أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبدالاله سطي - استراتيجية التنمية البشرية في المغرب3















المزيد.....

استراتيجية التنمية البشرية في المغرب3


عبدالاله سطي

الحوار المتمدن-العدد: 1625 - 2006 / 7 / 28 - 07:00
المحور: المجتمع المدني
    


ـ نموذج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ـ
المبحث الثاني : الأهداف والمرتكزت.

تعتبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كما أعلن عنها الخطاب الملكي ل 18ماي 2005 رؤية شمولية وقوام المشروع المجتمعي المرتكز أساسا، على "مبادئ الديمقراطية السياسية و الفعالية الاقتصادية، و التماسك الاجتماعي و العمل و الاجتهاد، و تمكين كل مواطن من الاستثمار الأمثل لمؤهلاته و قدراته"، وبالتالي فهي تقوم على إستكمال بناء الصرح التنموي الذي دشنه العهد الجديد خصوصا في شقه الاجتماعي.حيث سهر العاهل المغربي جلالة الملك " محمد السادس" منذ اعتلائه للعرش على إعطاء أولوية خاصة للجانب الاجتماعي عن طريق الوقوف ميدانيا على أحوال المواطنين و تقديمه الأعمال و الإعانات الخيرية للشرائح المعوزة من المجتمع، حتى سمي بملك الفقراء، حيث أكد ذلك في مقابلة خاصة مع جريدة "anne sinclaire " في أكتوبر 2001 لما قال بالحرف الواحد " أنا ملك الفقراء و الأغنياء أيضا و لكن الجانب الاجتماعي سيبقى من اهتماماتي الأولية".فما هي إذن المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها هذه المبادرة؟ و ما هي أبرز الأهداف والمرامي المتوخات منها؟


المطلب الأول : المرتكزات المرجعية.


شىء "للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية" أن تقوم على أربع مرتكزات مرجعية أساسية تعتبر الأرضية التي تفترش عليها بنيانها و تقيم بها صرحها، وتتجلى كما استنتجناها من الخطاب الملكي في:

1ـ المرتكز الأول : الاستناد على المعطيات الموضوعية للإشكالية الاجتماعية في المغرب:

و التي تتجلى في كون فئات و مناطق عريضة تعيش ظروفا جد صعبة، و تعاني من حالات فقر وتهميش، تتنافى مع ما تطمح إليه الدولة من توفير الظروف الملائمة و حفظ الكرامة للمواطنين.فالعديد من الأحياء الحضرية الصفيحية و المحيطة بالمدن، و كذا الكثير من الجماعات التي يوجد معظمها بالعالم القروي تفتقد إلى أبسط المرافق والخدمات الاجتماعية و التجهيزات الضرورية، و تعتبر مرتعا خصبا لاستفحال معضلة الأمية و البطالة والإقصاء، والانقطاع عن التمدرس بالإضافة إلى ضعف فرص الشغل والأنشطة المدرة للدخل.
ودور المبادرة هنا لا يقتصر فقط في التأمل في هذه المعضلة و تشخيصها، لأن ذلك "لا يغني و لا يسمن من جوع" باعتباره غير كفيل بمعالجتها وتغييرها للأحسن، و بالتالي فالمبادرة لا تتوخى الارتجالية و الاعتباطية في العمل بل هي تعتمد على المقاربة الملموسة و العملية و المقرونة بالعمل الجاد و الملموس.


2ـ المرتكز الثاني: الاعتماد على سياسيات عمومية مندمجة، ضمن عملية متماسكة و تعبئة شاملة و قوية متعددة الجبهات:

و من المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها المبادرة أيضا نجد أنها تنطلق من قناعة راسخة تتجلى في كون أن التنمية المستدامة لن تتحقق إلا بسياسات عمومية مندمجة ضمن عملية متماسكة، و مشروع شامل، و تعبئة قوية متعددة الجبهات تتكامل فيها الأبعاد السياسية والاجتماعية، و الاقتصادية والتربوية والثقافية والبيئية، بحيث أن "إعادة التأهيل الاجتماعي عملية معقدة، شاقة وطويلة النفس، لا يمكن اختزالها في مجرد تقديم إعانات ظرفية، أو مساعدات موسمية مؤقتة، كما لا يمكن التعويل فيها على الأعمال الخيرية، أو الإحسان العفوي أو الاستجابة لوازع أخلاقي، أو لصحوة ضمير". من هذا المنظور ففلسفة المبادرة تتوخى، إتاحة أكبر قدر ممكن من فرص الاختيار في وجه كل
المغاربة(رجالا ونساء) و هو الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا بتجاوز آفة الفقر و البؤس، و من هنا فالمبادرة تقر بدور الدولة ومسؤوليتها الأساسية في معالجة المسألة الاجتماعية و تطويق مشكل الفقر.

3ـ المرتكز الثالث : سلك سبيل الانفتاح.

ومن أسسها أيضا سلك خيار الانفتاح، الذي اعتمدته المبادرة كدعامة أساسية للانخراط في عالم يعرف تحولات سريعة و تغيرات عميقة، و يفرض بالتالي إكراهات وتحديات، تعرض تماسك الروابط الاجتماعية و الترابية للهشاشة و الانمحاء، و تفرض أنماط للعيش و الاستهلاك، و نماذج فكرية كاسحة لا يمكننا تفاديها وتجاهلها.
و نهج الانفتاح هذا الذي سلكته المبادرة من خلال الانفتاح على المحيط الدولي و التجاوب مع الظرفية العالمية ومناخها الثقافي المتحول.لن يتأتى كما أشاد الخطاب الملكي إلا بتعبئة كل المغاربة وانخراطهم الفاعل في عمل جماعي تشاركي، بدل سلك نهج الانغلاق و الانكفاء على الذات الذي لا يفضي سوى للطريق المسدود، و الحلول الذاتية المنافية للمصلحة العليا الوطنية.
إذن فالمبادرة بخلاف التجارب التنموية السابقة تدعو وبعزيمة إلى الانخراط الفاعل في العمل الجماعي لكافة المواطنين على أساس تعبئتهم حتى يلعبوا دورا طلائعي و حيويا في رهانات التنمية المستدامة التي دشنها المغرب.


4ـ المرتكز الرابع : استخلاص العبر و الدروس من التجارب التنموية السابقة و من النماذج الموفقة لبعض البلدان.

استخلاص العبر و الدروس من التجارب التنموية السابقة ومن النماذج الموفقة لبعض البلدان في مجال محاربة الفقر و الإقصاء تدل على أن رفع تحدي التنمية البشرية، يبقى رهين بالتحديد المضبوط للأهداف، وبالتعبئة الشاملة لبلوغها.
ففي هذا الجانب تقدم المبادرة نقدا ذاتيا لمقاربتها السابقة المبنية على قيم الاحسان والتضامن..ذلك أن الجديد في هذه الأخيرة أنها تنقل العمل الاجتماعي إلى مستوى مؤسساتي واضح من حيث الأولويات وطرق المعالجة، باعتبار أن التنمية الغير مندمجة ذات الطابع القطاعي الانفرادي، المنعزل عن باقي القطاعات الأخرى، فضلا عن ما تؤدي إليه من الاختلات الناجمة عن تعدد الفاعلين، و تشتيت الجهود و تبذير الموارد، فهي تؤدي إلى اختلاف في التشخيص و الرؤية بالإضافة إلى سوء التدبير وترشيد الموارد.
و هكذا فالمبادرة تستهدف التحديد الدقيق للمناطق و الفئات الأكثر خصاصة، وتشجيع مساهمة السكان، و الحث على نجاعة التجارب التعاقدية و التشاركية، و تحريك دينامية النسيج الجمعوي المحلي، من أجل ضمان الانخراط الفاعل في مشاريع التنمية عن قرب و استمرارها، باعتبارها مكسبا لهم.
و مما لا شك فيه أن أي مقاربة تنموية لا تتوخى تأهيل العنصر البشري تبقى ناقصة ومحدودة، فتأهيل الموارد البشرية و إشراكها كركيزة في التنمية ضروري لإنجاح كل مقاربة في هذا الشأن.


هكذا تحددت الركائز الأساسية التي تنهل منها المبادرة شرعيتها و تمنحها صفة المشروع المجتمعي الطامح إلى ضخ دماء التغيير الديمقراطي التشاركي، المبني على أسس ومقومات تستمد جذورها من التشخيص الملموس للواقع الملموس، و توفير الآليات الجديرة للنهوض بهذا الواقع، عن طريق سلاك سبيل الانفتاح على المحيط الدولي و التجارب التنموية العالمية(كالهند، اليابان، تونس، توركيا..) و تعبئة كافة شرائح المجتمع، الذي يعتبر أن نجاح التنمية يتوقف على مشاركة الجميع بدون استثناء.


المطلب الثاني : المحاور التطبيقية.


تأسيسا للإستراتيجية التي تقوم عليها "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" و تدعيما لمرتكزاتها ومراميها، خصصت خطة عمل متكاملة بمثابة الإجراءات التطبيقية و الميدانية التي ستعمل على طرجمة أهداف المبادرة و مرتكزاتها إلى واقع اجتماعي ملموس ومعاش.و تتوزع هذه الإجراءات التطبيقية على ثلاثة محاور أساسية.


1ـ المحور الأول : التصدي للعجز الاجتماعي:

من الأهداف الأساسية التي قامت من أجلها " المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" التصدي للعجز الاجتماعي التي تعرفه الأحياء الحضرية الفقيرة، والجماعات القروية الأشد خصاصة، و ذلك بتمكينها من الخدمات و المرافق والتجهيزات الاجتماعية الأساسية، من صحة وتعليم، ومحاربة الأمية و توفير الماء و الكهرباء، والسكن اللائق، و شبكات التطهير، والطرق، وبناء المساجد، ودور الشباب و الثقافة و الملاعب الرياضية.

فالمبادرة هنا تنطلق من المشاكل الاجتماعية اليومية و التي تتخبط فيها فئات واسعة من المهمشين والمقصيين من أجل تحقيق التنمية، التي لا يمكن تحقيقها إلا بقلب موازين هذا الواقع و توفير ظروف العيش الرغيد من خلال تمكين المواطنين من الامتيازات التي جاءت حددها الخطاب الملكي ل18 ماي 2005.

2ـ المحور الثاني : تشجيع الأنشطة المتيحة للدخل القار و المدرة لفرص الشغل:

من أجل مقاربة عقلانية ومواتية لمشكل البطالة و أزمة الشغل التي يتخبط فيها الكثير من أفراد المجتمع و التي تعتبر من المساهمين الأولين في تكريس المعضلة الاجتماعية، تهدف المبادرة إلى تشجيع الأنشطة المتيحة للدخل القار و المدرة لفرص الشغل مع اعتماد توجيه ـ كما جاء في نص الخطاب الملكي ـ يتوخى ابتكار حلول ناجعة للقطاع الغير منظم.
و من أهدف المبادرة في هذا الشأن جعل الفئات الفقيرة العاطلة، قادرة على الاعتماد على دواتها في توفير دخل قار و مستمر يضمن لهم العيش الكريم و يحفظ لهم كرامتهم عملا بالمنطق الفلسفي الذي كان سائدا في فترة الخمسينات من القرن المنصرم و الذي مفاده "قد تعطيني سمكة تشبعني يوما، وقد تعلمني كيف أصيد السمك فأشبع الدهر كله".

3ـ المحور الثالث : الاستجابة لحاجيات الأشخاص في وضعية صعبة وذوي الحاجيات الخاصة:

هذه الفئة من المجتمع لم يغض الطرف عليها من طرف المبادرة بل اعتبرتها من محاورها و أهدافها الرئيسة، نظرا للوضعية المزرية و الجد بئيسة التي تعرفها ظروفها في قاعدة المجتمع.لذا فالمبادرة سائرة في العمل على الاستجابة الكاملة لكافة حاجياتهم ومطالبهم الضرورية من أجل انتشالهم من أوضاعهم المتردية، و الحفاظ على كرامتهم و تجنيبهم الوقوع في الانحراف أو الانغلاق و الفقر المدقع.
وهي تحدد مرتكزاتها ومراميها الأساسية ومنهجية تطبيقها أرصدت المبادرة مجموعة من الآليات و الوسائل للسهر على تفعيل هذه الأهداف و المرتكزات على أتم وجه و أحسن حال، فأين تتجلى تلك الآليات؟



#عبدالاله_سطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراتيجية التنمية البشرية في المغرب2
- استراتيجية التنمية البشرية في المغرب1
- الفاكانس ياحبيبي...والله الله
- المغرب من استراتيجية الخوف إلى استراتيجية الأمل
- في البدء كانت التنمية البشرية في المغرب؟
- هيأة الانصاف والمصالحة وقانون ساكسونيا
- المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و إشكالية الديمقراطية في ال ...
- قصة قضية الصحراء المغربية الغربية من المسيرة الخضراء إلى خ ...
- بؤس المثقف المغربي/ في نقد الانتلجانسيا المغربية
- *في نقد الحداثويون
- قراءة في كتاب (الصراع الطبقي و التحولات الاقتصادية والسياسية ...
- قراءة في كتاب( الصراع الطبقي والتحولات الاقتصادية والسياسية ...
- توابع التبعية دراسة في ميكانزمات أزمة تخلف المجتمعات العالم ...


المزيد.....




- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبدالاله سطي - استراتيجية التنمية البشرية في المغرب3