|
الشيخ مصطفى عبد الرازق ومنهجه الإصلاحي
نادر عمر عبد العزيز حسن
كاتب و باحث و أكاديمي و طبيب
(Nader Hassan)
الحوار المتمدن-العدد: 6877 - 2021 / 4 / 23 - 23:49
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
نادر عمر عبد العزيز دبلوم الفلسفة العربية و الغربية
الفهرست المنهج الإصلاحي للشيخ مصطفى عبد الرازق
المقدمة .......................................................................................ص3 الباب الأول : نبذة عن الشيخ مصطفى عبد الرازق – التحول الفكري للشيخ عبد الرازق وتأثير الإمام محمد عبده– السمات الفكرية للشيخ – مؤلفات و تلاميذ الشيخ .................................................................................ص6-12 الباب الثاني " في مجال الفكر الإسلامي الفلسفي " : تأصيل الفكر الإسلامي الفلسفي أمام دعاوي المستشرقين و مقالات الإسلاميين – الأحكام العملية و الفقة أرض خصبة لدراسة أصولية فلسفية عربية أصيلة –الأمام الشافعي وأصول الفقه-التصوف وعلم الكلام . ...............................................................................ص12-20 الباب الثالث :" في مجال الفكر الديني " : مفهوم الإيمان والإسلام والوحي العلاقة بين الفلسفة و الدين – الدين والتعصب – الدين والحرية الإنسانية – الدين والحياة – الدين و الجمود العقلي ..............................................................................ص20-26 الباب الرابع :" في مجال الأخلاق " : الأخلاق و الفضيلة – أسس التربية الأخلاقية – الإلزام الأخلاقي ......................................................ص26-27 الباب الخامس : "في المجال الإجتماعي " : العادات – الأصالة و التجديد – حرية المرأة – العدالة الإجتماعية " ........................................ص27-29 الباب السادس " في مجال السياسة " : وحدة الجنس البشري – وظيفة الحكومة – صفات الحاكم – مبدأ المساواة و سيادة القانون – العلاقات بين الدول- أهمية التاريخ – حرية النقد . ..............................................ص.29-31 الباب السابع " في مجال الجمال والفن - الخاتمه " : ................ص32-36
مقدمة بعد مرور أكثر من خمسين عاما على وفاة الشيخ مصطفى عبد الرازق يظل منهجة المتكامل شامخا أمام تغيرات الدهر و تقلباتة صامدا أمام عمليات التفريط في إعمال العقل و تربية النفس ، و الإفراط في سطحية الآراء و الأخذ بالظواهر البعيدة عن الجوهر ، يبحث عن ميادين التطبيق و التطوير ،فما نعانية الآن من مشكلات نظرية كانت أو عملية كانت الشرارة التي أشعلت فتيل عملية التنوير و الريادة قديما عند الشيخ عبد الرازق و من قبله من أعمدة النهضة العربية الحديثة كالإمام محمد عبده و الأفغاني و الكواكبي . والمشكلة النظرية التي نعاني منها فكريا و فلسفيا الى الآن هي مشكلة الجمود العقلي المفضي الى التقليد من جهة و حشر أشباه الدارسين داخل إطارها من جهة أخرى ، فلن نستطيع تحقيق أدنى تقدم في مجال الفلسفة العربية من منطلق أن العقل قوه خلاقة مبدعة في ميدان الفكر الفلسفي العربي التي ترفض خصائصة الفكرية أي فكر لا يتحقق فيه هذه الخصائص ، إن التراث القديم سواء كان شرقي أو غربي يحتاج الى نظرة رأسية مستقلة متأنية تقوم على النقد و التحليل ثابته على أدلة حقيقية تدخل الى مفهوم الفلسفة الحقيقي لا نظرة أفقية سطحية تقوم على الرواية و الحكاية و ترديد العبارات الرنانة كالببغاوات عن الفيلسوف و أفكارة التي لا تأتي بجديد ولا تربط الأصالة بالمعاصرة كما نشاهد اليوم عند كثير من المؤلفين و الكتاب . ومن جهة أخرى الدراسة الجامدة للنصوص الفلسفية القديمة التي عاني منها الشيخ مصطفى عبد الرازق و من قبلة ووضعوا لها حلولا و لكن ظل حل المشكلة رهن التوقف حتى يومنا هذا يبحث عن تطبيق وتنفيذ ، ففي علوم الفكر الإسلامي الفلسفي كعلم الكلام مثلا نشاهد دراسة مضيعة للوقت و الجهد في الشروح و التفسيرات و الحواشي القديمة المختلفة لمتون تتكلم عن نفس المباحث الكلامية و الأدلة عليها مع التعصب لأرائها الجدلية فندخل في عملية رفض للإنفتاح على دراسة النصوص الغربية قديما و التعقيب على كل ما هو حديث . وليست تلك دعوة لإهمال الدراسة الفلسفية لتراثنا العربي القديم ، إنما نحتاج لاستكمال الرحلة الفلسفية التي بدأها علماء المشرق العرب كالكندي و الفارابي و إنتهت عند إبن رشد ، يكون أساس هذا الاستكمال ما دعى ووصل إليه أعمدة التنوير مثل الشيخ مصطفى عبد الرازق و من قبله ، وهو تجديد مفهوم الأصالة والمعاصرة بإعادة فهم النصوص بطريقة جديدة غير مسبوقه , مع توقف الإبحار في بحر الجدل و التعصب في ظل تجدد الصلة مع الفكر الغربي عن طريق منهج تحليلي مرتب موجز يوضح أيضا علاقة الفلسفة بالدين حتي نصلح مشكلة الجمود العقلي في التعليم والتفلسف التي ظلت أكثر من 50 عاما تبحث عن مجدد ينفذ قواعد حلها و عن فيلسوف جديد بعد إنقضاء قرون عديدة منذة وفاة إبن رشد . و من ناحية أخرى يبرز الباحث بالإضافة الى ملامح شخصية مصطفى عبد الرازق كقدوة عملية و علمية عوامل نشأتة و دورها في عملية الإصلاح الإجتماعي و السياسي و الأخلاقي و الفني التي تضع حلولا لما نجدة الآن أيضا من مظاهر إنحطاط اجتماعي و تربوي و ذوقي لدى بعض الأفراد و خطورتها على البناء المجتمعي ككل . كما يشير الباحث الى معالم المنهج الديكارتي للإصلاح عند الشيخ مصطفى عبد الرازق التي وصفها ديكارت في مقالة عن المنهج وتتمثل في : ( استقلال الفكر – عدم العجالة في إصدار القرارات و الحلول – الوضوح و التميز – طرح الأوهام و الأحكام و الدعوات المبتشرة مع تحليل الأسباب حتى الوصول الى السبب الحقيق - الإحصاء مع التقييم ) ويظهر ذلك جليا في المنهج التحليلي التاريخي في كتابة " تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية ". و أبواب المنهج الإصلاحي لمصطفى عبد الرازق التي يتطرق اليها الباحث هي الباب الأول : نبذة عن الشيخ مصطفى عبد الرازق – التحول الفكري للشيخ عبد الرازق وتأثير الإمام محمد عبده– السمات الفكرية للشيخ – مؤلفات و تلاميذ الشيخ .. الباب الثاني " في مجال الفكر اللإسلامي الفلسفي " : تأصيل الفكر الإسلامي الفلسفي أمام دعاوي المستشرقين و مقالات الإسلاميين – الأحكام العملية و الفقة أرض خصبة لدراسة أصولية فلسفية عربية أصيلة . الباب الثالث :" في مجال الفكر الديني " : مفهوم الإيمان والإسلام والوحي – العلاقة بين الفلسفة و الدين – الدين والتعصب – الدين والحرية الإنسانية – الدين والحياة – الدين و الجمود العقلي ) الباب الرابع :" في مجال الأخلاق " : الأخلاق و الفضيلة – أسس التربية الأخلاقية – الإلزام الأخلاقي . الباب الخامس : "في المجال الإجتماعي " : العادات – الأصالة و التجديد – حرية المرأة – العدالة الإجتماعية " الباب السادس " في مجال السياسة " : وحدة الجنس البشري – وظيفة الحكومة – صفات الحاكم – مبدأ المساواة و سيادة القانون – العلاقات بين الدول- أهمية التاريخ – حرية النقد . الباب السابع " في مجال الجمال والفن " : مفهوم الفن و الجمال- الشعر وصدق العاطفة – الجمال تناسب – أثر الجمال – الفن الصحيح و الهادف .
نبذة عن الشيخ مصطفى عبد الرازق : ولد مصطفى عبد الرازق لأسرة من الأعيان في أبي جرج ببني مزار عام 1888 في أعقاب الاحتلال البريطاني لمصر ، و كان والدة صديقا للإمام محمد عبده و مشاركا له في حياتة العامة حيث انخرط في سلك المجالس شبة النيابية التي عرفتها مصر منذ عهد الخديوي أسماعيل وشارك في تأسيس حزب الأمة 1907 و أصبح وكيلا لة ، "و كان لطبيعة ذلك الإنتماء أثرة البالغ في تكوين الفكري للشيخ مصطفى عبد الرازق في بداية حياتة وتوجهاته السياسية و الاجتماعية فيما بعد وكعادة أبناء جيلة إلتحق مصطفى بكتاب القرية ، ثم إرتحل الى الأزهر في العاشرة من عمرة فدرس على مشايخ أزهريين أقحاح لم يتأثر بهم فحسب و إنما صاروا مثلة الأعلى"( ) التحول الفكري و العقلي عند " مصطفى عبد الرازق " : و تأثير الإمام " محمد عبده" : و بعد سنوات من الدراسة في الأزهر عانى مصطفى عبد الرازق من أزمة نفسية أو إضطراب نفسي ، فقد كان قد أشرف على المرحلة النهائية من الدراسة في الأزهر و" أدرك أن ثمرة تعلمة في الأزهر أثمرت طعما غير سائغ ، كان قد خطى نحو مشارف الرجولة الواعية الحساسة و قد أستوت عندة ملكة الأدب و تكشفت لذوقة الناضج دقائق ما في هذه الحياة من بهجة و جمال ، لكن تعارضت نزعتة الأدبية مع أنظمة الحياة الدينية و ضياع العمر في دراسة لا تغني و لا تدفع العقل الوثاب المتفتح الظامئ للمعرفة فشيوخة في الأزهر ينتقلون من كتاب قديم أيام المماليك الى آخر يشرحون الحواشي " (2) وفق هذا الاضطراب النفسي كان قد التقى بأستاذه الأمام " محمد عبده" فتعارفا وتكاتفا كان الإمام " محمد عبده "في هذا الوقت الذي بدأ فية الشيخ مصطفى عبد الرازق يتأثر بة رجلا يملأ البلاد و يتردد ذكرة في محافل الإصلاح الديني والسياسي فهو يدعو للإصلاح بالعمل أولا ثم بالقول الصريح يصدع بة في المحافل العامة و فيما يؤلف من كتب و أبحاث و مدرستة لا يحدها زمان ولا مكان ولا أشخاص وبدأ الشيخ مصطفى عبد الرازق يدرس على يد الإمام محمد عبده الذي كان يلقي الدروس بالجامع الأزهر في الرواق العباسي عام 1903م ، ويمكننا القول بأن مصطفى عبد الرازق قد أستفاد من دروس الإمام فهما يمثلان إنفتاحا على الفكر الغربي ، وكلاهما يمثلان اهتماما بالغا بفكرنا العربي و تراثة و كلاهما يهتم بالفلسفة سواء تمثلت في علم الكلام أو تمثلت عند الفلاسفة العرب كالكندي و الفارابي ولقد أستطاعا المزج بين الفكر العربي وحضارة الغرب فلم يتمسكا بالتراث بمجرد أنه تراث بحيث يرفضان حضارة الغرب و علومه وفلسفته بل منهجهما الأخذ من الغرب بما لا يتعارض مع الفكر الشرقي الأصيل ومن يقرأ كتاب الشيخ عبد الرازق "تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية " و كتاب الإمام محمد عبدة " الإسلام والنصرانية بين العلم و المدنية " يلاحظ أنهما عرفا معرفة دقيقة الى حد ما آراء الغربيين و اتفقا معهم تارة واختلفا معهم تارة أخرى . و هنا نجد الاهتمام بقضية التنوير و مشكلة الأصالة و المعاصرة من قبل الإمام محمد عبده والشيخ مصطفى عبد الرازق فقد جمعوا بين الأصالة و المعاصرة عن طريق عدم رفض التراث و عدم رفض حضارة الغرب بل الأخذ منها بما يتفق مع تراثنا . "إن الدارس والمحلل لكتابات مصطفى عبد الرازق يتأكد له كيف أستطاع الجمع بين القديم و الحديث الجمع بين التراث من جهة و بين الحضارة الحديثة بعلومها وفنونها وفلسفتها آدابها من جهة أخرى "( ) السمات الفكرية للشيخ مصطفى عبد الرازق : يقول " علي عبد الرازق " في تصديرة المجلد الكبير الذي جمع وترجم إبداع و إنجازات شقيقة " مصطفى عبد الرازق " "كان وسطا بين الجمود والتخلخل ، لذلك كان منزعة الديني ايامئذ كمنزعه لا هو بالجامد المتحجر و لا هو باللين المتخلخل بل كان بين ذلك قواما و هو رجعي في أكثر من نواحية و لكن في حدود النظر و الفطرة السليمة فلا تتسرب إلية خرافة و لا تشوبه شائبة من شوائب الشرك الخفي ، ولا يلازم الجامدين غالبا من التزمت و حرج الصدد من كل رأي مخالف وهو تقدمي في بعض نواحية ، ولكن مع الاستمساك بكثير من التقاليد الموروثة و مع الرجوع الى سنن السلف " ( ) بالإضافة لتأثر الشيخ مصطفى عبد الرازق بشيخة الإمام إستفادته من دراستة فرنسا التي سافر اليها عام 1909 م حيث التحق بالسوربون فتوفرت له الإستفاده من المحاضرات التي كان يليقها "دوركايم" ذو المكانة العلمية في العلوم الأنسانية عامة وعلم الأجتماع خاصة . في مجال ريادته للفلسفة في عالمنا العربي المعاصر كان الشيخ مصطفى عبد الرازق أول أستاذ مصري يلقي محاضرات في موضوع الفلسفة الإسلامية وذلك في الجامعة المصرية التي أنشئت في القاهرة عام 1925م وأصبح أسمها جامعة القاهرة يقول الدكتور إبراهيم مدكور في مقالة له عن الشيخ عبد الرازق " لقد إلتف حولة في كلية الآداب بجامعة القاهرة نفر من صفوة الطلاب لقنهم درسة و عودهم على منهجة " و كانت له عناية خاص بالنصوص و شرحها و تلك سنة أزهرية قديمة و متبعه الى اليوم فاستطاع مصطفى عبد الرازق بطريقتة أن يحبب تلاميذ المدارس الثانوية في الكتب الصفراء و أن يفتح أعينهم على مراجع الثقافة الإسلامية بعد أن أصبح حالهم مما يرثى له في أكثر بلاد المسلمين فهم لا يقرءون من كتب الكلام إلا المختصرات، مما يكتب المتأخرون يتعلم أذكاهم منها ما تدل عباراتها و لا يستطيع أن يتعلم البحث في أدلتها ، و تصحيح مقدماتها وتمييز صحيحها من باطلها فإذا ناظره مناظر في بعض قضاياة و عجز عن تصحيحة قطع الجدال بقول : هكذا قالوا و إن لم يكن القول متفق علية "( ) لقد جمع الشيخ عبد الرازق بين مجال الفكر الفلسفي و الفكر الديني و الفكر الأدبي فدرس الكثير من الشخصيات معتمدا على النصوص التي تركتها و هذا المنهج في غاية الدقة و العمق لقد عرف بالكندي و الفارابي و الليث بن سعد و البهاء زهير و فخر الدين الرازي و أهتم بفكر المعاصرين من أمثال الشيخ محمد عبده وذلك بأن أسهم في ترجمة رسالة التوحيد الى الفرنسية . كذلك لم يقتصر على جانب التدريس الأكاديمي في الجامعة بل قام بالكثير من أوجة النشاط الإجتماعي و السياسي فأختير وزيرا للأوقاف و ظل يقوم بهذا المنصب لمدة ست سنوات منذ عام 1937م الى عام 1944م
و نلخص سمات تفكيرة و منهجة في الآتي : النزعة العلمية في ربط الفكر بالعمل : "ليس المهم تزاحم الأفكار و أن تكثر حصيلتها في الذهن و أن يحلق تفكيرنا في سماء التجريد أو نتشدق بالجدل العقيم و لكن المهم هو أن نوائم بين أفكارنا و عملنا و بحيث أن تقود أفكارنا عملنا و تهدية " ( ) . إستقلال الفكر : موقف علاقة الدين و الفلسفة و رفضة أن تكون الفلسفة خادمة للدين بل لكل منهجة و طريقتة ، و جعل الفلسفة خادمة للدين ضرر بالفلسفة و الدين أما ضرره بالفلسفة أنة يحدد مسبقا لمقدماتها نتائج تقليدية و يجعل بحثها عن الحقائق موجها الى غاية هي تأييد الدين فتأخذ شكلا دينيا مقدسا لا يتناسب مع حرية البحث و النقد ، كما أن حرية الفكر و استقلالة بعيد كل البعد عن موقف الجامدين الذين يصدون كل باب أمام العقل و يخشون الرأي و الاجتهاد و كما إتسم الشيخ بالموضوعية و عدم التعصب لفكرة أو رأي أو جنس و تظهر الموضوعية مع الانصاف و التسامح و النزاهة في منهجة لدراسة تاريخ الفلسفة الاسلامية . عدم التسرع في الحكم : الأناة و الروية و نظرة العقل الفاحصة الناتجة عن هدوء وإتزان و رزانة المفكر فلم يعرف التعجل و التهور في الآراء للبعد عن التطرف و الشرود في الفكر لأن التطرف في الفكر يتسم بالعجالة و التهور , تحليل الأفكار و الاهتمام بالمضمون : قام الفكر عند الشيخ مصطفى على أساس قاعدة التحليل الديكارتي التي تحلل الفكرة الى عناصرها الأولية البسيطة ووضح ذلك في دعوته الى فهم الدين على طريق السلف قبل قيام الفرق الاسلامية ونادى الى العودة الى بساطة الدين و في دراسته عن الدين و الوحي و الاسلام بذلك أرجع هذه المفاهيم الى عناصرها الأولية المكونة لها .
البعد عن التعصب : فلا يتعصب لفكر أو رأي معين يردده أو يدافع عنة دون إقامة دليل و لا يؤمن بتفوق جنس على آخر بل يؤمن بالموضوعية و الأنصاف . نقد الفكرة من قبل قبولها : إخضاع الفكرة لحكم العقل و نقده فعملية الاختبار العقلي تسبق عملية التصديق. النظرة الكلية : نظرة كلية شاملة تربط الجزئيات بالكليات ورد المسائل المتفرعة الى أصولها فلا يقف الفكر عند الجزئي و لا يغرق في المسائل الفرعية بل يردها الى الحقيقة الكلية التي تجمعها فكانت عنايتة "بأصول الفقة "التي رأى فيها بذور الفكر الفلسفي في الاسلام دالا على نوعية التفكير الفلسفي المنطقي كا إهتم أيضا بوضع الحدود و التعريفات و أتسم بدقة البحث . التوفيق بين القديم و الحديث : يمثل موقف الشيخ مصطفى حركة التطور الفكري و هي" قضية الأصالة و المعاصرة" التي تمثل الجانب الفلسفي لمدرسة الأمام محمد عبده و لقد أشرنا الى ميولة العقلية واستعداده و نزوعة العقلي و كذلك دراستة الواسعة للتراث الاسلامي القديم و إطلاعة على الثقافة الغربية و إلمامة بها . التطبيقات الفكرية التي شكلت مشروع مصطفى عبد الرازق الإصلاحي : كتب و مؤلفات : شملت كتب و مؤلفات الشيخ التي تمثل فكره الإصلاحي جميع الجوانب النظرية و التطبيقية منها : الجانب الفلسفي : كتاب "تمهيد لتاريخ الفلسفة الاسلامية " مجموعة محاضرات قام بالقائها على طلبة كلية آداب . كتاب " فيلسوف العرب و المعلم الثاني " دراسة لبعض الفلاسفة و المفكرين الإسلاميين . كتاب " الدين و الوحي و الاسلام " موضوعات في تفسير مفهوم الدين و الوحي و الاسلامي. كتاب عن"الامام الشافعي " دراسة في مذهبه و دوره في أصول الفقة من الناحية الفلسفية كتاب عن "الامام محمد عبده " محاضرات ألقاها في جامعة الشعب و ترجم رسالة التوحيد الى الفرنسية كتاب أصدر بالفرنسية مع لويس ماسينيون عن " الإسلام و التصوف " يبين التصوف و مكانته في الاسلام . الجانب الأدبي : كتاب " البهاء زهير " عرض لأهم القضايا الأدبية و دور الشعر و أهميته في المجتمع . الجانب الفني و الأجتماعي و السياسي : صدر عنة كتاب "آثار مصطفى عبد الرازق" و أصدره شقيقه علي عبد الرازق بنبذة عن حياة الشيخ و كلمة طه حسين و هي مقالات الشيخ مصطفى على صفحتي مجلتي السفور و السياسة . من تلاميذ الشيخ : الدكتور عثمان أمين : قام عثمان أمين بدراسة الآثار الفكرية لمتكلم حديث وهو " محمد عبده " و أنفق جهدا كبيرا في وضع آراء محمد عبده في صورة تركيبية لمذهب فلسفي فكان له دور بارز في إبراز الفكر الاسلامي المعاصر فقام بإلقاء محاضرات في الجامعات المختلفة عن جمال الدين الأفغاني و تلميذة محمد عبده و محمد إقبال و مصطفى عبد الرازق و قدم الكثير من البحوث للتعريف بفضل الشيخ مصطفى عبد الرازق كذلك أنتشرت كتب عثمان أمين عن أقطاب المدرسة الإسلامية الحديثة بلغات مختلفة . الدكتور علي سامي النشار : إختلف الدكتور النشار مع أستاذه فيرى الأستاذ أنه كان لفلاسفة الاسلام أصالة فكرية تجعل لهم طابعا خاصا يتميزون به عن فلاسفة اليونان ، و يرى التلميذ أن هؤلاء الفلاسفة كانوا إمتدادا فكريا لا يختلف عن فلاسفة اليونان " ولقد إنتشرت آراء المدرسة الإسلامية في الشرق فزخرت بها سوريا و ظهرت آراء المدرسة في العراق على يد محمد بن بديع الشريف و هو عراقي درس في باكورة شبابة في مصر " ( ) وقد ذكر الدكتور النشار فضل أستاذه في مقدمة كتابة " نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام " . المنهج الإصلاحي في جانب دراسة الفكر الفلسفي في الإسلام : جاء منهج الشيخ مصطفى عبد الرازق الفلسفي ليرفع الظلم الواقع على الدراسة الإسلامية الفلسفية جراء دعاوي المستشرقين المنتشرة التي تسعى لرد عناصر الفلسفة الإسلامية إلى مصدر غير عربي ولا إسلامي و تحريرا للقيود التي فرضتها ضيق أفق و نظرة طائفة الإسلاميين الذين ينحصر همهم في تقدير قيمة الفلسفة الإسلامية بميزان الدين في دراسة جامدة معادية للعقل معبرا عن وسطية صاحب هذا المنهج الذي يجمع ما بين الأصالة و المعاصرة . دعاوي المستشرقين : إن حركة الأستشراق في البداية كانت ترتكز على المعلومات الجغرافية و التاريخية و لغات الشرق إلا أنها أستوعبت بالتدريج بعد ذلك كل الشئون الثقافية من أديان و مذاهب و معتقدات و فنون و آداب و توجهات و نزعات و لهذا يطلقون على الشخص لقب مستشرق عندما تتوفر لدية مجموعة من هذه المعلومات و قد طرح " إدوارد سعيد"ثلاثة تعريفات للإستشراق أحدها أن الإستشراق : هو نوع يدور حول أسلوب الفكر القائم على تمايز المخلوقات و الإختلاف الأساسي بين الشرق و الغرب في نوعية أساطيرهم و تقاليدهم و عاداتهم و قوانينهم " ( ) . إن فريق الغربيين من مستشرقين و مشتغلين بتاريخ الفلسفة قرروا بوجة عام قطع الصلة ما بين الحضارة الإسلامية و الإسلام و عدم إعتبار الحضارة الإسلامية وليدة الإسلام و محصلة للمعارف الإسلامية ، و أن الحضارة الإسلامية تقوم على الإقتراض من الحضارات المسيحية و اليهودية و اليونانية و بوجة خاص يسعى بعض المستشرقين لإستخلاص عناصر أجنبية في الفلسفة الإسلامية قاصدين بذلك ردها الى مصدر غير عربي و لا إسلامي و أن المسلمين لم يكونوا سوى نقلة للفكر الإغريقي القديم بل إختلط لديهم بعناصر شرقية . الرأي العلمي عن الغربيين في الفلسفة العربية مستهل القرن التاسع عشر مبنيا على : أولاً: الباحث الألماني" تنيمان" المتوفى سنة ١٨١٩ م، صاحب كتاب" المختصر في تاريخ الفلسفة" الصادر بالألمانية سنة ١٨١٢ م، في هذا الكتاب يرى تنيمان أن هناك عدة عقبات أعاقت تقدم العرب: 1- الكتاب المقدس الذي يعوق النظر العقلي الحر . 2- حزب أهل السنة وهو حزب قوي متمسك بالنصوص. 3- لم يلبثوا أن جعلوا لأرسطو سلطانا مستبدا على عقولهم. 4- ما في طبيعتهم القومية من ميل إلى التأثر بالأوهام. " .( ) ثم جاء التصوف فعرض لهذا العلم المؤلف لإصطلاحات خاوية مثل مصطلح وحدة الوجود . وهنا يلاحظ الشيخ مصطفى عبد الرازق في كتابة التهميد أن "تنمان" ينسب الفلسفة الإسلامية الى الشعب العربي و انها ليست سوى شرحا مضاعفا لأرسطو و مفسرية و يعدد عقبات الفلسفة عند العرب فيردها إلى دينية وهي القرآن و السنة كما أن مصنفات الفلاسفة لم تدرس من قبل العرب حق دراستها . ثانيا : الباحث الفرنسي" ارنست رينان" المتوفى سنة ١٨٩٢ م، صاحب كتاب" تاريخ اللغات السامية" في كتابة صنف البشر إلى صنفين ساميين وآريين ، وانحاز إلى الآريين ، وقرر تفوقهم الفلسفي على الساميين معتبرا الخطأ وسوء الدلالة بالألفاظ على المعاني، أن نطلق على فلسفة اليونان المنقولة للعربية لفظ فلسفة عربية ، مع أنه لم يظهر لهذه الفلسفة في شبه جزيرة العرب مبادئ ولا مقدمات " ( ). ويوضح الشيخ مصطفى عبد الرازق مصير الرأي العلمي لدى المستشرقين في كتابة " التمهيد " الذي اختلف النظر فية و دخلت دور التمحيص العلمي و هدأت رويدا روح العصبية و الهوى فلم تعد قضاياة مسلمة في أواخر القرن التاسع عشر عدا قضية واحدة لاتزال غير مكذبة و هي أن مصنفات الفلاسفة الإسلاميين لم تدرس حق دراستها . آراء الغربيين في الفلسفة الإسلامية في القرن العشرين نذكر منها : أولا : الباحث الفرنسي برهيه أستاذ تاريخ الفلسفة بجامعة السربون ، وصاحب كتاب تاريخ الفلسفة الصادر في جزءه الأول سنة ١٩٢٦ م، حيث اعتبره الشيخ عبد الرازق أنه من حزب السامية والآرية ، ولكن من دون أن يغرق في ذلك إغراق تاما . وحسب رأي برهيه أن فلاسفة ممن اعتنقوا الإسلام ، وكانوا يكتبون آثارهم » بالعربية لكن جمهرتهم لم تكن من أصل سامي بل من أصل آري ، لذلك التمسوا موضوعات تفكيرهم في الكتب اليونانية ، التي أخذ في ترجمتها إلى السريانية والعربية منذ القرن السادس المسيحيون النسطوريون ، والتمسوها أيضا في الآثار المزدكية الباقية " .( ) ثانيا : الباحث الألماني هورتن الذي كتب فصلاً في" دائرة المعارف الإسلامية" بعنوان النزعة اليونانية في الحكمة الإسلامية ، » أشار فيه إلى أن كلمة فلسفة يراد بها " النزعة اليونانية في الحكمة الإسلامية ويجب أن يعتبر أيضا إلى جانب ذلك ما بذ له المفكرون من جهود عقلية مبنية على ما كان معروفًا في عصورهم من معاني البحث العلمي عن أحوال الوجود على ما هو عليه ، فهي بهذا الاعتبار ينبغي أن تعد من الفلسفة ، ذلك ينطبق أولا على علم الكلام النظري الذي يرمي إلى رفع مستوى العقائد الإسلامية المحتوية على تصور للوجود بالغ من السذاجة حد الطفولة .( ) وما توصل إليه الشيخ مصطفى عبد الرازق بعد هذا العرض السابق في كتابة " التمهيد " ثلاث تغيرات أساسية وهي : 1- تلاشي القول بأن الفلسفة العربية أو الإسلامية ليست إلا صورة مشوهة من مذهب أرسطو ومفسريه أو كاد يتلاشى ، وأصبح في حكم المسلم به أن للفلسفة الإسلامية كيانا خاصا يميزها عن مذهب أرسطو ومذاهب مفسرية " فالواقع الذي أخذ يعترف بة الكثيرون من الغربيين أن الاوربيين أنفسهم مدينون كثيرا في فهم أرسطو لشراحة العرب كابن رشد . 2- تلاشي القول بأن الإسلام وكتابه المقدس كانا بطبيعتهما سجنا لحرية العقل ، وعقبة في سبيل نهوض الفلسفة أو كاد يتلاشى "و أصبحت أساسها القرآني التي قامت علية "( ( 3- أصبح لفظ الفلسفة الإسلامية أو العربية شاملا كما بينه الباحث هورتن لما يسمى فلسفة أو حكمة ولمباحث علم الكلام ، واشتد الميل إلى اعتبار التصوف أيضا من شعب هذه الفلسفة و إن الخلاف حول التسمية قد تراجع أيضا ليصبح هامشيا في الوقت الحاضر
الفلسفة الإسلامية و مقالات الإسلاميين : أما فريق الإسلاميين ومقالاتهم حول الفلسفة الإسلامية وتاريخها ، فقد تحدث عنهم الشيخ عبد الرازق في ثلاثة فصول من كتابه" التمهيد "، في كل فصل تناول قضية وأشار إلى مقالات عدد من الإسلاميين ، ووجد من العسير حسب قوله أن يسلك نفس النسق الذي سلكه في حديثه عن فريق الغربيين من جهة مراعاة الترتيب التاريخي في سرد الآراء وملاحظة تطورها . في الفصل الأول - الثاني حسب تقسيم الكتاب - تحدث المؤلف عن قضية الفلسفة والعرب قبل الإسلام ، والفلسفة ومصادرها في الملة الإسلامية، وأشار في هذا الصدد إلى مقالات عدد من الإسلام يين جاء في مقدمتهم القاضي صاعد بن أحمد الأندلسي المتوفى سنة ٤٦٢ ه، صاحب كتاب طبقات الأمم الذي تحدث فيه عن حال العلم عند العرب وأما علم الفلسفة فلم يمنحهم الله عز شيًئا منه، » : قبل الإسلام ، وتطرق إلى الفلسفة قائلاً ولاهيأ طباعهم للعناية به ، ولا أعلم أحدا من صميم العرب شهر به إلا أبا يوسف بن إسحق الكندي و الحسن الهمداني " . ( ) ومن بعده تحدث المؤلف عن الشهرستاني المتوفى سنة ٥٤٨ ه صاحب كتاب الملل والنحل الذي تحدث فيه عن الفلاسفة في الأمم المختلفة ، وأشار إلى العرب بقوله ومنهم حكماء العرب ، وهم شرذمة قليلة لأن أكثرهم حكمهم فلتات الطبع، وخطرات الفكر، وربما قالوا بالنبوات ".( ) وفي الفصل الثاني والثالث حسب الكتاب تحدث المؤلف عن تعريف الفلسفة وتقسيمها عند الإسلاميين ، وأشار إلى أقوال ومقالات الكندي والفارابي وإخوان الصفا وابن سينا ، ثم تحدث عن الصلة بين الفلسفة والكلام والتصوف وفي الفصل الثالث و الرابع في الكتاب تحدث المؤلف عن الصلة بين الدين والفلسفة عند الإسلاميين ، القضية التي جعلها بعض الغربيين مناط الابتكار في الفلسفة الإسلامية وجعلها بعضهم الآخر سببا لانقلاب فلاسفة الإسلام مبشرين بالدين الإسلامي ودعاة له. وقد قسم المؤلف أقوال الإسلاميين حول هذه القضية إلى إتجاهين، أطلق على الاتجاه الأول رأي الفلاسفة، وطلق على الاتجاه الثاني رأي علماء الدين. عن الاتجاه الأول ورأي الفلاسفة ، تطرق المؤلف إلى أقوال ومقالات ابن حزم المتوفى سنة ٥٩٥ ه صاحب كتاب فصل المقال فيما بين الحكمة والشر يعة من الاتصال ، والشهرستاني صاحب كتاب " الملل و النحل " وعن الاتجاه الثاني ورأي علماء الدين ، الذين قال عنهم المؤلف أن لهم منزع غير منزع الفلاسفة ، وهم في أكثر الأمر خصوم للفلسفة في غير هوادة ولا رفق ، لأن هناك من يطعن الفلسفة لكن مع رفق ويحسب على هذا الاتجاه في نظر المؤلف ، الراغب الأصفهاني المتوفى سنة ٥٠٢ ه صاحب كتاب الذريعة إلى أحكام الشريعة ، وأبو حامد الغزالي المتوفى سنة ٥٠٥ ه صاحب كتابي تهافت الفلاسفة و المنقذ من الضلال ، ويختم المؤلف حديثه عن هذا القسم الأول من الكتاب بقوله كلام الإسلاميين في الفلسفة الإسلامية ، مع قصوره عن تكوين منهج تاريخي ، هو في غالب الأمر يعنى ببيان نسبة هذه الفلسفة إلى العلوم الشرعية، وحكم الشرع فيها، ورد ما يعتبر معارضا للدين منها. والعوامل الأجنبية المؤثرة في الفكر الإسلامي وتطوره، مهما يكن من شأنها فهي أحداث طارئة عليه ، صادفته شيئا قائم بنفسه فاتصلت به لم تخلقه من عدم، وكان بينهما تمازج أو تدافع، لكنها على كل حال لم تمح جوهره محوا " ( ) . ومن هنا يتضح عناية الشيخ عبد الرازق بالتتابع و المنهج البحثي التاريخي الذي يقوم على مجموعة مراحل مهمة يصل بها الى تحقيق أهدافه العلمية و القوانين التي تستنبط من التحليل التاريخي و الهدف الأسمى هو تأصيل الفكر الإسلامي الفلسفي بتأصيل موضوعاته و المعنيين بتخريجة . بداية التفكير الفلسفي عند المسلمين : قام الشيخ مصطفى عبد الرازق باستكشاف الجراثيم الأولى للنظر العقلي الإسلامي في سلاستها و خلوصها و مسايرة خطاها في أدوارها المتختلفة من قبل أن تدخل في نطاق البحث العلمي و بعد أن صارت تفكيرا فلسفيا فقد ألم بحال الفكر العربي و اتجاهاته حين ظهر الأسلام ، و عرض للديانات التي كانت سائدة في العرب حال ظهور الأسلام و أنتقل بعد ذلك الى وصف العرب بعد الاسلام و الاسلام دين و شريعة فأصول الدين كالإعتقاد بوجود الله "لم يعول علية إلا على التنبية العقلي و توجيهه الى النظر في الكون و استعمال القياس الصحيح ليصل الى ما حواه الكون من نظام و ترتيب للإستدلال على وجود واجب الوجود ".( )أما الشريعة فقد استوفى أصولها ثم ترك للنظر الاجتهادي تفصيلها ، لذا فإن القرآن قد نهى المسلمين عن الجدل في الأمور اللإعتقادية إلا عند الحاجه و دعا القران الى الأخذ في هذا الجدل برفق عند الحاجه الى الجدال و القرآن قد ذكر الحكمة و أثنى عليها و شجع على نموها و يشرح الشيخ مصطفى المقصود من الحكمة و هي العلم النافع و الفقة في شئون الحياة بتعرف الحق و امضائة , ويرى الشيخ أن بداية النظر العقلي كان في المسائل الشرعية العملية لما وورد بالقرآن و السنة من الثناء على الحكمة و الحكم . الإجتهاد بالرأي بداية النظر العقلي الإسلامي : وجدت الحاجة لإستنباط الاحكام للوقائع المتجددة التي لم يكن من الممكن أن تحيط بها النصوص الشرعية وهكذا أنتهى الشيخ مصطفى الى أن الاجتهاد بالرأي في الاحكام الشرعية يمثل بداية النظر العقلي عند المسلمين و نشأت فية المذاهب الفقهية و أينع بجانبة علم فلسفي و هو علم أصول الفقة . الشافعي و أصول الفقة : "يقول طه حسين : كان مصطفى عبد الرازق وفيا للإمام الشافعي رحمة الله". ( ) وقد أثر هذا الوفاء في حياتة العقلية و في نهجة الفلسفي تأثيرا شديدا و فتح له أبوابا من العلم لم تفتح لأحد قبلة فقد رأي أن الشافعي يفلسف في أصول الفقة و ما يتصل به من مشكلات في الدين و اللغة و استباط الاحكام من النصوص و يظهر ذلك في : 1_ الطريقة الشافعية في الأصول وهي السير على منهج كتاب " الرسالة " السؤال و الجواب و تقرير المسائل و القواعد و التدليل عليها كما في "تعريف أصول الفقة وهو معرفة أدلة الفقة إجمالا و كيفية الإستفادة منها و حال المستفيد فمثلا الادلة الجمالية أصول فقة لأن الدليل التفصيلي أنما يستدل به على الحكم الذي أفادة بواسطة تركبة مع الدليل الاجمالي الذي هو كلي له بأن يجعل الدليل التفصيلي موضوعا في مقدمة صغرى و محمولها الدليل الاجمالي ثم يجعل الدليل الاجمالي موضوعا في مقدمة كبرى لهذه المقدمه و محمولها حال ذلك الدليل الاجمالي الذي يكون معه القاعدة الأصولية فينتظم مع ذلك قياس من الشكل الاول منتج الحكم" ( ) فنرى إرتباطة بالبحث الفلسفي .
2- جمع علم أصول الفقة بين خصائص الفكر الفلسفي التي تتمثل في : أ- موقف الحيرة والدهشه مع وجود مشكلة تتطلب حلا وهو البحث عن الحكم التفصيلي من الأدلة الإجماليه ( قرآن و سنة و اجماع ....) الذي يصاحبة تأمل و تفكير ناشئ عن دهشة . ب- موقف شك منهجي يرتفع بالمجتهد فوق الإعتقادات التعسفية التي تفتقر الى براهين فيبحث عن النصوص الشرعية المتعلقة بالمسألة ويرتبها مثلا من حيث وثاقتها و دلالتها و درجتها ( الحديث المتواتر على الآحاد ) . ج- موقف نظر عقلي يرتفع فوق الشك الهدام فإذا لاحظ عالم الأصول وجود تعارض بين مدلولات و معاني النصوص الشرعية فإنه يلجأ الى التوفيق و الترجيح بينها ( العام و الخاص و المطلق والمقيد ) . د- كما أن صاحب الموقف الفلسفي يميل دائما الى الاسترشاد بما تشير بة الخبرة و يملية العقل وهذا نجده عند صفات المجتهد أو أدوات الاجتهاد التي يجب أن تتوفر في المجتهد لكي يستبط الحكم كالملكة الفقهية وهو ما يلقبة الفلاسفة بالعقل بالملكة أو العقل المستفاد و الإحاطة الكاملة بالأدله الإجمالية و التفصيلية . ه -موقف التسامح و المرونه و الموضوعية والحيادية وهذا نجدة في قواعد المناظرات الفقهية بين المذاهب المختلفة و الأصوليين وتتضمن أدابا و أخلاقا تتعلق بالمناظر نفسة و نجدة في إدراج المسائل الفقهية تبعا للمصالح المرسلة و مقاصد الشريعة . 3- منهج عملي عن طريق تحديد مقاصد الشريعة وقواعدها و لة خصائص مميزه عن المنهج الصوري الارسطي . كما يتعدد في دراسة أصول الفقة. 4- "مباحث أصول الفقة وثيقة الصلة بمباحث علم الكلام كالتحسين و التقبيح العقليين ووجوب شكر المنعم و عصمة النبي وغير ذلك ." ( ) 5 – مسألة القياس: إذا لم يوجد نص في المسألة التي يراد معرفة الحكم الشرعي فيها فإن المجتهد يجتهد في تحديد العلة الي يكمن أن تكون سببا للحكم الشرعي المنصوص علية ، فالقياس أصل و فرع و علة و تحديد العلل و شروطها من أكثر مجهودات أصول الفقة أصالة و توثيقا جاء بأصول منهج تجريبي جديد عند المسلمين " ( ). بذلك ارتقى الشيخ مصطفى برأية الى ما سبق الشافعي من المفكرين الذين لم يجادلوا في أصول الفقة وحدها بل جادلوا في أصول الدين أيضا على إختلاف مذاهبهم وهذا يدل على أنهم أنشأوا فلسفتهم من عند أنفسهم ولذلك جره وفاءة للشافعي الى استكشاف مذهب جديد في الفلسفة الاسلامية له خطرة كان جوهر كتابة تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية و لدروسة في الفلسفة التي ألقاها في الجامعة ورسالته الدكتوراه في السوربون ."فكانت النهضة الحديثة التي بدأت بالعناية بعلم الأصول على يد الشيخ محمد عبده و تلاميذه و أمكن أستقرار أسلوب جديد في التبويب و التعبير عن طريق ربطة بالدراسات الفلسفية باعتبارة منهجا أصيلا للفكر الإسلامي ودعوة للتجديد لما فية من الحيوية و الاستقرار في الحياة الفقهية ". ( ) علم التصوف : والتصوف باعتباره فرعا من فروع الفلسفة الاسلامية في مجال الوجود و المعرفة فقد درسة الشيخ مصطفى و أشترك مع ماسينيون في إصدار كتاب عن الإسلام و التصوف فيعرض الشيخ معاني كلمة صوفي و متصوف و أصلهما و الأسس النظرية كعرض لأساس التصوف و طرقة و الاحكام الشرعية من ناحية معانيها الروحية و آثارها في القلب و الأحوال والمقامات و تكلم عن نظرية المعرفة الذوقية عن الصوفية و تميزها عن المعرفية العقلية أو النقلية التي تعتمد على الصفاء الروحي للوصول الى المكاشفة والذي يؤكد ذلك نظرية الغزالي المعرفية القلبية و الوجدان الباطني فهو لم يخل أحيانا من بعض الآثار الفلسفية و الأفلاطونية المحدثه و أن هذان المستويان (صوفي و فلسفي) متمايزين في تراث الغزالي فهو تكلم عن المعرفة كفيلسوف و لم يتكلم عن التصوف المعرفي إلا من بعد تجربة و مشاهدة فتحدث بلغة الفلسفة أولا و لغة الصوفية ثانيا و هذا نوع من التطور الفكري و المعرفي للوصول الى اليقين الذي يتماشى مع حياته . كما تحدث عبد الرازق عن الأحوال و المقامات و معنى الولاية والكرامة و آراء الاشعرية و المعتزلة و الصوفية في ذلك و بحث في نبوة النساء وولايتهن وصلة المرأة بالتصوف و"قدم دراسة عن رابعة العدوية " ( ) . عارض الشيخ مصطفى أدعياء التصوف و ممارستهم البدعية التي حادوا بها عن النهج السني القويم , كما تطرق الى التصوف الفلسفي و موضوعاته وآراء القدماء و المحدثين من الشرق والغرب فية وقدم أراء لها مكانتها في حسن فهم وأستخدام تلك الموضوعات المتمثلة في نصوص وأفكار التي كانت لها كبير الاثر في التطور الفكري و الفلسفي في العالم و التاريخ بأسرة . علم الكلام : كعلم إسلامي خالص أصيل قدم الشيخ مصطفى في كتابة ( فيلسوف العرب و المعلم الثاني ) دراسة عن بعض فلاسفة الإسلام كالكندي و الفارابي وعرض لآرائهما و منزلتها في تاريخ الفكر الاسلامي . الشيخ مصطفى عبد الرازق مع الدين و الوحي و الإسلام : مع محاولة جديدة للكشف عن طبيعة التراث الديني والإسلامي في ضوء المنجزات الفكرية و العلمية في العصر الراهن سعيا لإيجاد نقاط بين ثقافتنا و ثقافة الغرب فقد تحول هذا الإشكال الى العمل على الإلتقاء بين الدين و العلم التي تمثلت في كتابة (الدين و الوحي و الإسلام ) " وإن حمل بين دفتية آراء فيها قدر من التجديف من قبل المستشرقين " ( ) التي تمت مناقشتها ووضعها على محك الحوار و التفكير حول ثلاثة موضوعات رئيسية : 1- حول حقيقة الدين بشكل عام بدءا من تحديد الدين و أصلة و تعريفاته المختلفة عند الغربيين و نقدها. 2- دراسة حول مفهوم الدين في الإسلام من تعريفه لغة و إصطلاحا وتقديم أهم الدلالات الشرعية لكلمة "دين" و مفهومه عبر القرآن .وهو يقدم تفريقا ما بين الدين و الفلسفة في عرض مفهوم الدين عند فلاسفة الإسلام و قد خصص فصلين من الكتاب للحديث عن الوحي ففي الفصل الأول يتتبع فية المصطلح و معانية في اللغة و القرآن و السنة النبوية , و في فصل آخر قدم لأهم النظريات في تفسير الوحي عارضا لمذاهب المتكلمين في الوحي خلال وحي القرآن الى سيدنا محمد صلى الله علية و سلم بواسطة جبريل ثم الوحي الحاصل بسماع كلام الله من غير واسطة وقد عرض لرأي المتصوفة في الوحي ثم قدم لمذهب إبن خلدون في الوحي كما عرض في النهاية للوحي عند المسلمين من منظور عصر الحديث . 3- وفي الجزء الأخير من الكتاب و الخاص بالإسلام قدم مصطفى عبد الرازق في ذلك الفصلين الأول لدراسة النظريات المختلفة في العلاقة بين المعنى اللغوي و الشرعي لكلمة ( إسلام ) و في الآخر ناقش هذه النظريات بأسلوب هادئ منطقي ليصل في النهاية إلى ما يراه الرأي الراجح في العلاقة بين المعنى اللغوي و المعنى الشرعي لكلمة إسلام " ( ) . قدم "مصطفى عبد الرازق " اجتهادا فكريا لنشأة الفكر الديني و مراحله و جوهرة مطبقا نظرية التطور وحاول أن يوفق كعادة الفلاسفة الاسلاميين الكبار كالكندي و الفارابي وإبن سينا وإبن رشد بين الدين و العقل بين القلب و الوجدان و إداركه الحدسي للوجود بين العقلانية النقدية القائمه على السببية أما مقالة الوحي فقد لجأ للمنهج الفقهي التفسيري أو التأويلي مستفيدا من علوم الهرمونيطيقا غير أنه أعطى جهدا مبالغا فية للمنهج الإحصائي وهو رصد للآيات و السور المكية والمدنية و بالتالي الفرق بين رصد الآيات و والسور التنزيل بالعنصر المكاني و البيئة و الموروث الجاهلي فكان الأساس لكل ما قام به المفكرون العقلانيون في المدرسة المصرية الاسلامية التي درست القرآن بداية من "أمين الخولي" ( ) . العلاقة بين الإسلام و الإيمان : إختلفت الفرق الاسلامية في معنى الايمان و الاسلام و يعلق الشيخ عبد الرازق بقولة " فالخلاف على هذه المسألة إنما هو في الحقيقة من تمحلات الفرق و إلتماسا لدقائق البحث اندفاعا وراء جموح النظر فهو مصطنع إصطناعا" ( ) .و يرى أنهم أخطأوا عندما أرادوا أن يلتمسوا أدلة من القرآن على آرائهم و دلل على صحة رأيه بأن القرآن يقرر أن الدين و احد على لسان جميع الأنبياء و هو الايمان بما يجب الايمان به و انما تختلف الشرائع أي الاحكام العملية" ( ) . و يتجلى عمق نظر الشيخ مصطفي في رأية في مكانة الأعمال البدنية في الدين فهي معتبرة بالنيات و الهيئات النفسانية التي هي مصدرها فالأعمال الخالية من الإيمان ليس لها أدنى اعتبار لأن الايمان شرط لصحة هذه الأعمال .
الفلسفة و الدين ( العقل و النقل ) : عرض الشيخ مصطفى لبيان هذه العلاقة عند المسلمين فعرض لمحاولة الكندي في التوفيق بين الفلسفة و الدين " ( ) وذكر رأي الفارابي و إبن رشد و لخص رأي الفلاسفة في التوفيق بقولة " و الدين و الحكمة عند هؤلاء الفلاسفة يفيض كلاهما من واجب الوجود على عقول البشر بواسطة العقل الفعال فلا فرق إذن بين الحكمة و الدين من جهة غايتهما و لا من جهة موضوعاتهما و لا من جهة مصدرهما و طريق وصولهما الى الانسان " و الشيخ يفرق بين طبيعة كل من الدين و الفلسفة فطبيعة الدين تقوم على الايمان و التصديق و مصدره القلب و طبيعة الفلسفة تقوم على النظر و الفكر و مصدرها العقل فهو يرفض أن تكون الفلسفة خادمة للدين و أن تتخذ وسيلة لتأييده لان ذلك يضر بالفلسفة و الدين على حدد سواء " أما ضررة بالدين فلأنة يعرض عقائدة و هي عواطف قدسية تتأثر بها النفس كما تتأثر بلغة الجمال لمناقشات العقل و مناقضاته و أنك لترى عقائد الدين في سذاجتها كانت تملأ صدور الناس " ( ) فحقائق الدين كما يراها الشيخ مصطفى عاطفة قلبية تعني التسليم و التصديق و أما محاولة البرهنة و الاثبات العقلي فانة يوقع هذه الحقائق في دائرة الجدل و المتناقضات العقلية بما يفسد جمالها و جلالها وليس معنى ذلك أن الشيخ مصطفى يرى أن هناك تعارضا بين الدين و الفلسفة بل هو يرى ضرورة إتفاقهما و تعاونهما لإسعاد الانسان و لكنهما طريقان متمايزان يتفقان في الغاية ويتعاونان على تحقيقها و لكن الدين طريقة القلب و الفلسفة طريقها العقل . دور العقل في الدين : يرى الشيخ مصطفى أن للعقل دورا في الدين صان مجال العقل خاصة الشرائع العملية وذلك لإبعاد العقل عن الجدل في الأمور الاعتقادية التي تقوم على التسليم لا الجدل وليس هذا إنكار للعقل أو أن الايمان خال من العقل بل ان العقل باستطاعته أن يعلم بضرورة الايمان و بوجود موجود كامل أبدي ليست له حدود و الموجود الذي ليس له حدود لا يحيط به إدراك العقل المحدود فالإيمان القائم على التصديق والتسليم لا يخلو من معرفة أو علم و العقل هو طريق الى معرفة الدين " وإن الذين يفكون العقول من أغلالها إنما يمهدون لها السبيل الى الحق و الدين أسمى الحقائق في هذا الوجود " ( ) . الفهم الصحيح للدين و البعد عن المغالاة : 1- الدين يدعو الى التفكر : إذا كان الدين لا يلغي العقل ، فإنة يؤكد دورة و يشجعه على التدبر و التفكر و الايات و الاحاديث تفيض بالدعوة الى ذلك فعل العقل أن يأخذ دوره في فهم الدين و تعقلة و عملية الفهم و التدبر إنما هي إلتماس المعنى من وراء صور العبادات و الأحكام التي شرعها الدين و فهم الحكمة منها و الغايه التي ترمي اليها ، لذا كان الشيخ حريصا على إلتماس المعنى من وراء العبادات و يحزرنا من هؤلاء السذج السطحيين الذين يؤدون عباداتهم دون فهم أو وعي أو إدراك لمعناها بل أن موقف هؤلاء خطر على الدين إذ يظهرة أمام الناس بعيدا عن حقيقته و الذين يلتمسون تحت شعار الدين إشباعا لرغباتهم و أهوائهم فمنهم من يكثر الزواح للرغبه في أشباع شهواته الحسية ، تحت دعوى زيادة النسل . 2- الدين بعيد عن السطحية في الآراء : كذلك كان ضد التقيد بالشكل في مختلف صورة و ما ينجم عن ذلك من جدل و خلاف و لقد تسبب في ذلك شبوع الخلاف و الجدل العقيم بين العلماء نتيجة لتمسكهم بالمظهر و عدم التماسهم المعنى و الجوهر ، وكذلك نقد أيضا إهتمامات العلماء بالقشور و بما لا يفيد و إصدار الفتوى بذلك و البعد عما يشغل الناس في حياتهم و يقوم سلوكهم و يحتاجون اليه في توجية أعمالهم فينقد مثلا فتوى العلماء في تحريم لبس القبعه "( ). إن إهتمام العلماء بالقشور جعلهم مبعدين تماما عن البحث الجاد و حول أنظارهم الى مسائل فرعية و شكلية بدلا من البحث عن الحقيقة و إدراك معنى الدين و من أمثلة ذلك أهتمامهم بمسألة تفسيق و تكفير المسلمين بدلا من الدعوة الى الدين " ولما رأيت للأديان دعاة في ( هايد بارك) ماعدا دين محمد بن عبد الله ثارت في نفسي غيرة و حمية فكدت أصدع بالدعوة الى الهدى و دين الحق ثم نبهني ناصح شفيق الى أنه ليس من الائق أن تكون هيئة كبار العلماء منصرفة الى تكفير المسلمين في مصر فيخرج لها في لندرة من يدعو الكفار الى الاسلام " فيرى الشيخ مصطفى عبد الرازق أن الجدال يكون بالحكمة والموعظة الحسنة والبعد عن التكفير والتفسيق و رفث القول في مجال البحث والمناظرة "( ) . 3 – البعد عن المعتقدات الخاطئة و الغلو : تطهير العقائد من البدع و العادات السيئة الناتج عن الفهم السطحي الساذج للدين والدعوة الى تطهير الاعتقاد الذي يرمي الى تقويم السلوك فيعود المسلم الى بساطة الدين في اعتقادة دون مغالاة .
الدين و الحياة : فالدين كما يراه الشيخ مصطفى لا يعارض مظاهر الحضارة من علم و فن و تاريخ لأهمية ذلك في حياة الانسان ونراه يعارض هيئة كبار العلماء و آراء المذهب الوهابي حول تلك الموضوعات فيقول معارضا ذلك الجمود و ضيق النظر "و لقد نبرم بدين هيئة كبار العلماء الذي يدفع بالكفر كل نزوع الى العلم و الفهم و الذوق فلما جاءنا دين نجد يهدم على ما فيها قبابا قد تكون آثار غنية و تاريخية يعرف خطرها أهل الفن و التاريخ و يقذف الجند بالحجر و يداعون بالبورى رضينا بدين هيئة كبار العلماء الذي إن جمد مره استرخي مرارا ثم هو لم يبلغ بعد أن يقذف رصاصا و يرمي أحجار " ( ) . الدين وثيق الصلة بالحياة فضروري أن تجد فيه دواءا و علاجا و واجبنا أن نفهم حقيقا الدين و حقيقة تلك المشكلات و أن نهتدي في حلها و علاجها بمبادئ الدين الصحيح كمشلكة تعدد الزوجات والضرر الناجم عنه الذي يقطع الحب من أساسه و هو أساس قيام العلاقه الزوجية فبذلك يكون الدين قائدا للمجتمع الفاضل فالدين مرتبط بحياة المجتمع و توجيه الحياه الى وجهة أصلاحية . الدين ووحدة الجنس البشري : يحقق الدين مبدأ المساواة الازم لقيام التعاون المشترك بين الجميع فيقل التنافر و التشاحن بين أفراد المجتمع الانساني و تنعدم الحروب و المنازعات بين الدول و يسود مبدأ المحبة و الإحترام كما يحقق البعد عن كل صور التعصب . وحدة الدين و البعد عن التعصب : دعوة صريحة الى وحدة العقيدة و دعوة الناس الى عبادة الله فلا يكون الدين سببا للتناحر والتباغض و الفرقة بين الناس ، و لقد أدرك الشيخ مصطفى مغبة الألم الذي يحدث نتيجة التعصب و مايحدثه من فرقة و أنقسام و أن سبب ذلك التعصب الجهل بحقيقة الأديان وأن العلم يبدد تلك الظلمة كما يدعو الى أن تتعارف تلك الاديان وأن تتعاون على خير البشرية . موقف الدين من الحرية الانسانية : لقد أخذت الحرية معاني كثيرة و صورا و عديده كالحرية النفسية و الحرية الدينية و الحرية الأخلاقية ويرى الشيخ مصطفى " أن المعنى الحقيقي للحرية هو تصرف الارادة تصرفا غير مغلوب "( ) وهذا التعريف هو ما أصطلح علية التقليد الفلسفي . ولقد لاحظ الشيخ مصطفى صعوبة مشكلة الاختيار الانساني من الوجهة الفلسفية و الدينية على السواء فقال "نظرية الاختيار الانساني نظرية معضلة في الفلسفة الحرة و في علم التوحيد وقد وجد في كل جيل أنصار للاختيار و أنصار للجبر ولكل الفريقين أدلة على تأييد مذهبه " ( ) , ويؤكد الشيخ مصطفى صعوبة المشكله من الناحية المتافيزيقية وآثر بحثها من الناحية الاخلاقية و العملية و يقول بالحرية مطلب عملي و ضرورة من ضرورات العمل و الشيخ يرى أنه ليس هناك تعارض ما بين الدين و الحرية اذا فهم الدين فهما صحيحا فالدين قد كفل للإنسان أمرين عظيمين و هما إستقلال الإرادة و إستقلال الرأي و الفكر و بهما كملت الانسانية فبذلك كان موقف الدين مؤيدا لأحد مظاهر الحرية الانسانية و هي الحرية العقلية في حرية التفكير و الاجتهاد بالرأي وظهر ذلك في دراسة الشيخ مصطفى القيمة لبداية التفكير الفلسفي في الاسلام . الجمود الفكري و التعليم الديني : -هذا الجمود الذي حمل المسيو رينان الفيلسوف الفرنسي المشهور أن يقول " على أنني أخشى أن يثبت الدين الإسلامي وحده في وجه هذا التسامح العام في العقائد ولكني أعرف أن في نفوس بعض الرجال المتمسكين بآداب الدين الإسلامي القديمة وفي بضعه من رجال الآستانة و بلاد الفرس جراثيم جديده تدل على فكر واسع و عقل ميال الى المسامحة إلا إنني أخشى أن تختنق هذه الجراثيم بتعصب بعض الفقهاء فإذا اختنقت قضي على الدين الإسلامي ذلك أن من الثابت أمران الأول : أن التمدن الحديث لا يريد إماتة الدين بالمرة لأنها تصل أن تكون وسيلة إلية و الثاني : أنة لا يطيق أن تكون الأديان عثرة في سبيلة " ( ) - هذا الجمود الذي يرى الإمام محمد عبده أن محدثها " إما عدو للمسلمين طالب لخفض شأنهم أو لاستعبادهم و إستغلال أيديهم لخاصة نفسة و إما محب جاهل يظن خيرا و يعمل شرا وهذا الثاني كان أشد نكاية و أعون على الغواية " ( ) و من هنا يتضح أن سبب الجمود جيش من المضلين الذين أتخذوا من عقيدة القدر مثبطا للعزائم و غلا للأيدي عن العمل و العامل في حمل النفوس لقبول الخرافات و موافقة الهوى التي سلبت من المسلم أملا كان يخترق بة أطباق السموات و الأرض وللجمود الفكري جناية على اللغه و النظام و الاجتماع و الشريعة و العقيدة . - أدرك الشيخ مصطفى عبد الرازق أهمية التعليم في بناء الفرد بناء سليما الذي يقوم على تربية الذوق و الفكر و الموهبة و الاستعداد و تثير العقل و تزودة بنور المعرفة والعناية بالتعليم الديني الذي أتسم بالجمود و عدم التطور و التجديد - وجة نقدة الى تلك المناهج الدراسية التي كانت تدرس في الأزهر و طريقة تدريسها و ما حاولة الأستاذ الأمام محمد عبده من تطويرها فقال " تنظر فيما يضع شيوخ العصر من الشروح و الحواشي و ما وضع الشيخ العطار و الشيخ الأمير و أضرابهما عليهما رحمة الله فيخيل الينا أننا نتلو نسخا من كتاب واحد ولقد حاول الشيخ محمد عبده أن ينعش العلم القديم و يدفعه الى الحركة والحياة فزحزح قوم عن بعض كتبهم القديمة و أساليبهم في الدرس والتأليف " كما أدرك النتائج السيئة التي تترتب على هذه الطريقة و مضارها و نتائجها فهي قاصرة عن أن تربي ملكة أو تهذب ذوقا " ( ( - إن مناهج التعليم يجب أن تقوم على أساس العناية بتربية الروح العلمية و غرس روح البحث وتنمية المواهب و الإستعدادات و ترقية المستوى العقلي و تنمية القدرة على الابتكار فالدين صديق العلم ولقد شهد بذلك كلة منهج الشيخ مصطفى التعليمي ابان أستاذيتة بالجامعة المصرية فخلق جيل من الباحثين و العلماء و كان هذا أيضا منهجة في الكتابة و التأليف و في ابان مشيختة للأزهر حقق ما يريد من ذلك الإصلاح كإدخال اللغات الأجنبية في الأزهر و إرسال البعثات . الجانب الأخلاقي : و بالنسبة لفكر الشيخ مصطفى عبد الرازق فقد أحتلت الأخلاق مكانا بارزا وجانبا كبير و ذلك لأننا نجد اهتماما كبيرا بالإنسان و ما ينبغي أن يكون عليه سلوكة ، وهو ليس مجرد باحث أخلاقي بل كان أيضا مرشدا أخلاقيا ، يهتم بتقويم السلوك وإرشادة الى ما ينبغي أن يكون علية ، فهو لم يكن من طراز الفلاسفة الذين عزلتهم الفلسفة عن المجتمع أو الذين غالوا في التقشف و الإعراض عن مشاكل الناس واكتفوا بتقديم العلم .
الأخلاق : يرى الشيخ مصطفى أن الأخلاق أشبة ما تكون بخطة ثابته مقررة تلزم بها النفس بعيدا عن الأهواء و الإضطراب ، فهي نظام للنفس وفن الحياة و بهذا تتحق الغاية الأخلاقية و التي سماها الرواقيون قديما فن الحياة ، فالنظام مظهر الكمال الوجودي الذي يتصف بالثبات والاستقرار الذي لابد للنفس أن تتمرن علية فينتج عنها الافعال الخيرة التي تتحول عن طريق العادة الى ملكة فطرية تلقائية فلا تحتاج الى فكر و طول نظر و تخرج بسهولة و يسر . الإلزام الأخلاقي : الإلزام الأخلاقي الذي يكمن في الإرادة الحرة المستقلة ، وأن العقل بوسعة أن يدرك خيرية الأفعال وشرها وهذا الموقف يتفق مع صميم الأخلاق الإسلامية . الفضيلة : يرجع الشيخ مصطفى الى تحليل النفس الانسانية على أساس سيكولوجي ، فيبين أنها تحتوي على مواطن الضعف و القوة وأن الفضيلة إنما تكون بتحقيق التوازن بين طبيعة النفس "مواطن القوة و الضعف " فإن في الطبيعة البشرية جانبا فطريا يتمثل في غرائزنا و هو ما سماه أفلاطون بالقوة الشهوانية فهذه القوة يجب أن تخضع للعقل لأن الإنسان مركب من عقل و شهوة فلابد من إرضاء الجانبين معا في توازن فيحقق مبدأ التوازن والاعتدال البعيد عن الافراط و التفريط . أسس التربية الاخلاقية : الفضيلة لا تكون بالعلم إنما تكون بالمران و تعويد النفس على الخير و تخليصها من الأخلاق السيئة التي تتحق عن طريق التربية السليمة لقد رأى الفلاسفة قديما و حديثا أن للتربية دور في تكوين الأخلاق الصالحة فلقد وضع أفلاطون في جمهوريته نظاما للتربية الصالحة للنشئ وأسس هذه التربية يجب أن تقوم على : 1-جمال الفضيلة و غرسها في النفس .2- الحب 3- مراقبة النفس و الضمير 4- التكامل النفسي 5- التماسك الاخلاقي . الفضائل الاخلاقية العملية : يتابع الشيخ مصطفى رسم الصورة الكاملة لما ينبغي أن يكون عليه الانسان فاهتم ببيان طبيعة الفضائل الإيجابية كالوفاء – البعد عن النفاق- عدم التكالب على المال أو الاسراف فيه – الإحسان و عدم التظاهر بفعلة –آداب الحديث و المجالس –الصراحة في القول و العمل). الجانب الإجتماعي : أهتم الشيخ مصطفى عبد الرازق بالوجهة الاصلاحية في المجتمع فكان من أولئك الرواد الذين قدموا مشروعا أصلاحيا عن طريق إقامة أساس سليم للحياة المجتمعية ، فوقف موقف الناقد لما هو سائد في المجتمع من عادات و تقاليد و ما يعانية من مشكلات ، والإصلاح يقتضي التغيير الذي هو ضرورة للتقدم الإجتماعي عن طريق تغيير المضمون لا الشكل الذي يحقق أغراضا و أهدافا . العادات : نقد الشيخ العادات التي تسود المجتمع و عالجها معالجة إصلاحية كعادة ذيوع الجهل في المجتمع و الافعال الباطلة المتعلقة و العادات المصاحبة للإحتفال بالأعياد وطالب بالمحافظه على النظافة و آداب الطريق العام . كان المنهج الذي طبقه الشيخ مصطفى في دراستة للعادات قائم على الطريقة التاريخية أي دراسة الظاهره و ردها الى عناصرها الأولية و تتبعها حتي تصل الى الشكل الأخير كما تتسم هذه الطريقة بالموضوعية . الأصالة و التجديد : يدعو الشيخ الى غربلة التراث القديم و تنقيتة مما شابة و الأخذ بالصالح منه و المحافظة علية وكذلك نقد الجديد و تمحيصة و أخذ الصالح منه فيكون الأساس أعمال العقل و الفكر و الروية لأخذ الصالح من الجديد و القديم دون تخلف أو تعصب و هذا يجعل الأمه تسير في سبيل الرقي و النهوض " وكل ما نرجو لهذه الأمة هو أن لا يسوء ظنها بالحديث و أن لانحتقر القديم فإن مجدها المأمول يقوم على الأخذ بالحديث و احترام القديم " ( ). حرية المرأة : مساواة المرأة في الحقوق مع الرجل كحق العلم و العمل و حريتها السياسية و الاجتماعية فإن لها دور كبير باعتبارها نصف المجتمع و يرجو الشيخ أن تتجه المرأة نحو نشاطها الرئيسي و هو ميدان البر و الخير ولابد من العلم و التربية لها حتى تكون قدارة على الإدراك و حسن الممارسة لتلك الحقوق . العدالة الإجتماعية : دعوة لرفع الظلم الإجتماعي وإقامة العدالة الإجتماعية بتوزيع الثروة القومية و الدخل القومي بين المواطنين تبعا لعمل و ملكية كل مواطن دون حدوث إستغلال . ويصف الشيخ الحالة السيئة التي عليها الطبقة الكادحه من الفلاحين في المجتمع المصري فيقول " و ما يكون لامرئ شهد ما شهدته من نصيب الفلاح في الصيف من قلة الوسائل لتوقي الحر و على سوء الغذاء و أسباب الراحة في المسكن إلا أن يشعر بالظلم البالغ في توزيع الثروة بين قومنا و في توزيع العمل ،الفلاح المصري أكثر الناس عناءا في السعي الى تحصيل العيش و أقلهم متاعا و أضيقهم " . الجانب السياسي : و الشيخ مصطفى كانت له مشاركه عملية و نظرية تمثل هذا الجانب السياسي ، فلقد كان عضوا في الحزب الديمقراطي كما تولى الوزارة و الجانب النظري من فكرة السياسي هو : وحدة الجنس البشري : إيمان الشيخ بوحدة الجنس البشري و المساواة بين الناس فلا تكون التفرقة بين البشر على أساس من الجنس أو الدين وبذلك يتحقق مبدأ المساواة و التعاون المشترك و يقل التنافر و التشاحن في المجتمع الإنساني ، وتنعدم الحروب و المنازعات بين الدول . العلاقات بين الدول : لابد أن تكون العلاقات بين الدول على أساس الايمان بوحدة الجنس البشري ، فيكون أساس العلاقة بين البشر الألفة و المحبة و التعارف ، فتنعدم الحروب العدوانية و الغير المشروعة أما الحرب المشروعة و هي الحرب التي يضطر إليها المرء الى إقرار حقه بالقوة ، كما يقول "كانت " "في مرحلة الفطرة حيث لا يوجد قانون" ( ) ، و تلجأ الدول لاقرار حقها ضد السيطرة والاحتلال بعد فشل جميع المحاولات السلمية ،فقد أدرك الشيخ قيمة الحروب المشروعة وما تؤديه الحروب رغم شرورها من دور في بناء عزة الأمم و رقيها وليس في هذا الموقف ما يناقض السلام ويدعو الحرب ، بل هو داعية للسلام ، لكنه يدرك الفرق بين السلام و الاستسلام . نموذج لوحدة الأمم : أعطى الشيخ نموذجا حيا لوحدة الأمم ، وما يجب أن تقوم علية هذه الوحدة و لقد رأى ذلك في أمم الشرق حيث تتوفر عناصر الوحده وحدة التاريخ و الهدف و الدين و الروابط الروحية كالشعور القومي ووحدة الصف تحت أي شعار فالأسباب القوية للوحدة موجودة ولكن لابد من قيامها حتى تكون أمة واحدة تتعاون و تتآلف مع المحافظه على شخصية كل شعب في داخل نظاق الوحدة الشاملة دون تعصب . أهمية التاريخ : التاريخ من العناصر الأساسية لتكوين الأمة ، وشعور الأفراد بأنهم ينتمون الى تاريخ واحد يجعلهم أشد حرصا و تمسكا بوطنهم و تاريخهم ، ودافعا لهم للعمل على رقي وطنهم و على الأمة أن تعي تاريخها وعيا كاملا ولابد لتحقيق ذلك من قيام دراسة عملية للتاريخ تخضع لمنهج علمي فهي تحفظ التاريخ من أيدي العابثين المزورين . مبدأ المساواة و سيادة القانون : يعتبر مبدأ المساواة حجر الزاويه في كل تنظيم ديمقراطي للحقوق و الحريات العامة ، فهو من الديمقراطية بمثابة الروح من الجسد ، وينبثق منة مبدأ آخر وهو سيادة القانون ، فالكل أمام القانون سواء ، و للقانون قدسيتة و حريتة ، بل على الجميع أن يحترموا القانون حكاما و أفرادا الذين يتمتعون في ظلة بكافة حقوقهم المدنية و السياسية. صفات الحاكم و القائمين بالخدمة العامة : لقد أهتم أفلاطون في جمهوريتة بطبقة الحكام ، فلا يصلح أمر الدولة إلا بصلاح هؤلاء لقد وضع نظاما لتربية الحكام يكون على أساس الجدارة و الاستحقاق ، ولا ينضم الى هذه الطبقة إلا من لدية الاستعداد و الموهبة و القدرة ، كذلك تعرض الفارابي الى صفات رئيس المدينة الفاضلة ،و إشترط الامام محمد عبده فمن يندب للخدمة العامة في الأمة القوة و الارادة وقوة الشكيمة وهما صفتان يراهما الأستاذ الامام من الصفات النادرة عند أكثر معاصرية ، ثم تأتي (الذمة ) أو الإخلاص في العمل ، وروح التضحية " ( ) , و رأي الشيخ مصطفى فيمن يتصدر للعمل السياسي أن يجمع ما بين الدين و الأخلاق فيقول " أيها الناخبون : تخيروا لمجلس النواب من له دين و له مع الدين خلق " . وظيفة الحكومة : قدم الشيخ نقدا كثيرا لأعمال الحكومه في عصره و إهمالها و إغفالها نواحي الإصلاح خاصة في الريف ، أو إصلاح أحوال المواطنين وتهيأة حياة كريمة لهم ،لقد كان الشيخ مصطفى شديد العناية بأمر هذه الطبقة العاملة فنادى بالتوزيع العادل للثروة بين المواطنين ، وتوزيع أعباء العمل بينهم بحيث لا ينحصر الفقر و العمل في طبقة الكادحين و هذا ما تدعو الية المذاهب الاشتراكية الحديثة " ( ) ، و هي نظرة إصلاحية ووسيلة لاقامة العدل الإجتماعي وعلى الحكومات أن تقيم العدل بين جميع أفراد الأمة ، ومن واجبات الحكومة توفير الأمن و أن تهيأ فرص العمل المناسبة كما يجب عليها معاملة المواطنين بالحسنى , وأن تكون خير تمثيل لآداب الأمة كذلك محاربة العادات الوظيفية السيئة و تقديم خدمة للمواطنين بسهولة بتبسيط الاجراءات التي تستخدمها الأجهزة الحكومية في عملها . و من المهام الرئيسية للحكومة هي حراسة القانون و تطبيقة .فإذا سدت الأمة حاجة الأفراد كانت عونا لهم في تقديم مشاريع العلم و التعليم فينال كل مواطن حقة في التعلم لأهميته في رقي الأمم . فواجب العلم لا يقتصر على الحكومة بل لابد من مساهمة الأفراد القادرين بالمال و المعرفة بالمشاركة في توسيع قاعدة العلم في البلاد لإنجاح دعوة جامعة الشعب التي دعى الشيخ الى المسامع في تعضيدها و مساندتها و لقد ساهم في تأسيس تلك الجامعة مع الأساتذه الموجودين في مصر في ذلك الوقت فكانت النواة الأولى لإنشاء الجامعات المصرية بعد ذلك . كذلك دعى أن يكون الإهتمام بنظام التعليم بألا يكون مجرد إعداد وظيفي للفرد بل لابد من الاهتمام بالروح العلمية سواء في المدارس أو الجامعات حتى ينتج حب العلم و المطالعة عند الطلاب لتوسيع مدارج العقل وفتح أبواب الفكر لأن عدم الأقبال على القراءة جاء نتيجة الأسس الخاطئة التي يقوم عليها التعليم في المدارس مع الاهتمام بالتربية الأخلاقية التي تسبق العلمية فهي أساس أي إصلاح سياسي . حرية النقد : ان حرية النقد و حق الانسان في التعبير عن رأية هو من أهم دعائم إصلاح حال الأمم ولقد قدم الشيخ مصطفي صورا عديدة من النقد كنقده لقرارات الحكومة و العادات الإجتماعية ، ينبع عن ذلك إيمانه الشديد بحرية الرأي وحق التعبير عن الرأي . الجانب الفني : الفن في رأي الشيخ مصطفة تعبير عما يجيش في النفس ، فالفن وثيق الصلة بالحياة فإن دلالته هي البحث عن قيم للحياة لأنه إحساس نابض بما في الوجود من قيم جمالية يعمل الفنان على إبرازها ،حتى يزيد من إحساسنا بعمق الوجود فهو يبحث عن معنى الحياة من خلال بحثة عن القيم ، وهو يرى أن معنى الحياة ليس مطالب الجسد و مشاغل الحياة المادية بل هو رهن البحث عن القيم و السعي وراء المعاني الروحية ( ). ويشير الشيخ الى هذا المعنى في أحد الفنون و هو الشعر فيرى صدق العاطفة و الإحساس في النفس و الفن في رأية هو ما ينبع من النفس ، و يعبر عن أحاسيسها و شعورها و أن يكون صورة صادقة للجزء الباطني لدى الانساني وأنه من ألطف أبوابة فهو وصف للعاطفة المتغلغله في النفس و للغرام و لوعتة المميته وبشاشته المحببة فلابد من صد الشاعر و خاصة في الكلام عن النسيب و يقول الشيخ معبرا عن ذلك " و لقد نتمنى أن يعلم شعراؤنا حق العلم أن النسيب مسلك في الشعر وعر ، لأن المجيد فيه لابد أن يكون ذا لوعة تهتز أوتار قلبة بتباريح العشق الكبير أو أن يكون صناعا قوي الإحساس قوي الخيال قوي النفوذ الى أعماق القلب "( ) وكما يكون الفنان صادق مع نفسة فإنه يكون كذلك صادقا مع عصرة ،فسترى روح عصر في فنة وتشيع في أسلوبة فنرى الشيخ يمدح البهاء زهير لمصريتة التي تشيع في كل أشعارة ، وتسري في عواطفة و أسلوبة فيقول الشيخ " ولست أعرف شاعرا نفحت مصريته من روحها ما نفحت في البهاء زهير فهو مصري في عواطفة وفي ذوقة و في لهجته الى الغاية القصوى " ( ). الفن عند الشيخ مصطفى لة تأثيرة على النفس إذ يوقظ الإنفعالات و يحرك العواطف و الإحساس بالذة و السرور ، فنرى الشيخ مصطفى يصف وقع قطعة موسيقية على نفسة فيقول " سمعت أصيل اليوم نغمة موسيقية من بيانو هبطت الى من دار في طريق كنت أسلكة فشعرت كأن حزنا مملوء بالعواطف والرحمة تنصب به النفس من كل ناحية ووجدت لذة داخلة في إعمال النفس لهذا الحزن الطروب ما أحوج القلب الذي تضمة ضلوعي الى كل مايهز الاحساس من ألم و لذة و طرب " و الشيخ مصطفى يوافق ما ذهب الية ديكارت من قبل و هو أن موضوع الموسيقى هو الصوت وأن غايتها تبعث فينا الشعور بالتلذذ "( ) والفن في رأية أشباع لحاجة الطبيعة البشرية و تعبير رمزي يرمز الى معاني سامية لها دور في تربية الذوق و الاحساس وترقيته في الانسان فهو يربط بين الذاتية و الموضوعية و يرى للفن دوره في المجتمع و خدمة قضاياه . الفن الصحيح : يرى الشيخ مصطفى أن الفن الصحيح هو الفن المتكامل البنيان و والفن الهادف البعيد عن التكلف الذي يوصل المعاني و الأهداف بأسلوب محبب الى النفس الذي يرقى بذوق المستمع الذي لايطرب إلا للفن الأصيل الذي يأخذ بمجامع قلبة و نفسه و يطرب سامعة ويصور طبيعة الفن الأصيل في حديثة عن "أم كلثوم " فيقول " تظهر أم كلثوم بادئ الأمر رزينة سكينة و تشدو بصوتها الحل شدوا لينا ، من غير أن يتحرك طرف من أطرافها ، إلا هزة لطيفة ،تنبض بها رجلها اليسرى أحيانا ، ثم ينبعث الطرب في هيكلها كله فتنهض قائمة و ترسل النغمات متعالية تذهب في الآفاق هتافا مرددا أو ترجع رويدا حتى تتلاشى حنينا خافتا " ( ) ،الفن الصحيح هو الذي يلتزم بمبادئ اللأخلاق و ما يقضي الذوق العام حتى لا يكون مبتذلا منفرا الاخلاص ضروري لخلق الفن و يحدث أثرة في نفوس الجماهير و يجعل الفنان يبذل أقصى طاقاته لاتقان عمله مع جودة في الأداء أما دون ذلك فهو عمل خليق بألا يوصف بالفن . مفهوم الجمال : يرى الشيخ مصطفى أن الجمال متفاوت الدرجات و المرات يعلو بعضها فوق بعض و أعلاها الجمال المطلق الذي يعجز الناس عن إدراكة وأول مراتب الجمال هو الجمال الحسي الذي يثير في نفوسنا معاني الجمال الروحية و لقد اقترن الجانب الحسي و الجانب الروحي في الجمال عند الشيخ مصطفى و اتزجت المادة و الروح فهو لم ينكر الجانب الحسي ولكنة لم يقتصر علية فان جمال الشكل انما هو طريق لجمال المضمون و ما يثيرة هذا الجمال من معاني روحية فيقول "نظرات خلابة تبعث في النفس أنواعا من الخشوع و المهابة و الرحمة جميعا على ما ترى في صورة المسيح بن مريم و صورة أمة العذراء " فالجمال بذلك ليس جمال الشكل وحده بل هو جمال شكل ومضمون ثم ترتقي مراتب الجمال من الجمال الحسي الى الجمال العقلي ويثمل في جمال الفكرة " هو جمال الفكرة أو العاطفة التي يراد بالبيان العبارة عنها " . الجمال تناسب : أن الجمال تناسب وتناسق بين الأجزاء فالجسم الجميل هو ما تتناسب أعضاؤة والجسم الجميل ما يتوافر فيه التناسق الذي يتناسب مع الذوق العام لذا فالشيخ مصطفى يرفض أن تقلد المرأة المصرية زميلتها تقليدا أعمى في الزي و غير ذلك فلا تأخذ كل ما هو أوروبي على علاته بما لا يحقق التناسق و يبعد الجمال .ولا يتفق مع التبرج أو التغالي في الزينة و ما الى ذلك مما يتنافي مع الذوق الجمالي و مع التقاليد و الأديان " ( ) أثر الجمال : سبق الاشارة الى تأثير الجمال على النفس بما يثيره من معاني روحية و عواطف و احساس باللذة و السعادة الروحية وكذلك الجمال الأخلاقي و غرسة في نفوس الناس وفهمة وهذا أساس التربية الأخلاقية عند الشيخ مصطفى. كما أن الجمال مصدر للإلهام ومهبط لوحي الأفكار ومجال للتأمل و منبع للفكر والتأمل لقد رأى الشيخ مصطفى في جمال الطبيعة مثار لكل هذه المعاني و مصدرا للراحة النفسية ففي وصفة لحديقة ليكسمبور يقول " و بين جنايا هذه الظلال نجد فنانا عاكفا على تصويرة و مفكرا مستغرقا في تفكيره و شاعرا يستنزل الوحي من سماء الشعر " إن المناظر الطبيعية و جمالها وقوة تأثيرها على النفس لا يتوفر إلا لكل متذوق للجمال عارف بقيمتة ( ). عاب الشيخ مصطفى على المجتمع المصري عدم إقبالة على صور الجمال وأشكالة المختلفة بل و قسوته في تحريم مجرد الحديث عنه ، فنراه و هو يصف احدى الحفلات يحجم الحديث عن جمال المرأة و حسن ذوقها وذلك الموقف المجتمع المتزمت الذي لا يستسيغ الجمال ولا الحديث عنة ويقارن بين موقف هذا المجتمع و بين المجتمع الأوربي الذي يهتم بأشكال الجمال المختلفة متحدثا عن ضرورة متابعة حركات الرقي في الذوق لأن الجمال لازم لإنسانية لا يمكنها الاستغناء عنة وقارن بين حفلات أوربا و ما يظهر فيها من معارض الجمال و الزينة و ما يحدث في حفلاتنا وأثر ذلك على الذوق الفردي . خاتمة إن ما قدمة الشيخ عبد الرازق ليس مجرد إقتراحات إصلاحية لتجاوزات فكرية إنما جاء منهج الشيخ عبد الرازق كتطبيق لرؤيتة المنعكسة عن دراستة العميقة للفقة الإسلامي التي جعلتة يتتبع مسيرة الإجتهاد بالرأي فاستطاع أن يثبت من خلالها مدى سعة مجال العقل في فهم الشريعة و الحرية التي تمتع بها المسلمون الأوائل و هذا مما لاشك فيه ما نحتاجة لمعالجة ما أصابنا من الجمود الفكري و التعصب المذهبي اللذان كانا ولا يزالا سببا لتعطيل مسيرة النهضة العلمية قديما و حديثا . وهنا نستخلص عدة فوائد منبثقة من هذه العملية الإصلاحية السابق ذكرها والهدف من هذه الفوائد التحقيق و التطبيق لأن الأفكار لم توضع لكي تكون سجينة الكتب و المراجع إنما وضعت للتنفيذ على أرض الواقع ،و الفوائد هي : 1-الإهتمام بدراسة مناهج رواد الفكر المعاصرين كمحمد عبده و الأفغاني و الكواكبي و عوامل نشأة هذه المناهج و عناصرها و نتائجها مع الإهتمام بالمناهج البحثية عند ديكارت مثلا و تطبيقها . 2- إن مشاركة العلماء والمفكرين و الفلاسفة لا تنحصر علميا فقط ولكن تشمل المشاركة الفعلية بالعمل في مجتمعاتهم لحاجة الأفراد للقدوة الفعلية . 3 - ربط الأصالة بالمعاصرة عن طريق الفهم الجديد للنصوص التراثية و الأعمال الأدبية القديمة . 4 – توجيه الأفراد و المجتمعات ذات الثراء المادي و الفكري التي لها أهتمام بالعلم و العلماء نحو المسيرة العلمية و مدها بالوقت و الجهد و المال لدعهما و خير مثال على ذلك "آل عبد الرازق" التي ظهر منها علماء في الدين و الفلسفة و القضاء التي كانت لها دور في المجتمع حولها على مر عدة سنين و يذكرنا ذلك "ببني شاكر" في الدول العباسية و عناية تلك الأسر بعملية الترجمة للنصوص اليونانية . 5 – ضرورة مواصلة عملية التأصيل للفكر الإسلامي و ردة لعناصرة الإسلامية الأولية الخالصة عن طريق دراسة التراث و آثار السلف . 6 – التركيز على مجال الفقة و أصولة كأرض خصبة للدراسة الفلسفية و المنطقية الإسلامية الأصيلة . 7- عدم حصر علم الكلام و فلسفة الفكر الإسلامي في المقدمات الجدلية و التعقيد اللفظي و لكن تعزيزها بالمقدمات البرهانية في إيجاز غير مخل مع ضرورة معرفة القواعد المنطقية لأنها الأداة . 7 – الإنفتاح على الغرب وتيسير سبل الدراسة للنصوص الغربية و إعادة فهم تلك النصوص بصورة جديدة كنصوص وشروح أرسطو و أفلاطون و الأدب الغربي القديم . 8- تجديد فهم العلاقة بين الدين و الفلسفة مع إيجاد نقاط الإلتفاق و الإختلاف بينهم و دور الدين في الحياة . 8- ضرورة الفهم الواعي لمفهوم النفس وكيفية تربيتها و تصفيتها من الشوائب عن تحسينها بالأخلاق الحسنة العملية عن طريق عملية التصوف و خبراء النفس و التربية . 9- الإهتمام بالظواهر الإجتماعية و عملية التثقيف و التعليم لإنهاء ظاهرة الأمية الثقافية و تقرير مبدأ المساواة بين الأفراد و تنمية مفهوم الإبتكار عند الفرد . 10 – ضرورة التثقيف السياسي و حرية النقد للحكومة والحاكم و مبدأ الحرية الإنسانية ومفهوم التاريخ و عوامل الوحدة بين الأمم كالدين و الجنس و غيرة . 11- تنمية الذوق الفردي و العلم بمفهوم و أثر الجمال فهم طرق الحكم و النقد في المجال الفني و الأدبي . 12 – نشر الفن الهادف و العمل على إيجادة دائما .
#نادر_عمر_عبد_العزيز_حسن (هاشتاغ)
Nader_Hassan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما الغاية من وجود الانسان عند الرومانسيين و الفلاسفه الحداثي
...
المزيد.....
-
برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع
...
-
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه
...
-
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
-
مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
-
العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال
...
-
اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
-
هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال
...
-
ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
-
مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد
...
-
موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|