هشام الصميعي
الحوار المتمدن-العدد: 1628 - 2006 / 7 / 31 - 11:31
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
علمونا في المدارس مند الصغر أنشودة جميلة في الإنشاد ،تقول في مطلعها علم بلادي جميل، علم بلادي أخضر، و بعدها مباشرة حفظنا النشيد الوطني على مضض ،و كم كنا نبذوا سعداء بقلوبنا البريئة و نحن ننشده جماعات، بدون أخطاء .لكن عندما كبرنا و محصنا جيدا، فتحنا أعيننا، فلم يبدوا لنا هدا العلم سوى قطعة قماش تخفق فوق بنايات الإدارات، يخرجونها في المناسبات، وليس أجمل من لوحة دافينتشي، و عندما تدبرنا في النشيد و جدناه مجرد كلمات .
علمونا أن الوطن يتسع للجميع و أنه بمثابة الأب الرحيم، و عندما كبرنا و جدناه يخفي الكثير من الفقراء، و المحرومين في ظلمات القهر، و يحتفي بالأغنياء و الوجهاء، بل إن سجونه تتسع لكل أبنائه ،و تهوي زراويطه على كل من سولت له نفسه الاحتجاج في و جه هدا الأب الحبيب.
درسونا بالعصا الحساب، و الأدب في المدارس، و أسماء السدود التي تحمل ألقاب كل الحكام الدين حكموا البلاد مند الرعيل الأول، أخبرونا بأسماء كل المعارك التي انتصروا فيها دائما، ووجدنا في النهاية بأن العصا تقود الجميع و أن تاريخنا كتبته الهزائم .
قالوا لنا بأن شواطئنا جميلة، و لنا بحران شاسعين، لكن عندما تأملنا المشهد وجدناها بالفعل شواطئهم، يسيجون ضفافها كيف شاءوا، و يسبحون بيخونهم على أمواجها و خيراتها يمينا، و شمالا ، وجدنا البحر بحرهم ،و الجو يحلوا لهم و يطيب، و أن سمكنا لا نراه إلا في التلفاز، و يساوي أتمانا أكتر بما يشتريه الأوروبي في أسواقه . ووجدنا أن بحارنا لا تلفظ من أمواجها سوى جثتنا الباحثة عن مفر من و طنهم السعيد... المجرد و المتعالي في تلاوة الأطفال.
قالوا لنا بأن الوطنية قبلة مقدسة، تستحق الشهادة، تأملنا جيدا ،فلم تعني لنا سوى بطاقة هوية وطنية عليها رقم ،و صورة، يسألوننا عنها أين ما حللنا. و أنها لا تعني لهم بجلال قدرها سوى أرصدة في البنوك الأجنبية ،و يتنصلون منها في بلاد الغرب لكي لا تتبعهم لعنة الانتماء إلى هدا الوطن .
أما أنا فمجرد غجري عابر لهدا الوطن فلتسقطوا عني الجنسية .
#هشام_الصميعي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟