|
السودان : من مقولات - الترابي - الجهادية الى مفاهيم الحكومة الانتقالية العلمانية
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6854 - 2021 / 3 / 30 - 22:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
1 - اذا واصل السودانيون اتخاذ قرارات عقلانية كهذه ، فسيعبرون المرحلة الانتقالية وقد انتزعوا من دولتهم وظيفتها القديمة المتمثلة - بعد ان ركبها الشماليون - بالجهاد ضد الأقوام والقبائل السودانية جنوبهم حتى ينطقوا بشهادتي : لا اله الا الله ، محمد رسول الله ، وحتى يكون لسانهم : عربياً وتتم عملية تعريب رؤيتهم الى العالم : فيتحولوا - على طريقة " بوكو حرام " الى مجاهدين . 2 - وستساعدهم هذه القرارات العقلانية على ان يضعوا وظيفتين جديدتين لدولتهم : تتمثل الاولى بالعمل الدؤوب على تحقيق المصالحة العامة الشاملة : بجعل ثقافة الاعتراف المتبادل بالوجود القبائلي والاثني والديني هي ثقافة الأهالي الاساسية في المرحلة الانتقالية ، بحيث يتم القضاء على الشعور القبائلي القائل : " قبيلتي هي الوحيدة على ارض السودان التي تمتلك حق الرعي والتنقل بقطعانها ، وديني أو طائفتي الدينية هي الطائفة الوحيدة الناجية في الآخرة " عن طريق تشريع الدولة - في المرحلة الانتقالية - لجملة من التشريعات والقوانين التي تؤكد على وجود تعددية اقوامية وقبائلية متساوية في حق الرعي والتنقل في الارض المشاع . وتتمثل الوظيفة الثانية بأن تعمل الحكومة الانتقالية على ان يكون هذا الاعتراف الاجتماعي المتبادل جارياً جنباً الى جنب : الاعتراف بحق جميع القبائل والأقوام السودانية في الاعتقاد وفي ممارسة الطقوس الدينية التي يرونها ملائمة لاعتقاداتهم الدينية والمذهبية . هذان الاعترافان سيمهدان الارض لصناعة ثقافة سودانية جديدة ... 3 - وكأي ثقافة جديدة ، لا بد للثقافة السودانية الجديدة من التأسيس لذاتها في ضوء منهج نقد الثقافة القديمة : ثقافة اجبار الآخر بالعنف على ترك ديانته الأفريقية والتعبد في محراب الديانة الاسلامية ، واستخدام اللغة العربية ، لغة القرآن والملائكة والجنة ، في ممارسة اركان الديانة الجديدة . بهذه المنهجية النقدية يتم فتح فجوات متعددة في جدار الثقافة القديمة الانعزالية : ثقافة الانطواء على الذات القبائلية والطائفية والجهوية ، ستمر منها الثقافة العلمانية الجديدة : ثقافة الانفتاح والتسامح التي ستوجه سهام نقدها للمقولة القرووسطية ، ولجميع مفاهيم العزلة التي أنتجتها الحضارة الزراعية والتي تدور فعلاً في السودان وفي العراق وفي سواهما من الأقطار العربية على ايقاع : " انا الأفضل قبائلياً والانقى اقوامياً والحامل للتأويل الديني الصحيح ... 4 - هذا النوع من الوعي المتشظي والمنقسم على ذاته الى دوائر من الوعي البائس الشقي ، يعيش في السودان - وفي سواه من البلدان العربية - منذ مئات السنين ، تعمقه وتديمه وتأبد وجوده : دولة السودان ، ودول شمال أفريقيا ضد الأمازيغ ، ودولة العراق ضد الكرد حتى 2003 ، ودولة آل سعود وآل خليفة وآل آل : ضد الشيعة والزيدية والخوارج والاسماعيليين ، لأن وظيفة الدولة كما ركبها لها فقهاء الاسلام تقوم على مهمتي : الأسلمة والتعريب في دول الأطراف ذات الكثافة السكانية العالية كالعراق والشام ومصر ، وتقوم الدولة على اضطهاد الاقليات التي ليست من السنة بمذاهبها الاربع المعروفة ، وليست من المذهب الوهابي في قطر وفي دولة آل سعود ... 5 - مارست جميع الدول العربية الطرفية - اذا اعتبرنا ان الدول داخل العربيا من الممالك والإمارات هي المركز - هذين المهمتين بنشاط تحسد عليه من القسوة وتهميش الآخر غير المسلم وغير العربي . ومارست دول المركز داخل الجزيرة تمييزاً قبلياً لا إنسانياً ( ظاهرة البدون ) ، واجتماعياً ضد النساء ، ومارست تمييزاً طائفياً مقيتاً ولا إنسانياً ( ضد الشيعة والإسماعيلية والخوارج ) . وكانت النتيجة : انقسام الدول العربية على نفسها الى دويلات داخل الدولة ( دولة العوائل الحاكمة من الملوك والأمراء المستقلة عن مجتمعاتها بكون كل منها : ذاتاً مقدسة لا يجوز خدش مقاماتها المقدسة بنقد شفاهي او إلكتروني او على الورق ، ولا مساءلتها في قراراتها السياسية والاجتماعية والثقافية ) ، وانهيار البنى التحتية لمجتمعات دول الأطراف ودخولها بدوامة من العنف المعمم الذي بلغ حد الحرب الأهلية وبروز دويلات الميليشيات المسلحة وزعاماتها المقدسة كما في العراق واليمن وسوريا وليبيا ... 6 - تملك جميع الدول العربية الحاضرة : شهادة حسن سلوك بدأبها المتواصل على النسج على منوال نموذج دولة الاسلام في التاريخ التي قامت على فتح أراضي الشعوب المجاورة بحد السيف وإجبارها على قول الشهادتين ، والرافضين يتم إذلالهم بدفع : " الجزية عن يد وهم صاغرون " كما تقول الآية القرآنية . فاضطروا - لتحاشي الإذلال الاسلامي لهم - الى الدخول زرافات ووحدانا في الديانة الجديدة والنطق بلغتها . وهكذا فأن الثقافة الجديدة ، لكي تكون ثقافة سلام اجتماعي داخلي ، لشعب السودان ولسواه من الشعوب العربية ، لا بد لها من علمنة ذاتها ، ولكي تترسخ كثقافة تعايش وتسامح مع الشعوب والأمم الاخرى : لا بد لها من ان تتوجه بالنقد للثقافة القديمة ، ثقافة الجهاد : التي قامت على الفتح والتعريب ، واستبدالها بوظيفة الدولة في عصر الحضارة الصناعية ، والتي تقوم على : التنمية المستدامة اقتصادياً واجتماعياً ، وعلى جعل مفهوم المواطنة المركز الذي تدور من حوله وتتفرع منه جميع المفاهيم الثقافية ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحلة حرة في ذاكرة العراق التاريخية القريبة
-
كيف نجا الأدب بشقيه الشعري والسردي من مجازر الردات السياثقاف
...
-
الوحوش
-
اطردوا اشباح الماضي
-
دولة الإمارات العربية المتحدة / ملاحظات أولية
-
عن استراتيجية بث الذعر والخوف
-
( 2 ) الجلوس على عرش : شجرة عيد الميلاد
-
الجلوس على عرش - شجرة عيد الميلاد - ( 1 )
-
حركة التحرر الكردي : ثورات لا تنقطع ( 2 من 2 )
-
حركة التحرر الكردية : ثورات لا تنقطع ( 1 من 2 )
-
مساء الليلة الماضية
-
البيت الشيعي
-
شيعة العراق ومقتدى الصدر
-
تعيين الكاظمي بمنصب رئيس الوزراء ليس شرعياً
-
توقفوا عن تدوير هذه الزبالة السياسية
-
بمناسبة الانتخابات الأمريكية
-
في الفضائية العراقية
-
حكومة الكاظمي ومنطق مستشارها السياسي
-
في الذكرى الاولى للثورة
-
صدام حسين ، حيدر العبادي
المزيد.....
-
خلال لقائه المشهداني.. بزشكيان يؤكد على ضرورة تعزيز الوحدة ب
...
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|