أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسان الجودي - يا طالع الشجرة














المزيد.....

يا طالع الشجرة


حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)


الحوار المتمدن-العدد: 6849 - 2021 / 3 / 23 - 22:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما الفرق بين الصاعد إلى شجرة، وبين النازل منها؟
يمكن تحديد الفرق، بمعرفة أن جذور الشجرة في التراب ، في الأسفل. بينما فروعها في السماء.
ويمكن تحديد ذلك، بمعرفة أن قوة الجاذبية الأرضية هي التي تشد جرم الإنسان نحو جرم الأرض.
ويمكن تحديد ذلك، بمعرفة أن ديكارت لم يكن أعلى الشجرة!
وبذلك... لا مجد في الصعود إلى الشجرة وقطف الثمار.
ولا سوء أيضاً في النزول من الشجرة إلى التراب، حيث الديدان والطين والحشرات.
لقد كان ديكارت أسفل الشجرة طوال حياته. وما تلك المقولة المنسوبة إلى نيوتن بأنه عملاق لأنه واقف على أكتاف العمالقة ، سوى مادة ضحك دسمة لرينيه ديكارت العظيم.
شكُّ ديكارت، هو تنقيب في الأسفل ، في المناجم، في البواطن، في الظلمات. هو شك غامض، ولو كان واضحاً ، لصار يقيناً. تماماً مثل ثمار الشجرة.
لا مجد ولا بطولة ولا اكتشاف، في أن الصاعد إلى الشجرة سيقطف تينها أو برتقالها، أو أنه ربما يكون هارباً من مفترس ما، أو ربما يريد رؤية ما لا يستطيع الآخرون رؤيته.
لذلك ، فالمريح أن تضع سلّماً. لتفعل ذلك. استفدْ من انجاز شك ديكارت الذي استطاع انجاز يقين التكنولوجيا.
أغلب الأشجار مريضة برومانسية الشعراء والعشاق ، وبراغماتية صانعي التوابيت، ومريضة بهواجس العلماء حول الحفاظ على البيئة ، ومتخمة بجوع الإنسان وهوسه بجعل كومة فضلاته أكبر من فضلات الديناصور.
لو سمع الديناصور صوت ديكارت، وهو في الأعماق، يتحدث حول اضطراب الظواهر الفلكية المفاجىء ، لنجا ربما من الانقراض بفعل النيزك الذي هبط من الشجرة.
ولو تطور الديناصور ، بناء على نصيحة السنجاب الرشيق الذي نصحه باتباع الحمية الديكارتية، والشك بمصادر الطعام الضخمة كالغابات أو الحيوانات الأخرى ، لنجا أيضاً من تبعات ارتطام النيزك.
السنجاب حيوان ديكارتي بامتياز، يرفع رأسه قليلاً، ينظر بعينيه الرشقتين، ويشم رائحة عدوه، فيصعد إلى الشجرة.
الشك إذاً هو ما يجعل الصعود إلى الشجرة منجاة.( البحث عن الله الموجود وفق المنهج الديكارتي)
أما اليقين بوجود الثمار والظلال فهو حتف المؤمن الشاعر أو الكاتب، والذي هو غالباً يعتمد على حواسه المتغيرة في الحصول على المعرفة. أو على حواس غيره من الكتاّب. فالروائي العربي مثلاً ، يكتب فصلاً كاملاً عن علاقته بامرأة متحولة جنسياً. لكنه طوال حياته لم ير مثل هذه المرأة في الشارع، والروائي العربي يخصص رواية لتجربة اعتقاله السياسي، وهو يعمل بالأصل كاتب خطابات السيد الوزير.
أما الفلاح المسكين، والذي يزرع الأشجار، فلا يستطيع سوى رفع الشعارات عن جنة الأشجار وعن متعة الصعود إليها.
وفي الحقيقة ، هي جنة ديكارات وليست جنة الشجرة. لأن ديكارت يقبع قرب جذور الشجرة عميقاً، وهو يتساءل عن سبب تحول الماء والتربة إلى ثمرة ، ويتساءل عن تلك الصداقة الوثيقة بين بعض الفطريات وجذوع الأشجار، ويتساءل عن شعور الجذور بالماء الباطني ، فتلحق به حيثما كان.
ويبدو ذلك منطقياً متوافقاً مع نظرية التطور. لقد خرج الكائن الأول من ظلام المحيط. قضى هناك ملايين الأعوام وهو يفكر ويتساءل، ويرغب في استكشاف ما رآه مرة حين قيض له الصعود إلى السطح.
لقد دفعه الفضول ، ليخطو أولى الخطوات فوق البر. ثم تطور بعدها عبر ملايين السنين الأخرى ، لينتج لنا ديكارت حقيقي، استنبط أن الشجرة تحتاج إلى تأمل وفلسفة ليكون لها معنى.
وهذا بالتأكيد ما لا يعجب العديد من الكتاب الذين يصعدون إلى الشجرة بحثاً عن الثمار أو فضلاتهم المستقبلية كريهة الرائحة بتعبير غير أنيق.
إن الفلسفة عدو الكاتب العربي. فهو لديه سلّم ويقين وإجابات ومرواغات لفظية وألعاب لغوية، أما الشك الديكارتي فموضوع محرم، وهذا يجعل إقدام العامة على إنكاره، بسبب تعارض المصلحة الدينية معه، أمراً عربياً بامتياز ومفهوماً بامتياز.
يا طالع الشجرة، خذ الشك معك، فهناك سفينة وغمر وفضاء وحقول أرجنتينية مخصصة لأصدقاء بورخيس.
يا لحظه السيء!
بل يا لحظه الجيد!
لقد عمي ، فلم يستطع الصعود إلى الشجرة
لكنه سمع ديكارت في الأعماق، وهو يرطن بجميع لغات الأرض سوى العربية المعاصرة، التي لا تنتج سوى روايات الشعارات والأيدلوجيات وقصص (ستي وستك). حيث الفلسفة مولدة المعرفة، تصبح فسفسة وفصفصة بزر تتسلى به دور النشر أعلى الشجرة



#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الجن
- الشجرة المقلوبة
- صياد الكلمات
- عن هولندا
- التواطؤ مع اللغة
- كيف تصبح شاعراً
- جينات الصدفة!
- أحجية الأصوات
- ابن جلاّ
- يحمل فيلاً على رأسه!
- حقنة سواد شرجية
- اجهاض بانت سعاد
- المقدس والمدنس
- التاريخ الساذج
- سوق القصاصين
- كود لغوي
- السياق والخلاصة
- قصة تنبؤية
- ماري ومالك
- الصابون


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسان الجودي - يا طالع الشجرة