|
ماركس الطبقي واوربا التحوليّة؟/10
عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6841 - 2021 / 3 / 15 - 15:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يفشل الغرب بوجهه الاستعماري الإنكليزي في احتلال العراق، فيقع تحت طائلة الثورة التحولية غير الناطقة عام 1920، بعد قرابة ثلاث سنوات على دخول الإنكليز بغداد عاصمة الدورة الاميرطورية الثانيه المنهارة، وبين خيار الانسحاب الذي فكروا به وهياوا كل أسبابه، ماكان سيخلق حالة استثنائية غير مسبوقه،عراقيا، وفي المنطقة، وحتى على مستوى العالم، بالذات بما خص ظاهرة الاستعمار القديم، وهو ماحصل نوع منه من دون ان يلاحظ بسبب التدني الفكري الوطني، وهيمنة الاتباعية المعرفية، مع قرار وزارة المستعمرات إقامة " حكومة من اهل البلاد"، تكون واجهة تؤمن الممكن من النفوذ البريطاني في العراق، وهي الصيغة الأولى المبكرة من صيغ واشكال "الاستعمار الجديد"، المتصل بغلبة الكيانيه الإمبراطورية الامريكيه المفقسه خارج رحم التاريخ مع الستينات من القرن المنصرم، مايجعل من اللازم والمنطقي المتفق مع الوقائع، التاريخ للاستعمار الكلولونيالي انتهاء، بذلك اليوم، مع قيام الحكومه العراقية المركبه من خارج النصاب الاجتماعي واليات التشكل الوطني، عام 1921 . عدا عن هذا المظهر الأساسي من مظاهر العجز، يقع الإنكليز في الاغتراب ومغادرة الذات والمضمون "التاريخي" ومناقضته نوعيا وطبيعة، باضطرارهم للتحول من ممثلي العصر البرجوازي الراسمالي الحداثي مابعد الاقطاعي، الى رعاة ومولدين لنمط من الاقطاع المفتعل، المصطنع الذي لاوجود له، ولايعرفه المكان الذي هم بصدد حكمه بالواسطه، فيذهبون الى اعتماد "قانون التسوية" لعام 1932 ، كاساس ومرتكز لقلب نوع الملكية الزراعية التاريخيه العراقية، عن طريق تكريس نمط ونوع ملكيه لاوجود له في التاريخ والبنية العراقية، وبهذا يكون وصول الغرب الى العراق قد ترافق مع، ونتجت عنه ظاهرتان ونمطان من السلوك الغربي "الحداثي" الدال على الهزيمه والفشل التكويني البنيوي. (1) ومع ماتقدم يصير لازما التوقف امام الأهم من بين دلالات سلوك الاحتلال الإنكليزي باعتباره ممثلا للغرب "الحديث"، وهو مايعود الى القصور التصوري والمفهومي، لابل التصرف العملي الدال على تدني القدرة على الارتقاء لمستوى المتطلبات البنيوية التاريخيه للمكان الذي يجري التعامل معه، وهو مايتجلى بحال الفبركة التي اعتمدها الإنكليز لكيانية العراق، مثلما عمدوا الى محاولة تكريسها، ماقد تكشف عن تدني النموذج والمفهوم الغربي إزاء نمط ونوع تركيب كياني مجتمعي، خاصياته ازدواجية تحوليه، لاينطبق عليها، ولا تتناغم مع نوع الكيانيه وشكل الدولة التي ابتكرها الغرب الحديث، وجاء وهو يعتبرها قمة ماهو ممكن من اشكال النظم، واعلاها اتفاقا مع الحقيقة الكيانيه والتنظيميه المجتمعية، يتمثل ذلك في عجز المنظور الاستشراقي الاستعماري عن ان يلحظ وقتها أية احتماليه خصوصية متعلقة بالديناميات التاريخيه الكوكبيه(2)، بمعنى احتمالية انطواءموضع من مواضع العالم على إشارة ادالة على شكل او نمط تنظيم، ونوع كيانيه متفوقة، او موحية بما وراء تلك التي توصل لها الغرب بما يضع هذا بموقع المحطة غير النهائية،مع احتمال ان يكون لها مابعدها. ان يقررالانكليز برغم كل ادعائيتهم الحضارية المتعالية، وعلمويتهم التي بها واستنادا لها وبمجمل منجزهم، يبررون احتلالهم للأمم، تجميع بعض الأشخاص، والاتيان بملك من خارج البلاد، واعتبار ذلك كاف، او هو المطلوب بعد رسم الحدود، لاقامة ماسمي في حينه "دولة" لها علم ودستور(3)،فهو بالأحرى من ابرز واكبر الدلالات القصورية النافيه لما يدعى من كمال ظاهرة الغرب، لابل وانسجامها مع ذاتها، او لماهو مفترض من اخلاصها لاسس كينونتها هي بالذات، والاهم من ذلك بالطبع، ماقد ولده هؤلاء من حالة اتباع ببغاوي "تعليمي" خارج المعرفة والفكر، اتباعي استعاري متماه مع الغرب ومفاهيمه( قصوري متبع وناقل عن قاصر)، ونموذجه، بخلاف ونقيض، وعلى الضد من كبنونة وطبيعة المكان الذي يجري الحديث عنه هنا، الامر الذي سيظل العراق يتحمله كعبء على مدى يقارب القرن من الزمن، بانتظار انبثاق الرؤية العراقية "العراقوية"، والوطنيه العراقية، على انقاض حركات الايديلوجيا الاتباعية الماحقة، وجريمتها التاريخيه الافنائية، الملتحقة بمشروع محق الخاصيات والوجود، والمنطوى التاريخي الكوكبي الرافديني. تمتاز حالة التصادمية الغربو/ رافدينيه، بجانب هام واساسي، عمل وظل ومايزال يعمل لصالح الطرف الغربي، ويجعل من تكريسه ممكنا ان لم يكن قريبا من البداهة، ذلك هو كون العراق يوم جاء الغرب، لابل ومع بدء ظاهرته الالية المصنعية، مايزال يعيش تحت وطاة حالة الانقطاع التاريخي الثانيه المستمرة من 1258 ،على اثر الدورة الثانيه الإمبراطورية التي استمرت لخمسه قرون، بعد فترة انقطاع أولى، أعقبت الدورة الأولى السومرية البابلية الابراهيمه، ومع ان ارض مابين النهرين كانت قد بدات تنبعث وتعود للتشكل في دورة ثالثة راهنه منذ القرن السادس عشر، الا انها وجدت ابان وخلال هذه الفترة، ماتزال غير ناطقة، فظلت تتسم بالحركة والتشكل المتصاعد من الجنوب، ومن نفس ارض سومر مع ظهور "اتحاد قبائل المنتفك"، مجتازه حقبتين: أولى قبلية، وثانيه دينيه انتظارية، الا انها لم تكن قد عرفت ابانهما حالة من النطق، كان مايزال وقتها مؤجلا ينتظر اكتمال اشتراطات الدورة الأخيرة الضرورية كوكبيا، الامر الذي تقع الحقبة الايديلوجيه الاستعمارية الافنائية في صلبه، ومن مستلزماته التي لانطق بدون خوض غمارها. هذا ماجعل ثورة 31حزيران 1920 ثورة غير ناطقة، ماسهل وقوعها تحت وطاة فذلكات الوطنيه الايديلوجية المستعارة، وكذا ماقد حدث لثورة 14 تموز 1958 ، وماوقع عليها من وطاة الاستعاره الحزبيه الايديلوجيه، ونتج عنها من بداية والتاسيس لاقصاء القوى المذكورة، وبدء التدبيرية الثانيه 1968/2003 كضرورة قصوى، لم يكن لها ان تستقر من دون دخول عنصر مستجد نوعي على اللوحة الصراعية الغربيه الرافدينيه، تمثل في الريعيه النفطية، العامل الحاسم المنبثق من خارج الكينونه والبنية، بعد الفشل الذريع الذي لحق بالتدبيرية الاولى 1921/1958 على مستوى الدولة وصيغتها المفبركة، المركبة من خارج البنية والتشكل التاريخي. قرابة الالف عام، لم تعرف ارض الرافدين، عبقرية واحده تستحقها، بينما لا يعد ذلك مما يلفت النظر، او التساؤل، في موضع له مع التجليات العقليه العظمى، الجماعية، والفردية، تاريخ لايمكن العودة لصيرورة العقل البشري من دون الرجوع اليه، قحط يستمر الى اليوم تتكدس في ظله متراكمة، بلاهة الحزبوية الاتباعية الببغاوية للمتعلمين،صنف الغاء الفكر، بنفي الذات، على عظم حضورها في التاريخ، ومعها الاجترارية من متبقيات الابراهيمه الميته، بصيغتها النبوية، في موضع عبقرية الرؤية الاولى الكونيه اللاارضوية، ومع كل هذا والانكى منه،الإصرار المستميت على نفي الحاجة، او الحاح وضرورة وثبة العقل العظمى، والاكتفاء ب"عبقريات" البلاهة العقلية، والنقل الاصم، واعتبارهما مما يمكن ان يلائم طبيعة وبنية كيانيه خلاقة بدئية عظمى، كونبه، من دون الانتباه الى خروج منحى كهذا على الحقائق التاريخه والصراعية الراهنه، وصولا الى ماقد تنطوي عليه من الحاجة القصوى على مستوى المعمورة. جاء الغرب الى العراق لتبدأ معركة تاريخيه كونيه، بين الأحادية في اعلى تجلياتها وارفع ممكناتها، والازدواج المجتمعي التحولي، بدورته الأخيرة الراهنه الثالثة التحققية، ولتكون بخاصياتها وعناصرها ومايلازمها من عناصرومستلزمات الانتقالية التحولية الضرورية، ويكون الغرب بما هو، وكما قد تمظهر مع ثورته الراهنه الحداثية، عنصر تجريك واذكاء له على المستوى النموذجي، وعلى صعيد المنجز الالي، بمثابة قوة مادية لازمة وتحفيز،لاسباب الانتقالية الكبرى الازدواجية التحولية الرافدينيه، مايكون من نتائجه انقلاب وجهة الفعالية، من الغرب باتجاه ارض الرافدين كما كان، الى مايعاكسه وصولا الى اندراج الغرب نفسه في العملية التحولية، الامر الذي تكون "المجتمعية المفقسه خارج رحم التاريخ"، بؤرته "الغربية" الفعالة والانقلابية، مع كسر الازدواج الحالي التكويني الاستلابي الأمريكي، وانقلابه من حالة الالية الراسمالية الغالبة على الابراهيميه البنيوية راهنا، الى التحولية مابعد النبوية، المستجد الرافديني، الطاردة لوطاة الغرب واستلابه الراسمالي للمجتمع الجديد، المفقس خارج رحم التاريخ. ـ يتبع ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بدات محاولة تغيير نوع ملكية الأرض في العراق مع أواخر الوجود العثماني بالاخص بعد الاحتلال الثالث عام 1831 لكنها كانت بطيئة وغير فعاله، ومن الصعب تصور إمكانية استمرارها، او وصولها لنتائج يعتد بها، لياتي الاستعمار الغربي الإنكليزي، ويثبت انه من نفس نمط ونوع العثمانيين واشد منهم تاخرا،حين يتعلق الامر بالتعامل مع العراق وتركيبه البنيوي، ولا يعود لثورته البرجوازيه والحالة هذه من وجود ولا معنى، سوى في مستوى ودرجة النجاح في أداء المهمة نفسها. (2) ابرز مؤسسين للمنظور الاستشراقي الاستعماري المعتمد من قبل كل الحداثيين العراقيين الاتباعيين، هما الضابطان الملحقان بالحملة البريطانيه، لونكريك وويرلند، لم يعرف من بعدهما سوى اراء تلامذتهم يسارا ويمينا، فمنطلق الجميع هو القول بمااعتبره الاستاذان الانكليزيان، تاريخ الكيانيه العراقية الحديثة، واشكال ومواقيت تجليها بدون أي خروج عن الخط الأساس، كما جرى رسمه كقاعدة فبركه. (3) ليس لمايرد، علاقه بالدعاوى القوموية عن قيام الغرب بمايسمى بتمزيق الامه العربيه، ( وكانها كانت موحدة تحت العثمانيين)، او انها من نمط الكيانات الموحده الغربيه، اوعرفت شكل التوحيد الامبراطوري، سوى ماحدث ابان الفتح الجزيري، وتحديدا في الصعود الامبراطوري الرافديني العباسي القرمطي، وصولا كلحظة رمزيه الى سقوط بغداد عام 1258.
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماركس الطبقي واوربا التحوليّة؟/9
-
البابا الابراهيمي وبيت-الله- الثالث؟/8
-
البابا الابراهيمي وموت ماركس وابراهيم؟/7
-
البابا الابراهيمي و -قرآن العراق-؟/6
-
ماركس الطبقي واوربا التحوليّة؟/5
-
ماركس الطبقي واوربا التحوليّة؟/4
-
ماركس الطبقي واوربا التحوليّة؟/3
-
ماركس الطبقي واوربا التحوليّة؟/2
-
ماركس الطبقي واوربا التحوليّة؟/1
-
العالم العربي وانهيار البنى البدئية؟/4
-
العالم العربي وانهيار البنى البدئية؟/3
-
العالم العربي وانهيار البنى البدئية؟/2
-
العالم العربي وانهيار البنى البدئية؟/1
-
1تشرين: لاثورة بدون -قران العراق-؟
-
-النخب- العراقيه تخون تاريخها؟/7
-
-النخب- العراقيه تخون تاريخها؟/6
-
-النخب- العراقيه تخون تاريخها؟/5
-
-النخب- العراقية تخون تاريخها؟/4
-
-النخب- العراقيه تخون تاريخها؟/3
-
-النخب- العراقية تخون تاريخها؟/2
المزيد.....
-
-المشي على الماء-.. مسابقة سنوية لطلاب جامعة فلوريدا.. من ال
...
-
ما هي استراتيجية إسرائيل في استهداف الشبكة المدنية لحزب الله
...
-
أنباء عن طلب واشنطن من قطر طرد قادة حماس من أراضيها
-
ماسك يجني ثمار دعم ترامب ويصف شولتس بـ-الأحمق-
-
السيطرة على حريق شارع الحمرا في بيروت بعد تسببه بأضرار كبيرة
...
-
حزب الله يقصف قاعدة عسكرية بحيفا وغارات إسرائيلية عنيفة على
...
-
برنامج -شات جي بي تي- يعود للعمل بعد انقطاع قصير
-
هجمات إسرائيلية مستمرة على مدينة بعلبك ومواقعها التاريخية
-
تداعيات المواجهات بين مشجعين إسرائيليين وداعمين للقضية الفلس
...
-
ريتشارد غرينيل سفير سابق يتطلع لمناصب أكبر في السياسة الأمير
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|