كريم الوائلي
كاتب وناقد ادبي وتربوي .
(Karim Alwaili)
الحوار المتمدن-العدد: 6869 - 2021 / 4 / 14 - 12:45
المحور:
المجتمع المدني
منهج الدراسة الابتدائية أواخر الدولة العثمانية
تهيمن الطريقة التقليدية على التعليم في ولايات الدولة العثمانية وهي طريقة قديمة تعتمد التلقين والحفظ واستظهار المتون، وعادة ما يتحلق الطلاب حول أستاذهم مفترشين الأرض في الجوامع والمساجد، ويشرع الأستاذ في تدريس كتاب في العلوم الدينية أو اللغوية أو البلاغية، فيقوم بشرح نصوص الكتاب والتعليق عليها، والكشف عن غامضها، ولذلك فهذه الطريقة تعيد إنتاج ما تم إنتاجه على قاعدة ما ترك الأول للآخر شيئا .
وأهملت الدولة العثمانية التعليم؛ لأنها لم تعتبر" الخدمات التعليمية من اختصاصها، وإنما من اختصاص الأفراد والجماعات " وقد نصَ قانون التعليم العام العثماني عام 1869م على " نفقات إنشاء المدارس وإدامتها ومرتبات معلميها, وما تتطلبه من نفقات أخرى تقع على عاتق السكان المحليين في الولايات وليس على الدولة " .
ولم تدرك الدولة العثمانية أهمية التعليم إلا في المراحل المتأخرة، ساعية إلى تحديث التعليم في ولاياتها، والمقصود بالتحديث ــ هنا ــ تأسيس المدارس على " النمط التعليمي الأوربي الحديث من حيث وجود منهج مدرسي، يتضمن مفردات المواد الدراسية وأغراض تدريسها، ويقوم بتدريس هذه المواد معلمون مؤهلون، وتتسم المدارس الحديثة أيضاً بوجود كتب مدرسية مؤلفة في ضوء محتوى المنهج الدراسي وامتحانات منظمة وجداول دروس أسبوعية " .
وأصدرت الدولة العثمانية في 20 أيلول 1869م قانون المعارف العام من أجل تنظيم التعليم في ولاياتها، ولقد نصّ القانون من الناحية الإدارية على مجلس عالٍ للمعارف ومجالس معارف في الولايات " ويتألف مجلس المعارف في الولاية من مدير المعارف وهو رئيس المجلس ، ويساعده معاونان وبضعة موظفين، كما يضم المجلس أعضاء من الأهالي، وأما اختصاصاته فتتلخص في الإشراف على تنقيذ الأوامر والتعليمات التي ترد من وزارة المعارف ".
واشتمل القانون على تنظيم السلم التعليمي؛ إذ يتكون من ثلاث مراحل :
1 ـــ المرحلة الابتدائية، وقد أطلق عليها ( مكاتب الصبيان ) ومدة الدراسة فيها أربع سنوات .
2 ــ المرحلة المتوسطة، وقد أطلق عليها ( المكاتب الرشدية ) ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات .
3 ـــ المرحلة الثانوية، وقد أطلق عليها ( المكاتب الإعدادية ) ومدة الدراسة فيها أربع سنوات .
وكانت مواد الدراسة الابتدائية هي :
1ـــ ألف باء .
2 ـــ القرآن الكريم .
3 ــ التجويد .
4 ـــ علم الحال .
5 ـــ تعليم الكتابة .
6 ــــ مبادئ الحساب .
7 ـــ مختصر التاريخ العثماني .
8ـ ـــ مختصر الجغرافية .
9 ـــ معلومات نافعة .
10 ـــ الأشياء والصحة .
وقد اشتمل منهج الدراسة المتوسطة ( الرشدية ) على المواد الآتية :
1ـــ مبادئ العلوم الدينية .
2ـــ قواعد اللغة التركية .
3 ـــ الإملاء والإنشاء .
4ــــ القواعد الفارسية .
5ــــ القواعد العربية .
6ــــ علم الحساب.
7ــــ أصول مسك الدفاتر .
8ــــ الرسم .
9 ــــ مبادئ الهندسة .
10 ــــ التاريخ العام والتاريخ العثماني .
11 ـــ الجغرافية .
12 ــ الجمناستك .
وتضمن منهج الدراسة الإعدادية على ما يأتي :
1 ـــ اللغة التركية .
2 ـــ مبادئ علم ثروة الأمم ( الاقتصاد ).
3ــ أصول الحساب .
4 ـــ اللغة الفرنسية .
5 ــــ الجغرافية .
6 ــــ الهندسة وعلم المساحة .
7 ــــ القوانين العثمانية .
8 ــــ التاريخ العام .
9 ـــ الفلسفة الطبيعية .
10 ــــ المنطق .
11 ــــ علم المواليد ( البايولوجي ) .
12 ــ الكيمياء .
13 ـــ الجبر .
14 ـــ الرسم .
وكانت لغة التدريس في المراحل الثلاث ( الابتدائية والمتوسطة والإعدادية ) هي اللغة التركية، ومن الطريف أنّ قواعد اللغة العربية كانت تدرس باللغة التركية .
وحين تقرر أن يكون التدريس باللغة العربية في وقت لاحق، عمد التربويون العراقيون إلى تأليف أو ترجمة الكتب المقررة على الطلاب، فلقد قام "يوسف عز الدين" بترجمة كتب : التاريخ العثماني، وتجويد القرآن، والجغرافية العثمانية، والأشياء والصحة، وترجم عبد المجيد الخوجة كتاب مبادئ الحساب، وألف "محيي الدين الناصري" كتاب : مختصر تاريخ الإسلام، وألف "محمد خلوصي الناصري" كتاب : البيان في تاريخ آل عثمان، وكتاب : العقود الدرية، وكتاب علم الحال، وألف "يحيى الوتري" كتاب : القراءة العربية، وألف "حمدي الأعظمي" كتاب : مفتاح الهندسة، وكتاب الدر المنتقى، وألف "نعمان الأعظمي" كتاب إرشاد الناشئين .
وكان الدوام المدرسي يبدأ من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الرابعة عصراً، وعلى النحو الآتي :
الساعة من الساعة الى
التفتيش الصباحي 8 8,30
الدرس الأول 8,30 9,10
فرصة 9,10 9,25
الدرس الثاني 9,25 10,5
فرصة 10,5 10,20
الدرس الثالث 10,20 11,00
فرصة الغداء 11,00 1,00
تفتيش بعد الظهر 1,00 1,20
الدرس الرابع 1,20 2,00
فرصة 2,00 2,15
الدرس الخامس 2,15 2,55
فرصة 2,55 3,10
الدرس السادس 3,10 3,55
النشيد والاستعداد للانصراف 3,50 4,00
ومن الملاحظ أن وقت الدرس هو 40 دقيقة، وأن الفرصة بين الدروس هي 15 دقيقة، وأن فرصة الغداء تمتد لساعتين، كما أن وقت النشيد والاستعداد للانصراف هو 10 دقائق .
ويؤكد "عبد الرزاق الهلالي" أن التعليمات تنص " على أن تكون الدروس المهمة في فترة الصباح، وهذه الدروس هي : القرآن الكريم، والمعلومات الدينية، ومصاحبات أخلاقية، واللغة التركية، والتاريخ، والجغرافية، والحساب، والهندسة والأشياء . أما الدروس التي تدرس في فترة ما بعد الظهر فهي الدروس العملية والخفيفة، كالزراعة، والرسم، والموسيقى، والنشيد، والرياضة البدنية .
ولا تختلف الامتحانات عما هي عليه اليوم؛ إذ تُجرى بشكل يومي وشهري وفصلي، ولا بد من تدوينها في سجلات القيود، وتجري الامتحانات بشكل تحريري وشفوي، أما الصفان الأول والثاني فيتم الامتحان بشكل شفوي من خلال لجنة، تتكون من معلم المادة، وبعض الشخصيات من خارج المدرسة، وتقوم على امتحان الطلاب الواحد تلو الآخر؛ الأمر الذي يجعل الامتحانات تمتد إلى وقت طويل. ومن الجدير بالذكر أن درجة النجاح الصغرية هي : 5 ودرجة النجاح العليا هي : 10.
ولما كانت الامتحانات تجري يوميّاً وشهريّاً فإنَّ السعي السنوي يتكون على النحو الآتي :
1 ــــ معدل شهري أيلول وتشرين الأول .
2 ــــ معدل شهري تشرين الثاني وكانون الأول.
3 ـــ معدل شهري كانون الثاني وشباط .
4 ـ معدل شهري آذار ونيسان .
" ثم تجمع هذه المعدلات الأربعة، وتقسم على أربعة، فتكون النتيجة معدل السعي السنوي، وعندما يجري الامتحان النهائي تجمع مع معدل السعي السنوي ، وتقسم على اثنين، والحاصل هو الدرجة النهائية .
وعلى الرغم من أن ولاية "مدحت باشا" كانت قصيرة ( 1869 ــــ 1872م ) فإنه قام بإصلاحات كثيرة، منها إصلاحات في بغداد والبصرة والموصل، ومن أبرز إصلاحاته تلك التي تتصل بالتعليم، فلقد انشأ مدارس حديثة وهي :
1 ــــ المدرسة الرشدية المدنية .
2 ــــ المدرسة الرشدية العسكرية .
3 ـــ المدرسة الإعدادية العسكرية .
4 ــــ مدرسة الفنون والصنائع .
كانت المدارس الرشدية ـــ العسكرية والمدنية ـــ التي افتتحها مدحت باشا تقبل الطلاب من الكتاتيب؛ الأمر الذي جعله يغفل افتتاح المدارس الابتدائية، بسبب حاجته الماسة والسريعة لخريجي المدارس الرشدية لبسط النظام في البلاد، وسد النقص في إعداد الموظفين .
وقد افتتحت مدارس ابتدائية في زمن الوالي نامق باشا (1899 ــــ 1902م) ليس في بغداد فحسب، بل شمل مدناً أخرى كالحلة والديوانية وخانقين ومندلي ، ثم ازداد عدد المدارس الابتدائية فأصبح عددها 20 مدرسة عام 1908 م و 32 مدرسة عام 1913 م ، وازداد عددها في الموصل إلى 14 مدرسة بين أعوام 1900 ـــ 1905 م بعد أن كانت 6 مدارس .
وكانت الدراسة في هذه المدارس 4 سنوات، كما أشرنا سابقاً، ولكنها تفتقر إلى ملاك متكامل، إذا كان ملاكها لا يزيد عن معلم واحد في كل مدرسة غالباً، ونادراً قد يكون الملاك يشتمل على معلمين اثنين فقط .
ولم يكن في ولاية البصرة قبل عام 1883 م أي مدرسة ابتدائية، ولكنها أصبح فيها 6 مدارس عام 1895م في مدينة البصرة، وواحدة في أبي الخصيب وواحدة في القرنة، وفي عام عام 1905م أصبح عدد المدارس الابتدائية 2ا مدرسة في البصرة والقضائين المرتبطين بها، وعدد طلابها 40 طالبا، و15 مدرسة في لوائي العمارة والناصرة وأقضيتهما، وعدد طلابها 180 طالباً . وكانت مناهج هذه المدارس، كما يقول عبد الرزاق الهلالي، بسيطة وساذجة، وأن الدراسة فيها مختلة، وليس أدل على ذلك بأن تدريس اللغة العربية كان يجري باللغة التركية ، كما أن المناهج لا تمت للواقع الاجتماعي بصلة للواقع الاجتماعي العراقي، مع غلبة الدراسة النظرية، ذلك أن الهدف الأساس من هذه المدارس هو إعداد موظفين للدولة فحسب .
#كريم_الوائلي (هاشتاغ)
Karim_Alwaili#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟