أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - احمد طلال عبد الحميد - تعليق على قرار المحكمة الادارية العليا المرقم ( 989/2019 ) في 25/7/2019 في الدعوى (1556/قضاء موظفين/تمييز/2019) الخاص باثبات الجرائم الـتأديبية ذات الطابع الاخلاقي والمخله بكرامه الوظيفه















المزيد.....


تعليق على قرار المحكمة الادارية العليا المرقم ( 989/2019 ) في 25/7/2019 في الدعوى (1556/قضاء موظفين/تمييز/2019) الخاص باثبات الجرائم الـتأديبية ذات الطابع الاخلاقي والمخله بكرامه الوظيفه


احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)


الحوار المتمدن-العدد: 6859 - 2021 / 4 / 4 - 02:43
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


اولا : مقدمه : يراد بالجرائم التاديبية المرتكبة خارج نطاق الوظيفة العامة ، كل فعل يصدر عن الموظف بعد اوقات الدوام الرسمي اثناء مباشرته لحياته الشخصية ، وتكون لهذه الافعال صله مباشرة او غيرمباشرة بوظيفته وتؤثر على سمعه وكرامة الوظيفه العامه ، وما يجب ان يتصف به الموظف العام من حسن سلوك واستقامه ونزاهة وشرف وغيرها من الصفات الواجب توفرها في الموظف العام باعتباره في مركز تنظيمي يخضع للقوانين والانظمة التي تنظم سلوك الموظف ومركزه القانوني ، فعلى الموظف العام تجنب ارتياد الاماكن التي لا تتناسب مع الوضع الاجتماعي والوظيفي والتي من شأنها الاساءه لسمعته وسمعه وكرامة وظيفته ، كدخول اماكن الدعاره واماكن لعب القمار او الظهور بمظهر غير لائق في الاماكن العامة من شأنه الاساءه الى سمعه المرفق الذي ينتسب اليه ، كذلك ينسحب الامر الى الافعال التي تصدر من عائلة الموظف ، كما لوكانت زوجته او احد بناته تسلك سلوكاً شائناً يلثم شرفه ، وتسمى هذه الافعال بالمخالفات التاديبية ذات الطابع الاخلاقي .
ثانياً : موقف القضاء الاداري في العراق : استقر القضاء الاداري في العراق على ادانه مثل هذا النوع من السلوك الشائن الماس بكرامة وشرف الوظيفه حتى وان تم ارتكابها خارج اوقات الدوام الرسمي ، حيث ادان مجلس الانضباط (الملغى) سلوك احد المضمدين الذي قام بالتوسط لاخراج احد المريضات الراقده في المستشفى بزعم مراجعتها للعيادة الشعبية الواقعه قرب منزل احد زملائه وسهل قيام الاخير بالاعتداء على شرفها ، اذ جاء في حيثيات قرار المجلس المرقم (265/1972) في 19/12/1972 (... وحيث ان المضمدين وهم يقومون بالاشراف على المرضى ورعايه امورهم الصحية يجب ان يكونوا فوق الشبهات والريب ، ويجب ان يتحلوا بارفع الخصال واسماها وان يبتعدوا عن كل مايجرح السلوك القويم حتى يكونوا موضع ثقه الناس ، وبما ان سلوك الموظف في غير نطاق الوظيفه ينعكس على سلوكه العام في مجال الوظيفه من حيث الاخلال بكرامتها ، مما ينبغي ان يلتزم بسلوكه بما لايفقد الثقه والاعتبار ، وبما ان عمل المذكور يشكل ذنباً ادارياً ، اذ كان عليه ان لايحصل للمريضه المذكوره على الاجازة قبل تاكده من حاجتها بصورة فعليه لمراجعه العيادات الشعبيه ، وان معرفته السابقه بها كانت تسهل المهمة ، وحيث انه لم يتخذ الحيطه الكافية ، لذلك قرر نقض قرار اللجنه ومعاقبته بالانذار ....) ، كذلك ذهب المجلس في قراره المرقم (90/1971) في 26/6/ 1971 الى ادانه سلوك احد الموظفين الذي يعمل مضمداً في احد المستشفيات عن فعله المتمثل باقامة علاقه غير مشروعه مع احد القابلات الماذونات برضاها ترتب على هذه العلاقه حملها سفاحاً ، و استغل وجوده في المستشفى للتخلص من الجنين ، حيث ذهب المجلس في قراره انف الذكر الى كون فعله يشكل اخلالاً خطيراً بواجب وظيفته التي تتطلب ضبط النفس والاخلاق الفاضله ، حيث تقرر تشديد عقوبته من التوبيخ الى تنزيل الدرجه لتكون رادعاً له .
كذلك ذهبت المحكمة الإدارية العليا في الطعن المرقم( 398/2019 ) في 20/6/2019 في الدعوى (814/قضاء موظفين/تمييز/2019) الى ادانه سلوك احد التدريسيين لتحرشه باحد الطالبات ، ورغم ان المحكمة المذكورة قد خففت العقوبه بحقه الانها ادانته على هذا السلوك المخل بكرامه الوظيفه وكرامه الاستاذ الجامعي واوعزت الى الاداره لنقله الى مكان عمل اخر لايوفر فرص الاختلاط بالطالبات ، حيث جاء في حيثيات قرارها (..لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح وموافق للقانون، ذلك لان المعترض عليه فرض عقوبة العزل على المعترض عليه بناءً على شكوى من طالبة ادعت بتحرشه بها ، وقررت المحكمة تخفيض العقوبة الى تنزيل الدرجة للأسباب التي استندت اليها والتي رأت فيها عدم التناسب بين الفعل المنسوب للموظف والعقوبة والمفروضة عليه ، وترى المحكمة الإدارية العليا بأن تخفيض العقوبة يستند الى اسباب قائمة في المخالفة المنسوبة الى الموظف ، لان ليس كل الافعال التي نسبت اليه ثابته بدليل يرقى لان يكون سبباً لإصدار عقوبة العزل ، وهي عقوبة شديدة ينبغي ان تكون قائمة على ادلة تطمئن اليها المحكمة . لكن كان على المحكمة توجيه الادارة بنقل المعترض الى مكان عمل اخر تتجنب فيه الاختلاط بالطالبات ، لذا قررت المحكمة الإدارية العليا تصديق الحكم المميز مع توجيه الادارة بنقل المعترض الى مكان عمل اخر تتجنب فيه الاختلاط بالطالبات ..).
ثالثاً : ملخص قرار المحكمة الادارية العليا محل التعليق : ذهبت محكمة قضاء الموظفين الى ادانه سلوك احدى التدريسيات وتصديق القرار الاداري الصادرمن رئيسها الاداري بفرض عقوبه العزل من الوظيفه ، بناءً على مقطع فيديو مخل بالحياء يظهرها تمارس الجنس مع احد الاشخاص خارج العراق حيث اثار انتشار هذا الفيديو في مواقع التواصل الاجتماعي الراي العام مماد دفع دائرتها لتشكيل لجنه تحقيقية اوصت بعزلها من الوظيفية مستندة الى مانشر في مواقع التواصل الاجتماعي ، الا ان المحكمة الادارية العليا ذهبت في قرارها المرقم ( 989/2019 ) في 25/7/2019 في الدعوى (1556/قضاء موظفين/تمييز/2019) الى نقض هذا القرار لاعتبارات متعلقه بادلة اثبات السلوك المنحرف الى المميزة (المعترضه) وليس لاسباب تتعلق بحريه الموظف الشخصية خارج اوقات الدوام الرسمي ، حيث جاء في القرار المذكور (.....لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه غير صحيح ومخالف للقانون . ذلك لأن المميزة (المعترضه) تطعن في عقوبة العزل المفروضة عليها بموجب الامر الوزاري الصادر عن المعترض عليه بالرقم (2768) في 15/7/2018 وتطلب الغاءه للاسباب التي اشتملت عليها عريضة دعواها ، فحكمت المحكمة برد الاعتراض لأقتناعها بثبوت الواقعة التي عوقبت المعترضة من اجلها والتي تمثلت بالمشاركة في مقطع فيلم مخل بالاداب تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك) . وسبب قناعة المحكمة هو التحقيق الإداري الذي اجرته الوزارة في الموضوع ، الذي تعزز بتقرير الخبراء الذين استعانت بهم اللجنة التحقيقية لفحص الفيلم والذي اثبت بأن التسجيل صحيح وفق المعطيات الفنية وانه سليم من ناحية تطابق الصورة والصوت ، وجدت المحكمة الإدارية العليا من تدقيق الدعوى بأن المعترض عليه فرض عقوبة العزل على المعترضة لمخالفتها واجبات الموظف المتضمنة المحافظة على كرامة الوظيفة العامة والابتعاد عن كل ما شأنه المساس بالاحترام اللازم لها سواء اكان ذلك اثناء اداء عمل الوظيفة ام خارج اوقات الدوام الرسمي ، استنادا" الى احكام المادة (8/ثامنا") من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 . وحيث ان البند (ثامنا") من المادة المذكورة انفا" ينص على ( العزل : ويكون بتنحية الموظف عن الوظيفة نهائيا ولا تجوز اعادة توظيفه فـي دوائر الدولة والقطاع العام ، وذلك بقــرار مسبب مـن الوزير في احدى الحالات الاتية : ¬أ ـ اذا ثبت ارتكابه فعلا خطيرا يجعل بقائه في خدمة الدولة مضرا بالمصلحة العامة . ب ـ اذا حكم عليه عن جناية ناشئة عن وظيفته او ارتكبها بصفته الرسمية . ج ـ اذا عوقب بالفصل ثم اعيد توظيفه فارتكب فعلا يستوجب الفصل مرة اخرى ) فأن السبب الوارد في قرار العزل لا ينطبق على اي من الحالات الثلاثة التي حددها القانون للعزل . ويكون قرار فرض العقوبة غير قائم على سبب من الاسباب التي نص القانون عليها . والمقتضى بقرار عزل الموظف ان يتضمن المخالفة المنسوبة الى اليه ، والفقرة التي تنطبق عليها من البند المذكور انفا" لأن لكل فقرة وضعها الخاص وشروط تطبيقها . كما استندت المحكمة في حكمها موضوع هذا التمييز على التحقيق الإداري الذي تمثل بالاستماع الى شهادة عشرين شاهد من التدريسيين والموظفين العاملين في الجامعة التي تعمل المعترضة بها ، بينما جميع هذه الشهادات لا تتعلق بالواقعة موضوع التحقيق ، ولم ترد اي شهادة شاهد على موضوع ثبوت نسبة مقطع الفيلم المنشور الى المعترضة وهو موضوع التحقيق . كما استندت المحكمة الى تقرير الخبراء الذين استعانت بهم اللجنة التحقيقية ، دون ان تلاحظ بأن الخبراء لم يؤدوا اليمين القانونية ، ولا يجوز قبول تقرير خبير لم يؤد اليمين القانونية ، تطبيقا" لحكم المادة (134/ب) من قانون الاثبات رقم (107) لسنة 1979. كما لم يكن تقرير الخبرة مسبباً ، انما اقتصر على النتيجة بسطرين ، وهذا يخالف حكم المادة (144/ثانيا") من قانون الاثبات التي اشترطت في تقرير الخبير بيان الاسباب التي استند عليها في رأيه ، ولا يجوز الاخذ بتقرير الخبراء في هذه الحالة . كما لم تأخذ المحكمة بنظر الاعتبار انكار المعترضة للتهمة التي اسندت اليها عند تدوين اقوالها في التحقيق الإداري ، ودفعها بأن مقطع الفيلم مفبرك ، واحتجت في انكار صلتها بالفيلم بأن لديها علامات مميزة في جسمها ، وبينت للجنة التحقيقية مواضعها ، وان تلك العلامات غير موجودة في المرأة التي ظهرت في الفيلم ، لكن اللجنة التحقيقية اهملت التحقق من ذلك . يضاف الى ان المعترضة قدمت الى محكمة قضاء الموظفين حكم صادر من محكمة رأس الخيمة الابتدائية / الدائرة الجزائية ــ جنح بالقضية رقم (4116/2018) في 5/2/2018 يتضمن الحكم على المتهم (أ . ف . ح . م ) بالحبس عن ثلاث تهم مع الحكم بالتعويض والابعاد عن الامارة ، لعلاقته بنشر مقطع الفيديو موضوع العقوبة الانضباطية على موقعه في مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) عن طريق هاتفه النقال ، بقصد مواجهة ترشيح المعترضة للعمل في مجلس النواب والتشهير بها . كما قدمت المعترضة الى المحكمة تقرير فحص مختبري لفريق امريكي متطوع من صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع جامعة كاليفورنيا ، وقد اثبت هذا التقرير بعد اجراء فحص على مقطع الفيلم بتقنيات علمية متطورة جدا" بأنه مزيف ، وذكر التقرير بأن تم انشاء هذا الفيلم باستخدام نوع من برامج الذكاء الصناعي (سوفت وير) مشابه لبرامج التزييف العميقة ، وان نسبة التزييف (96%) . وكان التقرير مكونا" من اربع صفحات ومسبب تسببيا" علميا" دقيقا" تناول صورة المرأة التي ظهرت في الفيلم مقطعا" مقطع وبين دلائل الفبركة فيه بالتأشير والدلالة . وحيث ان محكمة قضاء الموظفين تطبق على الدعوى الانضباطية قانون اصول المحاكمات الجزائية بالقدر الذي يتلائم مع طبيعة الدعوى الانضباطية استنادا" الى حكم المادة (15/خامسا") من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام . وحيث ان المحكمة تحكم في الدعوى الجزائية بناء على اقتناعها الذي تولد لديها من اي دليل مطروح في الدعوى ، وذلك استنادا" الى حكم المادة (213/أ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية . وحيث ان اقتناع المحكمة محكوم بمبدأ اليقين القضائي ، اذ تقام دعائم الحكم الجزائي على اقتناع مؤسس على اليقين والجزم ، ولا تصل المحكمة الى اليقين القضائي اذا خالط اليقين شك ، ونازع عدم الاطمئنان وجدانها ، وذلك اعمالا" لمبدأ الاصل في الانسان البراءة الذي يستمد اصوله التشريعية من البند (خامسا") من المادة (19) من الدستور الذي يمثل تعبيرا" عن الفطرة التي جبل الانسان عليها . وحيث ان العقوبة الانضباطية المفروضة على المعترضة هي اكثر انواع العقوبات الانضباطية جسامة ، وتتعلق بواقعة اخلاقية ، تصيب اثارها المؤلمة الموظفة وتتعداها الى عائلتها واقاربها ، مما يتطلب التحوط في الاثبات ، وحيث ان المعترضة انكرت ما اسند اليها ، ولم يتوافر في التحقيق الإداري دليل على ثبوته ، وان الحكم الجزائي الصادر في موضوع نشر فيلم من محكمة عربية تنتمي الى دولة عضو في اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي الذي يشكل العراق طرفا" فيها ، وان روح الاتفاقية تعبر عن وجوب احترام الدولة الطرف للأحكام القضائية التي تصدر في دولة طرف اخرى . كذلك تقرير فحص مقطع الفيلم المربوط في الدعوى تشكل قرائن لا يقوم معها يقين بثبوت الواقعة التي عوقبت المعترضة بسببها . لتلك الاسباب يكون الحكم المميز الصادر بتصديق عقوبة العزل غير صحيح قرر نقضه . واستنادا" الى صلاحية المحكمة الإدارية العليا بموجب المادة (259/6) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 قرر الحكم بإلغاء عقوبة العزل المفروضة على المعترضة ( أ) واعادتها الى وظيفتها ..) .
رابعاً : التعليق : من قراءة حيثيات قرار المحكمة الادارية العليا سابق الذكر ، يمكن القول انها لم تتوصل الى ثبوت الفعل او السلوك الشائن بحق المعترضه ( المميزة ) ، وبذلك فأن قرار الغاء عقوبه العزل جاء متعلقاً بادله اسناد الفعل الى فاعله ، وليس لكون وصف الفعل لايشكل مخالفه تأديبية تستوجب مساءلة فاعلها باعتبار ذلك يدخل في حريه تصرف الانسان في جسده الشخصية ، كما انه لم يستند في الغاء عقوبه العزل على انفصال تاثير الافعال الصادره عن الموظف خارج الوظيفه عن الوظيفه ، ويمكن ان نؤشر على القرار المذكور الملاحظات الاتيه :
1. اشار القرار بأن اللجنه التحقيقية استندت الى تقرير خبراء لم يتم تحليفهم اليمين القانونيه وان تقرير الخبره غير مسبب ، وهنا فات على المحكمة التحقق من نوع الخبراء فيما اذا كانوا قضائيين ام لا ، فأن كانون كذلك فأنهم محلفين بموجب المادة (10) من قانون الخبراء امام القضاء رقم (163) لسنة 1964 المعدل ، اما اذا كانوا غير ذلك فأن على المحكمة الادارية العليا ان تنقض الحكم وتوجه محكمة قضاء الموظفين بالتعمق بالتحقيق القضائي وانتخاب الخبراء لهذا الغرض حيث ان التحقيق الاداري يتم الاستئناس به من قبل المحكمة ، على ان تتولى المحكمة اجراء تحقيقاتها وصولا ً لقناعتها بكافه طرق الاثبات بما في ذلك الاستعانه بالخبراء الفنيين لتزويد المحكمة بتقرير خبره مسبب لتلافي الخلل في عمل اللجنه التحقيقية .
2. ذهبت المحكمة في قرارها الى ان عزل المعترضه لايستند لسبب من الاسباب الواردة في المادة (8/ ثامناً) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل ، وهذا غير دقيق لان العزل يستند الى الفقرة (أ) من البند (ثامناً) من المادة (8) من القانون انف الذكر التي نصت على فرض عقوبه العزل بقرار مسبب ( اذا ثبت ارتكابه فعلا خطيراً يجعل بقائه في خدمه الدولة مضراً بالمصلحه العامه ) ، وهنا نتسأل هل يوجد امراً اكثر خطورة على المصلحة العامه ومصلحة مرفق التعليم ابقاء تدريسي مارس هذا السلوك المخل بالاداب العامه ، وكيف نتستأمنه على مصير الطلبه الذين يدرسهم ويشرف عليهم علمياً وتربيوياً ، وكان من الاوفق تركيز المحكمة في الغائها للعقوبه على موضوع الادلة بدلاً من الخوض في شرعيه فرض عقوبه العزل ومدى انطباق النص على الواقعه ، فاذا ثبت الفعل بقناعتها تلجأ لاحقاً للخوض في مدى انطباق النص على الفعل وهنا كان على المحكمة التدرج في نظر القرار بهذا التسلسل الذي بيناه .
3. استند قرار المحكمة الادارية العليا الى دفع المعترضه (المميزة ) في كون ان الفلم مفبرك وان هنالك علامات فارقه في جسدها يميزها عن الجسد الظاهر في الفلم وان اللجنه التحقيقية اهملت التحقق من ذلك ، وهنا كان على المحكمة الادارية العليا نقض الحكم والطلب من محكمة قضاء الموظفين ارسال المعترضه للكشف الطبي في دائرة الطبي العدلي للتحقق من دفعها وربط تقرير طبي عدلي يؤيد وجود علامات فارقه في جسم المعترضه يميزها عن المرأة الظاهرة في الفلم ، وعدم الاكتفاء بهذا الدفع وهذا خلل اجرائي حال دون اثبات الواقعه او نفيها وفقاً للاصول الفنية والقانونية ، واذا كان هذا الامر قد اغفلته اللجنه التحقيقية يجب ان لا تغفله محكمة قضاء الموظفين في تحقيقها القضائي ، واذا كان هذا الاجراء قد تم اغفاله من محكمه قضاء الموظفين التي تنظر الاعتراض بصفتها محكمة درجه اولى ، يجب ان لايفوت على المحكمة الادارية العليا باعتبارها جهة تمييزية استناداً للمادة (2/رابعاً/ب) من قانون مجلس الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل ، والتي نصت على ان ( تمارس المحكمة الاتحادية العليا الاختصاصات التي تمارسها محكمة التمييز الاتحادية المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل عند النظر في الطعن بقرارات محكمة القضاء الاداري ومحكمة قضاء الموظفين ) .
4. اذا كانت اللجنه التحقيقية قد استندت الى خبره خبراء للوصول الى قناعتها بمقصريه المعترضه لارتكابها فعل مخل بالاداب خارج نطاق الوظيفية واصدرت توصياتها التي صادقها رئيسها الاداري ، فأن محكمة قضاء الموظفين غير ملزمه في تكوين عقيدتها وقناعاتها استناداً لرأي الخبراء ، حيث قضت الفقرة (ثانياً) من المادة (140) من قانون الاثبات رقم (107) لسنه 1979 المعدل بأن راي الخبير لا يقيد المحكمة ، ولها ان تقضي بخلاف رأيه ان تضمن حكمها الاسباب التي اوجبت عدم الاخذ برأي الخبير كلاً او او بعضاً استناداً للمادة (8) من نفس القانون ، على انه انه ليس للقاضي ان يحكم بعلمه الشخصي الذي حصل عليه خارج المحكمة ، ومع ذلك فله ان يأخذ ىبما يرد لعلمه من امور متصله بالشؤون العامه المفروض المام الكافه بها ، هذا على مستوى الدعوى المدنية فما بالك الامر متعلق بدعوى اداريه تملك المحكمة كافه وسائل الاثبات الحر للوصول على قناعاتها ، وهنا خالف قرار المحكمة الادارية العليا مبدأ القاضي (خبير الخبراء) لانها افترضت ان قرار محكمة قضاء الموظفين استند لتقرير خبراء استمعت لهم اللجنه التحقيقية في دائرة المميزة ، في حين كان يجب على المحكمة الادارية العليا نقض الحكم للوقوف على راي محكمة قضاء الموظفين والاسباب التي استندت اليها في تصديق عقوبه العزل المفروضه بحق المعترضه .
5. ان المحكمة الادارية العليا استندت في تبرير قرارها بالغاء عقوبه العزل المفروضه على المميزة بقرار حكم صادر محكمة رأس الخيمه الابتدائية / الدائرة الجزائية بتاريخ 5/2/2018 ومتضمن فرض عقوبه الحبس لمدة (ثلاث سنوات) ضد احد الصحفيين مع ابعاده من الامارة ، لضبط وجود الفلم في هاتفه الجوال ولعلاقته بنشر الفلم الفاضح في الفيسبوك ، وقد اشار الحكم الى تقرير فني مسبب باربع صفحات لفريق امريكي اجرى الفحص المختبري للفلم واثبت ان انه فلم مزيف بتقنيات التزييف العميق بنسبة تصل الى (96%) بالمائة ، وهنا وقعت المحكمة في تناقض شديد لانها لم تقتنع بتقرير الخبراء الذين استمعت اليهم اللجنه التحقيقية للاسباب التي ذكرتها والتي يمكن القول بانها مقبوله ، ولكنها لم تعطي الفرصه لمحكمة الموضوع بانتخاب خبراء فنيين لفحص الفلم وتقديم تقرير فني مسبب قابل للطعن فيه ، في حين قبلت تقرير فني ورد في حكم اجنبي يشير الى نسبة عالية في تزييف الفلم قدم امام القضاء الاجنبي ، كما ان القرار الصادر من محكمة رأس الخيمه يتعلق بثبوت واقعه نشر الفلم الفاضح للمعترضه في وسائل التواصل الاجتماعي من قبل هذا الصحفي ، ولايتعلق بواقعه اثبات صحه الفلم او تزييفه ، هذا على فرض اكتساب هذا الحكم الدرجه القطعية واصبح حقيقية قانونية لان القرار لم يشر الى هذا الجانب ، في حين ان المادة (105) من قانون الاثبات رقم (107) لسنة 1979 قد اشارت الى حجيه الاحكام الصادرة من المحاكم العراقية التي حازت درجه البتات .
6. بالرجوع الى اتفافية الرياض للتعاون القضائي لسنة 1983 والتي صادق عليها العراق عام 1984 لم نجد نصاً يلزم المحاكم الوطنية بتنفيذ الاحكام الجزائية المكتسبة درجه البتاب والصادرة من احد الدول الاعضاء ، وان ماورد في المادة (25) من الاتفاقية تتعلق بالاعتراف بالاحكام القضائية المدنية والتجارية والاداريه والاحوال الشخصية ، والحقوق المدنية الصادرة عن الاحكام الجزائية حيث نصت المادة المذكورة على ( أ-يقصد بالحكم في معرض تطبيق هذا الباب كل قرار- أيا كانت تسميته- يصدر بناء على إجراءات قضائية أو ولائية من محاكم أو أية جهة مختصة لدى أحد. ب-مع مراعاة نص المادة 30 من هذه الاتفاقية، يعترف كل من الأطراف المتعاقدة بالأحكام الصادرة عن محاكم أي طرف متعاقد آخر في القضايا المدنية بما في ذلك الأحكام المتعلقة بالحقوق المدنية الصادرة عن محاكم جزائية، وفي القضايا التجارية والقضايا الإدارية وقضايا الأحوال الشخصية، الحائزة لقوة الأمر المقضي به وينفذها في إقليمه وفق الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الأحكام المنصوص عليها في هذا الباب، وذلك إذا كانت محاكم الطرف المتعاقد التي أصدرت الحكم مختصة طبقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة لدى الطرف المتعاقد المطلوب إليه الاعتراف أو التنفيذ أو مختصة بمقتضى أحكام هذا الباب، وكان النظام القانوني للطرف المتعاقد المطلوب إليه الاعتراف أو التنفيذ لا يحتفظ لمحاكمة أو لمحاكم طرف آخر دون غيرها بالاختصاص بإصدار الحكم ....).
7. ان الغاية من توجيه هذه الملاحظات ليس لاثبات صحه الفعل الى فاعله بقدر ماهي مناقشه لاجراءات المحكمة الادارية العليا في الاثبات لضمان الوصول الى اليقين القضائي وسلامه اجراءات الاثبات بالثبوت او النفي باعتبار ان هذه المحكمة الادارية العليا مسؤولة عن تحقيق الامن القضائي ، كما ندعو المحكمة الابتعاد عن ممارسة الدور الاسئنافي والابتعاد عن مناقشه الوقائع كانها محكمة اول درجه والتركيز على كونها محكمه قانون وترك التفاصيل الى محكمة الموضوع ، وفي نهاية المقال نستطيع القول ان هذا القرار ذو ابعاد انسانية اكثر من كونه قرار راعى تطبيق القانون بتجرد ...والله ولي التوفيق د. احمد طلال عبد الحميد البدري.



#احمد_طلال_عبد_الحميد (هاشتاغ)       Ahmed_Talal_Albadri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأديب الموظفين في الاسلام
- فاعلية الادوات الرقابية لديوان الرقابة المالية الاتحادي في ا ...
- الاغفال التشريعي في تنظيم اختصاص هيئة النزاهة الخاص بتلقي ال ...
- المحكمه الاتحادية العليا مابين الثيوقرطه والدمقرطه
- التعليق على قرار المحكمة الادارية العليا المرقم (2443/قضاء م ...
- تعليق على قرارات المحكمة الإتحادية العليا المرقمه (89 و91 و9 ...
- مهام لجنة تحليل وتقويم العطاءات وفقاً لتعليمات تنفيذ العقود ...
- إشكالية ممارسة الاختصاص التشريعي من المحافظات غير المنتظمة ف ...
- قراءه في قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (85/اتحادية/اعلام ...
- تنفيذ احكام القضاء الإداري
- تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (85/اتحادية/اعلا ...
- الاثبات امام محاكم مجلس الدولة العراقي
- المشاركه في ادارة الوحدات المحلية كمعيار لرشادة الحكم
- معوقات الاصلاح التشريعي
- العقود الحكومية في ضوء اعمال الارهاب وجائحة كورونا وشحة التخ ...
- تعدد درجات التقاضي ودوره في تحقيق العدالة الادارية
- حريه الملبس في مرفق التعليم
- نظام مفوضي الدولة واثره في جودة وسرعه احكام القضاء الاداري
- التحقيق الإداري الاليكتروني
- ضوابط التحريات الشخصية واثرها في الحد من الاستبعاد غير المشر ...


المزيد.....




- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - احمد طلال عبد الحميد - تعليق على قرار المحكمة الادارية العليا المرقم ( 989/2019 ) في 25/7/2019 في الدعوى (1556/قضاء موظفين/تمييز/2019) الخاص باثبات الجرائم الـتأديبية ذات الطابع الاخلاقي والمخله بكرامه الوظيفه