أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - أصوات من قبر نوال السعداوي













المزيد.....

أصوات من قبر نوال السعداوي


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 6851 - 2021 / 3 / 27 - 19:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يروج أتباع الإسلام السياسي خبرا مفاده أن أصواتا غريبة صدرت من قبر الراحلة نوال السعداوي، وهو خبر لا ننفيه ولا نكذبه، لأنه يمكن أن يكون صحيحا، ولكم التحليل العلمي لذلك:
في علم النفس الإكلينيكي يتحدث الأطباء عن "الوسواس القهري" الذي ينتج عن الخوف الشديد والقلق المفرط والتركيز البالغ على شيء ما حتى يتحول إلى حالة عُصابية، وهو ما يحدث عادة للمتشددين في الدين، فهم من فرط انشغالهم بهذيان الدعاة حول "عذاب القبر" وبالمشاهد المرعبة التي يتخيلونها صباح مساء ويعيشون عليها، ومن فرط اعتقادهم بأنهم يملكون الحقيقة وأن غيرهم في ضلال، يستطيعون سماع أصوات صادرة من المقابر عندما يتعلق الأمر بشخص يكرهونه بسبب معارضته لهم واختلافه عنهم. لان من شان ذلك طمأنتهم وتهدئة أتباعهم الذين يعانون من هياج نفسي متواصل.
إليكم ما حدث في نفسية هؤلاء المتطرفين:
تمثل نوال السعداوي بالنسبة لهم نموذج المرأة المتمردة على عبودية الذكورة التي يقوم عليها الفقه الإسلامي منذ قرون، وما داموا لم يستطيعوا مواجهة منطقها الصريح ، العلمي والواقعي، بقناعاتهم الضعيفة والهشة، فقد عبروا دائما عن غاية الاحتقان النفسي تجاهها دون أن يستطيعوا أبدا إسكاتها، ولهذا يمثل الموت بالنسبة لهم المُخلّص الأخير من سيدة من هذا العيار، (سيدة طبيبة تقلدت مناصب كبرى ونالت جوائز عالمية عظمى وألفت أزيد من خمسين كتابا ترجم معظمها إلى اللغات العالمية وملأت الدنيا وشغلت الناس لعقود طويلة من القرن العشرين والواحد والعشرين).
طبعا مع وفاتها أخيرا ـ بعد عمر طويل ـ كان لابد أن يقوموا بغوغائيتهم المعهودة عبر التعبير عن رغبتهم الدفينة في أن يروا المرأة التي كرهوها تعذب في النار، ولأنهم في أعماق أعماقهم يشكون في ذلك، فإنهم لم يستطيعوا أن ينتظروا الحساب والعقاب في الآخرة بعد يوم البعث، ولهذا سارعوا إلى استصدار أصوات من قبرها إرضاء لخواطرهم المُهيجة، ودليلا على أنها تتلقى العذاب الذي يتمنونه لها تحت التراب قبل يوم الحشر.
إن الانتقام من الفقيدة وتقديمها عبرة لأتباعهم هو بيت القصيد، وبما أنه لم يتم في الدنيا، لأنهم لم يستطيعوا النيل منها حتى بعد تجربتها السجنية، فإنهم يجدون في الموت ضالتهم ، أن يجلدوها في قبرها على غرار ما كان يفعله الحنابلة بخصومهم من فقهاء المذاهب الأخرى.
ولهذا نفهم لماذا لا يسمع هؤلاء نفس الأصوات تصدر عن قبور المجرمين والقتلة وسراق المال العام ومشعلي الحروب وتجار المخدرات والحكام الظالمين، إنهم لا يسمعون تلك الأصوات إلى من قبور خصومهم الإيديولوجيين، الذين يدعون الناس إلى التفكير واستعمال عقولهم، لأن مشكلتهم ليست مع الجريمة ولا مع الاستبداد ولا الرشوة ولا الفساد، بل فقط مع من يعارضهم، ويوقظ الناس من سُبات التخلف.
إن ما يخشاه المتطرفون هو انصراف الناس عنهم، وتعد لعبة الموت أهم وسيلة للهيمنة على عقول البسطاء والأميين وكذا الجهلة من المتعلمين، وهذا كان شأن الكنيسة على مدى قرون طويلة أيضا قبل أن تحيلها صحوة الشعوب على التقاعد، فمادام الجميع يعلمون بأن الموت نهاية محتومة لجميع الأحياء (دون أن يعرف أحد منهم على وجه اليقين المطلق ما يقع بعد الموت) فإن تلك الحقيقة هي الوسيلة السهلة لاستمالة الناس عبر ترهيبهم وتخويفهم، ولا يمكن ترهيبهم دون العزف على وتر الضعف فيهم، واللعب على مشاعرهم وهشاشتهم الداخلية.
وبما أنهم بحاجة إلى نماذج وضحايا يقدمونهم عبرة تثبت ادعاءاتهم، فإنهم يستغلون وفاة خصومهم كما يستغلون وفاة أتباعهم الذين يرون نورا يخرج من مقابرهم، وهي لعبة قديمة استعملت حتى قبل الإسلام واعتمدت طوال تاريخ الإسلام من طرف المذاهب الفقهية المختلفة التي كانت في اقتتال وتطاحن دائم لم يتوقف إلى اليوم. فصدور أصوات مزعجة من قبور الخصوم يقابله دائما خروج نور ساطع من قبور الأتباع ، وهو تعبير عن مقدار التوتر الداخلي الذي يعتمل في نفوس هؤلاء، وعجزهم عن حلّ مشكلة الوصاية والهيمنة التي تؤرقهم، ولهذا ليسوا مستعدين أبدا لإبعاد الدين عن الصراعات السياسية والطائفية، لأن في ذلك ستكون نهايتهم.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خريطة أخطائنا التي لا تنتهي
- أنجيلا ميركل الدرس الذي لم نستفد منه
- لماذا فشل العقل العربي في حلّ القضية الفلسطينية
- مساجد الجزائر أماكن عبادة أم تصفية حسابات ؟
- عن التطبيع وتهديد الاستقرار
- المغاربة بين الصحراء وفلسطين
- من قال إن المسلمين ليسوا في أزمة ؟
- محنة عباقرة العالم مع المسلمين
- أسئلة حول -مبادرة النقد والتقييم- داخل حزب العدالة والتنمية
- الداخلون إلى الإسلام والخارجون منه
- حزب النهج الديمقراطي بين الاجماع والحق في الاختلاف
- حجاب الطفلات وصاية قهرية وليس اختيارا حرا
- هل تعمل أوروبا على تغيير قوانينها بسبب الإسلام الراديكالي ؟
- رسالتان من صديقين جزائريين
- عناصر لفهم معضلة المسلمين في السياق الغربي
- -آلية التبرير- في النقاش العمومي
- ما أغفله النقاش حول -آيا صوفيا-
- رد لطيف على كلام عنيف (من أجل تجاوز الماضي والعودة إلى الراه ...
- في معنى النزاهة، ومعنى الشفافية
- ظاهرة تخريب الآثار وإحراق المكتبات في تاريخ المسلمين


المزيد.....




- عيد الفطر في مدن عربية وإسلامية
- العاهل المغربي يصدر عفوا عن عبد القادر بلعيرج المدان بتهمة ق ...
- المرصد السوري يطالب بفتوى شرعية عاجلة لوقف جرائم الإبادة
- عبود حول تشكيلة الحكومة السورية الجديدة: غلبت التوقعات وكنت ...
- بقائي: يوم الجمهورية الإسلامية رمز لإرادة الإيرانيين التاريخ ...
- الخارجية الايرانية: يوم الجمهورية الإسلامية تجسيد لعزيمة الش ...
- الملك المغربي يعفو عن عبد القادر بلعيرج المدان بتهمة قيادة ش ...
- بكين: إعادة التوحيد مع تايوان أمر لا يمكن إيقافه
- العالم الاسلامي.. تقاليد وعادات متوارثة في عيد الفطر المبارك ...
- اتصالات هاتفية بين الرئيس الإيراني وقادة الدول الإسلامية


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - أصوات من قبر نوال السعداوي