ثائرة شرف
الحوار المتمدن-العدد: 1629 - 2006 / 8 / 1 - 11:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من الصعوبة أن يتقبل الشيعة هذا القول, جميعهم في كل أنحاء العالم, أقول وأنا الشيعية التي تربيت في بيت دين وبكاء متواصل على الشهيد الإمام الحسين :
إن الحسين لم ينتصر حقيقة , ولنعد للتأريخ ونرى ماذا فعلت العملية الإستشهادية للحسين الشهيد ؟
لقد ضحى الإمام بنفسه وبأنفس جميع أهل بيته وأصحابه البالغين اكثر من سبعين نفسا (أغلبهم من النساء والأطفال، إذ لم يستشهد معه من الرجال غير ستة عشر رجلاً) (تاريخ الذهبي، ج3، ص25), وقد كانوا على حق , وكانوا قد جاءوا نصرة للأبرياء والواقعين تحت جور إمام ظالم , جاءوا تلبية لمئات الرسائل التي أرسلها لهم أهل العراق الغادرين , أهل الكوفة التي قال لهم الإمام :
لا أمان لكم يا آل الكوفة (وقال والده كذلك: من فاز بهم فاز فإنما فاز بالسهم الأخيب) (تاريخ الذهبي، ج3، ص 25))
لم يكن الإمام طامعا في سلطة , لكنه حينما بايعوه بستمائة رسالة جاء ليقودهم نحو الحق العدل الذي لم يجدوه على يد الوالي المسمى من قبل الخليفة يزيد بن معاوية آنذاك والذي كان طاغية في زمانه كما هم طغاة زماننا , ولقد استشهد الحسين بفاجعة كر بلاء, وبشكل لا إنساني كما يحصل اليوم في لبنان, وقبله في فلسطين والعراق , حتى انهم حرموهم قطرة الماء وعطشوا أطفالهم وقتلوهم عطاشى , رغم ذلك فهم لم ينتصروا , وأخذت نساؤهم سبايا إلى الشام مشيا على الإقدام , وصاحت نائحات العراق وأبكيننا حتى يومنا هذا وحتى غدت المجالس الحسينية تراثا وارثا تتناقله الأجيال :
(وبعد فوات الأوان، وبعد أن قٌتل الإمام، خرج جيش التوابين من أربعة الآف رجلٍ يطلبون دم الإمام بقيادة سليمان بن صرد، فهربوا أمام جيش مروان) (تاريخ بغداد، ج1، ص 159) فما انتصر الإمام الحسين – مع الأسف - لا في حياته ولا في موته.
لا ادري لماذا يصر المسلمون على أن الحسين قد انتصر , ولكثرة ما قالوها وآمنوا بها استعملها المهاتما غاندي ليوحد بين الهندوس والمسلمين الذين كانوا أقلية مضطهدة , مظلومة في الهند فيقول وهو الضعيف المنتصر بعقله وحكمته : تعلمت من الحسين أن أكون مظلوما فانتصر . في حين أن كل النصر الذي ادعوه كان عندما خرج المختار يطلب قتلة الحسين فلم يعثر على أغلبهم فهدم ديارهم، مثل دار سنان بن أنس وعبد الله بن عقيق وعبد الله بن عروة.
الحسين لم ينتصر ..إن نصر الحسين كان في قلوب الشيعة فقط, لأنهم بقوا المضطهدون المطاردون , الأقلية , الفقراء , المهمشون , المُكفرون ,المقتولون إلى يومنا هذا .... فتخيلوا الهزيمةَ نصراً حتى يعزوا أنفسهم ويحفظوا لها كرامتها، كما فعل أحمد سعيد يوم قلب هزيمتنا في حرب الأيام الستة إلى نصرٍ مؤزر.
إن الاستشهاد الجماعي الذي قام به الإمام الحسين, مضطرا له, ولم يكن يريده , فهو قد طالب أعداءه بالسماح له الرحيل وجماعته إلى أرض أخرى"قال خالد الحذاء، عن الجريري، عن عبد الله ، إن الحسين لما أرهقه السلاح قال: ألا تقبلون مني ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل من المشركين؟ قيل: وما كان يقبل منهم؟ قال: كان إذا جنح أحدهم للسلم قبل منه، قالوا: لا، قال: فدعوني أرجع، قالوا: لا، قال: فدعوني آتي أمير المؤمنين يزيد. فأخذ له رجل السلاح ".(مأساة الحسين), وقعدوا له, ولم يتركوه يرحل ولم يتركوا خيارا له بذلك سوى الاستشهاد, ومع الأسف, لم يستطع من جاء بعد الحسين توظيف هذه التضحيات سوى ببناء مراقد وقباب يبكي عليها الشيعة ويضربون أنفسهم ويلطمون خدودهم , ويضربون أجسادهم بعنف, بالسلاسل وبالسيوف وهذا أول سبب لتندر الناس عليهم,واعتبارهم من الطوائف المتخلفة أو الخارجة عن المألوف في الشريعة, مثلما لم يستطع العرب توظيف كل التضحيات التي قدموها في مواجهتهم مع إسرائيل من كل المجازر التي راح ضحيتها آلاف الأبرياء على مدى ما يقارب القرن من الزمان .
أين النصر الفعلي الذي حصده أصحابه في استشهاد الحسين ؟
السنة هم الحاكمون والمتحكمون في كل أنظمة العرب منذ اكثر من ألف وأربعمائة عام حتى ألان .
هل نضحك على أنفسنا ؟
كيف انتصر الحسين على أعدائه ؟ ولم يبق للحسين سوى مراقد بكاء وحزن يائس , ومريدين مقهورين لا يستطيعون البوح حتى بحبهم لإمامهم على مدى آلاف الأعوام , وحينما يبوحون يحاربون.. حتى مرقد الحسين لم يسلم من الهزيمة، فقد هدمه الخليفة المتوكل ومنع الناس من زيارته, وضربه حسين المجيد عام 1991 بعد انتفاضة الشعب العراقي على صدام وقتل مئات الأبرياء الهاربين من الموت إلى مرقد الإمام ظانين أن مجرمي البعث سيخشون الإمام ويرهبون قدسيته .
متى سيحصد الشيعة نصر الحسين إذن , إن كان قد انتصر حقا ؟ هل بعد انتهاء الحياة على الأرض؟
وهل النصر المعنوي كافٍ ؟ وما هي فائدة النصر المعنوي إن بقي معنويا وغير ملموس على مدى آلاف السنين ؟ ما فائدته؟؟؟؟؟؟؟
أفيدوني من فضلكم أيها العارفون ولا تنزعجوا من سؤالي التلقائي الذي يسأله كل إنسان بسيط خلق ليعيش ويتعلم ويأكل ويشرب ويعمر الأرض كما أراد له الخالق ؟
وها هو السيد نصر الله يريد إعادة الكرة , وليمت كل أهل لبنان ليس مهما, ولتهدم بيوتهم ، المهم أن يقولوا عنه انه حارب , وصمد, واستشهد مع صحابته, وتذكره التاريخ, وبكى عليه الناس,وبنوا له المراقد والقباب ...
#ثائرة_شرف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟