محمد مسافير
الحوار المتمدن-العدد: 6877 - 2021 / 4 / 23 - 09:45
المحور:
حقوق الانسان
شهد التاريخ البشري بربرية ووحشية رهيبة في عقاب الجناة، نذكر مثلا ما حدث لروبرت فرونسوا، الذي حاول اغتيال الملك لويس الخامس عشر، تم حرقه بالشمع والرصاص المصهور، ثم تم سكب الزيت الساخن إلى داخل الجروح، ثم تم تقطيعه بواسطة أربعة أحصنة تجر في الاتجاهات الأربعة، تخيلوا بشاعة المنظر!
كان يتم أيضا استعمال كرسي هرمي الشكل رأسه حاد، يعلق الجاني من أطرافه الأربعة، ثم يقومون بتنزيله على الكرسي، فيدخل الرأس في دبره حتى الموت.. علما أنه قد يموت بعد ساعات أو بعد أيام من العذاب..
حدث أيضا وضع الجناة في قدر مائي أو زيتي أو مليء بالقطران يغلي على مهل، أو تقطيعهم إلى أجزاء أو تحطيم الجمجمة بصفيحتين من حديد يتوسط الصفيحة الأعلى برغي...
خلاصة القول، أنه قد كانت تلك الأنظمة تتفنن في طرق التعذيب على نحو يعكس سادية غير مبررة إطلاقا...
اليوم، تمت القطيعة تماما مع تلك الأشكال الهمجية، وبدأ ينظر إلى العقاب كوسيلة تهدف إلى غاية، وليس غاية تشفي غليل مرضى النفوس.
لماذا نعاقب؟
الإجراءات العقابية تهدف إلى أمرين أساسيين أولهما: إعادة تأهيل الجاني، ثم ثانيا: إلى الردع.. وحينما تكف العقوبة عن تحقيق هذين الهدفين، يستلزم البحث عن أشكال بديلة...
كانت الكثير من الأمراض حتى العصور الوسطى تعالج بالموت، كالجدام والتوحد والصرع، حيث كان يتم ربطها بالسحر أو المس، وأزهقت الكثير من الأرواح وأريقت وديان من الدماء دون أن ينتهي المشكل. لكن العلم تطور، وأصبح يناقش أمورا أكثر تعقيدا.
المثليون أيضا كان لهم حظهم من القتل، لكنهم عجزوا عن القضاء عن المثلية، واليوم، تعتبر حقا مقدسا في جميع الدول الديمقراطية، لأن المثلية ليست اختيارا، لكنه سلوك طبيعي تجده لدى كافة الكائنات الحية.
ومع تقدم الطب والعلوم، أصبح ينظر إلى البيدوفيليا على أنها اضطراب مرضي قابل للعلاج في معظم الحالات، عن طريق الأدوية، أو العلاج الكهربائي، وأحيانا عن طريق العلاج السلوكي المعرفي تحت إشراف طبيب نفسي.
لكن هذه المقاربات، وهذه العقوبة البديلة، تستلزم وجود دولة قوية بمؤسسات حقيقية تريد حقا معالجة الظاهرة، وليس دولة غير قادرة على تأمين الحدود الدنيا للحياة الكريم، سجون في أفضع الحالات لا تنتج إلا مزيدا من الجنوح، ومستشفيات يموت فيها المرضى بأبسط داء...
المقاربة النفسية يصعب المطالبة بها في دول متخلفة غارقة في وحل الخرافة، ومن أنظمة فاسدة لا تعير أهمية للأفراد، وفعلا، هي المحدد الأسمى في تصنيف الدول وتمييز الهمجية منها من المتحضرة!
#محمد_مسافير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟