الحرب المنسية في غزة *

عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 1628 - 2006 / 7 / 31 - 06:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مع تركيز الانتباه على الحرب الدموية الإسرائيلية في لبنان، أصبحت غزة منسية على نحو واسع. إن الحالة الراهنة في غزة تتجه بسرعة نحو كارثة إنسانية خطيرة في ظروف تصعيد إسرائيل عدوانها العسكري المستمر على هذه المقاطعة، إذ أودى هذا العدوان بحياة أكثر من 240 مواطناً، غالبيتهم من المدنيين، حسب مقالة في وكالة أنباء رويترز.
خاطب صائب عريقات- أحد كبار مساعدي الرئيس الفلسطيني- العالم مؤخراً ليتذكر المأزق الفلسطيني، رغم الصراع في لبنان. "نحن نطالب المجتمع الدولي بالتدخل".
ورغم فتح المعبر الرئيس "كارني" مؤقتاً، وهو نقطة العبور الحيوية من أجل توفير الغذاء والمتطلبات الحياتية لمقاطعة غزة، فإن هذه الخطوة لم توفر الحد الأدنى الضروري من المواد الغذائية للأسواق. الفلسطينيون لا يملكون نقوداً كافية لشراء الطعام، والأسعار تتجه نحو الارتفاع يومياً تقريباً. وهذا مرتبط بالدخول العائلية المنخفضة، والأهم الدور الأمريكي في شلّ الاقتصادي الفلسطيني، نتيجة شن الولايات المتحدة المقاطعة على حكومة حماس الفلسطينية.. كل هذا يعني أن لا خيار أمام الفلسطينيين الاستمرار في الحياة سوى الحصول على أدنى كمية من متطلباتهم الحياتية والعيش على أغذية فقيرة. وحسب وكالة صندوق الأطفال للأمم المتحدة أصبح 70% من الفلسطينيين يحصلون على مستوى تغذية دون الحد الأدنى الضروري للبقاء على قيد الحياة.
"قوارب رجال الصيد قابعة في موانئها، الفلسطينيون العاملون في إسرائيل لا يستطيعون عبور نقاط التفتيش، الناس المستخدمون من قبل السلطة الفلسطينية لم يتسلموا رواتبهم منذ شهور، ليس لدى التجار ما يتاجرون به، وعملية البناء توقفت بسبب نقص المواد. من هنا لا تتوفر للناس إمكانية شراء كمية كافية من الطعام، وبالمقابل فالكميات المتاحة من المواد الغذائية لا يمكن خزنها" قالها حسام المؤذن- برنامج مكافحة الجوع- ومقره الرئيس في غزة.
يوافق على هذا القول فردريك روبرتس المسؤول عن فعاليات برنامج مكافحة الجوع في المناطق الفلسطينية، موضحاً "أن الحالة منافية للعقل- تتواجد الخضار في الأسواق، لكنها تتعفن تحت الشمس، لأن المنتجين غير قادرين على تصديرها، والناس المستهلكون غير قادرين على شرائها."
يذكر بابلو الكادي منسق الطوارئ لمكافحة الجوع، أن المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية هي الأكثر تعرضاً لهذه الكارثة "لقد لاحظنا أن شبكة المياه والأراضي الزراعية قد دُمرت تماماً، كما أن طرق المرور لتقديم المساعدات الإنسانية بقيت صعبة، وكان هناك الكثير من الفلسطينيين يهربون من هذه المناطق ليصبحوا لاجئين في مدارس."
مع وجود 1.4 مليون مواطن في واحدة من أكثر المناطق المأهولة بالسكان في العالم، أُجبروا على الحياة في الظلام بعد القصف الإسرائيلي لمحطة الكهرباء الوحيدة التي كانت تغذي أيضاً وحدات تصفية المياه ومعالجة الفضلات.. هذه الحالة خلقت تحدياً رهيباً في وجه السكان.
وحسب المصادر الرسمية للأمم المتحدة، يكافح الفلسطينيون لتوفير إمكانية الاستحمام، وليس لديهم وسيلة لحفظ المواد الغذائية، كما وزادت الإصابات بينهم بمرض الإسهال إلى 160%. " أنا متواجد هنا منذ ثلاث سنوات ولم أرَ الفلسطينيين يعانون بهذا القدر أبداً"، قالها موظف الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة ستيوارت شيفرد الذي قّدر نسبة الفقر في غزة بحدود 70%. "من الواضح أن وسائل الإعلام تركز على الحدود الشمالية،" حسب قوله، مشيراً إلى العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان.
يذكر امبروغيو مانينتي- منظمة الصحة العالمية- المسؤول عن تقديم الخدمات الصحية في غزة والضفة الغربية- أن أقل من 10% من المستوصفات التي تقدم الرعاية الصحية الأولية، لديها مولدات كهربائية، وهي "ستتوقف عاجلاً أم آجلاً." كما حذّر كذلك من أن إمدادات الوقود التي توفرها اللجنة الأوربية لمستشفيات غزة لن تكون كافية لأكثر من شهر.
يقول الطبيب الفلسطيني الشاب (32 عاماً)- رمزي حسونة- أنه ليس باستطاعته بعد الآن تشغيل سيارته. ويضع اللوم على الولايات المتحدة الأمريكية فيما وصلت إليه الحال. "الأمريكيون أولاً ثم إسرائيل. إنهم يقتلون أطفالنا. لا يستطيع الأخوة العرب تقديم المساعدة بسبب أمريكا وليس بسبب إسرائيل."
حسونة هو واحد من بين الكثيرين من موظفي الخدمة المدنية ممن لم يتسلموا رواتبهم من حكومة حماس.. هذه الحكومة التي جاءت إلى السلطة في ك2/ يناير وفق انتخابات عامة، أكد المراقبون الدوليون أنها كانت حرّة ونزيهة، لكنها قوطعت من قبل الغرب التي تصنف حماس كمنظمة إرهابية.
وفي نفس الوقت ذكرت مجموعة المساعدات الإنسانية الفرنسية أن الإصابات/ الجروح التي أوقعتها إسرائيل بالفلسطينيين كانت قاسية على نحو غير اعتيادي. "طبيب الطوارئ عندنا- ريغس غوريغوي- حيث يسافر بصورة منتظمة إلى غزة منذ عدة سنوات، لاحظ الجروح الشديدة الخطورة". قالها أحد العاملين في المنظمة الصحية العالمية الفرنسية. "تم بتر الطرفين (الرجل واليد)،. وهذه العملية التي نُفذت تعتبر نادرة نسبياً. ومثل هذه الحالات تشير إلى أن هذه الجروح تتصف بالخطورة الشديدة" حسب قوله.
يقول ماجد ناصر (ثمانية أعوام) الذي أُصيب في كلا ساقيه أثناء الغزو الإسرائيلي لشمال غزة، أن الإسرائيليين "يجرفون بيوتنا، ويقتلون أطفالنا في الشوارع. أنا أكرههم، وعندما أكبر سأحاربهم." ويذكر والد أمجد أنه تمت التوصية بمعالجة ولده في مصر، لكن حدود غزة مغلقة منذ 25 حزيران/ يوليو.

ترجمة: عبدالوهاب حميد رشيد
مممممممممممممممممممممـ
* Gaza s` forgotten war, Aljazeera.com- 28 July, 2006.

#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات