أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بلحسن سيد علي - محاكم تفتيش الجزائر الجديدة















المزيد.....

محاكم تفتيش الجزائر الجديدة


بلحسن سيد علي
كاتب ومفكر

(Bellahsene Sid Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6877 - 2021 / 4 / 23 - 02:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا عد الاختلاف استهزاء فإن المسلين منذ عهد الصحابة هم يستهزئون بالدين إلا أن غلبة بعضهم على بعض جعلت من الغالبين مستهترين ومن المغلوبين مستهزئين.
اليوم وفي سنة 2021 حكم في إحدى محاكم الجزائر الجديدة على الدكتور والباحث في الشريعة الإسلامية سعيد جاب الخير ب 3 سنوات حبس نافذ بالإضافة إلى غرامة مالية مقدرة ب 50.000 دج بتهمة الاستهزاء بالعلوم من الدين وبشعائر الإسلام، إذ تم استغلال المادة 144 مكرر 2 والتي تنص بأن: يعاقب بالحبس من ثلاث (3) سنوات إلى خمس (5) سنوات وبغرامة من 50.000 دج إلى 100.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من أساء إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) أو بقية الأنبياء أو استهزأ بالمعلوم من الدين بالضرورة أو بأية شعيرة من شعائر الإسلام سواء عن طريق الكتابة أو الرسم أو التصريح أو أية وسيلة أخرى" فيا مرحبا بك ي جزائرنا الجديدة.
الدكتور سعيد جاب الخير عرف عليه منذ سنوات عدة عرض عدة أفكار مختلفة عما هو سائد تخص قضايا الدين والشريعة من خلال ما يبثه في قناته على اليوتيب (ملتقى الأنوار) أو فيما يكتبه على مواقع الاجتماعي أو حين يستدعى في قليل المرات إلى الفضائيات أو بعض النشطات الفكرية، ولن ندخل في تفاصيل هذه الأفكار لأنها وحسب تصريحه في معظمها مسائل خلافية ولم يأتي فيها بجديد إلا أن توسع أو بين بعض الآراء المقصية من الساحة الفكرية، إلا أننا من خلال ما تبعناه له رأينا بأن طرحه علمي وكان يمكن أن يرد عليه بطريقة علمية بحتة سواء كان ما أتى به يعد مسائل خلافية أو قضايا إجماع كما يسمونها، لكن الغريب في الموضوع أن دكتور آخر قرر أن يشكل فريقا للردع من عدد من المحامين وتحويل الأفكار إلى تهم وجرائم، والأغرب أن الذين يؤيدون مثل هذه القوانين لا يمكن لأحدهم أن يأتينا بقائمة مكتملة تمثل المعلوم من الدين بالضرورة الذي لا يجوز مخالفته أو الكلام فيه، أو أن يشرح لنا معنى لكمة ضرورة بصورة منطقية بحيث ينفي كل خلاف فيها، ثم أن الفرق بين الإدلاء برأي ولو كان شاذا وبين الاستهزاء شاسع والبون بين النشاطين واسع، ثم أن الاستهزاء نفسه في القرآن لا عقوبة له إلا الإعراض لقوله تعالى في لآية 140 من سورة النساء: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعً"، ويقول في الآية 68 من سورة الأنعام: "وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" ولمن لا يستطيع فهم القرآن هاهو ابن كثير يجمع بين الآيتين في تفسير الآية الثانية وذلك بقوله: ثم قال : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا ) أي : بالتكذيب والاستهزاء (فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) أي : حتى يأخذوا في كلام آخر غير ما كانوا فيه من التكذيب ( وإما ينسينك الشيطان ) والمراد بهذا كل فرد، فرد من آحاد الأمة، ألا يجلس مع المكذبين الذين يحرفون آيات الله ويضعونها على غير مواضعها، فإن جلس أحد معهم ناسيا ( فلا تقعد بعد الذكرى ) بعد التذكر (مع القوم الظالمين ) ولهذا ورد في الحديث: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "وقال السدي ، عن أبي مالك وسعيد بن جبير في قوله: ( وإما ينسينك الشيطان ) قال: إن نسيت فذكرت، فلا تجلس معهم، وكذا قال مقاتل بن حيان .
وهذه الآية هي المشار إليها في قوله : ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ) الآية [ النساء : 140 ] أي : إنكم إذا جلستم معهم وأقررتموهم على ذلك، فقد ساويتموهم في الذي هم فيه.
ثم أن الدليل الذي يتخذونه من القرآن على أن للاستهزاء عقوبة هو دليل متهافت القوام، إذ قالوا بأنه قد ذكر ابنُ عمر وجماعة أنَّ أناسًا في عهد النبي ﷺ من المنافقين قالوا: ما رأينا مثل قُرَّائنا هؤلاء أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللِّقاء! فنُقل قولهم إلى النبي ﷺ، فجاءوا إليه يعتذرون، وسبقهم التنزيل وأنزل الله فيهم الآية 65 و66 من التوبة: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ 65 لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ" لأن الآية هذه نزلت حسب زعمهم وتفسيرهم على منافقي عهد النبي وبالتالي فحكمها خاص بهم ولا يجوز تعميمه من بعد ذلك من دون قرينة، لأن النفاق صفة مخفية ولا يمكن معرفتها إلا لمن يدعي بأنه رب أو إله. وإذا كان كل هذا الكلام لا ينطبق على أفكار الباحث سعيد جاب الخير لأنه كما أسلفنا الذكر لم يستهزئ وإنما قال فكرا مخالفا وإن كان شاذا عند غالبية المسلمين اليوم إلا اننا جئنا به لنبين زيف هذه المادة من الناحية الشرعية.
أما من الناحية القانونية فإن هذه المادة التي يتخذها المستهترون ذريعة لمعاقبة كل من يخالفهم في استهتارهم قد قيل فيها الكثير ، إذا قال بعض المحامين أن هذه المادة تنتمي إلى ما أسموه بعائلة" المواد القانونية الشمولية "وهي عائلة كبيرة ينتمي اليها عدة مواد مثل ( المساس بسلامة وحدة التراب الوطني ، المساس بالمصالح الأساسية للجزائر ، المساس بأمن الدولة، النظام العام، والفرد الأصغر هي المادة 144 مكرر 02 التي ولدت سنة 2001 )،كل أفراد العائلة لهم علاقة متميزة مع حكام الجزائر منذ الاستقلال، عائلة فضفاضة، غامضة، مطاطة وتترك مجال كبير للتفسير و التعقيب، و المعروف لدى رجال القانون عامة و المختصين في القانون الجنائي خاصة، أنه لا يمكن التوسع في النص الجزائي، أي أنه كلما كان قانون العقوبات غير واضح كلما أصبح خطر على المجتمع فكلما تركنا نافذة التفسير مفتوحة، كلما دخلت رياح التعسف لقاعة المحاكمة ولن يسلك منها متهم مهما كان انتمائه الديني أو الايديولوجي (مسلم ، مسيحي، يهودي، شيوعي، علماني، اسلامي، ديمقراطي، معارض، وطني، مع النظام أو ضد النظام ......) فرياح التعسف لا دين لها ولا ملة .وقالوا أيضا بأن هذه المادة غامضة ميتة ومميتة ومستحيلة التطبيق في الوقائع القانوني، اذا لم يفسر المشرع معنى عبارة ( الاستهزاء بالمعلوم به من الدين بالضرورة ) وماهو المعلوم وما هي الضرورة، فالقاضي الجزائي لا يستطيع التفسير، وان فعل ذلك سيكون حكمه مبني على أساس تفسير شخصي لمفاهيم دينية وليس على أساس القانون، وسيكون قراره عبارة عن فتوى دينية باسم الشعب الجزائري، وليس عن حكم قضائي في جمهورية ديمقراطية .
ورغم كل ما قلناه إلا أن حكم المستهترين باسم الدين باق وفي المقابل سيضل نضال التنوير باق في وجه الظلام وان كنا نزعم بأننا نعيش في الجزائر الجديدة إلا أن الحقيقة أننا قد عدنا لإحياء محاكم تفتيش جديدة تحت شعار ببناء جزائر جديدة.



#بلحسن_سيد_علي (هاشتاغ)       Bellahsene_Sid_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا أومن بالسحر (5) طقوس السحرة
- لماذا لا أومن بالسحر (4) علاقة السحر بالدين والعلم واللغة
- لماذا لا أومن بالسحر (3) علاقة السحر بالطب عبر التاريخ
- لماذا لا أومن بالسحر (2) أصل السحر ونشأته من القرآن
- لماذا لا أومن بالسحر (1) تاريخ السحر وكيفية تطوره عبر العصور
- شبابيك الدين تعود من جديد
- بربر أم عرب
- الثقافة في الجزائر ودوامة الحزبية والتفاهة والاستحمار.


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بلحسن سيد علي - محاكم تفتيش الجزائر الجديدة