|
نظرة فلسفية حول التنازع
ريبر هبون
الحوار المتمدن-العدد: 6845 - 2021 / 3 / 19 - 02:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
- نظرة فلسفية حول التنازع يلتقي الخصوم و الأبرياء ليساعدوا بعضهم بالتزامن مع حرب بعضهم بعضاً، ليتم إثبات خيرية الإنسان في ماهيته، من كونه في الجيش مجرد مأمور، يعيش تناقضاً لاذعاً بين أن يكون ذلك الآتي لإنجاز مهمة حسب الطلب والأوامر، وبين أن يكون ذلك الإنسان الذي ما يلبث أن يستيقظ ليعبر بصدق عما يخالف المهمة ، وهو أن البشرية في احتضار واستنزاف جراء حروب عبثية لا تجلب سوى الدمار العام لجميع الأطراف، حيث الوجود سفينة ، ودمار جزء منها لو بسيط يعني فناء من على ظهرها..، فالانتصار للإنسان يعكس في مضمونه ثقافة عالية المستوى، ويتجلى من خلالها إرث الحضارة العاقلة التي بشر بها المعرفيون منذ الأزل، واستطاعوا صونها عبر اعتمادهم على التواصل الفكري وتدشين أواصر الحب عبر أسسه المتينة، بالتزامن مع أفعال السلطة المولعة بالحروب والاحتكار الربحي، فعقد الأواصر الفكرية المشتقة أساساً من العلوم الإنسانية يعطي دلائل يمكننا اختزالها فيما يأتي: • إيجاد البديل الحقيقي عن مظاهر التنازع الإيديولوجية التي سادت الخطاب القومي، والمذهبي، وإبراز قيم الحياة الفعلية عبر البحث عن خيرية الإنسان وطبيعية دوافعه الأولى، فيما لو تجلت، حيث اعتمدت الكتابة المعرفية على إظهار النداء الروحي الجمالي الخارج من مدركات الإنسان المعرفي في إنهاء الكوارث التي تتم بيد الإنسان. • تتضمن أيضاً التعريف بالإمكانات الفعلية للإنسان في مواجهة العوائق التي تحول ما بين ذاته وقناعاته الطبيعية، ولاشك أن التعاطي الإنساني للمأساة، والتعاطف معها، هو نشاط حقيقي وجداني لممارسة الطمأنينة المفتقدة في زمن الحرب والتصارع الوحشي .. • الاعتماد على التعريف بجودة الفعل الإنساني المتأتي من روح الطبيعة التي يجسدها الإنسان الساعي لعقد الأواصر الطبيعية بينه وبين الضحية، عبر تجسيد مظاهر هذا التعاطف الأمر الذي أحالنا لتفسير الدوافع التي تقف وراء عملية صناعة الخير، وهو إحقاق الجمال الكامن لدى الإنسان الطبيعي.. • السعي وراء فعالية الطبيعة الخيرية لدى الإنسان، وتجسيدها ، على دوافع الرغبة والهيمنة التي يتم استثمارها لاستنزاف موارد الشعوب، والتحكم بها، عبر التصارع القويم ، ضد ممارسات تنم عن ضعف لابد من محاربته، والانتصار ما أمكن لقيم السلام الحقة.. • بيان حقيقة السلم الطبيعي المستوطن نفوس الجماعات الهاربة من البطش والتي تشكل المرأة النسيج الرئيسي المتأثر بكل انهدام على مستوى المعايير الأخلاقية المنتهكة في الحروب، وكذلك خلق الحلول الواجب العمل بها ، لتخليص المجتمعات من إفلاس المنظومة الربحية، لهثها وراء المنافع على حساب الدمار على كل المستويات. الكوارث المحتملة على الجماعات الفقيرة هي بمثابة الألم الأكثر تجلياً، فهم يندفعون لمواجهته بأبسط ما لديهم من إمكانات، لكن الأمر الأكثر ألماً هي عقلية المتنفذين الجاثمين على صدورهم، المنكبّين على أرزاقهم واحتياجاتهم، بدلاً من أن يقفوا إلى جانبها، وهذا ما يجعلنا نذهب للتحليل حول صراع الطبقات الاجتماعية ، في تفسيرنا لتلك التداخلات فيما بينها ، والتي تفرز فيما بعد هذا الانقسام الاقتصادي والاجتماعية والصراعات من باب عرض الفلسفة السياسية الماركسية، الساعية بدورها لمعالجة هذه الإشكالات التي تصيب المجتمعات منذ القديم، حيث أن الحكومات هي وسائل معاداة لحياتها وعملها ولعل كارل ماركس وفريدريك انجلز هم الذين أكدوا الإنتشار العالمي لهذا المفهوم، حيث أشاروا مراراً في حديثهم عن هذا الموضوع الكبير بتمثلهم بنتيجة أن هذا الصراع المعقد هو محرك التغيرات الإجتماعية والتاريخ الحديث. تجسيد حقيقة هذا التنازع الرهيب بين أرباب القوة والفئات المنكوبة ، تلك المعانية من الفقر وشظف العيش، الشرخ الطبقي يشيرإلى حقيقة أن الحكومة الاستبدادية القائمة هي من تعزز الهوة بين الطبقات، ولعل اللعب على وتر التحايل المكشوف على المجتمعات المنكوبة هو الأمر الذي يسهم في خلخلة المعايير والقيم الأخلاقية داخل المجتمعات بشكل عام، مما نجد السلطة إزاء ذلك تقوم ببث ونشر تصرفاتها السلبية داخل أوساط المجتمع وفئاته ، حيث تحول بعضهم إلى تابعين لها، وهؤلاء التابعين يقومون بأداء مهمة أكثر شناعة منها، إذ أنهم يقومون بتحويل النهب والسلب إلى قانون مستدام ، وهذا هو الأبشع والأسوأ في تاريخ المجتمعات، ناهيك عن الفقر لما له من تداعيات ونتائج كارثية في حياة المجتمعات، مما يجعلها في حالة قلق واغتراب كلية ، عن القانون الضامن لحقوقها الطبيعية. الشعب هو المسؤول عن فساد مرؤوسيه، وصمت الجماهير قادها لتكون كالقطيع الذي يذعن لرعاته، حيث تلك السلطة هي التي تلتف حولها مظاهر محاباة الأقارب، والمحسوبيات، الأمر الذي يجعل من باقي الفئات تعاني الحرمان ، إثر تفشي الرشوة والابتزاز، وتحول المدن لمحميات مافيوية يديرها متنفذون يمارسون سطوة النفوذ والاحتيال، ولاشك أنهم على الجانب الآخر منشغلون بنشاطات إجرامية أخرى كالاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال والدعارة ،ضياع الحقوق والجهود في تلك المؤسسات الخامدة من أي حراك ونهضة وإنعاش، فالسلطة قامت بتلقين بعض فئاتها بحب التبعية والمحاباة، وكذلك عمدت عبر رجالات الدين إلا جعل الطاعة العمياء للمرؤوسين من طاعة الرب، وهكذا تم تحقيق مبدأ التبعية الخالصة بين الجماهير وسلطاتها، لهذا فالمجتمع يتحمل أوزار الظلم الواقع عليه ، لعجزها عن تفهم عللها، حيث تصوير الذل القائم يعتبر بحد ذاته مدخلاً لرؤية نقدية لا تكاد تتوقف ، فغاية الكتابة الحقة هي تحريضها للعقل على التمرد والقفز للأمام،فانغماس الذات في نواقصها، لاسيما وإن كانت غارقة في أتون السياسة وأعرافها، أمر يعم الذهن في أقصى ساعاته، لاسيما وإن كانت هذه الذات تعي الحياة الطبيعية دون التواءات وانحرافات فردية عن قيم الحياة الخامة، فهي الأكثر تعرضاً لحقيقة الألم الواقع ، فالحوادث على الدوام تؤثر في موازين العمل، وتشي عن حقيقة الصراع التي تتناقلها الأجيال عبر أطوارها المختلفة ، حيث يحدثنا هنا عن الصراع بين أعضاء حزب أو جماعة حول استثمار المبادئ شكلياً دون هوادة ، حيث تتجلى تلك الأبعاد المتناهية التعقيد في خضم هذا الجدل الذي يعم روح الشخصية الناعتة نفسها بالغباء حيث أن الصراع بين الفئات وفق مفهوم الأكثرية والأقلية لا يكاد يهدأ ، بل هو في تصاعد ليكشف لنا بطريقة ما عن حقيقة الصراعات السلطوية التي تستنزف حقيقة المبادئ التي يتحلق حولها الأفراد بغية تحقيقها ، ليتجسد لنا الصراع بوجهه الحقيقي ، في أي الفئات ينتفع أكثر على حساب الباقين وعلى نحو متشابك ،الأعضاء ممن يعيشون خضم الصراع المعيشي هم الأكثر معاناة تحت الضغط النفسي الفردي في ظل الجماعة، في الحديث عن مختلف الجوانب المتعلقة بهذا التنازع العبثي بين طبقة تعاني التخمة وأخرى تعاني الجوع، وفي خضم هذه الطبيعة المعقدة ، تتداخل كافة الجوانب ببعضها ، لتؤلف سيلاً لا منقطعاً من التوتر والاحتقان المتشابك والذي له بلا شك تأثيرات متعددة تنم عن كثافة في الكدح والعنف وما يتخلله من قلة حيلة وضبابية في الأفق ، إذ تتشرذم الأصوات وتعلو وينعكس صداها على ذاتها دون معنى ، ويبقى الحل عالقاً في الجو، حيث تعرِّف دائرة المعارف الأمريكية الصراع بأنه: "حالة من عدم الارتياح أو الضغط النفسي الناتج عن التعارض أو عدم التوافق بين رغبتين أو حاجتين أو أكثر من رغبات الفرد أو حاجاته"،لكنه هنا بالمعنى السلطوي بات يعكس ذروة الاحتقان والتنازع حيث أن الصراع بين طرفي القضية المتخم والجائع ، له دلالة طبقية بعيدة ، فانعدام التوافق والتوازن في حياة الفئات وانقسامها على احتكار القوت هو ما أفضى لحقيقة هذا التنازع الخطير ، فالحديث حول الكفاح يمثل المطلب الأكثر معيارية في حياة التنظيمات بيد أن التنافس على الألقاب والأوسمة أيضاُ بادٍ ،حيث يأخذ الصراع أبعاداً متعددة تعكس عدة رغبات يدور بعضها في فلك الكفاح الجماهيري، وأخرى غايتها كسب المواقف ولفت الأنظار حول ردات الفعل ومعطياتها في المعنى السياسي العام ، فالأفراد والجماعات ماضية في تدشين هذا الصراع سلوكاً ومبدأ، والجبهات متعددة منها ما هو بمواجهة الخارج، ومنها ما يتم داخل الحزب الشمولي ذاته بمعزل عن التحديات الخارجية، ولعل الوجهان المختلفان للصراع الداخلي والخارجي متشابكين ومتداخلين بأشكال معقدة ومتباينة، وبجميع الأحوال فالصراع يتركز في النهاية بين طرفين يشتركان في القوة ذاتها والعنفوان ذاته في إتمام هذا التنازع القائم ، عاكساً بمجمله صراع الطبقات سياسياً أو قبلياً أودينياً ، واللا توافقية هي التي تطفو على السطح في كل ميدان ففي قاموس الكتاب العالمي، فإنه يعرف الصراع بأنه "معركة أو قتال ، أو بأنه نضال أو كفاح ، خاصة إذا كان الصراع طويلاً أو ممتداً". إن الانزياح نحو الحب والوجدانيات عموماً هو بمثابة البحث عن السكينة المفقودة في زمن يتداول النزاعات دون معنى، لعل في ذلك اجترار تلقائي للصراع دون وازع، الأمر الذي يشكل للإنسان رغبة مستدامة للخروج عن هذا الصراع، والبحث عن معنى آخر خارج هذه الدائرة المعقدة، فالتشبث بالحب هو الملاذ الأخير الذي يمكن للمرء أن يوظفه ليتفادى شبح الإحساس بالمرارة وانعدام الأمل.
#ريبر_هبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثنائية الأنا والآخر
-
العقل المعرفي الشرق أوسطي بمواجهة القمع
-
موت ديلمان
-
جثث الأحلام المحترقة
-
في رحاب الحب
-
قيود
-
صور من المخيم
-
عن الحب كرنفال إلهي للشاعر اسماعيل أحمد
-
موجة الإسلام السياسي و استبداد البعث
-
ملامح الالتزام القومي في رواية انبعاث في أغوار الجبال للكاتب
...
-
:الإرادة المعرفية في مواجهة التطرف الإسلامي
-
الخط الكوردستاني الثالث في ( لغة الجبل) ليحيى سلو
-
(قراءة في وجع -طفل يلعب في حديقة الآخرين- لجان بابير)، ريبر
...
-
(موجز عام حول روايات حليم يوسف الخمس)
-
ثنائية توحش الإستبداد البعثي و المعارضة الأخوانية
-
مسارات رؤيوية لفهم رواية الوحش الذي بداخلي ل حليم يوسف
-
سبل معرفية لمناهضة العنصرية ، الاغتراب و الشمولية
-
سلطة البعث السوري في حربها ضد الإنسان، استلهمات نقدية من روا
...
-
حرية الفكر المعرفي بمواجهة التجهيل
-
المعرفيون في كوردستان الشمالية
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|