أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - المديرية الإقليمية للتعليم بسطات تعود بنا إلى عصر محاكم التفتيش














المزيد.....

المديرية الإقليمية للتعليم بسطات تعود بنا إلى عصر محاكم التفتيش


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 6878 - 2021 / 4 / 24 - 17:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من خلال المعطيات والوقائع التي أوردها الأستاذ سعيد ناشيد في تدوينة له على حائطه بالفيسبوك، والتي انتشرت، وطنيا وعربيا، كالنار في الهشيم، لا يمكن للمرء إلا أن يتساءل: هل لا زلنا نعيش في عصر محاكم التفتيش؟ ومن يريد أن يعيدنا إلى ذلك العصر المظلم؟ وما هي رهانات أصحاب هذا المسعى؟...
إن ما قامت به المديرية الإقليمية بسطات في حق المربي والمفكر سعيد ناشيد، ينم عن الحقد الدفين الذي يكنه تجار الدين لكل قلم تنويري وكل فكر تحرري وعقلاني. ومما يدل على عمق هذا الحقد الدفين ما اقترفته مديرية التعليم بسطات من ظلم وانتقام وصل إلى حد العزل من الوظيفة للتخلص من المعني بالأمر وحرمانه من أقدميته وحقوقه المكتسبة من أجل تحويله إلى متسول (وصدق من قال: "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق). ولو كان بيدهم لأحرقوا كتبه كما أُحرقت كتب فلاسفة القرون الوسطى، وربما لأحرقوه هو بنفسه.
وكما يبدو من التدوينة، فإن الطرد من الوظيفة تم بتحريض أو مباركة من أحد أبرز مسؤولي حزب العدالة والتنمية. وهذا ما يتضح من قول الأستاذ ناشيد في إحدى فقرات تدوينته: "ثم جاءت الضربة الأكثر قساوة، حيث استدعاني المدير الإقليمي إلى مكتبه، فوجدت معه شخصا آخر، سأعرف في ما بعد أنه أحد أبرز مسؤولي حزب العدالة والتنمية في المنطقة، ليخبرني أمام مسامعه بأنه سيحيلني على أنظار المجلس التأديبي، لأن المريض لا يحق له (...) أن يكتب أو أن ينشر أي شيء، بل يجب أن يتناول الدواء وينام (...)! مضيفا بأنه هو من سيعين الأعضاء الإداريين للمجلس الذي سينعقد داخل إدارته، وأن العقوبة آتية بلا ريب".
لا شك أن هذا المدير الإقليمي - الذي يتحدث بهذه اللغة البئيسة وهذه الوثوقية في إنزال العقوبة بمفكر عصامي استطاع أن يتبوأ مكانة مرموقة في مجال الفكر والفلسفة ليس في المغرب وحسب، بل وفي العالم العربي- كان هذا المدير يفرغ ما بداخله من حقد على الفكر والفلسفة والعقلانية والتنويرية، وهو يتحدث إلى الأستاذ سعيد ناشيد؛ ولا شك أن هذا الأخير يشكل له عقدة، على المستوى الشخصي؛ إذ يُشعره ويشعر أمثاله بالدونية وبالقزمية. فلا غرابة، إذن، في أن يستقوي على المفكر بالمجلس التأديبي الذي ربما يتحكم في جل أعضائه أو ربما لم يقدم لهم الملف بكل معطياته (وهنا أتساءل إن كان الأستاذ ناشيد قد حضر في الجلسات الثلاث التي عقدها المجلس التأديبي أم لا؛ والجواب على هذا السؤال قد يكشف لنا جزءا مهما من الحقيقة التي نجهلها ويجهلها جزء كبير من الرأي العام).
من خلال الفقرة المأخوذة من تدوينة الأستاذ ناشيد، والتي أوردناها أعلاه، يتبن أن حزب العدالة والتنمية متورط في هذه الجريمة النكراء إلى أخمص قدميه. فالحزب الذي يدعي المرجعية الإسلامية - والذي لا يتورع بعض قيادييه عن إتيان كل الموبقات وكل المنكرات، كما هو معلوم لدى الخاص والعام (ولا أحتاج لضرب أمثلة على ذلك) - لن يُحجم عن الإساءة للغير بسبب الخلاف الإيديولوجي أو السياسي أو الفكري. وتأتي واقعة عزل الأستاذ ناشيد لتؤكد هذا المنحى الأخلاقي المنحط.
وإذا كنا نعيش في دولة الحق والقانون، فمن الواجب على الجهات المعنية إداريا وقضائيا، أن تفتح تحقيقا نزيها في النازلة. فالأستاذ ناشيد قدم، حسب قوله، ملفا طبيا معززا بتقارير المختصين؛ وطالب بحقه في الحصول على التقاعد لأسباب صحية، لكن طلبه رُفض؛ مما يدل على سوء نية. ثم إن من يجب أن يحكم على الأستاذ وعمله وأخلاقه وكفاءته، إداريا وتربويا، هم المسؤولون المباشرون؛ وأقصد المفتشون ومدراء المؤسسات. ولا شك أن المعني بالأمر يتوفر على تقارير التفتيش التربوي وتقارير أخرى تثبت مدى جديته من عدمها (ويمكن للجنة التحقيق، إضافة إلى ذلك، أن تلجأ إلى الشهود). أما المرض، فلا أحد يختاره. ولن يستطيع صبر أغوار هذا الملف إلا التحقيق النزيه في النازلة.
على كل، ففي القضاء، هناك الاستئناف ثم النقض. فلا يعقل بتاتا أن يكون للمجلس التأديبي الكلمة الأخيرة في مثل هذه النازلة وشبيهاتها (لكن، يبدو أن الوزارة الوصية ورئاسة الحكومة استحسنتا واستعجلتا هذا الطرد، وكأنه تم تحت الطلب). وعلى المنظمات الحقوقية والنقابات العمالية أن تأخذ هذا الملف بالجدية المطلوبة وتسعى من أجل العمل على فتح تحقيق نزيه في الواقعة وتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات. فإذا أثبت التحقيق أن الأستاذ المعني قد أخل بواجباته المهنية، وليس له عذر مقبول في هذا الباب، فعند ذلك، سندرك أن موجة التضامن الواسعة معه وطنيا ودوليا في غير محلها. لكن إن ثبت العكس، فيجب تصحيح الخطأ إداريا وقانونيا وأخلاقيا؛ فحقوق الناس لا يجب أن تكون محل تصفية حسابات إيديولوجية أو سياسية.
وقد عادت بي الذاكرة، وأنا أتابع فصول مأساة الأستاذ ناشيد، إلى عهد حكومة بنكيران الأولى؛ فقد انتقت هذه الحكومة من بين حوالي 20 قانونا تنظيميا، القانون التنظيمي الوحيد والأوحد الذي تمت المصادقة عليه خلال هذه الفترة؛ ويتعلق الأمر بالتعيين في مناصب المسؤولية.
وقد كان الهدف واضحا من إسراعها بإخراج هذا القانون التنظيمي، حتى يصبح "بإمكان الحزب الأغلبي العمل على تركيز أتباعه في دواليب الدولة. وبهذا، سيضمن لهؤلاء، من جهة، الترقية الوظيفية والاجتماعية، ومن جهة أخرى، وهذا هو الأهم، سيضمن السيطرة على مقاليد الأمور في المؤسسات المعنية" (انظر محمد إنفي "حزب العدالة والتنمية ومشروع الهيمنة على مؤسسات الدولة والمجتمع"، موقع وجدة "سيتي" بتاريخ 22 ماس 2014).
وها نحن نعيش اليوم إحدى تجليات هذه الهيمنة؛ وما هذا إلا غيض من فيض. وما خفي كان أعظم!!!
مكناس في 24 أبريل 2021



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يعني الطعن في قرار المحكمة الدستورية؟
- قراءة سريعة ومقتضبة لمداخلة حسن نجمي في ندوة عن بعد
- رسالة تضامن مع الحراك الشعبي الجزائري مشفوعة بالتقدير والإعج ...
- السيد عبد المجيد تبون، أليس من الأولى والأجدر أن تهتم بمطالب ...
- -فيروس كورونا عقاب للظالمين وعبرة للناجين وابتلاء للذين يموت ...
- أليس الوضع الحالي ل-لاسامير- امتحانا للحكومة في وطنيتها وفي ...
- الديبلوماسية الملكية والتوفيق بين المصالح الوطنية والقضايا ا ...
- في محاربة الرشوة الانتخابية، القوانين وحدها لا تكفي
- سؤال آخر إلى حكام الجزائر: ما ذا يحجُب عنكم الرؤية إلى هذا ا ...
- ما ذا بقي لكم من عزة نفس وأنفة أهل الصحراء بعد هذه الإهانة ا ...
- رسالة محبة وإخاء موجهة للشعب الجزائري الشقيق من المواطن المغ ...
- أحمد الريسوني والحلم بالخلافة الرشيدة بقيادة تركية
- رسالة مفتوحة من المواطن المغربي محمد إنفي إلى حكام الجمهورية ...
- تنبؤات القرآن والسنة: إعجاز أم عجز؟
- وأد النزاهة الفكرية والشجاعة الأدبية في بلاغ الأمانة العامة ...
- عبد الرحمان اليوسفي والإصلاح السياسي بالمغرب
- الغثيان الإليكتروني
- قراءة في مقترحات الاتحاد الاشتراكي بخصوص قانون المالية التعد ...
- ما هذه الصفاقة وهذه الوقاحة يا حامي الدين؟
- رسالة إلى السيد رئيس الحكومة المغربية في شأن مشروع قانون22.2 ...


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - المديرية الإقليمية للتعليم بسطات تعود بنا إلى عصر محاكم التفتيش