أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - الغزالي يفضّل الشرع على العقل!














المزيد.....


الغزالي يفضّل الشرع على العقل!


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6840 - 2021 / 3 / 14 - 14:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


استكمالاً للمقال السابق الذي نشرناه من على هذا المنبر الحرّ، والذي انتقدنا فيه الغزالي على اعتباره احد الذين سنوا مبدأ التكفير، بل هو سيد كبار التكفيريين على الاطلاق، وكان عنوان المقال "الغزالي إمام التكفير" وذكرنا ذلك مفصلاً من خلال كتابه "الاقتصاد في الاعتقاد".
الغزالي يقلل من شأن العقل، ويفضله على الشرع، معتبرًا إن العقل قياسا للشرع لا شيء، فالشرع هو السيد المبجَل والعقل هو المطية المطيعة لما يؤمر به الشرع وما يريد، فالعقل بمعنى آخر برأي الغزالي تائه حائر لا يهتدي الى سواه السبيل، ما لم يلتجئ الى الشرع، فيهديه ويضعه في الطريق الصحيح. يقول الغزالي في كتابه "معارج القدس في مدارج معرفة النفس": "اعلم أن العقل لن يهتدي إلَّا بالشرع، والشرع لم يتبين إلَّا بالعقل، فالعقل كالأس والشرع كالبناء". وليس هذا فحسب بل قد "سلب الله تعالى اسم العقل من الكافر" (الكافر بدون عقل كونه ترك اوامر ونواهي الشرع)! ويعني الغزالي بـ "الكافر" من يخالف الغزالي بالمعتقد، بمعنى إن جميع المتدينين بغير دين الغزالي، هُم من وجهة نظره كفار ضالين مضلين لا يهتدون سواء السبيل: من علماء ومخترعين واطباء وفلاسفة ومفكرين، من الذين خدموا ويخدمون البشرية منذ مئات السنين الى يومنا هذا، يعتقد الغزالي أنهم لا شيء، وإن علومهم وافكارهم ومخترعاتهم لن تغنيهم عن شيء، فقط الذي قدمه الغزالي، من آراء ونقد وانتقاد وتكفير، هو الذي ينفع الناس ويهديهم صراط المستقيم!. فكبلر ونيوتن واديسون واينشتاين وسواهم بما جاؤوا به، بمعتقد الغزالي كل هذا ضلال وحطام دنيا فانية!. فعند الغزالي القضية المهمة هي قضية الشرع، فالقضايا الشرعية حيث ملكت عليه لبه وسلبته عقله واحاطت بفؤاده، ويخطئ من يرى إن الغزالي يُعد من الفلاسفة بل هو فقيهًا متعصبًا، كما أكدنا في مقالنا السابق.
العقل من دون الشرع لا يستطيع أن يعرف الكليات ولا الجزئيات بنظر الغزالي، بل ولا سيصل الى حسن والاعتقاد، وقول الصدق، وتعاطي الجميل، وغير ذلك من القضايا الاخلاقية، وهذا بعكس ما يراه الفيلسوف الالماني العظيم ايمانويل كانت، صاحب "نقد العقل المحض".
يقول "واعلم أن العقل بنفسه قليل الغناء لا يكاد يتوصل إلى معرفة كليات الشيء دون جزئياته، نحو أن يعلم جملةً حسن اعتقاد الحق وقول الصدق، وتعاطي الجميل، وحسن استعمال المعدلة وملازمة العفة ونحو ذلك، من غير أن يعرف ذلك في شيء، والشرع يعرف كليات الشيء وجزئياته وبيَّن ما الذي يجب أن يعتقد في شيء، شيء".
ويختم الغزالي كلامه في نقد العقل والتقليل من شأنه في كتابه المذكور بقوله: "وعلى الجملة، فالعقل لا يهتدي إلى تفاصيل الشرعيات، والشرع تارة يأتي بتقرير ما استقرَّ عليه العقل، وتارة بتنبيه الغافل وإظهار الدليل حتى يتنبه لحقائق المعرفة، وتارة بتذكير العاقل حتى يتذكر ما فقده، وتارة بالتعليم؛ وذلك في الشرعيات وتفصيل أحوال المعاد، فالشرع نظام الاعتقادات الصحيحة والأفعال المستقيمة، والدَّال على مصالح الدنيا والآخرة، ومن عدل عنه فقد ضلَّ سواء السبيل".
إن مقياس الفلاسفة والمعيار الذي يزنون به الامور والقضايا الفلسفية والمعرفية والكلامية، هو العقل بلا شك، (لذلك سميت هذه القضايا بقضايا عقلية) فبدون هذه الجوهرة المسماة الـ "عقل" لا يمكن لنا أن نعرف على هذه القضايا وندرك مدى صحتها من خطأها، صدقها من كذبها، بل حتى القضايا الشرعية التي يؤمن بها الغزالي ويفضلها على العقل، هي امور خاضعة لمبادئ العقل، لأنها تنصاع له وبه تُعرف، فهل نستطيع أن نميز السليم من السقيم، الحلال من الحرام بدون العقل، هل مثلا أن نلمسها بحواسنا الاخرى!؟. والغزالي على بينة بإن المجنون رُفعت عنه جُل القضايا التعبدية على يصحى من جنونه.
ومن ذلك نستنتج بإن الغزالي هو رجل فقيه اقحم نفسه في حقل الفلسفة، لم يستطع أن يخرج من هذا الحقل لأنه صعب المراس، قائم على العقل، والغزالي قلل من شأن العقل.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة الجنس..دراسة علمية تاريخية
- الغزالي إمام التكفير
- العقل عند المعري1/ 2
- العقل عند المعري2/ 2
- علي شريعتي المفكر الثائر2/ 2
- علي شريعتي المفكر الثائر1/ 2
- شقشقة
- نعم
- هل الاسلام يحرّم الفنون الجميلة!؟
- شذرات
- سعدي الحلي صوت نشاز لخراب آخر
- عبد الجبار الرفاعي وخزعل الماجدي
- بعد طول انتظار
- برهان البعرة وابتسامة ايمانويل كانت
- من هو المثقف الديني الناقد؟
- (غبار الهذيان) قصيدة داود السلمان.. رؤية انطباعية
- غبار الهذيان
- نداء البحر
- ملامح الدهشة في نص(الغارقون بأحلام منفية)داود السلمان*
- جحيم ابيض!


المزيد.....




- الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو ...
- السيسي يؤكد لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي على عدم تهجير غزة ...
- السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة- ...
- الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد ...
- تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي ...
- باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
- -أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما ...
- كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
- مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد
- “خلي ولادك يبسطوا” شغّل المحتوي الخاص بالأطفال علي تردد قناة ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - الغزالي يفضّل الشرع على العقل!