|
هذا هو الإنسان
اشواق سلمان حسين
(Ashwaq Salman)
الحوار المتمدن-العدد: 6872 - 2021 / 4 / 18 - 00:17
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
"اتطلع الى كل ممنوع ، تحت هذه العلامة سيكتب النصر الى فلسفتي ذات يوم".
من ذلك الذي يتطلع الى الممنوع من الفلاسفة غيره؟ ذلك الفيلسوف القائل: "ان يصبح المرء ماهو ، يفترض ان لا يكون لديه ادنى دراية بما هو" والذي قال: "اعرف قدري ، ذات يوم سيقترن اسمي بذكرى شئ هائل رهيب ، بأزمة لم يعرف لها مثيل على وجه الأرض ، اعمق رَجّةً في الوعي ، فأنا لست انساناً ، بل عبوة ديناميت" بالتأكيد عرفتموه فمن يكون ذلك الديناميت سوى فيلسوف المطرقة ( فردريك نيتشه )؟
( الديناميت ) هكذا يعرف ( نيتشه ) نفسه في كتابه ( هذا هو الإنسان ) والذي يتحدث به عن نفسه وعن كتبه بإسلوب يجعلك تقترب روحيا منه وتجلس لتقرأ عن حياته وكأنك تجالسه وتشرب الشاي معه ، فحتى الشاي يصفه في كتابه هذا فيقول: "إن الشاي نافع في الصباح فقط ، ومن الأفضل تناوله بكميات قليلة وقوية ، فهو يصبح مضراً ومجلباً للكدر على طول اليوم إذا ما كان خفيفاً اكثر من اللازم". فتتخيل انه يقول تلك الكلمات وهو يناولك الشاي ، لكنه سيكون شاياً من افخر الأنواع إذ ان رائحته نيتشوية بإمتياز حيث ستستمع ل( نيتشه ) كيف يتحدث عن نفسه فيبتدأ بكتابه قائلاً: "تحسباً لكوني سأضع البشرية عما قريب امام إلزامات جسيمة لم تعرف لها مثيلاً في السابق فإنه يبدو لي من الضروري ان اقول لكم من أنا"
كتب ( نيتشه ) كتاب ( هذا هو الإنسان ) وكأنه أستشعر انه سيكون آخر مؤلفاته ، قبل نهايته المأساوية في مصحة للأمراض النفسية قيل انه دخلها بعد فترة من تعرضه للضرب من سياط احد الحوذيين وهو يضرب حصانه فهرع ( نيتشه ) ليحتضن الحصان وهو يبكي ليدرأ عنه ضرب السياط وهو يقول له : ( انا افهمك ، انا افهمك ).
تحدث ( نيتشه ) في هذا الكتاب عن امور كثيرة منها : *( والده ) الذي كان نيتشه يحبه كثيرا ووصفه بأنه كان رقيقاً ولطيفاً وعليلاً مثل كائن مهيأ ليكون عابرا لا اكثر ، حيث مات في سن السادسة والثلاثين ، فيقول نيتشه : "في تلك السن التي شرعت فيها حياة ابي بالإنحدار ، شرعت حياتي ايضاً بالتدهور حيث هبطت حيويتي الى مستواها الأدنى ، وكنت احيا لكن دون القدرة على النظر على بعد ثلاثة امتار امامي". *( والدته واخته ) ويبدو ان علاقة نيتشه بهما لم تكن على وفاق ، حيث تحدث عنهما بحنق شديد فيقول : " إن المعاملة التي القاها من قِبل امي واختي تملؤني فظاعة لا تقدر على وصفها الكلمات ، آلة جحيمية تشتغل هنا ، وبوثوق لا يشوبه خطأ بخصوص اللحظة التي يمكنني فيها اصابتي إصابة دامية ، حيث لا تتوفر اية طاقة على التحصن من الحشرات السامة".
*( ريتشارد فاغنر وموسيقاه ) حيث كان نيتشه مولعا بالموسيقى وبالأخص موسيقى ( فاغنر ) فيقول : "ما كان لي ان اقدر على تحمل سنيّ شبابي من دون الموسيقى الفاغنرية ، فعندما يريد المرء ان يتخلص من عبأ ضغط شديد يكون بحاجة الى الحشيش ، ولقد كنت بحاجة الى فاغنر"
*( كتاب هكذا تكلم زرادشت ) ولا يخفى على الجميع انه اعظم كتب نيتشه على الإطلاق ، كذلك كان يعتبره نيتشه من اهم كتبه الذي تحدث عنه بإسهاب في كتابه ( هذا هو الإنسان ) حيث يقول : "هنالك أُناس يولدون بعد الممات ، وسيأتي يوم يغدو فيه ضرورياً تكوين مؤسسات يعيش الناس داخلها ويعلمون طبقاً لمفهومي للعيش والتعليم ، وقد تؤسس ايضاً كراسي جامعية لتأويل زرادشت" ومما قاله ايضاً عن نفس الكتاب : "عندما عبر لي الدكتور هاينرش فون شتاين عن تذمره الصادق من انه لم يفهم كلمة واحدة من زرادشتي ، اجبته بأن لا بأس في ذلك ، فأن يفهم المرء ست جمل من زرادشت بمعنى ان يكون قد عاشها ، فإن ذلك سيرفعه الى مقام فوق منزلة الفانين ليس بإمكان إنسان أن يرتقي اليه". كذلك يتحدث ( نيتشه ) عن ظروف تأليفه لكتاب ( هكذا تكلم زرادشت ) وعن فكرة الكتاب الأساسية وهي ( فكرة العود الأبدي ) وغيرها من الامور التي تخص الكتاب الذي قال عنه : "أن سنة بالكاد كانت كافية لمجمل العمل".
يتحدث نيتشه ايضاً في كتاب ( هذا هو الإنسان ) عن باقي مؤلفاته ومنها : (إنساني مفرط في إنسانيته ) ، (ما وراء الخير والشر ) ، ( جينالوجيا الأخلاق ) ، ( افول الأصنام ) ، ( الفجر ) ، ( مولد التراجيديا ).
لكن الأهم من كل ما قاله نيتشه عن كتبه هو تحدثه عن نفسه ، حيث كانت كلمة ( إنسان ) في عنوان الكتاب تعبر عن( نيتشه ) نفسه في رؤيته لأهم جوانب الحياة وفلسفته في كل جانب منها ، وقد استحق بجدارة لقب ( فيلسوف المطرقة ) إذ انه ضرب بمطرقته وبكل قوة كل اصنام الفكر البليدة الكامنة في دواخل الإنسان وعقله.
#اشواق_سلمان_حسين (هاشتاغ)
Ashwaq_Salman#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا النشوء والتطور حقيقة؟
-
هل الحب فن؟
-
كانديد ، مراجعة ورؤية فلسفية
المزيد.....
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|