أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - لا تحسدوا أبا مازن















المزيد.....

لا تحسدوا أبا مازن


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 478 - 2003 / 5 / 5 - 03:47
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



26.4.03
 
 
 
     لقد كان انطباعي الأولي عن أبي مازن هو أنه رجل جدي، منهجي، منطو على نفسه، بعيد بعض الشيء، وهو يذكرني بمدير مدرسة ثانوية. إنسان مختلف تماما عن عرفات، وهو رجل غير منطو على نفسه، مندفع، يتوجه إلى تقديم التنازلات الشخصية، له صلة حميمة بالناس.
     قابلت أبا مازن قبل 21 سنة، عندما توجهنا إلى تونس سرا، للقاء عرفات. كنا ثلاثة: ماتي بيلد، وهو جنرال متقاعد وشخصية مرموقة في الجيش الإسرائيلي، يعقوب أرنون، وهو مدير عام وزارة المالية سابقا، وأنا. وقد طُلب منا أولا إجراء مقابلة تحضيرية مع أبي مازن، لوضع اقتراحات عملية، يمكن طرحها على "الختيار" (وقد بلغ عرفات من العمر آنذاك 54 عاما).
     لقد سمعت باسم أبي مازن قبل ذلك بتسع سنوات، عندما بدأت اتصالاتي السرية الأولى مع ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية. وقد قالت لي هذه الشخصيات ان زعامة فتح قد ألّفت لجنة من ثلاثة أشخاص لإدارة المحادثات مع الإسرائيليين. وقد كانو هؤلاء "الأبوات الثلاثة" – أبو عمار (ياسر عرفات) وأبو إياد (صلاح خلف) وأبو مازن (محمود عباس).
      كان أبو مازن هو المسئول المباشر عن هذه الاتصالات، التي بدأت عام 1974 – وقد تمت في المرحلة الأولى معي شخصيا، ومنذ خريف عام 1976، تمت هذه الاتصالات مع شخصيات من قبل "المجلس الإسرائيلي من اجل السلام الإسرائيلي-الفلسطيني". وقد أدار المحادثات الأولية من قبل منظمة التحرير الفلسطينية سعيد حمامة وعصام سرطاوي – وقد قتل الاثنان جراء ذلك على يد منظمة أبو نضال الإرهابية، وهو عدو عرفات اللدود، وتدعمه العراق.
     خلال الاجتماعات التي عقدت مع ياسر عرفات وأبي مازن معا، كان يمكنني ملاحظة المكانة التي حظيا بها في تلك الفترة. لقد قمنا بالمباحثات المفصلة مع أبي مازن، الذي كان ملما بالأمور الإسرائيلية إلماما لا نقص فيه. إلا أن عرفات هو الذي اتخذ القرارات في آخر الأمر. وفي أكثر من مرة، أحسست بأن زعامة منظمة التحرير الفلسطينية سعيدة لكون عرفات يتخذ القرارات الجريئة لوحده، تلك القرارات الخطرة وغير الشعبية، التي أوصلت في نهاية الأمر إلى الاتفاقيات مع إسرائيل.
     هناك الآن وضعية جديدة. لقد وافق عرفات على تعيين أبي مازن كرئيس للحكومة. (إن مجرد حقيقة كون العالم، وبما فيه إسرائيل، قد بارك "حكومة" و"رئيس حكومة" فلسطينية، هي خطوة هامة على طريق إقامة دولة فلسطين. (لقد عارضت إسرائيل بشدة، خلال المفاوضات على اتفاقيات أوسلو، استخدام مصطلحات رسمية مثل "رئيس" و"برلمان")
أبو مازن أخذ على عاتقه مسؤولية كبيرة جدا تجاه شعبه وتجاه العالم بأسره. فقد دخل إلى خانة هي في الواقع مستحيلة تماما.
شارون والناطقون بلسانه يطالبون أبا مازن أولا بوضع حد "للإرهاب"، وتصفية "منظمات المخربين"، وجمع أسلحتها ومنع "التحريض". ويقولون أنه بعد نجاحه في تنفيذ ذلك، ستبدأ المفاوضات الحقيقية. من الواضح انه لا مجال للحديث عن تجميد  للمستوطنات في هذه المرحلة.
الشعب الفلسطيني، بالمقابل، يطالبه بالعمل على إخراج الجيش الإسرائيلي أولا من المدن الفلسطينية، وإيقاف عمليات "التصفيات الموجّهة"، والنشاطات الاستيطانية، وهدم البيوت، وكافة عمليات القمع الأخرى، والشروع في محادثات جادة لإقامة الدولة الفلسطينية.
     إنها حقا حلقة مفرغة.
لو بدأت الولايات المتحدة والدول الأوروبية فورا بالضغط على شارون، مثل الضغط الذي وجهوه لعرفات، لكان بالإمكان الخروج من هذه الحلقة المفرغة. كان الجيش الإسرائيلي سينسحب وكان سيتغير الوضع في المناطق المحتلة تغييرا جذريا، وكان الفلسطينيون سيتنفسون الصعداء، وكان أبو مازن سيبدو كمن توصل إلى إنجاز كبير في بداية مسيرته. وكانت شعبية المنظمات المسلحة ستنخفض بشكل كبير.
حتى في ذلك الحين لم يكن أبو مازن ليفكر في إجراء اعتقالات جماعية، وكسر المنظمات ومصادرة أسلحتها. لا يكره الفلسطينيون شيئا أكثر مما يكرهون الحرب بين الأخوة. إلا أن ضغط الجماهير الفلسطينية كان سيؤدي بالضرورة إلى وقف ناجع لإطلاق النار. حتى المنظمات المتطرفة تعي تمام الوعي الرأي العام لجماهيرها، وإن أرادت هذه الجماهير هدوءا سيكون هدوء. هذا ما حدث فعلا في الفترة الأولى بعد اتفاقيات أوسلو.
لنفترض أن هذا ما سيحدث. ستتوقف العمليات الانتحارية تماما تقريبا (سيكون هناك دائما بعض الأفراد والجماعات المحلية التي ستمارس نشاطاتها رغم ذلك). ستقوم حكومة أبي مازن بوظائفها بشكل جيد في المراكز الفلسطينية. وماذا بعد ذلك؟
بعد الإعلان عن "خريطة الطريق" سيقدم شارون عشرات الاقتراحات "للتعديل". فمن الأن تتجه "الخريطة" باتجاه شارون بشكل حاسم. في وقت تخلى الفلسطينيون فيه عن 78% من مساحة البلاد ويطالبون بدولة خاصة بهم على مساحة 22% المتبقية، ويعلنون عن نيتهم في العيش بسلام. شارون يتحدث عن "تنازلات موجعة"، دون تفصيل ودون الالتزام بأي شيء.
     إذا تمت الموافقة على "التعديلات" التي يقترحها شارون، حتى ولو جزئيا، ستفقد "خريطة الطريق" مضمونها. سيقف أبو مازن صفر اليدين، وستتعثر المحادثات وتقف في مكانها كما حدث في الجولات السابقة. وسيتوصل الرأي العام الفلسطيني تدريجيا إلى أنه بدون العنف لن يتم الحصول على شيء أبدا، وستتشجع المنظمات وستتجدد العمليات الانتحارية الكبيرة.
سيوجه شارون وبوش إصبع الاتهام إلى الفلسطينيين بالطبع. وسيقولان بأن "أبو مازن لم يقم بتزويد البضاعة". أما الفلسطينيين، بالمقابل، سيقولون أن أبي مازن هو رجل ساذج، وقع في الفخ الأمريكي الإسرائيلي. أبو مازن سيستقيل، وسترتفع مكانة عرفات مجددا لتصل إلى السحاب.
البقية معروفة. سيطالب المتطرفون المسيحيون والمحافظون اليهود الجدد، الذين يسيطرون الآن على واشنطن، بإلقاء حبل شارون على غاربه. سيبدأ الفلسطينيون انتفاضتهم الثالثة، وستكون أكثر تطرفا من سابقاتها. دم ونار ودخان متصاعد.
من الممكن ان يحدث أمر آخر أيضا. مثلا: لن تستخف أمريكا "بالتشكيل الرباعي".  وسيتم الضغط على شارون. بوش سيهزم في الانتخابات. وستقطف المحادثات ثمارا طيبة. سينتصر معسكر السلام في إسرائيل. وستقام الدولة الفلسطينية بسلام.
لقد حدثت أعاجيب أكثر من هذه في البلاد المقدسة.
ولكن، في هذه الأثناء، لا يجدر بنا أن نحسد أبي مازن.

 



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يقرعون الباب في منتصف الليل
- بعد انقضاء الليل
- تصورات أخرى حول الحرب - أين الخطأ؟
- الأرز المُر - التصورات حول الحرب
- هجم الذئب؟
- أين الورقة إذن؟
- لا عليكم، كلوا الشوكولاطة
- رجل يواجه العالم بأسره
- حرب ذات رائحة لا صلة لهذه الحرب بالإرهاب
- السيدة السمينة لم تغن بعد
- نشيد الصداقة
- السوفييت الأعلى الخاص بليبرمان
- إنقلاب نداف
- حيوان غريب جدا
- كيف نساعد شارون
- الهدف: انقلاب!
- الثأر لطفل
- عزيزي عمرام ميتسناع
- كان لنابوت كرم
- لماذا انهارت حكومة شارون- فؤاد- بيرس؟ بسبب حبة زيتون صغيرة


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - لا تحسدوا أبا مازن