|
موقف العشيرة من ابنائها اوقات النزاع
عبد الحسين العطواني
الحوار المتمدن-العدد: 6870 - 2021 / 4 / 15 - 15:52
المحور:
المجتمع المدني
مهما يكن من اختلاف في الرؤية والتعريف بين ابناء العشيرة الواحدة ، لاسيما بين ابناء ( الحمولة ، او الفخذ) الواحد، فان مالا خلاف حوله هوعندما تكون القضايا مصيرية تهم كرامة وقيمة وسمعة ( الحمولة) نفسها بين ابناء العشائر الاخرى ، عندها تتجاوزفيه الخلافات ويكون الاتجاه متسما بالصلابة نحو الخصم ، وفي مقدمة هذه القضايا حين تتعرض العشيرة الى مقتل احد افرادها سواء من قبل عشيرة اخرى ، اومن قبل احد )افخاذ (العشيرة نفسها ، لذلك يتطلب الامر الوقوف بوجه الجهة ( الجانية او القاتلة ) ، كأساس للاخوة والترابط الذي نشأت وبنيت عليه اعراف وتقاليد العشائر وكما مسلم به على مر العصور، حتى يحسب لهذا الموقف من قوة ، وبالتالي تخضع العشيرة المعتدية للضوابط (والسناين) المتفق عليها والمعمول بها بين العشائر - كتسليم القاتل الى السلطات الامنية ، او الاستجابة لاحكام الاعراف السائدة وفقا للظروف والملابسات التي تحيط بالقضية وتحد من انتشارها ( كالجلاء ، وغيرها من الامور التي تساعد في تخفيف وطأة الصراع) ، وفي خلاف ذلك يحصل التمادي والمماطلة واستضعاف الاخر، وهذا قد يكون سبب في تفاقم المشكلة وتطورها لتشمل الابرياء ومن ثم من يصعب التوصل الى حلها . الا ان الملاحظ ومع الاسف الشديد برزت في الفترة الاخيرة ظواهر مشينة لدى بعض ( افخاذ العشائر ) ممن يراودهم الخوف والجبن من المواجهة ، اوممن تربطهم بعض صلات القرابة الثانوية بالعشيرة المعادية كعلاقة ( الخوله ، او المصلحة الشخصية) او بدافع التشفي والشماتة ،ادت هذه الظواهر الى فقدان الثقة وتهشم العلاقات البنيوية بين افراد العشيرة وتدهورها، فتبدأ المساومة على اضعاف اهل (المجني عليه) ، رغم مصابهم ، وتهديدهم بالعزل من العشيرة ، او اعلان البراءة منهم ، والتشهير بهم بين القبائل الاخرى بحجة عدم استجابتهم لارادة وتوجهات (الحمولة ) ، ومخالفتهم لقراراتها ، والتي هي في حقيقتها قرارات مجحفة لاينتج عنها سوى الانحداروالتسليم والخنوع للاخر ، متناسين الاعتبارات والمواقف والتضحيات المشتركة التي تربطهم بأبناء عمومتهم المتضررين ، كدفع ( الدية ) بتزويج بناتهم على طريقة( الفصلية )، عندما كان الصلح العشائري يتطلب ذلك ، وبذلك فان هذه السلوكيات التهربية ، والانهزامية لم تعد امراضا وآفات وأوبئة عادية ، لانها تصيب البناء الجسدي لابناء العشيرة، بل تصيب تكوينهم العقلي والنفسي والروحي ، انها امراض تغلل جراثيمها الى التصورات والمفاهيم والمبادئ والقيم والثوابت التي يقوم عليها البناء العشائري والاجتماعي ، بأبتكار مخططات واساليب جديدة بتكثير نقاط الضعف من خلال الدسائس والمكائد ، وتسويق العديد من التلفيقات والافتراءات التي لادليل لديهم عليها ، مع الافلاس على مستوى الانجازات والنجاحات العشائرية ، لينحصر حصادهم على تطوير بعض القشور والمظهريات الخارجية ، وبالفشل التاثيري والبنائي في احراز نقلة على المستوى الفكري والاخلاقي ، وبقصورهم وبعجزهم عن مجاراة المشكلة ، في اوقات تأزم المواقف بين العشيرة واعدائها ، وهنا يزداد سوق الكلمة رواجا وتألقا ، وتزداد وتيرة المقدار الكمي والعاطفي والمزايدات الشخصانية في الاجتماعات الفاشلة ، التي يعزز بعضها بحضور الخصم والاحتفاء بهم ، وحل مشكلاتهم ، فضلا عن حضور مناسباتهم لابقائهم على افضل حالة ، وابقاء اصحاب المشكلة على اردأ حالة ، في هذه الاجواء المتوترة والساخنة دون وجود ادنى وازع اخلاقي ، او ذاتي ، او حتى انساني ، او تأنيب للضمير، او اقل تقدير الانتبىاه ان هذه السلوكيات لاتندرج الا تحت تنحية (الحمولة) من قدرتها القتالية ودفعها الى الحضيض لتصبح اصفارا على الخريطة العشائرية . فقد خلفت هذه المساومات حالات غريبة لم نعهدها سابقا بين افراد العشيرة ، فبدلا من الولاء بالرضا والقبول ، صار الولاء بالالزام ، ولم تعد عملية اتخاذ القرارات تجري بالتوافق ، بل من خلال الانفراد ، ولعل ذلك مايفسر تبعية العشيرة للشيخ لتقرير مصيرهم تمسكا منهم بقيمته العشائرية ، الامر الذي يعكس حالة التصدع الذي تتعرض له العشيرة المنكفئة على ذاتها والغارقة في التخلف والجمود ، خاضعة لشيخها ومعادية لابناء جلدتها المتمسكين بحقوقهم . وعندما يحصل بروز شكل جديد بين افراد ( الحمولة ) ليعلنوا رفضهم الفاعل والانسحاب من الذين يدينون بالولاء للجهة المعادية – غير مبالين – في ذلك – بتوجهات العشيرة التي تناقضت مع مصالح ابناء حمولتهم ، ومن الحيف الذي لحق بهم ، وميلهم الى الاستقلال بالرأي في مقدمتها الاعتزاز بوجهة نظرهم ، اذ يرون انها تفوق وجهات نظر ممن ارتضى لنفسه الذلة واعلن ولاءه لعدوه ، وهذا مايشير الى تطور قيمة خضوع الفرد للجماعة والى قيمة الاعتزاز بالذات ، والميل الى الاستقلالية عن التبعية المهينة ، وما الى ذلك من حجم التفكك الذي طرأعلى طبيعة الولاءات المخالفة لمكانة وهيبة العشيرة . لذلك اصبح الوضع في العشيرة معقد ومختلف من عائلة الى اخرى ، وحتى داخل العائلة الواحدة ، حيث يمكن ان يوجد عناصر يدعمون الانسحاب من التصرفات المذلة والمشار اليها ، واخرون يحاربونها ، لكن هيمنة ومصالح (المشيخة ) قد يمنع تعاطف البعض داخل العشيرة مع المنسحبين ، وقد يكون من الصعب اثبات وجود تعاون من خلال تشخيص بعض التحركات العشوائة والتخطيط بارتجال ، كالضغوطات غير المباشرة لاعادة المنسحبين ، وهذا واضح من التضاد او التنافر المنهجي والفكري الذي يحدد الكيفية التي تتناولها طروحات من يدعي مسؤولينه على العشيرة ، وهو واضح ايضا من تضارب الرؤى التي يتصدى لها ، واما الهدف القادم والاسلو ب القادم والكمين القادم فلا يمكن لاحد تخمينها ، اذا بقيت التنافرات على هذا المنوال . نأمل ان يعاد النظربهذه السلوكيات وان يصار تحولا اجتماعيا وفكريا ونفسيا لارساء مقومات الاستقلال العشائري بد لا من التبعية والاستقلال الصوري ، ولاعطاء الانسان حريته وحقوقه بدلا من تكمينه واستغلاله ، والتمسك بقوة العشيرة وعدم التفريط بأبنائها ، والابتعاد من استجداء المواقف من جل ارضاء الاخرين .
#عبد_الحسين_العطواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موقف القبائل من السلطات .. ومشيخة التسعينات
-
صور التآمر وأدوات تنفيذه
-
الازمة الاقتصادية بين ضعف السلطة .. ومصادر التمويل
-
افي لذكرى الاولى لشهداء قادة النصر
-
حقوق المواطن .. بين النهب وصراع المتنفذين
-
تشكيل الحكومة العراقية ومرحلة البناء
-
الكليات الاهلية العراقية
-
المفاعل النووي الإيراني والحشود الأمريكية
-
مشاركة القطاع الخاص في مجال الكهرباء وآليات التنفيذ
-
التحولات السياسية واساليب التغيير
-
عندما تنحرف الاحتفالات والتقاليد الاجتماعية عن مسارها
-
ديمقراطية العراق .. وتشكيل الحكومة
-
تبعية الاعلام وانعكاساتها على المجتمع
-
التظاهرات العراقية .. ومحاولة الالتفاف على شرعيتها
-
الاسئلة الوزارية .. ومردودات التسرب
-
الديمقراطية.. بين الهيمنة السياسية والتسقيط
-
الا نتخابات القادمة .. ودور المواطن
-
المآتم .. بين التفاخر والقيم الاجتماعية
-
الفساد بين القانون والتكليف
-
عقود الكهرباء مع القطاع الخاص .. نعمة أم نقمة
المزيد.....
-
في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع
...
-
سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون
...
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|