من المسؤول عن تخلف وتهميش الصناعات النسيجية في العراق ؟

عادل عبد الزهرة شبيب

الحوار المتمدن-العدد: 6874 - 2021 / 4 / 20 - 13:54
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

توجد في العراق العديد من مقومات الصناعة التي ساعدت على قيام صناعات متنوعة فيه كالصناعات الاستخراجية والصناعات التحويلية و الصناعات النسيجية والجلدية وصناعة مواد البناء والصناعات الكيمياوية والبتروكيمياوية والصناعات المعدنية والكهربائية وغيرها .
وفيما يتعلق بالصناعات النسيجية فهناك صناعة الغزل والنسيج القطني وصناعة الغزل والنسيج الصوفي وصناعة الغزل والنسيج الحريري , اضافة الى صناعة الجلود والالبسة الجاهزة وصناعة البساط والسجاد. وكانت منتجات الصناعة النسيجية تغطي جزءً مهما من حاجة السوق المحلية حيث كان الاقبال على اقتناءها واسعا لرخص اثمانها وجودتها . ومن المعامل التي اشتهرت في انتاجها , معمل نسيج الكوت في محافظة واسط الذي دارت عجلات انتاجه في العام 1966 حيث حققت منتجات المعمل مكانة لدى المستهلك العراقي , فالمعمل كان ينتج الملابس الداخلية والجوارب والأقمشة الى جانب وجود خط لإنتاج الملابس العسكرية, واليوم اصبح المعمل عبئا على وزارة الصناعة والمعادن .
كما كانت بغداد والكاظمية والحلة والديوانية تتميز بوجود معامل مهمة للصناعات النسيجية القطنية والصوفية وتعتمد على القطن والصوف العراقيين كمادة اولية . والمعروف ان اول معمل للصناعات الصوفية انشأ عام 1926 من قبل القطاع الخاص وبواسطة ( فتاح باشا ) والذي سمي المعمل باسمه وكان المعمل يتميز بإنتاجه وبجودته , الا ان المعمل تم تأميمه في العام 1964 ليتحول اسمه الى ( الشركة العامة للصناعات الصوفية ), كما تم دمج كل الشركات المتخصصة بالصناعات الصوفية والتركيبية في العراق ابتداء من ( فتاح باشا ومعامل شهداء الجيش في معسكر الرشيد والاعظمية والمنشأة العامة للنسيج الصوفي في الناصرية ,وبعد الدمج سميت بالشركة العامة للصناعات الصوفية عام 1977) .
وفيما يتعلق بمعمل نسيج الديوانية فقد تم تأسيسه عام 1976 بطاقة انتاجية ( 733340 ) متر طول شهريا لإنتاج الاقمشة والشراشف وكان انتاج المعمل يعتمد على القطن العراقي الذي يزرع في محافظات مثل كركوك وديالى وصلاح الدين ونينوى والانبار وبابل وواسط اضافة الى اربيل.
عموما لقد تخلفت الصناعات النسيجية في العراق كغيرها من فروع الصناعة وتم تهميشها لتعيش حالة الاحتضار وتموت سريريا وخاصة منذ 2003 والى اليوم . ويعود هذا التخلف والتراجع في صناعتنا النسيجية الى اسباب عديدة منها :-
1. الحروب التي خاضها النظام السابق وتداعياتها وما ترتب عليها من تدمير البنى التحتية وفرض الحصار الاقتصادي الذي ادى الى عزل العراق وتخلف صناعته .
2. نقص المواد الأولية اللازمة للصناعة وخاصة القطن الذي يعتبر المادة الاساسية في صناعة المنسوجات, ويعود هذا النقص بسبب تذبذب انتاج القطن لشح المياه والآفات الزراعية التي تصيبه دون توفر الدعم الحكومي , اضافة الى نقص الاصباغ والمواد الاولية الكيمياوية المستوردة مما ينعكس في تذبذب الانتاج وتوقفه احيانا .
3. نوعية القطن العراقي الذي لا يضاهي المستورد كونه من النوع القصير التيلة ولا يميل الى البياض الناصع .
4. سياسة اغراق السوق بالمنتجات النسيجية المستوردة التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة منذ العام 2003 والى اليوم وعدم قدرة منتوجاتنا الوطنية على منافستها مما اثر بشكل كبير على صناعتنا وكساد منتجات معاملنا .
5. فشل وعجز المتنفذين الحاكمين في ادارة شؤون البلاد الاقتصادية عموما ما ادى الى التخبط وتهميش الصناعة الى جانب القطاعات الاقتصادية الاخرى . كما يعود هذا الفشل والتخبط الى نظام المحاصصة المقيت الذي يؤدي الى عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب .
6. الأزمة المالية التي يمر بها العراق نتيجة سوء الادارة واعتماده الكلي على واردات النفط الذي تميزت اسعاره بالهبوط والتذبذب , مما قلل من التخصيصات اللازمة للصناعة .
7. عدم تعاون مؤسسات الدولة مع معاملنا من خلال شراء منتوجات هذه المعامل .
8. مشكلة الطاقة الكهربائية وعدم توفرها بشكل كافي ومستمر لتشغيل معامل الغزل والنسيج , ما ادى الى توقف هذه المعامل, كما ان استخدام المولدات الكهربائية يزيد من كلفة الانتاج وكثيرا ما تتعرض الى العطل والتوقف .
9. عدم تقديم الدعم الحكومي لهذه المعامل .
10. قلة عقود المؤسسات العسكرية مع الشركات المتخصصة ولا تشجع على زيادة الانتاج وتطويره .
11. قدم المكائن والآلات والمعدات وتهالكها وعدم مواكبتها للتطور التكنولوجي المتقدم في هذه الصناعة .
12. الترهل الوظيفي خاصة بعد عودة المئات من المفصولين السياسيين الى المعامل واغلبهم من كبار السن , مما شكل عبئا على هذه المعامل .
13. ارتفاع اسعار المواد الاولية اللازمة لصناعة المنسوجات وخاصة المستوردة منها .
14. نقص المواد الاحتياطية التي تحتاجها معدات هذه المعامل .
ان المعاناة التي تعاني منها الصناعات النسيجية في العراق تتطلب دراستها بجدية من قبل الجهات المتنفذة التي بيدها القرار ووضع الحلول اللازمة للنهوض بصناعتنا الوطنية لغرض سد الحاجة المحلية ووصولا الى التصدير , ومن هذه الحلول :-
1) التوسع في زراعة القطن لتوفير المواد الاولية الاساسية , الى جانب تحسين نوعية المحصول بالاعتماد على زرع القطن الطويل التيلة والناصع البياض .
2) توفير المياه اللازمة لزراعة القطن خاصة في فصل الصيف .
3) تشجيع الفلاحين على زراعة القطن من خلال زيادة اسعار شراءه وايجاد اسواق ثابته لبيعه .
4) وضع حد لسياسة اغراق السوق بالمنتجات النسيجية المستوردة من الصين ومصر وايران وتركيا وسوريا ولبنان وغيرها لتوفير الدعم لمنتوجنا الوطني .
5) توفير الكهرباء لمعامل الانتاج بشكل مستمر ودائمي .
6) توفير وسائل النقل لنقل المادة الاولية ولتوزيع الانتاج .
7) اعتماد الدعاية والاعلان في تسويق المنتوج .
8) زيادة اجور العاملين في المعامل الانتاجية واحتساب حوافز تشجيعية وارباح لهم .
9) زيادة تدريب وتطوير مهارات الايدي العاملة العراقية واعتماد الاساليب الحديثة في الانتاج .
10) وضع الخطط والبرامج اللازمة لتطوير الانتاج واعادة هيكلة مصانعنا .
11) اعادة تأهيل المكائن والآلات الخاصة بالمصانع وادخال المكائن الحديثة والمتطورة .
12) الزام المؤسسات العسكرية ودوائر الدولة بشراء منتجات هذه المصانع بموجب عقود خاصة بذلك.
13) زيادة التخصيصات المالية لهذه الصناعة ضمن الموازنة الاتحادية .
لقد توقفت معاملنا عن الانتاج بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 وعجزت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ تلك الفترة والى اليوم عن ادارة شؤون البلاد الاقتصادية عموما ما ادى الى تراجع الانتاج المحلي مقابل انفتاح السوق على البضائع المستوردة بشكل غير معقول واصبحت صناعتنا من الماضي وتم الاعتماد على الاستيراد , استيراد كل شيء في ظل تفشي الفساد في معظم مفاصل الدولة. فهل ستستطيع الحكومة النهوض بالصناعة النسيجية في العراق واعادة الحياة الى معاملنا لغرض سد الحاجة المحلية ولتصدير الفائض والذي سيكون احد مصادر الدخل القومي .؟

#عادل_عبد_الزهرة_شبيب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات