|
دراسة حول حادث جنوح السفينة إيفر جرين بقناة السويس
حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 6852 - 2021 / 3 / 28 - 11:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الأسباب المحتملة، الخسائر المتوقعة، القيمة التقديرية للخسائر ، الجهات التى قد تتحملها ؟
تمهيد : جنحت السفينة البنمية إيفر جرين أثناء عبورها لقناة السويس يوم 23 مارس 2021 ، واستقرت تلك السفينة بعرض القناة الأصلية لتتسبب فى تعطيل الملاحة الدولية فى ذلك الممر البحرى الهام، وبدا الأمر مؤثرا على المستوى الدولى ، فإرتفعت أسعار النفط ،و إضطربت التجارة الدولية وأصابها بعض الإرتباك ، كما بدأ الحديث عن ممرات دولية بديلة لقناة السويس ، وبالطبع لن تنتهى كل تلك المشاكل بعد أن يتم تعويم السفينة وجرها وفتح الممر واعادة الملاحة، لكن و فور ان ينتهى ذلك الجزء التقنى البحرى، ستبدأ ملابسات الخسائر المالية ومنازعاتها،وكذلك تحديد المتسبب والمتحمل للمسئولية ، ومن الطرف الذى يستحق أن يطالب بالتعويضات؟ و فى مؤتمر صحفى تم عقده يوم 27 مارس ، تم الإعلان عن أن السفينة الجانحة لم يتم تعويمها حتى ذلك التاريخ ، كما لم يتم تحديد موعدا زمنيا لانهاء تلك الأزمة ، كما ورد بالمؤتمر الصحفى تعطل حوالى 321 سفينة شحن عملاقة عند منافذ القناة بسبب الحادث ، وأعلن فيما يشبه الإعتراف بالمسئولية عما يحدث حاليا ، أن الهيئة ستقوم بتعويض كافة السفن عن الخسائر الناجمة عن التأخير والعطلة التى أخرت كل منهم ،والجدير بالإشارة، أن سفينة الحاويات البنمية EVER GIVEN تتبع الخط الملاحي EVER GREEN، يبلغ طول السفينة 400 متر، وعرضها 59 متراً، وهى سفينة عملاقة وزنها 245 الف طن ، وتعد من السفن العملاقة المتخصصة فى نقل الحاويات ، ومن المفيد أيضا التذكير بأن قناة السويس تعد شرياناً رئيسياً لحركة التجارة العالمية المنقولة بحرا ،حيث يعبر من خلالها حوالى 12% من إجمالي حركة التجارة العالمية، وما يقرُب من 25% من إجمالي حركة البضائع المُحواه عالمياً، و 100% من إجمالي تجارة الحاويات المنقولة بحراً بين آسيا وأوروبــا، فضلاً عن كونها أحد أهم حلقات سلاسل الإمداد العالمية نظرا لموقعها الجغرافي الفريد وما تقدمه من خدمات ملاحية للسفن العابرة. كما تستطيع القناة استيعاب 100% من الأسطول العالمي لسفن الحاويات، و92.8% من أسطول سفن الصب الجاف، ونحو 61.9% من ناقلات البترول ومنتجاته و100 % من باقي أنواع الأسطول الأخرى "بحمولة كاملة" و 100 % من كل سفن الأسطول العالمي فارغ أو بحمولة جزئية وقد شهدت القناة تطوراً ملحوظاً في أعداد وحمولات السفن العابرة لها خلال عام 2019، حيث سجلت حركة الملاحة بالقناة خلال عام 2019 عبور 18880 سفينة، مقابل عبور 18174 سفينة خلال عام 2018 فيما بلغت إجمالي الحمولات الصافية العابرة لقناة السويس 1.2 مليار طن صافي خلال عام 2019 مقابل 1.1 مليار طن خلال عام 2018 بنسبة زيادة قدرها 5.9% . كما زادت كمية البضائع العابرة لقناة السويس من 983 مليون طن خلال عام 2018 إلى 1031 مليون طن خلال عام 2019 بنسبة قدرها 4,9% ، وزادت حصيلة الإيرادات المحققة بالدولار من 5,7 مليار دولار عام 2018 إلى 5,8 مليار دولار عام 2019 بنسبة زيادة قدرها 1,3%.. وذلك رغم الظروف والتوترات التجارية غير المواتية والتحديات التي عانى منها الاقتصاد العالمي وحركة التجارة العالمية خلال عام 2019 و التي كان أهمها انخفاض معدلات نمو الاقتصاد العالمي إلى 3,2% عام 2019 مقارنة بـ 3,6% عام 2018.و انخفاض معدل نمو حركة التجارة العالمية إلى 1,1% في عام 2019 مقارنة بـ 3,6% في عام 2018 ، وكذلك وجود العديد من الصعوبات والتوترات بالمنطقة ومن أهمها الحظر المفروض على صادرات إيران من البترول الخام، وتحديات المنافسة مع الطرق البديلة لقناة السويس وخصوصاً الطرق البرية والسكك الحديدية بين آسيا وأوروبا وافريقيا ، ومن الجدير بالذكر الإشارة أيضا إلى أن عبور سفينة ضخمة مثل ايفر جرين لا يعتبر حدثا فريدا ، إذ سبق أن عبرت فى إكتوبر من العام الماضى 2020 سفينة الحاويات CMA CGM JACQUES SAADE التى تتبع الخط الملاحي الفرنسي "CMA CGM" وتحمل اسم جاك سعادة مؤسس المجموعة ، وهى واحدة ضمن سلسلة سفن تضم 9 سفن من نفس الطراز والمواصفات يتم بناؤها بترسانة Jiangnan بالصين ، يبلغ طول السفينة 400 متر، وعرضها 62 متراً، بحمولة 236 ألف طن، وتستطيع أن تحمل على متنها حتى 23 ألف حاوية مكافئة، وسجلت تلك السفينة خلال عبورها القناة من سنغافورة إلى أوروبا رقما قياسيا جديدا، حيث تحمل على متنها 21203 حاوية مكافئة وقد مرت حينئذ بسلام؟
ملابسات وأسباب الحادث ؟ إنهالت الكتابات المتخصصة فنيا وغير المتخصصة حول هذا الحادث الكارثى ، كما خرجت العديد من التصريحات الرسمية من مصر ، أو من ملاك السفينة ومستأجريها ، كما تطوع الكثيرون بتفسير ما وقع ، وبادر آخرون بتقديم المشورات الفنية التى يمكن ان تساهم فى إعادة تعويم تلك السفينة العملاقة حاملة الحاويات ، و يذكر أن الحادث وقع صباح الثلاثاء 23 مارس ويعود بشكل أساسي( وفقا للمعلن رسميا قبل اجراء تحقيقات محايدة ) إلى انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية، نظراً لمرور البلاد بعاصفة ترابية، بلغت معها سرعة الرياح 40 عقدة، مما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة ومن ثم جنوحها. فيما لم يكن هناك أى تأثير لتلك الرياح على انتظام الرحلات الجوية ولم تتعطل اى طائرة أو يصيبها خلل فى ذلك اليوم ؟ وقد تبين من خلال دراسة للدكتور ممدوح حمزة أن السفينه انحشرت بطريقة مائلة علي محور الملاحة افقيا بحوالي 45 درجة،ومقدمة ومؤخرة السفينة داخله في ميل القناة بمسافة حوالي ٣٠ مترا من كل جانب وبعمق حوالي ١٢ مترا ، كما أكد اكثر من مصدر ان السفينة دارت حول نفسها عدة مرات قبل دخول قناة السويس ؟ وافادت بعض المصادر أن الكهرباء قد انقطعت عن السفينة قبل الحادث؟ فيما ترى مصادر أخرى أن طاقم السفينة والشركة المالكة لها ،وكذلك الشركة المستأجرة، لديهم جميعا سجلا غير نظيف فى مجال النقل البحرى ، وأن بعض هؤلاء قد تعرضوا لمحاكمة سابقة فى احد الدول الأوروبية لسبب مماثل لما وقع هذه المرة بقناة السويس ؟ وبالتالى فهناك عدة أسباب محتملة لوقوع ذلك الحادث :- أولا :- السبب المعلن رسميا من هيئة القناة ومن الملاك وهو أن شدة الرياح كانت هى السبب فيما وقع للسفينة من جنوح ، لكن كان من الممكن منع السفينة من المرور فى حال كانت الأحوال الجوية غير مواتية ، وهو مالم يحدث ، ثانيا :- حدوث خلل فنى مفاجئ مثل انقطاع الكهرباء ( كما اعلنت بعض المصادر ) أو أى خلل تقنى آخر ،، وقد افادت بعض المصادر بحدوث انقطاع للتيار الكهربائى على السفينة قبيل الحادث كما سبق ان نوهنا ؟ ثالثا :- وقوع خطأ جسيم من القبطان أثناء قيادة السفينة ، ويذكر أن السفينة إيفر جيفن تعرضت لحادث وقع في شمال ألمانيا عام 2019 ، عندما اصطدمت بعبّارة صغيرة راسية على نهر في هامبورغ. ولم يكن هناك ركاب على العبارة في ذلك الوقت ولم تقع إصابات ،و لكن لحقت بها أضرار جسيمة. قالت المتحدثة باسم هامبورغ ، ليدي أوشتيرينج ، لوكالة أسوشيتد برس ، إن المدعين العامين في هامبورغ فتحوا تحقيقًا مع قبطان وطيار إيفر جيفن للاشتباه في تعريض حركة الملاحة البحرية للخطر ، لكن التحقيق تم حفظه في عام 2020 لأسباب غير واضحة ؟
رابعا :- وقوع خطأ جسيم أو إهمال من طاقم المرشدين الذين رافقوا السفينة ، ويقال ان السفينة دارت حول نفسها ستة مرات قبل دخولها للممر ومع ذلك دخلت الممر بعدها وكأن شيئا لم يحدث ؟ خامسا :- وقوع عمل متعمد سواء من قبل طاقم السفينة أومن اى جهة اخرى ، سادسا :- وقوع عمل تخريبى متعمد أدى الى وقوع الحادث ، وبالطبع لايوجد لدينا فى الوقت الحالى أى مبرر لترجيح سبب واحد من تلك الأسباب، فالتحقيقات لم تبدأ بعد ، والحادث لايزال لم ينتهى ولم يتم إحتواء آثاره ، لكن تحديد سبب معين لوقوع الحادث سيكون له تأثيرا كبيرا على تحديد الجهة التى ستتحمل الجزء الرئيسى من التعويضات عن الخسائر الناجمة عن الحادث؟ ففى حالة ثبوت أن الرياح هى السبب الرئيسى لوقوع الحادث ، ستكون شركات التأمين مسئولة عن تعويض أصحاب السفينة عن كافة الخسائر التى تعرض لها ملاك السفينة بما فى ذلك المسئولية القانونية، لكن شركات التأمين لا تدفع هكذا ببساطة ، فهناك تقارير فنية ، وتحقيقات دولية محايدة ، وفى الغالب سيكون هناك أكثر من سبب أدى لوقوع الحادث وتفاقم آثاره ، وبالتالى ستتقاسم أكثر من جهة قيمة الخسائر والمطالبات الناتجة عن الحادث ؟ خصوصا إذا كان هناك خطا فاصلا بين سبب جنوح السفينة وهى الرياح ، وبين تأخر عمليات انقاذها وتأثير ذلك التأخير على أطراف أخرى وتسببه فى تحقيق خسائر لتلك الاطراف الأخرى ؟ اما اذا كان هناك خطئا ناتجا عن جهة محددة مثل طاقم المرشدين ، او خطأ بسبب خلل فنى ناتج عن اهمال اى جهة فسيتغير الموقف وقد تدفع شركات التامين قيمة التعويضات، لكنها ستتولى الرجوع على الجهة المخطئة لاسترجاع قيمة ما سددته من تعويضات للملاك وغيرهم ، وعلى العموم فأنا أرى ان المسارعة بالقول بأن شدة الرياح هى السبب فى ذلك الحادث ، كما قال مسئولى قناة السويس أو ملاك السفينة ، هو ضد مصلحة مصر وضد هيئة قناة السويس ، لإن شركات التأمين ستدفع فى هذه الحالة الى ملاك السفينة عن خسائر جسم السفينة او عن البضائع التى تلفت فوقها نتيجة الحادث ، لكنها لن تدفع الى المضرورين الآخرين بما فيهم هيئة قناة السويس لإنه لا يوجد خطأ مباشر من قبطان السفينة يؤدى الى مسئولية قانونية ، فالسفينة نفسها ضحية سبب طبيعى ؟ وهناك وثائق تأمين أكثر تخصصا لدى الأطراف الأخرى تغطى الخسائر الناتجة عن الأخطار الطبيعية كالرياح، فيما قد تتحمل الهيئة فى هذه الحالة كافة التعويضات الأخرى الناتجة عن التأخير فى تعويم السفينة فى وقت مناسب ، اما بسبب قلة المهارة ، أو بسبب عدم توافر المعدات ؟ كما إننى ارى أن الهيئة لا تعتبر طرفا ثالثا فى تلك الحالة ، ولن تستحق تعويضات من ملاك السفينة الا اذا كان هناك تعمد فى ارتكاب الحادث ، اما الرياح او الاهمال او الخطأ الجسيم من السفينة لن يحسب لصالح القناة ، لانها شريك فى عملية المرور بواسطة مرشديها ؟
أتجاهات الخسائر وتوزيعها ؟
نتيجة لتلك الكارثة الرهيبة فقد تم تعليق الملاحة رسميا بموجب قرار رسمى مصرى ، وهناك اكثر من 321 سفينة عالقة ومتعطلة ، بما يعنى أن هناك خسائر ستصل إلى مليارات الدولارات ، سواء بسبب فقد الإيراد لقناة السويس ، او بسبب تلف البضائع المنقولة ، أو الأضرار التى ستصيب السفينة العالقة وبضائعها او التلوث الذى سيلحق بالبيئة المحيطة بالمكان إذا إستمر الأمر طويلا كما تتوقع بعض المصادر ؟
كذلك فهناك فريق فنى تابع لشركة هولندية متخصصة يساهم فى عمليات ومحاولات اعادة تعويم السفينة بالتنسيق مع مسئولى هيئة القناة ، وقالت هيئة قناة السويس إنها ترحب بالمساعدات الدولية. كما قال البيت الأبيض إنه عرض مساعدة مصر على إعادة القناة. وقالت السكرتيرة الصحفية جين بساكي: "نتشاور مع شركائنا المصريين حول أفضل السبل لدعم جهودهم". كذلك عرضت تركيا ايضا تقديم المساعدة اللازمة فى هذا الخصوص ؟ وفى الغالب فإن الخبرات الخارجية تكون مكلفة حتى ولو جائت على سبيل المساعدة ، لان هناك تكاليف للاستضافة والاقامة والوقود الخ ،، كما توقع ملاك السفينة المتوقفة حدوث تأخيرات طويلة عند مدخل قناة السويس ، فقاموا بتحويل مسار سفينة أخرى شقيقة وهى Ever Greet الملوكة لهم للتوجه نحو إفريقيا للعبور عبر رأس الرجاء الصالح بدلاً من قناة السويس ، كما تم تحويل مسار العديد من السفن الأخرى على سبيل المثال غيرت شركة الغاز الطبيعي المسال Pan Americas مسارها في وسط المحيط الأطلسي ، واتجهت جنوبًا للتجول حول الطرف الجنوبي من إفريقيا ، بما يعنى مزيدا من الخسائر التى ستتكبدها هيئة قناة السويس؟ وبما أن الحادث لا يزال مستمرا ولم ينتهى بعد ، فإن تقدير الخسائر لا يمكن حصره حاليا ، لكن من الممكن فقط وضع تقديرات مبدئية طبقا للتوقعات الزمنية الكافية لاعادة الحياة الى قناة السويس ، وكذلك الى الخبرات السابقة فى الحوادث المشابهة او الارقام الخاصة بالمدخول اليومى للقناة ، وكذلك قيمة مقدرة للمبالغ التى يمكن منحها كتعويضات للسفن العالقة ؟ التقديرات المتوقعة للخسائر الناتجة عن الحادث ؟ 1- الخسائر المباشرة المتوقعة لهيئة قناة السويس هناك حوالى 321 سفينة. عالقة تأخرت ، وقد أعلن السيد رئيس هيئة قناة السويس إنه سيتم تعويض هؤلاء عن تعطلهم ، وبالتالى فذلك العدد لن يدفع رسوما للمرور ولكنه سيتقاضى تعويضات فى الغالب ، يمكن تقديرها جميعا كخسائر للهيئة ، وتبلغ قيمة رسوم مرور هذا العدد بمتوسط يقدر بحوالى 120 مليون دولار ، بالاضافة الى حوالى 321 مليون دولار كحد ادنى للتعويضات التى سيتم دفعها مقابل التأخير والتى لن تقل عن مليون دولار للسفينة الواحدة ؟ بمعنى أن ذلك البند وحده سيكلف الهيئة حوالى441 مليون دولار ؟ كذلك فهناك رحلات تم تحويلها الى مسارات اخرى يمكن تقديرها بقيمة قدرها 280 مليون دولار تقريبا ، باعتبار أن فترة التوقف لن تزيد عن عشرة ايام ،، بالإضافة الى ما يقرب من 300 مليون دولار. قيمة التكاليف اللوجستية والانفاق على عمليات التطهير والانقاذ وكذلك بعض المصروفات الاخرى التى تتعلق بوجود عدد كبير من السفن العالقة التى ينبغى استضافة أطقمها ، بمعنى أن قيمة الخسائر المباشرة التى قد تتكبدها هيئة قناة السويس وحدها نتيجة الحادث ستتجاوز المليار دولار تقريبا ؟
2- الخسائر والمطالبات الاخرى ؟
هناك العديد من الخسائر والمطالبات الأخرى التى ستنتج عن هذه الكارثة ، فثمة خسارة مؤكدة فى جسم السفينة الجانحة ، كذلك الحمولة المنقولة عليها ، وقد يؤدي التأخير المستمر وعدم إنهاء تلك الأزمة إلى مطالبات تأمين ضخمة من قبل الشركات ، وفقًا لماركوس بيكر ، الرئيس العالمي لشركة Marine & Cargo في شركة سمسار التأمين Marsh ، حيث تغطي سفينة مثل Ever Given عادةً بقيمة تتراوح ما بين 100 مليون دولار إلى 200 مليون دولار بدون الحمولة ، أيضا هناك خسائر متوقعة للبضائع المشونة على عدد 321 سفينة عالقة دون تحرك لمدة زمنية طويلة ، كما أن هناك اضرارا ستصيب الجهات التى كانت تنتظر وصول البضائع المنقولة ، كما أن هناك احتمالات بخسائر ايضا فى أجسام السفن العالقة وليست فى البضائع فقط ، وفى الغالب فإن تقدير تلك الخسائر سيتطلب وقتا طويلا وتحقيقات ودعاوى قانونية ودراسات فنية و مالية ، وفى تقديرى فانها لن تقل عن حوالى ثلاثة مليارات دولار على الاقل ، لكن سدادها سيقع على عاتق الجهة المتسببة فى الحادث سواء بمفردها ، أو مع شركات التأمين أو مع جهة اخرى مشتركة معها ، وفقا لما تنتهى اليه الدراسات المتعلقة بأسباب الحادث و الجهة التى ستتحمل مسئولية سداد التعويضات الناتجة عنه ، فاما تسددها شركات التامين وحدها ، أو تشترك كل من شركات التامين وأندية الحماية ( عبارة عن صندوق دولى للتعاون والشراكة والمساعدة فى تحمل الخسائر الناتجة عن حدوث كوارث دولية للسفن المشتركة فى ذلك الصندوق) كما يمكن ان يكون السداد لجهتين معا اذا ما كانت المسئولية مشتركة ، بمعنى أن قناة السويس يمكن تكون مشاركة فى سداد جزءا من تلك الخسائر فى حال ثبت مسئوليتها جزئيا ، لكن الأمر قد يكون كارثيا اذا ما ثبت أن المسئولية كلها تقع على عاتق الهيئة أو مرشديها وأطقمها الفنية، أوخدماتها اللوجستية ؟ و فى هذه الحالة ستصبح خسائر القناة حوالى أربعة مليارات دولار لاقدر الله بما يقارب من ايرادات عاما كاملا ؟ وبما يعادل 68 مليار جنيه مصرى تماثل قيمة ما تم جمعه من الشعب المصرى للمساهمة فى تمويل ما يسمى بقناة السويس الجديدة ؟
وفى النهاية ينبغى أن يكون معلوما أن هناك خسائر تقدر بمليارات الدولارات ستصيب أكثر من جهة بسبب ذلك الحادث ، سواء تلك الخسائر التى طالت السفينة نفسها و البضائع والحاويات المحمولة فوقها ، أو الخسائر التى طالت أكثر من ثلاثمائة سفينة متعطلة بمنافذ القناة ، وكذا البضائع التى تنقلها تلك السفن ، وايضا خسائر هيئة قناة السويس المباشرة ، سواءا كانت خسائر مادية نتيجة فقد الايراد ، او نتيجة الاضرار التى اصابت المرفق ، او نتيجة استئجار واستخدام المعدات والكوادر الفنية المتخصصة فى حل مشاكل الجنوح ، وكذلك المسئولية القانونية عن الحادث وفقا لما ستحدده جهات التحقيق الوطنية والدولية ، ايضا هناك خسائر ستتعرض لها العديد من الشركات التى امرت السفن التابعة لها بتحويل المسار الى رأس الرجاء الصالح ، وبالتالى فهناك خسائر ضخمة للغاية ستنتج عن تلك الكارثة ، وستتضح ملابساتها وحجمها عقب انتهاء الأزمة ، هذا بالإضافة إلى الخسائر المعنوية التى أصابت الهيئة وسمعتها ، والى لا يمكن تقديرها بقيمة فعلية ، لكنها ستتجاوز فيما لو قدرت بمال ، ما يقارب دخل عام كامل على أقل تقدير ؟ فمن هو الطرف أو الأطراف التى ستتحمل كل تلك الخسائر ؟ ومن هو الطرف او الجهة التى ستتحمل النصيب الأكبر ؟ وهل تكون شركات التأمين ووثائقها التى تم اصدارها على تلك السفينة وعلى البضائع التى تحملها وكذاك التى تغطى مسئولية ملاكها قبل الأطراف الاخرى ، هى التى ستتحمل كافة الخسائر الرهيبة التى ستنتج عن الحادث ؟ عموما من المفيد هنا التوضيح لغير المتخصصين طبيعة التغطيات التأمينية( وثائق النقل البحرى ) التى يتم اصدارها لتقديم التعويضات اللازمة فى حال تحقق أخطار تتعلق بالسفن او البضائع ، ويمكن بإيجاز القول بأن وثائق التامين المتخصصة فى هذا المجال تغطى فيما يتعلق بمثل هذه الوثائق الأخطار التالية : 1- جنوح أو شحوط أو غرق أو انقلاب السفينة أو القارب . 2- تصادم أو احتكاك السفينة أو القارب أو الناقلة بأى جسم خارجى عدا الماء،، 3- تفريغ البضائع فى ميناء الإغاثة . 4- تأمين المسئوليات القانونية لمالك السفينة قبل الأطراف الأخرى التى اصابها الضرر ويقع مسئوليتها على عاتق الملاك ، مع العلم بأن الخسائر المعنوية ينبغى أن يتم رفع قضايا مدنية لتحديد قيمتها والطرف الذى يتحمل سدادها طبقا للقانون الدولى للبحار ؟ ومن حيث التغطيات التأمينية فيمكن القول بأن التأمين البحرى يشمل أربعة أنواع من التغطيات ، اثنان منها تخص مالك السفينة ونقصد بها: جسم السفينة وآلاتها (Hull & Machinery)، والمسؤولية القانونية لمالك السفنية (Liability)، أما النوعين الآخرين فيخص أحدهما مستأجر السفينة (المسؤولية القانونية لمستأجر السفينة (Charter’s Liability)، والنوع الرابع هو تأمين الشحن البحري (Marine Cargo) ويخص مالك البضاعة المحمولة على ظهر السفينة.
وربما يكون مفيدا لو تخيلنا حجم المسؤولية التي ترتبت على حادث واحد فقط مشابه تقريبا لحادث قناة السويس، وهو حادث السفينة(Exxon Valdez) والذى قاربت كلفته مليارى دولار، ففي مارس 1989 عندما اصطدمت ناقلة النفط من (إكسون فالديز) بالشعاب المرجانية، وتدفق أكثر من 41 ألف طن من النفط الخام إلى مضيق الأمير وليام بألاسكا. وكان الانسكاب هو الأسوأ الذي حدث حتى تلك اللحظة في التاريخ الأمريكي، مما ألحق الضرر بأكثر من 1300 ميل من الشاطئ، وأدى إلى تعطيل حياة الناس وسبل عيشهم في المنطقة وقتل مئات الآلاف من الطيور والحيوانات البحرية، واستمرت الأضرار التي لحقت بصناعة صيد الأسماك لعدة سنوات، و نتيجة لكل ذلك دفعت شركة إكسون تعويضات في عام 2008 تقدر بحوالي 500 مليون دولار بعد عدة درجات من التقاضي انتهت بالحكم النهائي من المحكمة العليا للولايات المتحدة، ذلك بالإضافة إلى ما لا يقل عن مليار دولار عن الأضرار البيئية.وكذلك الفوائد المتعلقة بكل تلك السنوات ؟ وبالتالى فمن المفيد القول بأن الخسائر المباشرة للحادث الحالى والتى تم تقديرها بمليار دولار ستتحملها هيئة قناة السويس بشكل فورى ، لكن الخسائر الاخرى وقدرها ثلاثة مليارات دولار تقريبا ، لا بد من الانتظار لعدة سنوات لحين تحديد أسباب الحادث ، والمسئول عنه ، وقيمة الخسائر تحديدا عبر حكم قضائى بات ، وبعد تحقيق دولى ؟
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فنان الشعب سيد درويش
-
الحق لا ينتصر أبدا ، فى الشرق الأوسط
-
نعمات أحمد فؤاد ، وأبكار السقاف!
-
مفاوضات عبدالشكور السودانى !
-
زمالكاوى على ما تفرج !!
-
المراهَقَة الإسلاموفوبياوية !
-
ستيفن هوكينج
-
الفنان الراحل محمد حمام
-
أولويات النضال !
-
كوارث زماهلاوية
-
ليفربول والإسماعيلى والزمالك!
-
تسييس كرة القدم !
-
الملعب المعوج !!
-
شكرا للرب !!
-
منذ خمس سنوات!!
-
العنوان الجديد !!
-
تزييف مقصود !!
-
إقفش أعداء التنمية !!
-
كرة القدم وأفينة الشعوب!
-
شتان الفارق !!
المزيد.....
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|