أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - آريوس والخلاف حول طبيعة ألمسيح















المزيد.....

آريوس والخلاف حول طبيعة ألمسيح


كامل علي

الحوار المتمدن-العدد: 6848 - 2021 / 3 / 22 - 11:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة:
في مقالة سابقة في الحوار المتمدن (هل ألمسيح أسطورة أم نبي أم إله؟) ذكرت بأنَّ هنالك تشابه كبير بين حياة المسيح وحياة ألمتصوف حسين منصور الحلاج ألذي أدعى الألوهية فكلهما تم صلبهما وكلاهما مرا بمرحلة ألتألهن بعد رحلتهم الصوفية.
عندما يبلغ الصوفي ذروة فنائه تحدث محنته، محنة جميع الصوفية ، فبعد هذه الذروة تنعطف رحلة التصوف إنعطافتها الأخطر وذلك يوم يسأل الصوفي نفسه عن إستحقاقات حال الفناء، بالأحرى يسال نفسه عن مدى واقعية الجملة السحرية التي يرددها بينه وبين نفسه : ( إنني أنا الله )؟
أعتقد بأنّ المسيح قد تم قتله مصلوبا وهو في مرحلة التألهن ألتي أستغرقت ثلاثة سنوات ولو طال به العمر ولم يُقتَل فإنّ وعيه كان سيرتد ويدرك بإستحالة توحد ذاته مع ذات ألله وفنائه فيه ولأنتقل من مرحلة ألتألهن إلى مرحلة ألنبوة كما حدث لنبي الإسلام محمد.
أثناء صلب المسيح قال يخاطب ربّه:
" إلهي إلهي لماذا تركتني؟! إيلي إيلي لما شبقتني؟! ؟" Eli, Eli Lama Sabachthani..... (متى 46:27) هذه العبارة تعني بأنّ المسيح أنتقل من مرحلة ألتألهن إلى مرحلة الأنسنة وبعبارة أخرى أنّ لاهوته ترك ناسوته.
لو لم يتم صلب المسيح وقتله وأستمر في الحياة لعدة سنوات أخرى لتحول إلى نبي كالنبي محمد وباقي الأنبياء له تشريعات خاصة به ولم يكن المسيحيون بحاجة لدمج التوراة في العهد الجديد كما هو الحال في الكتاب المقدس الحالي. نستخلص مما سبق بأنَّ ألتصوف والنبوة والتألهن كلها أوهام تصيب وعي مدعيها لأنّ وعي الإنسان محدود بحواسه.
إنَّ هذه الحواس الإنسانية ليست لها القدرة على ألإتصال بالمطلق لأنّها لاتلتقط إلا الأشياء الطبيعية فقط، أما الأشياء الماوراء طبيعية فلا تقع بمديات تحسسها.
الجواب على التساؤل :هل ألمسيح كان أسطورة أم نبي أم إله؟ هو أنَّ ألمسيح لم يكن نبيا ولكنه كان يتوهم في وعيه بأنَّه إله أو إبن الإله وهذا في حالة كونه شخصية حقيقية وليس أسطورة.

آريوس والخلاف حول طبيعة ألمسيح:
عندما أصبح قسطنطين أمبراطورا لا يُنازع، هيأ نفسه وأعدّها لتقوية الكنيسة الكاثوليكية لذلك أستنكر الطوائف المهرطِقة وسعى إلى التبرؤ من كل الإنشقاقات، لأنه كان يريد الوحدة في الأمبراطورية ويأمل في إحرازها من خلال عالم مسيحي موحَّد. في تلك الفترة كانت الصياغة اللاهوتية للعقيدة الكاثوليكية تسير إلى الأمام بإطراد. وبدأ ترتوليان وسيبريان في شمال أفريقيا، وكليمنت واوريجين في الأسكندرية بإيضاح العقائد التي لا تزال في اول عهدها حول العلاقة بين الآب والابن والروح القدس، وإبداء مزاعم الكنيسة في السيطرة والسلطة. ولكن الاتفاق العام بينهم قد أعطى مجالا للإختلافات الحادة. وأعتقد قسطنطين أنَّ المسائل يجب أن يحسمها مجلس عالمي للكنائس. وكانت الظروف هي هذه:
لقد أختلف شيخ علامة من شيوخ الكنيسة في الاسكندرية، يُدعى آريوس، مع مطرانه في مسألة هل كان المسيح كائنا محدودا أم أزليا. وأعتقد آريوس أنَّ المسيح، حتى بوصفه اللوغوس، هو كائن مخلوق. وقد خُلِق كالمخلوقات الاخرى من العدم، وهكذا قد لايكون أزليا، ولا يستطيع أن يكون من جوهر ألله ذاته. وكانت حجته هي أنَّ الأبن، كانت له بداية، في حين أنَّ ألله الذي هو واحد، أزلي، وكان من دون بداية.
تجادل مطران آريوس معه بحدّة، جازما أنَّ الأبن أزلي وغير مخلوق، ومن جوهر شبيه بجوهر ألله وبدعوة المجتمع الكنسي إلى الإجتماع، خلع المطران آريوس من منصبه، ولكن ذلك لم يسبب إلا إنتشار الجدال في كل أنحاء ألشرق وكان ذلك في سنة 321 م.
دعا الأمبراطور قسطنطين، بعد أن باءت الجهود التصالحية بالإخفاق إلى عقد مجمع للكنائس العامة لحسم المسألة نهائيا. وفي صيف 325 م، ألتقى نحو ثلاثمئة أسقف مفوض، جلهم من الشرق، في نيقيا، عبر البسفور من القسطنطينية، وأحدثوا الصيغة الشهيرة لشهادة الإيمان المتبناة في نيقيا .
نص شهادة الإيمان: ( نؤمن بالله الواحد، الأب كلي القدرة، خالق كل الأشياء المنظورة وغير المنظورة. وبرب واحد هو يسوع المسيح، أبن الله، المولود من الآب، بوصفه أبنه الوحيد، أي من جوهر الأب، إله من إله، ونور من نور، إله حقيقي من إله حقيقي مولود وليس مخلوقا، ومن نفس جوهر الأب، الرب الذي من خلاله خُلقت كل الأشياء في السماء والأرض، ومن أجلنا ومن أجل خلاصنا نزل وجُعل جسداً، وصار إنساناً، وتألّم، وقام في اليوم الثالث، وصعد إلى السماء، وهو قادم ليحكم الأحياء والأموات. و(نحن نؤمن) بالروح القدس ).
ويرتبط بشهادة الإيمان هذه ملحق يعلن االلعنات على الذين يقولون إنّه " كان هناك حين من الزمن لم يكن الابن موجودا فيه" أو يجزمون بأنَّ " أبن الله ذو وجود أو جوهر مختلف، أو أنَّه مخلوق ".
وشهادة الإيمان هذه، التي تم تبنيها بضغط من الأمبراطور قسطنطين، الذي اراد إحلال الإتفاق، لم تحل المصاعب المذهبية على الفور ولم توفّر الإتفاق. والعبارات التي أكدناها قد ندد بها الكثيرون بحرارة وأبطلتها مجالس لاحقة فعليا.
لم تنتهي الخلافات حول طبيعة المسيح وأدت إلى إنقسام المسيحية إلى عدة مذاهب وكنائس كالنسطورية وتم خلع نسطوريوس من منصبه ونُفي، وأخيرا أنعقد مجمع عام سنة 451 م في خلقيدونيا في آسيا الصغرى وصاغ تعريفا لعلاقة طبيعتي المسيح صار المذهب النظامي.
كانت شهادة الإيمان المصاغة في هذا المجمع كشهادة الإيمان النيقية، إنتصارا للغرب، ولا ريب أنَّ الغرب قبلها من دوم ممانعة، ولكن الشرق لم يجدها مُرضية.
وأنشق الذين أتّبعوا القيادة الإسكندرانية بوصفهم "أشياعا للطبيعة الواحدة" وأُطلق عليهم وفقا لذلك "أليعاقبة" ومنهم نشأت "الكنيسة القبطية" في مصر وأثيوبيا والكنائس "اليعقوبية" في سورة وأرمينيا، وهي منشقة حتى اليوم.
وكان النساطرة قد أعتبروا غير قويمين عندما أنعقد المجمع العام في خلقيدونيا. ولكنهم ظلوا طائفة في سورية، ووجدوا الشعوب الواقعة في شرقهم تتقبلهم. وهكذا أخذوا معتقداتهم إلى بلاد فارس، ومنها إلى الهند والصين اللتين وصلوا إليهما في القرن السابع الميلادي.
مصير آريوس:
لم يرغب قسطنطين حينئذ أن يؤزم المسائل أكثر بأن يفرض على أسقف الإسكندرية بأن يقبل آريوس، بل إنه في الواقع عندما طلب أنصار آريوس من الأمبراطور – برسالة محررة بلهجة شديدة – أن يتدخل لأجل تأمين عودة آريوس إلى الإسكندرية، غضب قسطنطين وأعاد إدانتهم بمرسوم آخر أسماهم فيه "بالبورفوريين" أي أنهم مشايعون لتعليم "بورفيريوس".
وبعد وساطات متعددة غيروا مرة أخرى من مشاعر قسطنطين ورحل آريوس إلى القسطنطينية حيث أبى أن يعترف بالإيمان الأرثوذكسي أمام الأمبراطور وتمسك بأن يصير مقبولا بطريقة رسمية على نطاق أوسع بالكنيسة. إلا أن الأمر بتحديد موعد بقبوله في كنيسة القسطنطينية قد تلاشى نهائيا، إذ أن آريوس مات فجأة ليلة الموعد المحدد لقبوله.

نلتيقكم في مدارات تنويرية أخرى

مصادر البحث :
- ألتصوف وألنبوة - مقالات في الحوار ألمتمدن....... كامل علي.
- هتك الأسرار – تحولات فكرية في العلاقة بالدين والمقدس ....... سعدون محسن ضمد.
- موسوعة تاريخ الأديان – الزرادشتية، المانوية، اليهودية، المسيحية - تحرير فراس السواح – الفصل الرابع " المسيحية " تأليف John B. Noss – ترجمة محمود منقذ الهاشمي.



#كامل_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جذور ألشر
- تأثيرات ألزرادشتية على أليهودية
- أيهما أفضل مجتمع بدين أم بلا دين؟
- قرآن عبدالله بن مسعود – 2
- قرآن عبدالله بن مسعود - 1
- ألغموض في ألقرآن -2
- ألغموض في ألقرآن -1
- أسطورة بناء الكعبة والحجر ألأسود -3
- أسطورة بناء الكعبة والحجر ألأسود -2
- أسطورة بناء الكعبة والحجر ألأسود -1
- ألعقائد ألمسيانية أوألمهدية-5- - مدعي المهدوية في الإسلام
- ألعقائد ألمسيانية أوألمهدية-4- الإسلام
- ألعقائد ألمسيانية وألمهدية-3- المسيحية
- ألعقائد ألمسيانية وألمهدية-2- اليهودية
- ألعقائد ألمسيانية وألمهدية-1
- ألشيخية - ألبابية والبهائية -8– ألبهائية
- ألشيخية - ألبابية والبهائية -7– ألبهائية
- ألشيخية - ألبابية والبهائية -6– ألبهائية
- ألشيخية - ألبابية والبهائية - 5- قرة ألعين
- ألشيخية - ألبابية والبهائية - 4- قرة ألعين


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - آريوس والخلاف حول طبيعة ألمسيح