أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أمير الحلو - الى استاذي الراحل (ابراهيم كبة) صاحب فكر ثائر ورحيل صامت















المزيد.....

الى استاذي الراحل (ابراهيم كبة) صاحب فكر ثائر ورحيل صامت


أمير الحلو

الحوار المتمدن-العدد: 1627 - 2006 / 7 / 30 - 03:16
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



قبل ثورة 14 تموز 1958 قرات دراسات حول البراغماتية والاوليخارشية والتوتاليتارية والنفط العراقي بقلم الاستاذ ابراهيم كبة، ولفت نظري ان يقوم كاتب تقدمي بطرق مثل هذه المواضيع المهمة في ذلك الوقت الذي كان يحرم نشر الفكر الوطني والتقدمي، وعندما قامت الثورة اصبح كبة وزيرا للاقتصاد ولا اخفي سراً اذا ما قلت ان الصراعات (غير الموضوعية ) التي شهدتها الساحة بين التيارات اليسارية والوطنية التقدمية من جهة والاطراف القومية العربية من جهة اخرى، وعرضت السياسة الاقتصادية للاستاذ كبة الى (تهجمات) القوى المعادية للنظام آنذاك وخصوصاً حول الاتفاقيات الاقتصادية مع الاتحاد السوفيتي، وقد تركزت الانتقادات حول الادعاء ان المصانع التي جرى شراؤها كانت مستعملة او اقل كفاءة من الانتاج الغربي، وان التعامل جرى بسعر صرف الروبل السوفيتي الرسمي في حين ان سعره يختلف في الاسواق العالمية (وهذا امر غير منطقي فلا تستطيع دولة ان تتعامل حالياً مع دولة اخرى الا بسعر الصرف الرسمي لعملتها، ولا اعرف ما طبيعة الخلاف الذي ادى بالزعيم عبد الكريم قاسم الى التخلي عن شخصيات مثقفة وخبيرة مثل ابراهيم كبة، اذ جرى خروجه من الوزارة فعاد الى الجامعة استاذاً لمواضيع اقتصادية مختلفة، ففي عام 1962 وعندما كنت في الصف الثالث في كلية التجارة والاقتصاد (فرع الاقتصاد) التحق الاستاذ كبة بالكلية وتولى تدريسنا موضوع (تطور الانظمة الاقتصادية) كما درسنا مادة (الاقتصاد الزراعي) في الصف الرابع عام 1963. لم تكن لدي سابق معرفة بالاستاذ كبة ولكنني كنت اقرأ جميع كتاباته ومؤلفاته وقد اثرت في وفي نهجي الفكري وايماني بالفكر التقدمي واعتقادي ان بالامكان (التعايش) بين الفكر الماركسي وطروحات الفكر العربي التقدمي (وقد نشرت عدة مقالات في مجلة الثقافة الجديدة عامي 1969 و 1970 حول هذا الموضوع)، ولكن معرفتي به بدأت عندما دخل قائمة المحاضرات وهو معروف بحضوره المؤثر وسيطرته الكاملة سواء في التدريس او الضبط، وكنا قد انتهينا من امتحانات نصف السنة، وقبل ان يبدأ الدرس فاجأنا بالسؤال: من هو (فلان) ويقصدني انا ومن هي (فلانه) ويقصد طالبة مجتهدة جداً ومتفوقة في الدراسة، قمنا وقلنا نعم استاذ، قال: كان ضمن اسئلة الامتحان سؤال يقول لماذا تحول نظام الرق والعبودية الى نظام الاقطاع، فماذا كانت اجابتك يا فلان وكم (صفحة) كتبت؟ قلت: كانت اجابتي من سطرين فقط وهي ان التحول جرى بسبب التناقض بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج. وكرر السؤال على الزميلة فقالت انها كتبت دفتراً كاملاً تفسر فيه سبب التحول، قال: لم يكن ما احتواه الدفتر الكامل بمقنع لك فقد كنت تدورين حول الموضوع وتفسرين للوصول الى نقطة تعذر عليك التقاطها، في حين ان سطرين لـ(فلان) قد شكلا الاجابة المطلوبة لذلك اخذ علامة كاملة. كانت تلك البداية اذ ذهبت الى الاستاذ كبة في غرفة التدريسيين وشكرته واخبرته انني قرأت كل كتبه كما انني قرأت كتاب (تطور الملكية الفردية) للاستاذ انور عبد الملك وفيه الاجابة كيفية تحول النظم التي مرت بها البشرية ابتداءً من المشاعية البدائية..لا انكر انه فرح بوجود طالب لديه يقرأ (كتباً خارجية) ولا يتقيد بالمنهج المقرر فقام بإرشادي الى الكتب التي تنبغي مطالعتها للحصول على المزيد من الثقافة التقدمية ولا ازال احتفظ بمسودة المحاضرات التي كان يلقيها ارتجالاً فاكتبها للفائدة والثقافة لا لاغراض الامتحانات.
استمرت علاقتنا (الثقافية) بين الاستاذ والطالب حتى قيام انقلاب 8 شباط 1963 حيث جرى اعتقال الاستاذ ابراهيم كبة، وبعده بفترة قليلة جرى اعتقالي في قصر النهاية ثم سجن واحد ولم التق به في السجن ولكن بعد خروجي في 18 تشرين الثاني اثر سقوط نظام البعث التحقت بالدراسة بعد ان خسرت عاماً دراسياً بسبب وجودي في السجن فوجدت ان تغييراً كاملاً قد جرى في المناهج والاساتذة، اذ (اختفى) الاساتذة التقدميون وتغيرت المناهج العلمية والموضوعية وحلت محلها الافكار الرأسمالية الصرفة والمعادية للمنهج الاشتراكي والتقدمي، وبالكاد استطعت ان اهضم هذه المواد لإغراض الامتحان فقط، ومما واجهته يوماً مع الاساتذة (البدلاء) يستحق الذكر، فقد كان (بديلاً) عن الاستاذ ابراهيم كبة الذي يقبع في السجن، واخذ يشرح لنا نظرية (فائض القيمة) لكارل ماركس بشكل مغاير لحقيقة النظرية وما ذكره ماركس حولها وذلك لغرض الطعن بها، وهنا تدخلت فقلت له: يا دكتور ما هو مصدرك في ذلك؟ قلت: كتاب (راس المال) لكارل ماركس فإذا بالاستاذ يضحك بسخرية ويقول للطلبة: انه يستند الى اقوال كارل ماركس لشرح نظريته، قلت: وهل بالامكان شرح رأي أي مفكر ان لم نرجع الى ما قاله اصلاً؟ وهنا تذكرت استاذي ابراهيم كبة ولعنت الظروف و (الانظمة) التي تلقي بابنائها المفكرين والمخلصين في سجونها.
المفارقة التي علينا الاشارة اليها وقد رحل ابراهيم كبة عن دنيانا هي انه اول (سجين) يحول محاكمته الى محاكمة للحكام وبرامجهم الاقتصادية الخاطئة، فأمام مطالعة المدعي العام (الجاهل) بالاقتصاد والسياسة الاقتصادية وما وجهه من اتهامات متخلفة إلى الاستاذ كبة، قام المرحوم (المتهم) ابراهيم كبة بإعداد دراسة عن الاقتصاد العراقي في الرحلة التي اعقبت ثورة 14 تموز والظروف التي مر بها والاخطاء التي ارتكبها بعض الحكام بتدخلهم في الامور الاقتصادية، و (الطريف) في الامر ان دفاع الاستاذ كبة امام المحكمة قد تحول الى كتاب اقتصادي وفكري ثمين جرى طبعه في بيروت ووزع في انحاء الوطن العربي، وقد مثل اضافة جديدة لمؤلفات وتراجم ابراهيم كبة الثرّة، وبهذا حقق (سابقة) جريئة ورائعة ولا اعتقد ان احداً قد حول محاكمته ودفاعه الى دراسة علمية اقتصادية ذات قيمة عالية.
بعد ان خرج الاستاذ ابراهيم كبة من السجن بقي فترة في داره يمارس هوايته المفضلة (المطالعة) فهو يجيد القراءة بخمس لغات عالمية ولديه اشتراكات في اهم المجلات والاصدارات الاقتصادية والسياسية في العالم، ثم اعيد إلى التدريس في الجامعة المستنصرية خلال الدوام المسائي، وبعد فترة وجيزة من معرفة النظام انه يقوم بالتدريس وفق مهجه التقدمي المعروف، جرى إعفاؤه وبقي متقاعداً حتى رحل عن الدنيا.
لقد اتيحت لي الفرصة ان التقي استاذي ابراهيم كبة عام 2000 في دار الصديق الدكتور حافظ التكمه جي مع نخبة من الاساتذة والمفكرين وكانت الجلسة رائعة وغنية بالفكر والطروحات التقدمية وبعيداً عن (اسماع الرقيب) وقد فرحت جداً للالتقاء بأستاذي من جديد، وفرحت اكثر عندما عرفت انه لا يملك سيارة ولا يوجد من هو على (طريقه) الى المنزل ليوصله فتكفلت بذلك بكل سرور لاقتنص وقت الطريق في الحديث معه والاستفادة من كل كلمة يقولها، وقد اوصلته الى دار في شارع (الوزير) في منطقة الزوية، ومن الطريف ان هذا الشارع قد اطلق عليه الناس هذا الاسم عام 1958 لان الوزير ابراهيم كبة يسكن فيه، وهو يسمى بذلك الى الان بقرار من الناس لا الحكومات التي وضعت له اسماء اخرى، اما دار الاستاذ ابراهيم كبة فهي متواضعة تواضع صاحبها وبعده عن كل المظاهر الزائفة.
واذا كان المي (كبير) على فقدان استاذي ابراهيم كبة، فإن ما يعزينا جميعاً انه قد ترك لنا ثروة فكرية تتمثل في كتبه ومؤلفاته وسيرته المستقيمة في الحياة وزهده فيها وثباته على مواقفه السياسية والمبدئية، وتعليمه اجيالاً من طلبته واصدقائه فكراً تقدمياً هادفاً وملتزماً وبودي ان تتبنى جمعية الاقتصاديين العراقيين او احد الاحزاب التقدمية او المنظمات التقدمية اعداد ندوة عن شخصية ابراهيم كبة وفكره وسيرته كما ادعو الى اعادة طبع بعض كتبه وتراجمه لانها تبقى منهلاً للفكر التقدمي الذي سيبقى دائماً مناراً للبشرية مستفيداً من التجارب التطبيقية التي افرزت بعض السلبيات وحققت الكثير من الايجابيات..
استاذي ابراهيم كبة ودائماً.. واعتذر ان لم أوفك حقك.



#أمير_الحلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أمير الحلو - الى استاذي الراحل (ابراهيم كبة) صاحب فكر ثائر ورحيل صامت