أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عامر صالح - المحاضرون المجانيون جزء من الأزمة العامة للعملية التربوية في العراق















المزيد.....


المحاضرون المجانيون جزء من الأزمة العامة للعملية التربوية في العراق


عامر صالح
(Amer Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 6862 - 2021 / 4 / 7 - 23:26
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


لعله من نافلة القول أن دول العالم تولي اهتماما ورعاية بالتعليم من منطلق أن التعليم هو أساس تقدم الأمم ومعيار تفوقها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية, وعن طريق التعليم يكتسب الفرد المعرفة وتقنية العصر والقيم والاتجاهات التي تحيط بشخصه من جميع الجوانب وتجعله قادرا على التكيف والتفاعل الايجابي مع البيئة والمجتمع. وأن اتساع القاعدة الشعبية لقطاع التربية والتعليم وتحوله إلى اكبر القطاعات الاجتماعية تجمعا للعنصر البشري دفع العديد من الحكومات المتقدمة والنامية إلى تبني استراتيجيات شاملة تزيل الطلاق التقليدي بين المدرسة والعمل والحياة وإحكام ربط هذا القطاع بحاجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد عززت هذا التوجه الدراسات الكثيرة التي بينت أن التربية ليست " خدمة استهلاكية " تقدم للناس بل هي توظيف مثمر للموارد يؤتي ثماره مضاعفة ويؤدي إن أحسن استخدامه إلى عائدات اقتصادية تفوق العائدات الاقتصادية للمشروعات الصناعية والزراعية وسواها, وهي ذات اثر طويل الأمد. وقد أكدت دراسات دنيون الأمريكي وريداوي البريطاني وستروملين الروسي, أن الزيادة في الإنتاج لا تعود فقط لزيادة رأس المال واليد العاملة, بل يرجع إلى عوامل التقدم التقني وما وراءه من إعداد وتدريب وتعليم للموارد البشرية.


ولعل من المسلم به القول ايضا إن عملية التربية والتعليم تعد ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وللتقدم والنهضة الحضارية ومجاراة للعصر,حيث أن المواطن المتعلم والمؤهل والمتربي هو ثروة حقيقية لأي مجتمع من المجتمعات,ومن هنا تعكف دول العالم على الاستثمار في العنصر البشري من خلال التعليم والتدريب والرعاية المختلفة, وذلك لقناعات مفادها إن الإنفاق المالي الكبير على قطاعي التربية والتعليم هو ليست من باب الاستهلاك بل هو من باب الاستثمار ذو العوائد طويلة الأمد,والذي تأتي فوائده أضعاف ما ينفق على هذه القطاعات ولسنين طوال ولأجيال متعاقبة.


فالتربية والتعليم تلعب دورا كبيرا في بناء الشخصية الوطنية وتكريس الهوية الحضارية من خلال دورهما في عملية التنشئة الاجتماعية والثقافية وتكريس قيم التسامح والمصالحة الوطنية,وهما يمثلان الركيزة الأساسية في خلق القوى العاملة المدربة في مختلف الاختصاصات لتلبية احتياجات التنمية الشاملة وسوق العمالة, ومن خلالهما أيضا يتم خلق أجيال قادرة على التواصل مع العالم والتعامل مع مستجدياته في ميادين التقدم الاقتصادي والاجتماعي والتقني لمواكبة ظروف العصر,حيث نحتاج فيه إلى إنسان يمتلك الخبرات والأفكار والأساليب والآليات الجديدة والمستجدة, أي نحتاج إلى إنسان يتصف بالقدرة على الإبداع والابتكار والبصيرة النافذة, ومن هنا تأتي أهمية دور نظام التربية والتعليم في تأهيل هذا الإنسان في ظل تأثر هذا النظام بالعديد من التحديات مثل ثورة المعلومات والاتصالات,وثورة العلم والتكنولوجيا,والتنمية الشاملة والمستديمة, والشركات المتعددة الجنسيات والعولمة, وهذه التحديات تؤثر في أساليب عمل المؤسسات التعليمية كما تؤثر في أهدافها ومناهجها وكادرها التدريسي وطبيعة إعداده وفي تحديد طرائق التدريس وطرائق عمل هذه المؤسسات وأدارتها بصورة عامة.


أن إصلاح حقيقي في مجال التربية والتعليم لا يمكن أن يحقق الأهداف المرجوة منه إلا إذا جاء كجزء من عملية إصلاح شاملة تشمل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية,وخاصة في ظل التداخل والتأثير المتبادل بين هذه المجالات, وحيث أنجز العراق الخطوة الأولى المتمثلة في التغير السياسي صوب "الديمقراطية السياسية" اللازمة لانتعاش الديمقراطية في قطاع التربية والتعليم " كما يفترض في سياقات صحية", إلا أنه اخل في ترك أي اثر ايجابي في هذا القطاع في الحقبة ما بعد 2003 والى اليوم, حيث ترك هذا القطاع فريسة للمحاصصات السياسية والطائفية وفتح باب الاجتهاد السيئ على مصراعيه في هذا المجال مما حوله إلى ميدان مصدر للتخلف الفكري والتربوي ومكان امن للفساد والتزوير والاستحواذ, وهو استمرار لما حصل من تدهور في العملية التربوية والتعليمية في زمن النظام السابق,بل وفي بعض من وجهوها أشرس مما وقع آنذاك.

في الوقت الذي حقق فيه العراق تقدما ملموسا في عقد السبعينيات على مستوى استيعاب الأطفال, فحسب تقرير اليونسكو أمتلك العراق قبل حرب الخليج الأولى نظام تعليمي من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة قدرت نسبة المسجلين فيه بالتعليم الابتدائي ما يقارب 100% مقارنة بأعداد الأطفال في سن التعليم الابتدائي,وحسب تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 1973 فأن معدل التسرب في التعليم الابتدائي قد هبط في العراق إلى ما يقارب 5% بين الصف الأول والخامس الابتدائي,وكان هذا أوطأ معدلات تسرب في الدول النامية.ثم نال العراق في نهاية السبعينيات جائزة اليونسكو على حملة محو الأمية.وقد ساهمت في ذلك الطفرة المالية المتحققة من العوائد النفطية والتي وسعت من حجم الإنفاق على التعليم,وكذلك الدور الكبير والمتميز الذي لعبته الحركة الوطنية وفي مقدمتها قوى اليسار في التعبئة لنشر التعليم والثقافة في صفوف أبناء المجتمع وتعزيز الدور التعبوي عبر نشاطها وصحافتها العلنية, وخاصة في ميدان محو الأمية,ونقل تجارب الشعوب العالمية عبر صحافتها اليومية وخلق المزاج العام المواتي لتنفيذ ذلك. إلا إن الحروب الكارثية التي أقدم عليها النظام العراقي آنذاك وما سببته من استنزاف للموارد المالية والبشرية قد الحق أفدح الإضرار بقطاع التربية والتعليم, ويكفي إن نشير هنا إلى إن نسبة القادرين على القراءة والكتابة في البلاد عام 2003: الذكور 55%, الإناث 23%. وبلغت خسائر هذا القطاع أكثر من أربع مليارات دولار شملت كل عناصر وأبعاد العملية التربوية ومستلزماتها ومؤسساتها ومراحلها المختلفة.

أن مصير العملية التربوية كما هو معروف يرتبط وثيقا بالاستقرار السياسي الذي يبعث الأمل في مؤسسات الدولة وقيامها بأنشطتها على أسس موضوعية وحيادية, ومنها قطاع التربية والتعليم,فالنظام السياسي يلعب دورا مهما في إعادة توليد القيم الأخلاقية والاتجاهات الاجتماعية العامة, والنظام التربوي هو احد أدواته لتكريس هذه القيم ونشرها على نطاق واسع عبر الممارسات اليومية, من خلال المناهج والأنشطة المدرسية, وتشكل في هذا السياق ظاهرة التعصب الديني والطائفي والقومي احد القيم الأخلاقية والتربوية الضاغطة على وحدة نظام التعليم ونسيجه الاجتماعي, ويشكل هنا التسرب من التعليم والابتعاد عنه احد وسائل احتماء الأقليات في حالات الاحتقان الشديد وسببا في انقطاع الكثير من أبناء الأقليات والطوائف عن التعليم والعزوف عنه.


تعرض النظام التربوي جراء سياسات النظام السابق الهوجاء وما تلتها من سياسات عشوائية على أيدي الاحتلال وما تبعتها من تكريس للمحاصصة الطائفية, إلى انهيارات كبرى في مراحله المختلفة, فقد تم تدمير اغلب المؤسسات التربوية من أبنية ومستلزمات وأجهزة, وقد تحول الكثير من المدارس إلى مجرد أربعة جدران وأماكن شكلية لإقامة الدارسين,لا تشد الطالب إلى المجيء والمواظبة, بل إلى طرده من المدرسة, ناهيك عن اقتسام المدارس إلى مناطق نفوذ طائفي أو حزبي, فهي تعتبر في أذهان الكثير أماكن غير آمنه.


بعد مرور 18 عاما على سقوط النظام السابق ولا زال النظام التربوي والتعليمي في العراق يتعرض الى هزات بنيوية تهدد بأنهيار ما تبقى للقطاع من سمعة وطنية ودولية, وتلك الانهيارات تشمل عناصر العملية التربوية بأبعادها المختلفة: من كادر تربوي, ومناهج, مكان الدراسسة, الأدارة والطلاب وفي سياقتها الكمية والكيفية. وفي سياق حديثنا عن الكادر التدريسي والتربوي بصورة عامة حيث يتعرض الى المساوامات اللاانسانية من قبل السلطات التربوية المحصصاتية التي لا تفقه قيمة العيش الكريم للكادر التربوي وآثار ذلك على أدائه اليومي في سياق العملية التربوية, وتلك السلطات تمارس نفس حالات الاستلاب والأكراه التي مارسها النظام السابق لأذلال الناس من خلال سياسة التبعيث والشوفينية وفرض سياسة الرضوخ لشروط الحاكم الجائر لتجويع الكادر التربوي.

هناك عشرات الألوف بل تجاوز العدد 140 ألف كادر تدريسي يعمل في السخرة او على شكل مكافئات مقطوعة او مكرمة مالية كما تعطى للفقراء في الشوارع او المعوزين وذوي الأعانات الاجتماعية, ولا يمكن لعاقل ان يصدق ان هذا الأمر يحصل في العراق, في بلد نفطي بلغت عائداته منذ 2003 اكثر من 1400 مليار دولار ذهبت جميعها في جيوب الفاسدين والسراق من سياسي الصدفة مختلسي المال العام ورافعي شعارات المليشيات المسلحة اولا ولا لدولة المواطنةا, وما انفق على قطاع التربية والتعليم الى اليوم تجاوز 30 مليار دولار بحسب التقديرات, وهذه الاموال لا تستطيع تأمين فرص تعين بشروط انسانية للكادر التربوي, بل تلجأ الى حلول عرجاء وغير محسومة الى ما يسمى بالعقود, في ظل افتراضات اكيدة في توسع التعليم الهائل في العراق استنادا الى البنية السكانية الفتية او في اعمار الدراسة, وبالتالي فالحاجة قائمة الى الكادر التربوي في العراق الى يوم يبعثون, فلماذا هذا التحايل عليهم ومساومتهم بأبخس الشروط.

احتجاجات الكادر التربوي اليوم في مختلف المحافظات العراقية هي جزء لا يتجزأ من الحركة الأحتجاجية في عموم العراق ولمختلف الشرائح الاجتماعية لتحسين ظروف العيش ومحاربة الفساد وسرقة المال العام وتوفير الخدمات الانسانية الضرورية من صحة وتعليم وكهرباء وماء وضمانات للفئات المجتمعية المحرومة, مقرونا بمطالب مشروعة لأعادة بناء العملية السياسية من جديد عبر الأقصاء الديمقراطي للطبقة السياسية الفاسدة كمقدمات لأعادة بناء العراق على اسس دولة المواطنة, وبالتالي نرى ان الحلول الترقيعية والوعود للكادر التربوي عبر تحويلهم الى "مكرمة العقود" هي ذات الوعود التي تحدثت عنها السلطات المتعاقبة في حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية لعموم شعبنا ولم تحل, وقد بلغت ضحايا مطالبات شعبنات منذ انتفاضة اكتوبر اكثر من 700 شهيد و30 ألف جريح ومئات الأعاقات المنتهية غير القابلة للعلاج, ولا زال المجرم القاتل حرا طليقا, والوعود بألقاء القبض عليهم وتقديهم للعدالة كما هي الوعود في الاستجابة لمطالب الشعب.



#عامر_صالح (هاشتاغ)       Amer_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موازنة العراق للعام 2021 واعادة انتاج المحاصصة
- الميليشيات المغلفة بشعارات المطالب الشعبية
- على طريق أسلمة المجتمع العراقي وتفتيت مكوناته
- غادر بابا الفاتيكان العراق وبقى الحل عراقيا
- قراءة سيكولوجية سريعة للقاء بنت الدكتاتور العراقي
- هل تسبح - البطة - عكس التيار
- العراق: من صدمة الدكتاتورية الى صدمة المحاصصة الطائفية والعر ...
- توأمة الفساد والأرهاب في العراق تريق الدماء البريئة
- الترامبية بين الثقافة الديمراطية وثقافة القطيع
- الفساد الأداري والمالي بين مزدوجي الجنسية وأحادي - الجنسية ا ...
- عام 2020 وداعا ولعله بدون عودة
- بين ترميم -البيت الصغير- وخراب البيت الأكبر
- ناصرية العراق بين سيكولوجيا الترهيب وغياب الدولة
- المفارقات السايكومعرفية والعقلية في أدانة فعل الأرهاب
- في سيكولوجيا التشبث والبقاء في السلطة
- نظام المحاصصة والعبث في منظومة التعليم العالي والبحث العلمي ...
- المناظرة الرئاسية الأمريكية الأخيرة ودلالتها في سيكولوجيا ال ...
- هل الأمومة العراقية في انتكاسة كما يتصورها البعض !!!
- نتائج الأمتحانات العامة للسادس الأعدادي بين ضغوطات كورونا وأ ...
- مناظرة الرئاسة الأمريكية الأنتخابية من منظور سيكولوجيا الأتص ...


المزيد.....




- سارت خلف المنضدة وهددته.. كاميرا توثق ما فعلته سيدة بعد مهاج ...
- دخلت قصر صدام وحاولت الإيقاع بالقذافي.. -فخ العسل- ورحلة الت ...
- السفارة السورية في الأردن تحصي عدد الجوازات التي أصدرتها بعد ...
- إسرائيل.. مستشفيات الشمال تخرج من تحت الأرض بعد أشهر من الحر ...
- تايلاند: إحياء الذكرى العشرين لتسونامي المحيط الهندي في بان ...
- المغرب.. السلطات تحرر الحسون (صور)
- عاجل | مراسل الجزيرة: جيش الاحتلال الإسرائيلي يحاصر مستشفى ك ...
- الائتلاف السوري ينضم للإدارة الجديدة بمهاجمة إيران
- طعن شرطي تونسي خلال مداهمة أمنية
- قتل ودمار وحرق.. هذا ما خلّفه الاحتلال في مخيمات طولكرم


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عامر صالح - المحاضرون المجانيون جزء من الأزمة العامة للعملية التربوية في العراق