شادى الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 6842 - 2021 / 3 / 16 - 13:43
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جريدة " الثورة " عدد 691 ، 15 مارس 2021
https://revcom.us/a/691/ocr-defiance-and-protest-against-violence-and-patriarchy-against-women-en.html
" إنّنا في حالة حرب أيّتها الأخوات ... إنّه زمن أزمة و الوضع وضع إستعجاليّ . إنّهم يقتلوننا و يغتصبوننا و يجبروننا على الحمل و الولادة و يحكمون علينا بالموت متى لم نطع أوامرهم ". هذه كلمات دوّت في ثوكالو كابيتالينو أثناء إحتجاج 25 نوفمبر الماضى على جرائم كره النساء . و عن تلك الصرخات لم تغب صرخات مناهضة للنظام البطرياركي المسؤول عن تلك الجرائم و دوّت " سيسقط . سنطيح به ".
في هذه البلاد [ المكسيك ] ، يقتلون عشرة نساء يوميّا كمعدّل و أكثر من 90 بالمائة من الحالات لا يكشف فيها النقاب عن المجرمين بينما تكرّس قوّات النظام جهودها لقمع الإحتجاجات ضد موجة العنف الشنيعة هذه . و الشيء عينه يحصل مهما كان الحزب الحاكم . فالأمر يعزى إلى شيء أعمق ، إلى نظام هو النظام البطرياركي ، الذكوريّ للتمييز العنصريّ ضد النساء ، نظام تفوّق الذكور الذى هو في الغالب الأعمّ نظام رأسماليّ . و من الممكن أن نضع حدّا للفظائع التي يفرزها هذا النظام لكن لتحقيق ذلك سنحتاج إلى ثورة .
و خلف الأرقام تبقى حياة الآلاف مزهوقة . و هذا شأن ماريانا سنشاز وهي متخرّجة في الطبّ أرسلت للعمل في مصحّة ريفيّة في فلسطين الجديدة ، في الشياباس . و بُعيد وصولها وقع التحرذش بها جنسيّا من قبل طبيب من زملائها الذى فتح بالقوّة باب غرفتها و حاول الإعتداء عليها وهي نائمة . فتقدّمت بشكوى تحرّش جنسيّ للشرطة و قامت كذلك بتقديم شكوى إلى إدارة المصحّة و طالبت بنقلها و سعت حتّى إلى الإستقالة لكنّ ما من أحد أعارها الإنتباه اللازم . كانت آخر محادثة هاتفيّة لها مع والدتها يوم الخميس الأخير من شهر جانفى و كان الرعب يتملّكها و أخبرتها عن التحرّش الذى تعرّضت له و كانت تستعدّ لمغادرة المصحّة . و في اليوم الموالى ، عُثر عليها ميّتة ، ضحيّة عمليّة قتل . و قد أسرعت السلطات إلى التصريح أنّها ترجّح أنّ ذلك لا يعدو أن يكون " إنتحارا " كما سارعت بمحو الأدلّة حارقة الجسد في تجاوز فاضح لقوانينها الخاصة . و فضلا عن ذلك زعمت السلطات أنّه لا علم لديها بأيّة شكوى و دعوى بتحرّش جنسيّ . كلّ هذا غير مقبول و إجرامي تماما .
و قد فرضت إحتجاجات شديدة على السلطات أن تفتح تحقيقا بشأن جريمة القتل لكن من غير المؤكّد أن يفضي الأمر إلى تطبيق العدالة في هذه الجريمة البيّنة . ففي حالات كُثر أخرى عبر البلاد بأسرها ، تتكرّر القصّة نفسها للتخاذل و التآمر الصريحين للسلطات جميعها رغم الشعارات الإنتخابيّة ؛ و في الوقت نفسه ، أجل ، تسعى هذه السلطات جاهدة لقمع الذين يحتجّون على هذا العدد الضخم من الجرائم ضد النساء .
في كنكون ، أطلقت الشرطة النار على إحتجاج شارك فيه حوالي ثلاثة آلاف شخص في 9 نوفمبر الفارط و كان الدافع وراءه قتل امرأة هي بيانكا ألخندرينا لأورنزانا ألفرادو المعروفة بألكسيس . فتسبّبت الشرطة في جرح متظاهرين و صحفيّين. و دحضت صحفيّة من الجرحى أكاذيب السلطات بتصريحها : " لم تطلق الشرطة أبدا النار في الهواء كإنذار ... كانت تتصرّف كما لو أنّها تقوم بصيدنا " .
وهي تهاجم المحتجّين و الصحفيّين ، كان رجال الشرطة تطلق الكلمات التالية : " الآن أجل سترى هذه الفاسدات قيمتهنّ " و ترافق ذلك بتوجيه الضرب و الدوس الوحشيّين للحضور . كما إعتدوا جنسيّا على النساء الموقوفات ، على غرار ماريا أىنا التي فضحت أنّه زيادة على الضرب و الدوس بالأقدام بصورة متكرّرة ، وضعوا أصابعهم في فرجها . و متحدّية ، أعربت عن " الكثير من الضرب و الإغتصاب الجنسيّ لكنّ هذا لن يوقفنا ز تلك كانت أوّل مشاركة لى في مسيرة و الآن صرت مستعدّة للمشاركة في الكثير من المسيرات ".
كلّ السلطات من شتّى المستويات و من شتّى الأحزاب السياسيّة أنكرت مسؤوليّتها عن الهجوم على المحتجّين و حاولت أن تتبادل التهم . و حاول الرئيس لوباز أوبرادور أن يثنكر مشاركة الحرس الوطني بالرغم من أنّه في الواقع شكّل حاجزا لإيقاف جزء من المحتجّين و لمساعدة الشرطة في إعتداءاتها . و مع أنّه نقد هذا الهجوم السافر جدّا ، قد شجّع إعتداءات بشجب إحتجاجات أخرى ضد الجرائم ضد النساء على أنّها إستفزازات صعاليك يحرّكها " المحافظون" و يستغلّونها.
و كذلك ن تعهّدت كافة السلطات بإجراء بحث في الرض و كالعادة " إلى النهاية " لكن في الواقع لم ترغب حتّى في تفحّص الأدلّة على أجساد من جرى أطلاق النار عليهم .
و قد جدّت أحداث قمع في المدّة الأخيرة في عدّة أماكن أخرى منها :
+ ليون ، غغواناخواتو : قمعت الشرطة قمعا عنيفا جدّا و تحرّشت جنسيّا في النساء المحتجّات على الهجوم الجنسيّ على شابة من طرف رجال الشرطة عينهم .
+ ثيوداد خواراز، شهواوا : حملت الشرطة بعنف على إحتجاج على الإعتداءات في ليون و جرائم جندر و على جرائم ضد المتحوّلين جنسيّا و كانت النتيجة إيقاف 28 امرأة و 8 رجال تعرّضوا للضرب المبرّح و حُرموا من الإتّصال بمحامين. و قد جاء على لسان المتظاهرات : " تحرس الشرطة البنايات التاريخيّة و و العلامات التجاريّة و الجدران لكنّها لا تحمينا بالعكس هي تغتصبنا " .
+ تخوانا ، باخا كاليفرنيا : ضربت الشرطة بعنف نساءا كنّ يطالبن بحقّ الإجهاض في 28 سبتمبر و جعل رجال الشرطة الموقوفات تصعد إلى شاحنات غير رسميّة و لا تحمل لوحة منجميّة و لم يعلموهنّ إلى أين يأخذونهنّ.
+ أكاتباك ، أدوماكس : فرّقت الشرطة بعنف شديد إعتصاما للجنة حقوق الإنسان لدولة المكسيك ( COHEM ) ، فضلا عن مهاجمتها الصحفيّين الحاضرين على عين المكان . و عندما أتى جمع للمطالبة بمعلومات عن رفيقاتهم اللاتى تمّ إدخالهنّ عنوة إلى شاحنات غير مصنّفة ، قذفتهم الشرطة بالغاز المسيل للدموع و رمتهم بقضبان حديديّة و كراسى إقتعلتها من أرصفة الشوارع.
+ مدينة مكسيكو : إضافة إلى إيقافات عديد المحتجّات بعد هجمات تطويقيّة عدوانيّة و رشّهنّ بالمياه و رميهنّ بالغاز المسيل للدموع ( على أنّ هذا أنكرته السلطات ) ، جرى إستدعاء للحضور لمراكز الشرطة كمتّهمات في جرائم مفترضة 11 امرأة لمجرّد مشاركتهنّ في المظاهرات أو رفعهنّ للافتات مساندة لهذه المظاهرات حتّى على حساباتهنّ على الفايسبوك.
و ليس عرضيّا أن يتكرّر ، و لا يهمّ المكان أو الشعرات الإنتخابيّة ، الإطار ذاته لعدم عقاب المسؤولين عن جرائم فظيعة معادية للنساء و القمع النموذجيّ للذين يطالبون بوضع حدّ لهذا القدر الهائل من الوحشيّة . لا يتعلّق الأمر ببساطة بسلطات سيّئة و إنّما يتعلّق بنظام شامل من الإضطهاد البطرياركي للنساء و التفوّق الذكوريّ و- الماتشزم - التمييز على أساس الجنس ضد النساء . فى الجوهر ، ليس الأمر أنّ السلطات " لا تقوم بعملها " فعملها هو بإعتبارها ممثّلة للنظام ، الدفاع عن النظام الذى لا يمكنه الإستغناء عن إضطهاد النساء .
إنّه نظام إضطهادي يتخلّل كافة جوانب المجتمع ،من اللامساواة و الماتشزم و العنف الأسريّ ( الذين تفاقموا مع جائحة كورونا رغم محاولة السلطات إنكار ذلك أو التقليص من أهمّيته )؛ مروا بعذاب محنة التحرّش الجنسيّ و الميز العنصري والإستعانة في المعاهد و في مواقع العمل ؛ وصولا إلى الوباء القاتل للجرائم ضد النساء و إختطاف الناس و إخفاءهم و الإغتصاب و أيضا الصناعة التي تدرّ عديد المليارات ، صناعة التجارة في النساء و الطفلات و الدعارة و البرنوغرافيا في المجتمع بأسره.
لقد عرّى التمرّد و الإحتجاجات المتنامية للنساء العنف الذكوريّ الذى لا يتوقّف و مساهمة الدولة في إقتراف هذه الجرائم و في التغطية عليها وهي تطلق العنان لكره النساء و الهمينة الذكوريّة و الأخلاق البطرياركيّة " التقليديّة " . و هذا جزء من التمرّد المتنامي للنساء عالميّا وهو يغذّى الأمل و المطالبة بتغيير راديكالي . و قد أثار سؤال أيّ نوع من التغيير الراديكالي نحتاج .
من الضروري و من الممكن النضال من أجل بعض الإصلاحات في إطار النظام الحالي ، من مثل حقّ الإجهاض أو النضالات المطالبة بالعدالة في حالات قتل النساء و غيرها من الجرائم . فبفضل هذا النضال جرت محاكمة بعض المجرمين. و لا تزال آلاف الجرائم الأخرى دون عقاب مطلقا و لا امرأة واحدة تفلت من العلاقات و الأفكار البطرياركيّة التي تدوس النساء و تهنهنّ و تحطّ من قيمتهنّ .
كي نضع نهاية لإضطهاد النساء ثمّة حاجة إلى كنس كامل النظام البطرياركي و النظام الرأسمالي القائم الذى يحتاج إلى النظام البطرياركي ويدعمه بألف طريقة و طريقة .
و النظام البطرياركي الإضطهادي حاضر بشكل كبير في كلّ مظهر من مظاهر المجتمع بحيث يشكّ الكثيرون في إمكانيّة القضاء عليه ز لكن العلم بيّن أنّ إضطهاد النساء لم يكن موجودا في كلّ الحقبات التاريخيّة . ففي بدايات العنصر البشريّ كان الناس يعيشون لآلاف السنوات في مجموعات كانت النساء تساهم فيها على قدم المساواة مع الرجال . و قد أتى إخضاع النساء لمصلحة الرجال و أتت العائلة البطرياركيّة مصاحبين ظهور الطبقات و إستغلال بعض البشر للبعض الآخر و هذا ما يتواصل في الوقت الحاضر في الشكل الرأسمالي الذى فيه بعض الرأسماليّين و الإمبرياليّين الكبار يستغلّون و يضطهدون الغالبيّة العظمى من الإنسانيّة .
لجسارة النساء بملايينهنّ قدرة كامنة ضخمة لدفع هذه الثورة الراديكاليّة من أجل تحرير النساء و الإنسانيّة جمعاء . و الإستيقاض الحديث و المُلهم و إحتجاجات النساء و تمرّدهنّ في هذه البلاد و حول العالم هي الموجات الأولى البارزة لبحر عميق من الجسارة و كره ما يعنيه أن تكون امرأة في هذا المجتمع الذكوريّ البطرياركي . ثمّة حاجة إلى إطلاق العنان حتّى أكثر لغضب النساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة .
لنشكّل الآن حركة من أجل الثورة تشجّع على و تعيش القيم التي يجب أن تقود المجتمع الثوريّ المستقبليّ مقاتلة كلّ شكل من أشكال الإضطهاد و نابذة بصرامة كلّ شكل من أشكال الحطّ من قيمة النساء و الميز العنصريّ ضدّهنّ و التهجّم عليهنّ. مع الجميع ،و بوجه خاص ، مع الرجال ، ينبغي التأكيد على أنّه إمّا أن نكون جزءا من الحلّ أو نكون جزءا من المشكل .
لنناضل في سبيل مجتمع جديد لا تتوفّر فيه المساواة القانونيّة التامة فحسب للنساء و إنّما كذلك يتمّ فيه القتال العميق ل " تجاوز جميع " قيود التقاليد " المتجسّدة في الأدوار و التقسيم التقليديّين للجندر و في كلّ العلاقات الإضطهاديّة المتناسبة معها ، في كافة مجالات المجتمع ، و لتيسير مشاركة النساء و مساهمتهنّ بصورة تامة مثلهم مثل الرجال في جميع جوانب النضال من أجل تغيير المجتمع و العالم بهدف إجتثاث كلّ علاقات الإضطهاد و الإستغلال و القضاء عليها و تحرير الإنسانيّة قاطبة " حسب كلمات لبوب أفاكيان ، مهندس الشيوعيّة الجديدة .
يقاتل عالم جديد و أفضل بكثير ليولد من رحم ظلمات المجتمع الذى نعيش فيه . و هناك حاجة إلى جرأة و تصميم و نضال الجميع نساءا و رجالا لتحقيق هذا الفجر الثوريّ الجديد . إتّصلوا بنا
عاش اليوم العالمي للمرأة !
لنكسر القيود ! و لنطلق العنان لغضب النساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة !
" الفجر الأحمر " ، لسان حال المنظّمة الشيوعيّة الثوريّة – المكسيك .
[email protected] http://aurora-roja.blogspot.com
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
#شادى_الشماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟