أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عذري مازغ - حوار مع مهاجر سري















المزيد.....

حوار مع مهاجر سري


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 6855 - 2021 / 3 / 31 - 20:36
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


رضا شاب مغرب هاجر منذ سنة ونصف عبر المحيط من جهة مدينة آسفي إلى جزر الكانارياس التابعة لإسبانيا، كانت مغامرة محفوفة بالمخاطر، أسبوع من الإبحار بسبب فقدان البوصلة فالإبحار إلى الجزر ليس كالإحبار إلى قارة وأكثر من ذلك كان إبحارهم بمؤنة قليلة تكفيهم لثلاثة أيام ما يعني أنهم أمضوا أربعة أيام في المحيط بدون ماء ولا أكل، لا اعرف كيف وصل هو وصديقه إلى بلباو برغم حواراتي معه، كان في حواره عابر للقارات لا يستقر على فكرة حتى ينهيها بل يقفز من موضوع إلى آخر دون أن يعي ذلك واكثر من هذا يبدو تائها وغير منسجم حتى في حركاته وإشاراته، أما الموضوعات التي تلقفها من خلال الفضاءات المفترضة، ومع أنه يوحي بأنه متمكن بتفاصيلها إلا أنه لا يعرف عنها سوى ما التقطته ذاكرته وابقته في مخيلتها، فهو في الغالب "مبوق" يفطر بالأعشاب منذ الصباح حتى المساء بشكل يبدو كما لو انه في ثمالة دائمة، يشبه الحمار الذي كنا نحن في المغرب نضع مادة "طابا" في أذنيه حتى لا يجفل في المدينة عندما نذهب إلى مطحنة القمح، لقد كان حمارا بدويا تجفله حركات المرور كما تجفله الإشارات الصوتية من وسائل النقل كالسيارات والشاحنات خصوصا تلك التي لها إشرارات قوية، اما حين يرى أنثاه، فإنه ينسى ان فوق ظهره راكب وحمولة قمح وكان الحل هو ما اقترحه علينا بائع الحمير المتمرس في بيعها حتى وإن كانت تجفل بشكل خطير قد تدوس كل ما يأتي أمامها فهو يمتلك حيلا كثيرة لتهذيبها وتقديمها للزبناء، هو من اقترح ان نضع "الطابا في أذنيه حين نقوده إلى المدينة بحيث يستطيع أن يمشي جنبا في الطريق مع السيارات والشاحنات ويزاحم سيرها دون ان يثيره ضجيجها بشكل أحيانا يرد الإشارة بنهيقه تمردا على جحيم المدينة أو ربما كانت مادة "الطابا" تفعل فيه ما تفعله الخمرة في رأس أي سكير، يصبح كسولا وثقيلا حتى في ممشاه بشكل لا يثيره الضرب، وحين تكثر عليه الضرب بالعصى ينهق أكثر بشكل يثير انتباه الجميع. كان محاوري هكذا مثله تماما، وحتى حين تنبهه اننا خرجنا من الموضوع يرد عليك : "نعم لكن يجب أيضا ان نناقش هذا، يقصد الموضوع الذي انتقل إليه، نحن المغاربة رائعون! وهكذا يمضي النقاش من بداية تائهة إلى نهاية تحسمها انت بالقول : سأتركك، لقد مضى وقت طويل ونحن نتحدث، قيرد عليك:
ــ صحيح! إذا بقينا هكذا فلن ينتهي الحديث، لكن هذه الموضوعات مهمة
ــ الله يلعن أبوك، أي موضوعات؟، فأنت في حوارك عابر سبيل، لم تفدني بعبورك في المحيط إلى الجزر ولا حتى حول أيام جوعكم وعطشكم ولا كيف وصلت إلى هنا (قلتها في نفسي وودعته).
في اليوم الثاني، التقيته مرة اخرى، اعتقدت هذه المرة ان صاحي ونستطيع ان نناقش موضوع البحر والجوع وحوت الدلفين الذي أثاره، فالقاسم المشترك عند اغلب المهاجرين في حكاياهم هي هذه الحيتان الوديعة، وانا شخصيا مررت بهذه التجربة التي تذكرني بهذه الحيتان التي أدخلت نوعا من الأمان عند عبوري البحر في "الباتيرا"، لقد كنا في خوف وهلع ونحن نقطع ما يسميه ربان الباتيرا ب "الستريتشو" وهي كلمة إسبانية تعني المضيق، لكن الغريب في الأمر هو ان للمهاجرين السريين لغتهم الخاصة وإن كانت مشتقة من اللغة المغربية أو اللغة الكاستيانية، ف"الستريتشو" عندهم هي تلك المسافة الوسطى من عرض البحروحيث عمقه الكبير، تلك المسافة التي تصنع منك فيلسوفا وجوديا فيها يكون مصيرك فارغا، لحظة المغامرة حيث انت فيها لا تنتمي لا إلى الوطن ولا إلى أرض المهجر بل إلى بحر الله، وانا أذكر تلك الوساوس التي خامرت أغلب رواد "الباتيرا" التي هاجرت فيها، حيث حضر الله فجأة في أدمغتهم وبدأوا يتلون القرآن، ورغم أن الكثير لا يحفظ القرآن إلا أن الأمر الذي لا يمكن نكرانه هو أن في كل "باتيرا" عابرة من المغرب يوجد بالصدفة فقيه وواعظ، يصبح الفقيه سيد الموقف في "الستريتشو". لم يخبرني محاوري المهاجر من آسفي هل كان يوجد ب"باتيراتهم" فقيه، لم أستطع في حواراته العابرة ان أقف على سؤال بعينه، حتى في اليوم الثاني كان معشبا بما فيه الكفاية:
ــ نحن المغاربة أحسن من الإسبانيين، هم متخلفون!
ــ أنت حتى الآن لم تحاور إسباني لكي تقتنع بالفعل هل هم متخلفون! واكثر من ذلك انت لا تتقن الإسبانية لتخلق حوارا عميقا تستنتج منه انهم متخلفون، هل جلست..(قاطعني)
ــ لا! انا وضعت معادلة رياضية لمدرستنا في اللغة الإسبانية ولم تحلها
ــ انا أيضا كنت مميزا في الرياضيات لكن الآن إذا وضعت تلك المعادلة قد لا أفهم شيئا منها، فالناس عند تخصصها تنسى بعض المباديء الاولية في تكوينها في مواد أخرى
ــ على الأقل المغربي يعرف ثلاث لغات وهم لا يستطيعون..!
ــ كيف عرفت أنهم لا يعرفون؟ أنا اعرف مغاربة لا يعرفون حتى الدارجة المغربية! وأكثر من ذلك شاهدت حتى الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية في ندوة صحفية بفرنسا، برغم انه وزير، لا يتقن الفرنسية، ولو كنت انا محله، لا أتقن الفرنسية، لن أضطر للحديث بالفرنسية، هنا في اوربا يوفرون مترجمين، لست فرنسي لكي أتقن فرنسيتهم!
ــ هادوك..! الحكومة الحالية في المغرب لا تساوي قشلة.. ثم انتقل إلى موضع العثماني وعبارته الشهيرة حول "القرص والضو والما"
حاولت ان أعيده إلى موضوع التخلف والتقدم بين المغربي والإسباني وسألته: في أي شيء المغربي متقدم عن الإسباني
ــ في كل شيء، أجابني ثم استرسل: هل تعلم نحن..، كل العلوم التي يفتخرون بها نقلوها من القرآن
ــ هذا غير صحيح، وأصلا ليست هناك علوم علمية في القرآن!
ــ أنت لا تعرف، ابن سينا مثلا في الطب، كل العلوم التي يعتمدونها نقلوها منه
ــ ابن سينة ليس هو القرآن، ثم أنت تدخل ابن سينا الذي له فلسفته الخاصة حول قضايا مثارة في الفقه الإسلامي كموضوع أقدمية الزمان والمكان، أقصد هو متناقض في كثير من الأمور مع الفقهاء وعموما، كونه ينتمي إلى المجتمع والثقافة الإسلامية لا يعني الأمر أنه مسلم
ــ كل شيء موجود في القرآن!
ــ أين؟
ــ أنت لا تبحث، كل النظريات في الفيزياء والعلوم موجودة في القرآن
ــ النظريات الفيزيائية والعلمية بشكل عام تتغير ، كيف يستقيم الوضع مثلا حين نجد الإعجازيون وضعوا تاويلا في القرآن حول نظرية ثم مع مرور الوقت جاءت نظرية ونسفت النظرية التي أولها القرآن
ــ انا الآن لا أستطيع ان أقنعك، لو كنا في المغرب سأعرفك على اشخاص يقنعونك
ــ لا يهم، لكن لم تقل لي كيف أن الإسباني متخلف عن المغربي؟ كيف عرفت ذلك وانت لست مندمجا وليس لك حتى الآن أصدقاء إسبان، كيف عرفت أنهم متخلفون، عادة نقارن التخلف بين دولة واخرى بإحصائيات موضوعية: التعليم المغربي متخلف عن التعليم الإسباني، مثلا نسبة الأمية مرتفعة في المغرب، الدخل القومي، البطالة وغيرها، هذه أسس تعتمد في نظرية التخلف.
ــ لدي صديقة إسبانية لا تناقش معي إلا في الجنس والحشيش
ــ هي إذن متخلفة؟
ــ سأقول لك شيئا آخر: لحمهم مسوس بسبب الخنزير ولا تريد الزواج: ابغيت غير انصوب اوريقاتي أوما إلا ابغيت انتزوج انجيبها من بلادي صغيرة (يريد فقط الزواج لاجل تسوية وضعيته أما زواجه الحقيقي فسيكون من مغربية تصغره سنا).
ــ لكن لماذا تريد تسوية وضعيتك القانونية في دولة انت تقول عنها بانها متخلفة؟
ــ لكي انتقل إلى البلدان المتقدمة كفرنسا والمانيا حيث الحياة كريمة.
ــ زرت تلك الدول قبلك ولي أصدقاء فيها ولم أفكر في اللجوء إليها رغم ان فكرتي عند هجرتي هي الإستقرار بفرنسا، في إسبانيا أشياء جميلة ليست في فرنسا والمانيا: مستوى المعيشة ومستوى التطبيب الصحي مثلا، وصحيح، اجورهم في العمل عالية لكن وهذا ما يجب ان تعرفه: الأجور في الإتحاد الاوربي تتناسب ومستوى المعيشة في كل بلدانه، طقس إسبانيا قريب من طقس المغرب الذي ألفته.
لا أفهم مثلا كيف لمغربي خرج من جحيم العبور كيف يبقي نظرية تخلف إسبانيا عن المغرب ناسيا أنه هاجر لأسباب معينة، وطبيعي أنه وجد الحقيقة في القرآن او بشكل عام في الإسلام: الإسلام دين الله، ولانه كذلك فهو يمتلك حقيقة التقدم وحين اساله مثلا: لماذا لا يتقدم المسلمون برغم وجود الحقيقة عندهم يرد علي بأن الأمر راجع للسياسة، وحين يتكلم عن هذه "السياسة" لا يحضر فيها الفقيه والشيخ والمفتي الذين يفترض فيهم تشبعهم بعلم الله، أي كل هذه العلوم في القرآن التي استفاد منها الغرب، لا أدري لماذا ينسى أنه في السياسة عندنا يؤثر فيها كل هؤلاء.
في عبور آخر، بينما انا صامت قال:
ــ أنت لا تعلم شيئا عن الجيل الصاعد، هؤلاء سيغيرون المغرب، ما ينقصنا في المغرب هو تغيير هؤلاء الساسة
ــ اعرف الجيل الصاعد، جيل فارغ، وتونس سبقتنا في الثورة وغيرت الوجوه ولم تغير من حال التونسيين، أنا لا اومن بثورة العشابة!
ــ من هم؟
ــ مثلك يعيش على الماريخوانا ليل نهار
ــ هو انت تعايرني
ــ لا! أقصد ان الجيل الصاعد لم يفهم المشكلة ، المشكلة ليست في تغييرالوجوه بل في تغيير أركان اللعبة، في تأسيس دولة يحكمها القانون وليس الأشخاص، في تاسيس قانون يرضي الجميع ولا يفرق بين الأفراد في الوطن، هذا حلم وليس حقيقة، القانون هو من يربي الناس وهذه قولة لفيلسوف يوناني قديم. لا ننتظر شيئا من جيل القرقوبي سواء في شكله المعشب او في شكله المتدين.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لروحك السلام الأبدي نوال
- كازا بلانكا
- لوسيور كريسطال في المحك الإجتماعي المغربي
- ثرثرة على الخاص
- تجربتي في العمل النقابي بالأندلس
- أخجل والخجل ليس عيب
- من وحي الهجرة السرية
- اليسار بين الهوية المخزنية والهوية المجالية
- الموت لأحمد عصيد!؟
- سنة سعيدة أيها الامازيغ!
- لقد نسوا كتابات الاطفال على الحائط
- جديد ملف مناجم جبل عوام
- ياعمال مناجم جبل عوام اتحدوا
- إسرائيل والمغرب: هل انتصرت أطروحة الدغرني في المغرب؟
- من ذكريات الطفولة
- حانت ساعتك (ارصوظن إصنال إينو)
- إدريس الازمي وخرافة المعاشات
- نعي بدون مذبح إلهي لتقديم القرابين
- المسألة القومية بالمغرب
- كورونا وأشياء عن المكر الديني


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عذري مازغ - حوار مع مهاجر سري