أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مصطفى مجدي الجمال - من مقالب الناشرين في المترجمين















المزيد.....

من مقالب الناشرين في المترجمين


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 6878 - 2021 / 4 / 24 - 22:03
المحور: سيرة ذاتية
    


فكرة هذه المقالة نبعت من تدوينة نشرتها على الفيس بوك عن اهتمامي بالترجمة لكتب تتحدث عن دول الجوار لمصر.. وقد أثارت التدوينة اهتمام الكثيرين.. وهو ما دعاني إلى التوسع في البوح بوقائع غريبة حدثت لي مع الناشرين أذكر بعضها باختصار..

تقول التدوينة:
(( رغم أنني لم أتعلم الترجمة أكاديميا فقد ترجمت حوالي 35 كتابا وعددا كبيرا من المقالات والأعمال الأكاديمية.. ومع ذلك فلم يكن طابعي هو طابع المترجم المهني وإنما الباحث، أما أسس الترجمة فقد اكتسبتها من الممارسة ذاتها..

وفي الحقيقة كان الكثير مما ترجمت مملا وحتى سخيفًا في حالات كثيرة.. خصوصا عندما يرفض الناشر أن تضع هوامش بملاحظات نقدية..

ومن المرات القليلة التي اقترحت فيها الكتاب المترجم أو سعدت بإسناده لي في العقدين الأخيرين أربعة كتب تصادف أن ارتبطت بالجوار الجغرافي.. أولها كتاب "التشكيلات الاجتماعية في إقليم البحيرات العظمى" أي منابع حوض النيل. وهو أصعب كتاب ترجمته في حياتي فهو شديد التخصص والمحلية ومكتوب بمفردات انجليزية مهجورة من العصر الفيكتوري..

كما ترجمت كتاب "تاريخ السودان الحديث" وهو كتاب عمدة في مجاله لصحفي أمريكي شهير عاش لعقود في السودان (إلى جانب ترجمتي ثلاثة كتب أخرى عن السودان)..

وعن دول الجوار أيضا اخترت وترجمت كتاب "تركيا الأمة الغاضبة" وذلك في سياق هوجة الحديث عن النموذج الإسلامي التركي الباهر..

كما اخترت للترجمة كتاب "تاريخ إثيوبيا".. وهو كتاب دفعني وأثار شغفي لدراسة وبحث كبيرين في موضوعه.. وكان حافلا بمعلومات شبه مجهولة لنا.. والمؤسف أن الناشر كان قليل الاهتمام به، فالاهتمام الأكبر كان للتاريخ الإغريقي والروماني والأوربي.. وهلم جرا..

المهم ان الكتاب الأخير يلقي الضوء على السيكلوجية الاجتماعية التاريخية الأسطورية لعرقية الأمهرة التي ترتبط بطموحات إمبراطورية ومعتقدات تشبه وتتحد مع خرافة "شعب الله المختار"..

والغريب أنني تطرقت في نقاش علمي يحضره باحثون افارقة لتلك السيكلوجية فلامني خبراء بأن هذا الكلام يضايق الاثيوبيين.. وربما أوشكوا على اتهامي بالشوفينية العنصرية. قلت لأحدهم ستدرك يوما الخطر على كوب الماء أمامك!!)) انتهت التدوينة.

وسوف أسرد هنا أربع حالات غريبة دون ترتيب تاريخي لا ضرورة له..

حدثت الواقعة الأولى أوائل التسعينيات.. وقد بدأت بأن عرض عليّ صديق ترجمة كتاب عن قصة الأميرة السعودية التي رواها فيلم "موت أميرة".. فوافقت من حيث شغفي بالموضوع.. ولكني بعد انتهاء العمل طلبت عدم وضع اسمي على الكتاب بعدما اشتممت منه أن القصد هو التشهير والضغط أكثر من الاهتمام بالحقيقة والحرية.

لكن الناشر الشهير عاد وعرض عليّ ترجمة كتاب مذكرات وزير البلاط في عهد شاه إيران.. وهو كتاب ضخم يصل إلى 600 صفحة.. وكان الناشر متعجلاً في إصداره فقام بأغرب عمل يمكن تصوره، إذ قسم الكتاب إلى ستة أجزاء متساوية كل جزء 100 صفحة وأرسل لي من خلال صديق مشارك في الترجمة الـ 100 صفحة خاصتي. فاكتشفت الصعوبة لأن المذكرات مليئة بالمختصرات وأسماء الهيئات والأشخاص..الخ.. فقلت كيف سيتم توحيد "مية الترجمة" في الكتاب فقيل لي، من خلال الوسيط، إن هذه مهمة المراجع، كما سألت عن مسرد المصطلحات المستخدمة خاصة في هذه النوعية من الأعمال فقيل لي إن الكاتب كان يشرح المختصَر في أول مرة يستخدمه ولا يشرحه بعد ذلك مرة أخرى.

كدت أرفض الترجمة ولكن ظروفي المالية وقتها لم تكن تسمح لي بذلك، كما أنني اخترت قبول التحدي، فأخذت أبحث وأخمن ماذا يعني كل مختصر.. وفي النهاية أصابني القلق من هذا العبث فطلبت عدم وضع اسمي على الكتاب، وشعرت أنني ارتكبت خطأ في حق نفسي بالاشتراك في هذا العمل المهين، وكذلك فعل صديقي الوسيط.

لكن بعد عام صادفني الكتاب المترحم معروضًا في معرض الكتاب وعليه إقبال كبير.. وتصفحته فصُدمت لعدم وجود مراجع على الإطلاق.. ونظرت في اجتهاد المترجمات والمترجمين الآخرين (منهم اثنتان من الجامعة الأمريكية) فوجدت أن مختصرًا مثل HMQ مكرر كما هو بالرموز عشرات المرات، وكنت قد اجتهدت لفهمه باستخدام السياق وترجمته بـ "الشاهبانو" (الترجمة الحرفية: صاحبة الجلالة الملكة).

الواقعة الثانية حدثت منذ عامين.. وفيها تقابلت مع مثقف سعودي معارض طلب مني ترجمة عمل ضخم في موضوع خاص جدا عن تاريخ وتطور علوم الرياضيات، فاعتذرت له لكنه ضغط بقوة وقال لي اطلع على العمل أولاً.. وفعلا اطلعت عليه ووجدت الأمر ممكنًا بالاستعانة بالقواميس والمتخصصين.. قلت له إنه عمل يتطلب التفرغ التام له لنصف سنة، أو شبه التفرغ لعام كامل، ففرح وقال إنه ليس مستعجلاً ولكن على إنجاز الفصل الأول لإرساله إلى الهيئة السعودية المعنية بالموضوع حتى تعتمد الميزانية.

سألته عن العقد المفروض توقيعه بيننا فقال إنه لا يتعامل هكذا وإنما يتعامل بالثقة. وسألته عن دفعة مقدمة فرفض، وقال إن المكافأة كلها ستدفع مرة واحدة عند تسليم الترجمة الكاملة.. ذهلت وقلت له هل تتصور أنني سأمتنع عن أي عمل آخر يدر دخلاً لي مقابل عمل بمكافأة مؤجلة.. ولم أشأ أصارحه بأن "الفأر بدأ يلعب في عِبّي".. فكان قراري النهائي بالاعتذار تليفونيًا، وبدا واضحًا كم هو غاضب.

مرت شهور لأفاجأ بأن مؤسسة ناشرة شهيرة في بلد عربي لم تضع اسمي على كتاب ترجمت أكثر من نصفه، وحينما سئلت قالت ان الترجمة مرفوضة، بما فيها ترجمة شريكي، رغم أنهم سبق لهم الإطراء ودفعوا المكافأة كاملة.. طبعا غضبت ولكني قلت "بركة يا جامع" لأن بالكتاب الكثير مما أختلف معه سياسيًا، وكنت أصلا قد طلبت رفع اسمي من عليه.. لكن الأمر صار لغزًا حينما علمت أن المثقف السعودي الكبير اختار هذه الطريقة للانتقام.

الواقعة الثالثة كانت في منتصف التسعينيات مع ناشر لمطبوعة يسارية متعثرة وكانت بيني وبينه خلافات حادة ويكن لي عداوة شخصية غير مفهومة، فهو معروف بأنه إنسان "سمّاوي".. وكانت بيننا شبه قطيعة رغم علاقتنا السياسية. ولكني فوجئت بأنه يبحث عني بإلحاح وطلب من أصدقاء عنواني حتى أتاني رسول من عنده يطلب مني مقابلته. وبالطبع لم يكن بمقدوري الرفض.

ذهبت إليه بالفعل.. فعرض عليّ كتابًا لباحث أمريكي عن مشكلة الاستخلاف في السعودية، وهل ستتبع التوريث الأفقي بين الإخوة أم الأبناء، وعمّ يمكن أن يحدث بعد وفاة آخر أبناء عبد العزيز آل سعود.. وتقريبًا جاءت الأحداث فيما بعد مصداقًا لتوقعات المؤلف. وقد علمت فيما بعد أن مترجمين كثيرين رفضوا الاشتراك في هذه "المغامرة".

في تلك الأيام كانت السلطة قد أغلقت جريدة ناصرية بسبب نقدها العنيف للسياسات السعودية.. فما بالك بموضوع الاستخلاف.. فقلت له: "هل أنت تريد إغلاق مطبوعتك بيد الدولة لا بيدك؟".. فبهت من ملاحظتي الأريبة. المهم أن التزامي السياسي وشغفي بالموضوع جعلاني أقبل بالمهمة، رغم أن ذلك الرجل لم يسبق له أن رحب بأن أكتب لديه.

اتفقنا على نشر العمل على حلقات في المطبوعة.. وأصريت أنا على وضع اسمي كمترجم.. لكن كان عليّ أن أقول له إنني لن أقبل المكافأة مجزأة وإنما مرة واحدة عند تسليم الترجمة المكتملة، فرحب بالطبع. وبالفعل تم النشر، وأحدثت الترجمة ضجة كبيرة.. لكنه لم يدفع مليمًا واحدًا من المكافأة.. فتجاهلت الأمر كله لأعرّفه الفرق بيننا.

أما الواقعة الرابعة فهي مدهشة حقًا.. حدثت في أوائل التسعينيات.. حين أسند لي ناشر كبير ترجمة كتاب لمستشرق عمدة عن قبائل شمال الجزيرة العربية أواخر القرن التاسع عشر.. وهو يتطرق لكل شيء تتصوره من التركيبة القبلية والصراعات والأنساب والتحالفات وحجم ونوع التسليح.. وانتهاءً بأنثروبولوجيا المجتمع البدوي حتى وصف الخيمة والطعام وطرق السطو البدوية..الخ.

استمتعت كثيرًا بالترجمة رغم صعوبة الحصول وقتها على معلومات دقيقة من شبكة الانترنت تساعد المترجم في مهمته. وبالفعل انتهيت من الترجمة وظللت أنتظر صدور جزئي الكتاب دون جدوى حتى يئست من الصدور. ثم عرفت من مصادر موثوق بها ومقربة من الناشر ما أذهلني.

قيل لي إن الناشر غضب من محرر الدار بسبب انتقائه لهذا الكتاب.. وأصبح في ورطة بعدما دفع أجر الترجمة والمراجعة والصف، فقاده ذكاؤه إلى الاتصال بالسعوديين وأبلغهم أن لديه كتابًا عن كذا، ويريد استئذانهم في توزيعه بعدما طبعه (وهو لم يحدث).. فطلبوا منه إعدام كل النسخ (المفترضة) وأرسلوا له شيكًا.

حزنت جدًا لعدم نشر الكتاب لأهميته وطرافته، ولمجهودي الذي طار هباءً.. خصوصًا وأننا وقتها كنا نسلم النسخ مكتوبة بخط اليد.. فلم تكن لدي نسخة من العمل لأنه لم يدر بخلدي أن ما حدث قد يحدث..



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصعب أيام مصر
- الشكلانية الديمقراطية ووهم تمثيل المستضعفين
- انزلاقات يسارية
- المشبوه أيمن نور والمعارضة المزوَّرة
- التهمة إدمان المنشورات
- حوارات ثورية
- وتظاهرنا في ميت أبو الكوم
- ويبقى أنيس مورقًا فينا
- كيف أحرجنا رجال السادات
- أركيوبتركس
- الأم جونز
- كنت ضيفًا على المخابرات السودانية
- عشر سنوات على خطاب أوباما الثقافي
- كرهت أستاذي.. والسبب ناصر
- رفيقي الملاكم اليساري
- حوار خصب مع سمير أمين
- حقارة أن تتهكم على شعبك ولا ترى عيبك
- الكيماوي الأمريكي الحلال
- آخر أوراق سمير أمين
- أعراض ليبرالية


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مصطفى مجدي الجمال - من مقالب الناشرين في المترجمين