|
الاستغلال السياسي للدين والطائفة
ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)
الحوار المتمدن-العدد: 6877 - 2021 / 4 / 23 - 13:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الاديان والطوائف في عالمنا العربي والاسلامي لم تعد مجرد ايمان وانتماء الى دين او طائفة معينة والدفاع عنها فكريا ، بل اصبحت إستراتيجيات خطيرة لتنفيذ اهداف سياسية ومصالح دولية واقليمية متعددة . وعندنا في العراق وسوريا ولبنان واليمن والان في ليبيا وتونس ، وقبلها في مصر والجزائر تم توظيف الدين والطائفة لتفتيت المجتمعات العربية واضعافها وبالتالي السيطرة عليها ، واذا اخذنا العراق انموذجا نجد ان اول خطوة قام بها الامريكان عند احتلال العراق تشكيل مجلس حكم يستند على طوائف ومكونات لتقسيم المجتمع الواحد الى فئات متناحرة . وجاء الدستور ليعزز هذا المبدأ . الا اننا نجد في امريكا مثلا اديان وطوائف شتى ، ولكن الدستور الامريكي لم يؤسس الدولة على وفق هذه التقسيمات سواء على صعيد السياسة اوتوزيع السلطات الاجتماعية .
لقد تحولت الشعوب العربية الى طوائف متناحرة ، تحت شعارات اسلامية متعارضة ، حتى اصبحت الحروب الطائفية السمة الاساسية لهذه المجتمعات ، وبذلك يتم التخلص من كل فكر عربي جامع او تقدمي او حضاري للبلدان العربية . وتم تاكيد هذه السياسة بعد حرب 1973 التي اثبت فيها العرب قدرتهم على مواجهة التمدد الصهيوني ، واعطى مؤشرات خطيرة على امن الدولة العبرية .
واذا كانت الدول العربية تواجه اسرائيل كل عقد من الزمان تقريبا ، فان العرب الان يحاربون بعضهم بعضا داخل كل دولة عربية ، وهناك من يسأل مالذي فعله العرب ؟
وكأنه وجد الحل !
لقد فعل العرب على ضعفهم مالم يفعله دعاة الممانعة والمقاومة والشعارات الاسلامية الاخرى .
التحالف الاستراتيجي الاسرائيلي الامريكي وظف الاختلاف الطبيعي بين الطوائف والقوميات الى حروب اهلية دامية مازالت مستعرة الى وقتنا الحاضر ، بدل التعايش السلمي الذي كان سائدا . وجعل من تركيا وايران ودول اخرى مخالب قط اقليمية لتنفيذ هذا المخطط . ولو كانت هناك حرب طائفية فعلية فلماذا لاتتقاتل تركيا وايران مثلا . ولماذا ينسقون مواقفهم لتجنب أي صدام محتمل . بل انهم يتبادلون المصالح والمنافع على أرضنا العربية . وحتى البيادق التي يلعبون بها هم العرب انفسهم ، بعدما تم تغيير معتقداتهم وافكارهم على مدى سنوات من تطبيع السلوك الجمعي العربي وتحويله الى ديني طائفي متعصب . وبعد تنفيذ الحرب الطائفية المفتعلة في العراق تم تجنيد السوريين للقتال فيما بينهم قبل ان يسخروا فيما بعد في حروب اقليمية مثل ليبيا واذريبيجان غيرها .
وفي اليمن تم استغلال طموح الشعب اليمني( بما فيه الزيديين والحوثيين) لحكم عادل وآمن ، فحولوا الحراك الجماهيري اليمني الى حرب طائفية لم ولن يستفد منها احد ، فحل الجوع والمرض والخراب في كل مكان .
لقد شهد جيل كامل بأم عينيه عملية شيطنة وتشتيت صراع الشعب ضد الدكتاتوريات والأنظمة السلطوية في المشرق العربي ومغربه ، وحرفه إلى صراعات محلية واقليمية ، تتبنى خطاب الشحن المذهبي والطائفي . وقد ساهم هذا الاستقطاب في تهميش مطالب الشعوب وتطلعاتها إلى الكرامة والحرية . ورافق ذلك استخدام الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات لتأليب الناس بعضهم ضد بعض . ففي العراق مثلا هناك اكثر من خمسين محطة فضائية طائفية ، اضافة الى محطات اقليمية وعربية موجهة لهذا الغرض .
لم يدرك العرب الى يومنا الحاضر مخطط تقسيم وتفتيت مجتمعاتهم وبالتالي افشال دولهم . هذا المخطط الذي بشر به بريجينيسكي مستشار الامن القومي في عهد الرئيس كارتر . والذي يقوم على اساس التفتيت الطائفي والعرقي للدول العربية . لقد صرح أرييل شارون الذي كان وزيرا للدفاع فى مقابلة مع صحيفة معاريف فى 18/12/1981 أن الظروف مواتية لتحقيق مشروع تفتيت الدول العربية، وبسط الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة .
في مصر وهي اهم دولة في العالم العربي ، تم افتعال العديد من الفتن الطائفية ، وخصوصا بعد ثورة 25 يناير ومثلت اكبر تحدي للشعب المصري . وفي عهد محمد مرسي ، اصبحت الخطابات الطائفية اكثر وضوحا ، مما اثارت المرارة في صفوف المصريين . ولولا الحركة التصحيحية للجيش المصري بمؤازرة الشعب الواعي لذهبت مصر الى المجهول .
وبعدها تحولت الدول العربية الى منطقة حروب اهلية طائفية فتم تدمير الدولة في سوريا ، ثم لبنان وليبيا . وفي العراق قامت الحكومات المتعاقبة بتجريده من الصناعة والتجارة والزراعة . وعطلوا الطاقة الكهربائية عصب الحياة التكنولوجية فانتشرت البطالة بين الشباب وعلى الاخص في الجنوب البائس الفقير . ونشروا الرشوة والفساد وتزوير الانتخابات والتلاعب بالرأي العام في كل مكان ، وانسحب ذلك الى اغلب الدول العربية التي تعطلت فيها كل مقومات الحياة الكريمة .
في العصر الحديث قامت دول كثيرة ، غربية وشرقية بتفكيك التكتلات الدينية والعصبية التي كانت سائدة عندها ، ليحل محلها افكارا وعقائد وطنية تستند على ايديولوجيات سياسية واجتماعية . فساعد هذا التوجه على نشر روح المواطنة والتعاون المشترك في الدولة الحديثة . وعزز قيم التسامح واحترام الآخر ومعتقداته ، بعيدا عن اي انتماءات دينية اوطائفية .
الوطن هو بيتنا الكبير والسقف الذي ياوينا ويضمنا ويحمينا . ويتوجب علينا تعزيز الروح الوطنية والولاء له والدفاع عنه لاتفتيته وتقسيمه .
وكما بدأت عمليات التوظيف الطائفي لتخريب المجتمعات العربية من العراق بعد احتلاله ، فان عودة الوعي ستأتي هي الاخرى من العراق ، وسيعود الوعي الجمعي العربي البعيد عن التوجهات السياسية الدينية والطائفية في كل المنطقة . ليحل الفكر التقدمي المتحرر الواعد بمستقبل أفضل .
#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)
Adham_Ibraheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فنجان القهوة . . وماوراءه
-
العلمو نورن
-
في ذكرى الغزو الأمريكي للعراق
-
هل سيكون بايدن غورباتشوف امريكا؟
-
استبداد الاغلبية
-
الدين التوحيدي الجديد
-
الصراع العثماني الفارسي على ارض العراق من جديد
-
توجهاتنا بين الدائرة والخط المستقيم
-
الى مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة . رسالة مفتوحة حو
...
-
الجهالة والتجهيل برداء اسلامي
-
اشكالية التمسك بالماضي والحداثة
-
الصراع الدولي والاقليمي حول مشروع ميناء الفاو
-
ملامح سياسة بايدن في الشرق الاوسط
-
بيت العراق من يرممه ؟
-
رسالة مفتوحة الى ممثلة الامم المتحدة في العراق
-
انتفاضة اكتوبر العراقية . . الواقع والمآل
-
عقوبة الاعدام بين مؤيديها ومعارضيها
-
فشل النموذج الامريكي للديموقراطية
-
الدعوة للاقليم السني
-
قتل المدرس الفرنسي. بين التعصب والتسامح
المزيد.....
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
-
مستعمرون يقطعون أشجار زيتون غرب سلفيت
-
تسليم رهينتين في خان يونس.. ونشر فيديو ليهود وموزيس
-
بالفيديو.. تسليم أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يونس
-
الصليب الأحمر يتسلم المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وجادي
...
-
القناة 13 العبرية: وصول الاسيرين يهود وموسيس الى نقطة التسلي
...
-
الكنائس المصرية تصدر بيانا بعد حديث السيسي عن تهجير الفلسطين
...
-
وصول المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وغادي موزيس إلى خان ي
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|