|
ملامح الأسطورة في اطروحات مدارس القرن التاسع عشر ،الفكرية الكبرى
محمد اسماعيل السراي
الحوار المتمدن-العدد: 6838 - 2021 / 3 / 12 - 09:40
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ثلاثة مفكرون عظماء من القرن التاسع عشر، غيروا في وجه المعرفة الحديثة والمعاصرة وأثروا فيها واثروها ،بل أثروا كذلك في مجمل حياة الناس، ماركس وفرويد ودارون وكل واحد من هولاء العباقرة انبثقت عن انجازاته مدرسة سميت على اسمه..بيد ان هولاء العلماء خلطوا لنا العلم بتصور الاسطورة ..ان الاسطورة كانت ذا وظيفة مهمه في حياة الشعوب التاريخية القديمة ،وظيفة التفسير والتعليل، انها كانت بمثابة علوم الشعوب القديمة في تفسير الكون واصله وتفسير ظواهر الطبيعة الغير مفهومه واعطاءها بعدا ميتافريقيا وقصدية وكيان..كيف تسربت الاسطورة الى الاعماق المعرفية لطروحات العظماء الثلاث؟ اما دارون فانه لم يبتعد كثيرا عن خلق اسطورة للتكوين والخلق تشابه الى حد ما اسطورة التكوين البابلية (الاينوما ايليشا) او اساطير التكوين التوراتية ..نعم يحب ان نعترف ان دارون ،بل نظرية التطور عموما في مسارها وتفرعها العلمي الجبار قد خلقت لنا معرفة متشعبة جبارة والقت الضوء الساطع على كثير من مناطق الضلام في معرفتنا حول التنوع البايلوجي الجبار في الحياة وربطت الانواع ببعضها بوشائج القرابات والنسب والتفرع وشرحت لنا باسهاب جبار رصين عن اصول الانواع وتاريخها البايلوجي والنشوء والارتقاء والبقاء وغير ذلك من المعرفة التي نهلت منها علوم عدة وتبنتها ليس العلوم البايلوحية والطبيعية فقط بل حتى العلوم الاجتماعية والانثروبواوجية، فان مكمن الاسطرة هو ذلك المشروع الداروني الذي يفسر الحياة ككل داخل نظرية ورؤية واحده وكانها اسطورة دينية لاتقبل الدحض بل ان معتنقيها تلقفوها كما يتلقف المؤمن اسطورته الدينية..ان دارون ذاته يقول ان السجل الاحفوري اشبه بكتاب فقدت الكثير من أوراقه..!! اما فرويد فانه لم يبتعد كثيرا عن الرؤيا الدينية المثيولوجية في تفسيراته للذات او النفس..فمثلما تفعل النيرفانا البوذية فعلت نيرفانا فرويد لكن بصورة معكوسه، فالبوذيه تنظر للنيرفانا بانها شعور او حالة من النقاء النفسي من خلال الارتفاع بالنفس من اسفل الرغبات الى الاعلى، الى التسامي، بينما نيرفانا فرويد تفعل ذلك التطهير بالنفس بصورة منكوصة من خلال النزول من اعلى الى اسفل الذات البشرية نحو العمق المدنس ويكون التطهير الروحي هنا من خلال فهم مظلومية اللبيدو ومتطلباته الغير مشبَعة، ودعوة لاطلاق ذلك الوحش من ظلمة اللاشعور الى نور الشعور، ليبرر له فرويد وحشيته ودنائته.. اذن التطيهر النفسي هنا بالنسبة لفرويد ليس في التسامي ولجم الرغبات، بل ان الشر كل الشر هو في كبت هذه الرغبات وتكبيلها ورميها بعيدا مهملة في دهاليز اللاوعي ..
اما ماركس ،فهو ايضا ابحر في لجة يم الاسطورة الدينية والفلسفية، من خلال تنبؤه بمجتمع فاضل، مجتمع يوتوبيا المشاعية، وكما افلاطون ،راح ماركس يبحث عن مدينة فاضله حتى ان لم تحقق في الواقع المعاش القريب فانها لابد وحسب ديالكتيك التاريخ وحتمية الصراع ستقع في المستقبل نتيجة اصطدام الطبقات وعقم الملكية وصحوة البروليتاريا وايمانها بحقوقها المسلوبة في انظمة الرأسمال. انه يرى ان المشاعية كانت ديدن المجتمعات في فجر الحضارة وانها نزعة الانسان الاصيلة في التعاون والتكافل والتكامل ولكن التاريخ لايصدق ذلك ،ربما حدث تاريخيا نوع من انواع المشاعية في فجر الحضارة لكن بعد تفاقم كمية الانتاج ووسائله، وظهور فائض الانتاج ظهرت لنا التجارة والتبادل التجاري وملكية الحقول وقطيع الحيوانات المستأنسة وملكية الشغيلة -العبيد- وخلقت لنا طبيعة التفاعلات المجتمعية والحضارية والاقتصادية ملاكا وشغيلة، اسيادا وعبيد ، خُلقت الطبقية مع خلق الملكية الخاصة والتي استلزمت خلق انظمه حكم وطبقة حكام ،ومن هنا بدات المؤسسات المحتمعية في النمو على اساس الطبقة والملكية ..وخلقت المجتمعات الاقطاعية القديمة اديانها وقوانينها وحكامها، لتنظيم تلك المؤسسات الطبقية ولردء خطر التناحر فيما بينها..فالدين خُلق من رحم الملكية وكلاهما يدعم الاخر فالملكية خلقت الدين ليبرر لها وجودها والدين يدعم الملكية ويضفي عليها الشرعية ويعمل على تخدير الطبقات الفقيرة الجائعه من خلال اطلاق مفاهيم الزهد والتقشف واعتبارها الفضيلة القصوى وغاية الرب، ومحاربة الرفاه والغنى واعتباره اساس الشرور والرذائل والهلاك، فالاغنياء حسابهم اشد عند الله من الفقراء.. لذلك فالملكية والاديان لن تندثر من تاريخ البشرية قريبا وربما بعيدا وبعيدا جدا فلو قدر للارض والحياة على هذه الارض ان تنتهي في يوم ما، ويهلك الكوكب، فان اخر الهالكين عليه سيكون متدينا اومالكا او كلاهما .. ان نزعة التملك نزعة اصيلة في الانسان حتى لما كان رهين مجتمع الغابة، فالبرغم من فقر الموارد وان البقاء حيا هو هاجس الانسان الغابوي ،الا انه لابد كان يرنو الى امتلاك السكن الافضل ويتبع الطريدة الافضل ويواقع الانثى الافضل..
#محمد_اسماعيل_السراي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلوك الشر بين مطرقة التنشئة وسندان الوراثة
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|