالضرورة مقرونةً بالتطور المتقابل للبناء المادي و وقرينه الوعي الاجتماعي. . فهل هي حركة معكوسة للتاريخ!؟ أم هو انقلاب فوقي بكل ما تعني الكلمة من معاني؟

2 ــ تتوزع الطبقة العاملة وكذلك طبقة الرأسماليين وحتى الإقطاعيين، جميعا على أحزاب سياسية بأيديولوجيات مختلفة. موجودين بعضهم جنب بعض، دون حدود طبقية واضحة تصنع أكثريتها داخل حزب معين حيث تتمثل مصالح هذه الطبقة أو تلك بوضوح. حتى أنه يمكن القول بأن الحزب الشيوعي العراقي لم يعد ، من خلال تركيبته الطبقية، يعتبر الممثل الوحيد للطبقة العاملة إلا من خلال ما مثبت في وثائقه الأساسية، وأهدافه المعلنة وإستراتيجيته، من تبني مصالحها، وهذا عنصر أساسي طبعاً.

3 ــ الوضع الثقافي وبشكل أعم الوعي الاجتماعي يمتاز هو الآخر بالتشوه والتعقيد والتأخرــ على الرغم من وجود نخبة مثقفة و مبدعة ــ وهو إنعكاس طبيعي لتشوه البناء الاقتصادي الاجتماعي للبلد. خذ وضع المرأة على سبيل المثال، فبجانب مشاركتها العالية واحتلالها مركزاً مرموقاً في العملية السياسية و الإدارية ــ حسب بعض المعايير الدولية ــ تتكرس في مختلف أنحاء العراق هيمنة الرجل و سيطرته الاجتماعية، وتشيع أكثر يوماً بعد آخر الثقافة الرجولية حتى إن البعض من النساء داخل البرلمان طرحن حق الرجل في الزواج بأربعة. كما تتكرس ثقافة لبس الحجاب ليس بدوافع إيمانية أو الاقتناع و إنما بفعل سطوة ثقافة التخلف والخوف أيضا. هذا بجانب شيوع المتخلف من القيم العشائرية والدينية حتى ليصعب تصور وجود دور مؤثر لرجال دين متنورين على مجرى الأمور للحد من حدة التراجع الفكري والحضاري الجارية بمقاييس عالية و بوتائر سريعة.

4 ــ وجود الإحتلال بجانب التخلص من دكتاتورية نظام صدام حسين ،الأمر الذي أقترن بمخاطر ظهور أكثر من دكتاتورية منظورة، و في أغلب الأحيان غير منظورة ، فضلاً عما يتهدد العراق من حرب أهلية و تقسيم طائفي.

5 ــ تفكيك التنوع، القومي والديني و الاجتماعي وحتى السياسي الى حدٍ ما، المتماسك نوعما حتى وقت الإحتلال. حيث يجري العمل على تحويله الى عامل فرقة وضعف بدلاً من توظيفه كعنصر قوة لمجابهة تحديات الإرهاب والتخلص من الإحتلال، باعتبارهما و قبلهما الدكتاتورية، لم تميّز بين واحد و آخر إلا من باب الولاء لها.


و يمكن الحديث كثيراً عن مثل هذه التناقضات والتشابكات، التي ترسم لوحة الواقع الحالي للمجتمع العراقي.

إلا أن الصورة الحالية رغم السوداوية التي تشوبها إلا إنها تمتاز بعدم اكتسابها صفة الديمومة و الثبات بسبب الطبيعة المتحركة للواقع ذاته. فالحراك الاجتماعي يمر بحالة مخاض عسير إذ تتفاعل عناصر عديدة أشرنا الى أهمها لتصنع حالات انتقال سريعة بين المواقع المختلفة، اجتماعيا ، اقتصاديا و حتى جغرافياً.


معـطيـات هـامـة

فما الذي يهمنا نحن في سياق التحضير والاستعداد للمؤتمر الوطني الثامن للحزب عموماُ ودراسة و مراجعة النظام الداخلي و البرنامج بشكل خاص بصدد أعادة أعدادهما أو صياغتهما؟
بطبيعة الحال يمكن إعداد صيغة مبسطة لكن تحمل ضرورات الحد الأدنى لكلا الوثيقتين وفق تعديلات معينة هنا وهناك.بكلمات أخرى نظام داخلي مؤقت و برنامج قصير الأمد للقضايا الملحة. لكن ذلك لن يغير من أحكام الضرورة التاريخية وشروطها. لماذا؟ لأن محتواهما ذو منهج ديالكتيكي وتأريخي لارتباط أعدادهما كوثيقتين أساسيتين بالظروف الذاتية والموضوعية للحزب.

أذن علينا الأخذ بنظر الإعتبار ما يلي ـ من بين أمور أخرى ـ فضلاً عما ذكر أعلاه ،عند العمل على إعدادهما بما ينسجم مع أهمية تأهيل الحزب للتصدي للمهمات القادمة القريبة و البعيدة.

1 ــ لا يمكن الانطلاق من التحليل الطبقي و حده ( رغم أساسيته) لرسم معالم المرحلة الحالية أو المقبلة بسبب الطابع المتغير و المتحرك للملامح الاقتصادية ـ اجتماعية والطبقية و غيرها لمجتمعنا ، كما أوضحنا.

2 ــ المخاطر الجدية التي قد تهدد مستقبل وكيان الحزب الشيوعي بفعل الحراك السياسي السريع والغير مستقرة.

3 ــ عرقلة عملية البناء الثقافي والعلمي السليمة للإنسان العراقي، التي يتطلبها الانفتاح على العالم ومواكبة تطوراته المتنوعة والتفاعل معها، بعد تغييب طويل و متعمد. شيوع تخلف ثقافي و فكري غير مسبوق في التاريخ الحديث للمجتمع العراقي.

4 ــ بداية استعمار جديد وحقيقي لا يعرف مداه والقادم مع الإحتلال الذي أجهز على ما تبقى من بناء الدولة.
و هو معادي بطبيعته للمصالح الوطنية وللقوى التقدمية (يسارية وديمقراطية) بشكل خاص. أقترن هذا الإحتلال بالتخلص من دكتاتورية صدام حسين، كما هو معروف. الأمر الذي صنع تداخلاً في النضال ضد الإحتلال والنضال من اجل الديمقراطية و ضد الإستغلال .

5 ــ الآثار المدمرة التي تركها ويتركها الإرهاب على الإنسان العراقي. حيث يهدد حياته واستقراره مادياً وروحياُ وثقافياً واجتماعيا و نفسياً، ويصنع تبدلاً في الأولويات والقيم ستترك من دون شك آثاراُ عميقة عليه وعلى المجتمع . خذ مثلاً عملية فك الاشتباك الطائفي التي تجري بمديات خطيرة ( هذا التشخيص كان في شهر نيسان حيث لم تكن وتيرة الإرهاب ولا التشريد و التصفيات العرقية و القومية و الطائفية قد و صلت الى المدى الذي وصلته اليوم و التي تؤكد الحراك والتغيرات السياسي السريع التي أشرنا اليها سابقاً) . ترى من يقف ورائه و لماذا؟؟

6 ــ التغيير المفاجئ و القسري بالوقت نفسه لأسلوب الإنتاج المراد له أن يكون رأسمالياً، إذ يفتقد هذا التغيير الى الممهدات الفكرية، الثقافية، التربوية، النفسية، الاجتماعية، التقنية، العلمية وحتى الإدارية الضرورية ،الأمر الذي سيقود حتماً الى تشوه حقيقي يصعب معالجته مستقبلاً. مع كل ما يقترن بذلك من العودة للوراء فيما يتعلق بالمرحلة النضالية و طبيعتها.

7 ــ ازدواجية الوضع السياسي . فهناك عملية سياسية تتطلب نضال برلماني وديمقراطي يعتمد العلنية والانفتاح بالعلاقات وبالتعامل مع المستجدات ، وهناك مخاطر التراجع وخاصة ما يتعلق بالموقف من الحزب ووجوده، تحت مظلة الديمقراطية ذاتها، كلا الأمران قائمان و لمدى غير منظور. لكل من هذين الوجهين للنضال أحكامه المختلفة ( استحقاقاته ).

8 ــ إشكالية و تأثير القمع والملاحقة ضد الحزب وتغييبه وأبعاده عن الساحة السياسية وعن الإتصال بالجماهير طيلة عقود (لاحظ أنه حتى في فترة جبهة 73 سعت السلطة لقطع كل روافد و روابط الحزب الجماهيرية من أجل القضاء عليه) أدت الى انفلال الكثير من أعضاءه ومؤازريه وإعتماده أساليب عمل تنظيمية محدودة التأثير على الجماهير، نعيش آثارها الآن.

9 ــ تشتت وتفرق وتنوع أماكن اختفاء وتواجد أعضاء الحزب. ففي الداخل مثلاً كان الاختفاء وتعايش مع الدكتاتورية رافقه انقطاع عن الحزب والعالم الخارجي. بينما في الغربة تعددت المنافي وبالتالي تنوعت الثقافات والمعايشات والتجارب، وشاعت تقاليد تنظيمية ومرجعيات فكرية متنوعة اقترنتا ـ قبل سقوط الصنم ـ بفقدان الأمل بالتغيير داخل الوطن والعودة. سبَّبَ هذا التشتت و التنوع ظهور مظاهر وظواهر سلبية و تشوهات جدية مست الحياة داخلية ـ لا يستطيع كل ذي بصيرة إنكارها ـ يصعب تصور معالجة جادة وحقيقية ومبدئية لها في الأفق المنظور، بدون دراسة موضوعية شاملة.

10 ـ فقدان البوصلة الفكرية وما يترتب على ذلك من تبعات، بسبب إنهيار التجربة الاشتراكية، حيث فقدنا الحليف وقوة المثل ( رغم أن ذلك أدى الى إستقلالية الحزب الحقيقية فكرياً وأيديولوجيا وبالارتباط معهما تنظيمياً)، رغم و جود بعض العلاقات للحزب أثرت و تؤثر ــ شئنا ذلك أم أبينا ــ على إستقلالية مواقفه و سياساته أحياناً.


ضـرورة تـاريخـيـة تتطلب إعادة بناء


ولذلك استطيع القول بأن هناك ضرورة تاريخية حقاً تتطلب إعادة نظر شاملة، عميقة وبعيدة المدى بوضع الحزب ككل. لأنها الطريقة الوحيدة التي يستطيع الحزب بواسطتها التهيئة والاستعداد لمهمات المرحلة القادمة. لمهمات بناء او المساهمة الفاعلة في بناء المجتمع الديمقراطي المنشود. وأضع المنطلقات التالية لعملية إعادة النظر هذه :


أولاً : نحن إذن أمام عملية أعادة بناء جذرية للحزب من جميع الوجوه وعلى كافة الصُعُدْ. أنها عملية مبررة تاريخياً ، تتطلبها الظروف الذاتية والموضوعية التي يمر بها شعبنا ووطننا عموماً وحزبنا و الطبقة العاملة بشكل خاص.


ثانياً : أن عملية أعادة البناء هذه تتطلب دراسة متأنية، عميقة، شاملة وجدية. ووضع منهجية ذات بعدين آني واستراتيجي .


ثالثاً : المنهجية ( المقترحة ) في أعادة البناء تستند على الأسس التالية:

ــ إعداد دراسات ميدانية حول مختلف نواحي حياة علاقات و بنى الحزب ( الطبقية والاجتماعية والاقتصادية والأيديولوجية والثقافية والسياسية و غيرها) وتمس كل جوانب العمل الحزبي (تنظيمياً، فكرياً، سياسياً، جماهيرياً، إعلاميا و غيرها) . في ضوء تحليل بنية المجتمع العراقي الجديدة وآفاقها.

ــ وضع خطة عمل تنفيذية مبنية على أساس هذه الدراسات الميدانية في مختلف المجالات.

ــ توظيف طاقات الحزب كلها في أعداد هذه الدراسات وفق تشكيل فرق عمل متنوعة حسب المهمات.

ــ إعتماد مبدأ الطوعية ( المقرون بالتكليف أحياناً ) لتنفيذ هذه الدراسات.

ــ إتاحة الفرصة لمن يستطيع المساهمة (أعضاء الحزب وأصدقاءه) في أكثر من مجال، دون تحديد او تقييد مهما كان نوعه. لأنها عملية أبداعية مبنية على وعي وأدراك أهميتها التاريخية وتخص الجميع.

ــ تطرح جميع هذه الدراسات بصيغة مسودات أولى على الجماهير الحزبية و غير الحزبية (فقط لقضايا الفكر و السياسة) لدراستها و إغناءها، ثم تعديلها وإعادة طرحها مرة ثانية بهدف أغنائها أكثر، قبل اعتمادها كمسودات ثالثة (هذه ليست مبالغة لكنها الصيغة الوحيدة والمضمونة للدراسات الجدية التي تفسح المجال أمام الجميع للمساهمة. إذ من الضروري ان يتوفر لكل جماهير الحزب الفرصة لرسم مستقبل الحزب الذي ينتمون إليه و الذين قدموا أحلى سنين عمرهم في سبيله ، سواء كانوا في صفوفه أم خارجه)، تطرح على المؤتمر التاسع للحزب ، أكرر التاسع ، من أجل أقرارها.

ــ نبذ العجالة واعتماد المنجز قبل إنضاجه .


رابعاً: وبناءً عليه سيضطلع المؤتمر الوطني الثامن القادم إذن بمهمتين : الأولى تتعلق إقرار عملية إعادة البناء ومنهجيتها بهدف الشروع بها بعد المؤتمر. الثانية تتعلق بوضع برنامج نضالي مرحلي قصير المدى يتعلق بالمطالب الآنية للجماهير من جانب وتمشية ومعالجة المتطلبات التنظيمية والسياسية على مدى المدة بين المؤتمرين من جانب آخر.

أؤكد مرة أخرى بأن عملية أعادة البناء، ضرورية وهامة، لأجل ان يعالج الحزب ما أصابه من أضرار متلاحقة ومتراكمة على مدى أربعين عاماً ـ منذ 1963 الى 2003 ـ بسبب الدكتاتورية والغربة، اللتان لا يمكن لأي إنسان واقعي و حريص على الحزب حقاً تجاهل آثارهما.

تستوجب هذه الموضوعة وهذه المادة إعداد دراسات متنوعة ومتواصلة تصب في هذا الإتجاه ، سواء تبني المؤتمر الثامن هذه الوجهة أم لا !!


دعوة

ولذلك فإن كل الحريصين على نهوض الحزب الشيوعي العراقي شامخاً و بمستوى المهمات التي ستجابهه، مدعوين الى المساهمة في عملية التجديد و إعادة البناء و انطلاق عملها، لأنه ( أي الحزب ) وفي كل الأحوال بحاجة لها ، يجب وضع حد للإرتجال والانتقائية والتلقي التي طبعت كل تاريخه تقريباً. ليس أمام الشيوعيين العراقيين سوى أياديهم وسواعدهم وعقولهم لإعادة بناء حزبهم العتيد و المتجدد دوماً الحزب الشيوعي العراقي


علي الجميع الشروع بعملية أعادة البناء والتصدي لها بشجاعة عالية، مستمده من الإرث النضالي الرائع للحزب ، من تاريخه البطولي المجيد ، من قافلة شهداءه الأبرار، من عزيمة مناضليه الأوفياء وكذلك من ثقة الجماهير به. لكي يتمكن حقاً من تحقيق شعاره العتيد والمتجدد دوماً والواقعي جداً، شعار وطن حر و شعب سعيد.

مالمو في (22 نيسان 2006)
24 تموز 2006






#صباح_الجزائري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
- الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان ...
- مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
- مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...


المزيد.....

- نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2 / عبد الرحمان النوضة
- اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض ... / سعيد العليمى
- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - صباح الجزائري - أعادة بناء الحزب الشيوعي العراقي... مهمة كل الشيوعيين العراقيين و أصدقائهم