أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسان الجودي - الفلسفة المسلية














المزيد.....

الفلسفة المسلية


حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)


الحوار المتمدن-العدد: 6860 - 2021 / 4 / 5 - 12:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كنت أتنزه مع صديقي الباحث العلمي بعد أن انتهينا من الاحتفال بعيد ميلاده الستين.
تركنا خلفنا الأصدقاء والكعكة الشهية والضحكات الصافية وفتحنا باب الصخرة ثم دخلنا إلى الظلام.
اتضحت الرؤية لنا بعد برهة، فقد سطعت شمس ضخمة غريبة في المكان، وصار بإمكاننا التجوال في الممرات الغامضة والمساحات الكبيرة بين جزيئات الصخر، وصرنا نتناقش حول ماهية نوع الصخرة، ونحن نسير الهوينى كمن يستمتع بنزهة ربيعية صباحية.
لكنني بدأت ألاحظ شبحاً يتابعنا من بعيد ، كان يترصد خطواتنا باهتمام واضح، ثم كان يموه ظهوره بطريقة لم أفهمها. التفتُّ إلى صديقي بقلق:
- هناك من يلاحقنا...
- لا تشغل بالك. إنه الموت.
شعرت بالخوف من كلماته المفاجئة. وسألته باضطراب:
- كيف عرفت ذلك؟ ولماذا لست خائفاً منه؟
أجابني بطريقة مدرسية:
- تبدو دون خبرة أيها الشاعر!
هذا الموت مختلف عن الموت الذي تتحدث عنه في قصائدك ، ذلك الموت الذي ينال من سكان الأرض قاطبة دون استثناء. أما هذا الموت فله شأن آخر.
- اشرح لي من فضلك!
توقف صديقي برهة ثم أمرني:
- اسقط أرضاً وتظاهر بالموت. هيا لا تناقش وافعل ذلك!
تهاويتُ على جانبي واستلقيتُ دون حراك. فسمعتُ خطوات راكضة باتجاهي. ثم رأيت شبح الموت واقفاً فوق رأسي وهو يقول لصديقي:
- لماذا تنتظر؟
هيا أنقذه، وقم بإجراء تنفس اصطناعي له!
تظاهر صديقي بذلك، فتظاهرت بعودة الحياة. فغادرنا الموت وهو يصفر لحناً شائعاً.
قال صديقي:
- هل فهمت الآن؟
إنها الحياة متنكرة في قناع الموت.
- ولماذا تفعل ذلك
- لأنها تخاف من الموت وهي تتنكر بهيئته كي تخدعه .
- وهل هو عاجز عن إيجادها؟
إنه كما أعرف ماهر كصياد في الاقتناص. ولم يسبق له الفشل.
- إلاّ هنا يا صديقي الشاعر . إلا هنا...
فلا يمكن للموت الدخول إلى فضاء هذا الصخرة.
نحن هنا بمنجى منه.
- أخبر الحياة بهذا كي تكف عن الخوف من الموت إذاً!
تردد صديقي ثم قال:
-لا يسمح لي ضميري العلمي بذلك. فلست أملك هذا اليقين!
ثم إن فيزياء الكم قد تشير إلى وجود الحياة والموت في صورة واحدة.
ثم همس:
-ربما تحدثنا قبل قليل مع الموت وليس مع الحياة، وقد تنكر على صورة الحياة ليستطيع دخول الصخرة.
طلبت منه الشرح، فحدثني بشغف:
-قد يأتي مثلًا نحات إلى هذه الصخرة، فيصنع منها تمثالاً خالداً. أو يأتي مزارع فيصنع منها فأساً وشفرات لذبح الحيوان أو لتقطيع الأشياء.
أو تبقى هذه الصخرة مئات السنين حتى تغطيها المغما البركانية ذات يوم فتنصهر فيها.
أو يأتي حفّار قبور فيصنع منها شواهد لموتاه.
نعم ....الحياة والموت في صورة واحدة.
والموت هو غياب الحياة، والحياة هي غياب الموت.
قلت له :
-والليل هو غياب النهار، والصمت هو غياب الصوت.
قاطعني صديقي الباحث العلمي مؤكداً:
- لكن المادة لا تفنى ، والصخرة مثل الأهرامات الفرعونية لن تزول!
قلت له " أنت تربكني"
ثم ركضتُ بسرعة إلى حيث رأيت الحياة/الموت فاقدة لوعيها قرب إحدى ذرات الصخر.
لحقني صديقي وهو يقول دون مبالاة:
- ضربة شمس، سرعان ما تصحو.
كان الموت هامداً، بدا صديقي واثقاً من عودته للحياة. أما أنا فانصرفت إلى إعطائه قبلة الحياة كما أفعل في قصائدي.
وانتبهت أخيراً إلى أن فيزياء الكم التي عرّفني صديقي عليها أعادت مجد الميتافيزيقيا، وجعلت من صديقي الباحث العلمي، وجعلتني معه ، شكاكاً محترفاً تجاه قضايا وجودية كبيرة
وبدا لي الأمر مسلياً بشكل كبير!



#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجل والقطران
- يا طالع الشجرة
- حوار مع الجن
- الشجرة المقلوبة
- صياد الكلمات
- عن هولندا
- التواطؤ مع اللغة
- كيف تصبح شاعراً
- جينات الصدفة!
- أحجية الأصوات
- ابن جلاّ
- يحمل فيلاً على رأسه!
- حقنة سواد شرجية
- اجهاض بانت سعاد
- المقدس والمدنس
- التاريخ الساذج
- سوق القصاصين
- كود لغوي
- السياق والخلاصة
- قصة تنبؤية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسان الجودي - الفلسفة المسلية