|
نقاط ضعف الحكومة الليبية
عبدالواحد حركات
الحوار المتمدن-العدد: 6866 - 2021 / 4 / 11 - 19:18
المحور:
الادارة و الاقتصاد
عبدالواحد حركات
تموت النجوم اللامعة عن طريق الانفجار الداخلي، وتتحول بالموت إلى ثقوب سوداء تمتص كل شيء، وتصبح مضادة لطبيعتها التي كانت عليها قبل الموت!
إداريًّا.. تعد حكومة دبيبة حكومة طوارئ، فالظروف التي أوجدتها وتحيطها طارئة واستثنائية ومدتها المفترضة قصيرة، والمناخ السياسي الذي يحتويها ممغنط إلى أبعد حد، وهذا ما يحتم عليها العمل كحكومة طوارئ، وكان ينبغي أن تعطى هذه الحكومة صلاحيات حكومات الطوارئ، وأن تضع أجنداتها باستراتيجيات قصيرة المدى بما يناسب طبيعتها ومناخ مجالها الذي وجدت وتعمل فيه!
لا يمكن أبدًا التخطيط للمستقبل إذا وضع الماضي في الاعتبار! سياسات الحكومات السابقة عززت عدم الثقة في التغيير، وكان لغياب الشفافية وانتشار الفساد وسوء الأداء وتدني الجودة أثر سلبي على الجميع، فلم تحقق الحكومات نتائج تكافئ ما أهدرت من أموال وأضاعت من وقت، وكانت جميعها فاشلة في التواصل مع الجمهور، إذ انعزلت الحكومات عن الجمهور وأسدلت الستارة، فعاش الجمهور على تفسير ما يحدث وليس ما يحدث فعلًا، وغاب التنسيق بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية وانحسر التكامل وساد اللايقين، وتنوعت الرؤى وتلاشت الثقة وتبدلت قواعد لعبة السياسة، فلم يعد الصالح العام من الأولويات ولم تعد مصلحة الوطن قبل مصلحة الأفراد، وبرزت معادلات شخوص ومصالح ومحاصصة صعبة ومربكة وغير منطقية في زمن حرج ووقت عصيب!.
الحقيقة لا تهم أحدًا البتة! أهداف حكومة دبيبة تحققت. فقد تشكلت الحكومة لتحقيق التهدئة وتوحيد المؤسسات وإنهاء ازدواجية الحكومات واستبعاد الحل العسكري وإرضاء جميع الأطراف، وكل هذا تحقق وأصبح واقعًا معيشًا، ولا يمكن مطالبة الحكومة بتحقيق أكثر من ذلك، فتشكيلها وفق محاصصة مناطقية يعد أكبر نقاط ضعفها، وخلوها من الكفاءات والخبرات والتكنوقراط يجعلها مؤهلة فقط لتسيير الأعمال على هوى العادة والسائد من قبل، فعدم فعل شيء هو ما يرضي الجميع بديهيًّا، وكي لا تقترف الأخطاء يجب أن توقف الأعمال، وتحفظ كل الاستراتيجيات والرؤى المستقبلية في الأدراج إلى حين إشعار آخر!
لا تغتر بظلك وقت الشروق! نقاط ضعف الحكومة تظهر في قصر الفترة الزمنية، وعدم وجود أجندة عمل، وتشكيلها على أساس محاصصة، وغياب التكنوقراط، وهذه النقاط ستعرقل عملها بلا شك، وتعيقها عن تلبية متطلبات المواطنين وأداء واجباتها اتجاههم، ويمنعها من اتخاذ أي تدابير حيال تركة كبيرة من الأزمات التي خلفتها الحكومات السابقة، فلا يمكن بأي حال فعل شيء حيال أزمات المعيشة – الصحة – الكهرباء – السيولة – أضرار الحرب – التعليم، ولا يفترض أن تتورط الحكومة في اتخاذ قرارات يفترض أن تكون مبنية على استراتيجيات عميقة، وأن تتجنب خوض محاولات حل المشكلات الكبيرة كي لا تؤدي إلى خلق مشاكل جديدة!
أرى أن.. حكومة دبيبة إن لم تكن قفزة إجبارية في الفراغ، فهي بلا شك رهان خطر للغاية ومجازفة بدون ضمانات، وربما تكون استراحة قصيرة لتجهيز عتاد المتصارعين ومراصفة الصفوف، إلا إذا استطاعت تنظيم المصالحة وزرع بذور الاستقرار وحمايتها، وتجاوزت حالة القصور الذاتي واستطاعت ترميم العلاقات السياسية واعادت بناء الثقة، وأفلحت في الفرار من سجن قرارات السياسة إلى براح قرارات الأعمال، وتركزت أنظارها وأعمالها على الداخل بدل الركض بين المطارات والقصور!
لا توجد طرق مختصرة لبلوغ الآمال! أحسن دبيبة الإقلاع ولكنه أخطأ في اختيار الوجهة، فلا يمكن لحكومته القضاء على الآثار المدمرة للأزمة الطويلة بجرة قلم، وكل ما يمكنه هو العمل ضمن الضوابط والتوازنات، والتقيد بالأعمال التنظيمية والتسييرية باعتبار حكومته حكومة طوارئ، يمكنها فقط أن تهتم بإعادة ضبط هياكل المؤسسات وتنظيم سياسات العمل، والبدء بدعم البنية التحتية والتحديث الهيكلي للشركات العامة، وإجراء إصلاحات إدارية وتكييف تنظيمي لبيئات العمل بالمؤسسات!
أهم ما يمكن للحكومة إنجازه خلال فترتها القصيرة هو تنفيذ مشروع حوكمة المؤسسات الحكومية، وذلك لضمان تحقق مبادئ النزاهة والشفافية والرقابة والإفصاح وتحديد المسؤوليات والمحاسبة، وكذلك لتطوير القطاعات الحكومية وتحسين عمليات اتخاذ القرارات وعمليات الرقابة وضمان مكافحة الفساد الإداري، وتعزيز ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة وتحقق تكافؤ الفرص والتقييم والجودة، مما سيؤدي لتنمية القطاعات الحكومية وتقليل الهدر وزيادة الكفاءة وتحسين الأداء المؤسسي! عادة ما تأتي القوة من نقاط الضعف!
#عبدالواحد_حركات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخطوة الاولى
-
ليبيا - إعادة الهيكلة الادارية
-
مفترق طرق
-
تشوهات الفكر
-
قناعات الشعبويين
-
خلل النخبة
-
فشل السياسة
-
في السياسة
-
ازمة ثقة
-
مفهوم الفكر الديني
-
تجديد مفهوم الهوية
-
ماء ونار - نص شعري
-
دراسة في تطوير اللغة العربية
-
الجيل الداعشلوجي الثالث .. والاخير
-
داعشلوجيا محاكم التفتيس الاسبانية
-
داعشلوجيو اليهود حاكموا المسيح .. باسم الشريعة وبمباركة روما
...
-
جذور الداعشلوجيا
-
فايروس الزير
-
هويات سقيفة - طورابورا -
المزيد.....
-
شولتس: حرب كييف سبب أزمتنا الاقتصادية
-
قناة السويس: مؤشرات على عودة الاستقرار للبحر الأحمر
-
سوريا تلجأ لوسطاء لاستيراد النفط
-
مركز قطر للمال سجل أعلى نمو بعدد الشركات في 2024
-
كندا والمكسيك على موعد مع تعريفات ترامب غدا
-
سعر الغاز في أوروبا يتجاوز الـ 570 دولارا لكل ألف متر مكعب ل
...
-
تعزيز التعاون الاقتصادي بين سوريا وتركيا: من المستفيد؟
-
مسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية يترك منصبه بعد خلاف مع حلفا
...
-
الأردن.. الحكومة ترفع أسعار المحروقات
-
مصر تعلن عن فرص عمل لمواطنيها في الإمارات
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|