أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - احمد الحمد المندلاوي - أوراق الخان والاستاذ شامار














المزيد.....

أوراق الخان والاستاذ شامار


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6875 - 2021 / 4 / 21 - 01:48
المحور: حقوق الانسان
    


# في السنة الثالثة من الحرب لا تزال لمندلي المدينة الحدودية حصتها في نشرات أخبار الحرب اليومية ..
غير أنها رغم هجرة أبنائها واكتفاؤهم بسماع أخبارها من تلك النشرات ...لم تكن تبدو كمدن الحرب ...مدينة أشباح او خراب او دمار ..
ما تزال مباني المدينة باقية على الشارع الرئيسي رغم وجود اكياس الرمل على الرصيف ...ومع الفجر يمكنك كسابق الايام قبل الحرب ان تشم رائحة العشب المبلل بالندى من البساتين القريبة مع نسائم الصباح ...
فهي كانت كأميرات الشرق لا تشيخ او تعجز ...بل في أية لحظة تستعيد عافيتها وتضع زينتها ...لكنها كانت الحرب ...
في تلك الصبيحة من حزيران لم تكن صفارات الإنذار هي التي تعلن توقف القصف بل صوت الفخاتي على شجرة الكالبتوس العالية امام بناية الاورزدلي تلك الشجرة كانت في السابق محطة انتظار لرواد الاورزدلي او محطة التقاء الأصدقاء ...
في الايام القليلة الماضية كان بائع شواء في هذا المكان يبيع الشواء لزبائنه من العسكر لكنه رحل كما الآخرين ولم يبقَ احد في المدينة يبيع الطعام ...
المخازن الفارغة خلف الفندق المجاور كانت مكانا ملائما للاختباء كانت أكثر تحصنا من البيوت الطينية للمدينة ...
احد الرجال القلائل الباقين في المدينة اتخذ احد المخازن ملجأ وسكنا ..لم يرحل عن المدينة ربما لم يجد احداً يرحل معه او يرحل اليه ...
او انه لمرضه وتقدمه في السن ؛ كان شارد الذهن لم يصدق ما الذي يجري ..كيف تبدو مندلي هكذا من دون أبنائها
خرج من مخبأه الى الشارع ..
المدينة تبدو هادئة هذا الصباح ربما تعب المحاربون فصوت المدافع كانت تدوي طوال الليل؛ولا صوت الآن سوى صوت الفخاتي في حزيران مندلي ..فللفخاتي في مندلي موسم عشق وغزل وغناء لكنها الحرب ...
خرج مع صوت الفخاتي الى الشارع ..هاجس النجاة من الموت اختفى، انّــه جائع الآن...قدماه المثقلتان أخذتاه لمكانه المفضل في المدينة ...الى السوق الكبير ...لم تكن طرق مجهولة يسلكها لأول مرة ؛بل هي طرق يحفظها عن ظهر القلب مع أسماء أصحاب الدكاكين في جانبي السوق وخطوط وجههم ونبرات صوتهم ...
في سوق مندلي الكبير ببضع خطوات يمكنك ان تنتقل لعوالم مختلفة من محلات الفواكه والخضار الى محلات الحبوب ثم سوق الاقمشة والملابس والى المقاهي ومطاعم الكباب .
انه سوق مندلي وفي نهايته الخان القديم ..القدمان المثقلتان تخفان مع خفقات القلب كلما اقترب من الخان القديم ...ربما استبدل ثقل قدميه في تلك اللحظة في السير الى الخان بخفة الحنين والشوق لايام قوته ...
لم يبقَ من الخان سوى ساحة ترابية؛ تم هدم الخان قبل الحرب ..لكنه كان مكانه المفضل ..
مازال يشم رائحة الماضي من تراب الخان وكأنه يعيد اليه طقوس الماضي ...مع اشخاص شاركوه الحياة في ذلك المكان كان قد بدأ عمله منذ صباه في الخان ..في شبابه كان يعمل مع أقرانه في حمل البضائع واكياس الحبوب على الظهر من الخان الى المحلات ...الخان بقى مهجورا في السنين الأخيرة ..
سيارات الحمل صارت بديلاً عن الحمير والبغال لنقل البضائع الى المدينة وما عاد يستخدم الخان؛استمر في عمله في السوق وعلاوي الحبوب، فالسوق لم يكن له مكان للعمل فقط بل ملاذا من المطر في الشتاء والحر في الصيف ومكان نزهة ومرح ومأدبة طعام مفتوحة طول النهار...
في ساعات الظهيرة كان يعود الى الخان يقضي قيلولته بعد العمل في احد غرف الخان وعند المساء يعود لبيته في أقصى المدينة ؛إنه الآن خائر القوى في ساحة الخان ..بين الانقاض .
دكان بائع الشاي جوار الخان كان مكانه المفضل لتناول الإفطار ...الشاي مع الروبة والخبز الحار ،لم يبقَ منه سوى الجدار .
خطواته الثقيلة قادته لمطعم الكباب وذكرياته مع الرجال الثلاثة في المطعم ..كانوا يعطونه كل مرة رغيفا اضافياً عند تناول الغذاء انهم غير موجودين الان ..
لقد رحلوا جميعا والمطعم مقفل كباقي السوق ...لم يبقَ احد في المدينة ليهتم بوجعه وحزنه وجوعه ...يكاد يموت من الألم والحزن قبل ان يموت بشظايا القنابل ...قدماه المتعبتان تقودانه الى وسط السوق يجثو على ركبتيه بل لربما جثت روحه قبل جسده في وسط السوق ...
انها لحظة الانكسار والضعف والألم والتيه والعزاء ...
في ركن السوق لمح صفيحة فارغة كانت للرجل الذي يجلب الماء من النهر ويرش ارض السوق ..لكنه رحل هو الآخر ..
راودته الفكرة في جلب الماء ؛حمل الصفيحة ولحظات من الأمل في ان يعود الجميع الى السوق لو رش الماء ،يعود بائع الشاي او صاحب المطعم او بقية اصحاب المحلات ...
مازال يملك قلب فتى عاشق يعشق مندلي وسوق مندلي ..
لكن كل ذلك الحلم تلاشى مع صوت أول إطلاقة مدفع؛رجع الى ملجأه..ينتظر الجميع ان يعودوا ...لكن الحرب استمرت ..وطال الانتظار !!....
--------------------------
رحم الله كل أصحاب المحلات والمقاهي والمطاعم وكل الكسبة في سوق مندلي الراحلين
تحية لكل ابناء مندلي شكرا لكل من يقرأ هذه الاوراق المندلاوية
لكل من مر من هنا لكم مني السلام
جاسم محمد شامار



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السمسار..
- احتراق : شعر /2021م
- مختصرات تاريخية 1/2021م
- عشائر كوردية1/2021م
- الشيخوخة في الشعر العربي
- كتابات مندلاوية 60/السعادة
- من أعلامنا ..د.نجوى الجلبي
- الانسان بين التوكل و المسؤولية /3
- الانسان بين التوكل و المسؤولية/1
- الانسان بين التوكل و المسؤولية /2
- كتابات مندلاوية 59/ نوروز المحبَّة/2
- كتابات مندلاوية 58/ نوروز المحبَّة/1
- كتابات مندلاوية 56/فريق الصمود
- كتابات مندلاوية 57/احمد غلام
- عشيرة قره لوس في الوثائق البريطانية
- كتابات مندلاوية 55/قصة خون
- الباب في محلات بغداد
- قصيدة العشق الأبدي
- من شعراء المعارضة / الطائي
- مع الشاعر الزبيدي


المزيد.....




- -اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام ...
- -نقل لاجئين سوريين من مساكنهم لإيواء أوكرانيين-.. مسؤول ألما ...
- ألمانيا: انتقادات حادة لشركات خاصة تدير مراكز إيواء اللاجئين ...
- آلاف من طالبي اللجوء غادروا ألمانيا طوعا بمقابل دعم مالي
- إردوغان يعلق على مذكرة اعتقال نتانياهو من الجنائية الدولية
- هيئة فلسطينية: إلغاء إسرائيل اعتقال المستوطنين يسهل جرائمهم ...
- 4 ملايين عائلة مهددة بالتفكك في الولايات المتحدة بسبب خطط تر ...
- أول تعليق لإردوغان على مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتانيا ...
- الرئيس التركي اردوغان يؤكد دعمه لقرار الجنائية الدولية باعتق ...
- كندا وكولومبيا تتعهدان باعتقال نتنياهو


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - احمد الحمد المندلاوي - أوراق الخان والاستاذ شامار